مصرف ليبيا المركزي أمام تحديات سعر الصرف والإنفاق غير المبرر
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
ليبيا – صابر الوحش: إصلاح سعر الصرف في ليبيا يتطلب معالجة شاملة للمشكلات الاقتصادية مصرف ليبيا المركزي يدافع عن سعر الصرف
أكد أستاذ الاقتصاد صابر الوحش أن مصرف ليبيا المركزي يبذل جهودًا كبيرة للحفاظ على استقرار سعر صرف الدينار الليبي، من خلال فتح الاعتمادات لتلبية الطلب المتزايد على العملة الأجنبية. وأشار إلى أن المصرف صرف أكثر من 1.
3 مليار دولار خلال تسعة أيام، رغم التحديات الاقتصادية.
وأوضح الوحش أن المؤسسة الوطنية للنفط لم تورد سوى 500 مليون دولار منذ بداية العام، مما أجبر المصرف المركزي على الاعتماد على احتياطياته النقدية لتغطية الطلب. وبيّن أن هذا الوضع غير مستدام ويضع ضغطًا كبيرًا على الاقتصاد الوطني، مع وجود فجوة مالية بلغت 8.6 مليار دولار في العام الماضي.
المضاربة والطلب المتزايد في السوق الموازيةأرجع الوحش ارتفاع سعر الصرف في السوق الموازية إلى المضاربة الناتجة عن الفرق بين السعر الرسمي والموازي، بالإضافة إلى تأخر تسديد الاعتمادات واعتماد العمالة الأجنبية على السوق الموازية. وأشار إلى أن الطلب الكبير من التجار والمستوردين يزيد الضغط على العملة الأجنبية.
دعوة لتسريع تحويل الإيرادات وضبط الإنفاقدعا الوحش إلى ضرورة تسريع تحويل إيرادات النفط من المؤسسة الوطنية للنفط إلى المصرف المركزي لمعالجة العجز في التدفقات النقدية. كما شدد على أهمية تنظيم الاعتمادات، مراقبة الإنفاق العام، وتقليل الفجوة بين السعر الرسمي والموازي لضمان استقرار اقتصادي طويل الأمد.
الحاجة إلى إصلاح شامل للاقتصاداختتم الوحش حديثه بالتأكيد على ضرورة تبني سياسات إصلاح شاملة تعالج مشكلات الإيرادات والإنفاق، وتقلل من الاعتماد على الاحتياطيات النقدية، لتحقيق التوازن المالي وضمان استقرار سعر الصرف.
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: سعر الصرف
إقرأ أيضاً:
بيانات صادمة للمصرف المركزي..اقتصاد ليبيا إلى أين؟
لأول مرة، ودون سابق إنذار، نشر المصرف المركزي الليبي بيانات صادمة ومخيفة عن الوضع المالي للدولة الليبية، مفادها المزيد من الانزلاق في مستنقع التأزيم الاقتصادي، مع غياب ضمانات كبح جماح ذلك التأزيم.
البيانات التي نشرها المصرف المركزي الليبي تخص العام المالي 2024م، والربع الأول من العام 2015م، فقد كشف المصرف المركزي أن الإنفاق العام عن السنة المالية 2024م بلغ 224 مليار دينار ليبي (نحو 47 مليار دولار)، منها 123 مليار دينار نفقات حكومة الوحدة الوطنية في الغرب، و59 مليار إنفاق مسؤولة عنه الحكومة المكلفة من مجلس النواب في الشرق، بالإضافة إلى 42 مليار دينار قيمة مبادلة النفطة بالمحروقات. مع التنبيه إلى أن المركزي في بيانه الصادر في مطلع يناير الماضي والمتعلق بنفقات العام 2024م لم يتضمن إلا 123 مليار دينار كإنفاق عام، ولم يشر لا من قريب ولا بعيد إلى الإنفاق الموازي ومبادلة النفط بالمحروقات.
هذا الإنفاق المتضخم رتب عجزا غير مسبوق بلغ 88 مليار دينار ليبي للسنة المالية 2024م، مع التنبيه أن هذا العجز لم يظهر في بيان الإيراد والانفاق المتعلق بالعام 2024م والذي صدر عن المصرف المركزي في يناير الماضي، نظرا لعدم تضمين نفقات حكومة الشرق والبيانات الخاصة بمبادلة النفط بالمحروقات، كما سبقت الإشارة.
لأول مرة أيضا يكشف المصرف المركزي عن القيمة الصادمة للدين العام المحلي والذي بلغ 270 مليار دينار، والتي انقسمت إلى 84 مليار دينار يتحملها المصرف المركزي في الغرب، و 186 مليار مسؤول عنها سلطات الشرق، وأكد المركزي في بيانه الأخير أن إجمالي الدين المحلي سيصل إلى 330 مليار دينار مع نهاية العام الجاري، أي ما يعادل285% من الناتج المحلي الإجمالي تقريبا، وهي نسبة مقلقة جدا وبمثابة مؤشر حقيقي على استفحال الأزمة المالية.
عرض النقود بلغ حسب بيانات المصرف المركزي نحو 178 مليار دينار ليبي، وهو رقم غير مسبوق، ويشكل أبرز مظاهر التأزيم، ذلك أن التوسع في عرض النقود يدفع باتجاه ارتفاع معدلات التضخم ومضاعفة الضغط على قيمة الدينار الليبي من خلال زيادة الطلب على النقد الأجنبي.
بيانات الربع الأول من العام 2025م تسير على منوال سبقتها، بل هي أكثر انفلاتا، فقد بلغ العجز بالدولار 4.6 مليار خلال الشهور يناير فبراير مارس من العام الجاري، مما يعني أن العجز بالدولار يمكن أن يتخطى 15 مليار دولار مع نهاية العام ما لم تتخذ تدابير جادة لتصحيح الوضع.
إن استمرار الهدر والفاتورة المتضخمة في مختلف بنود الإنفاق سيقود حتما إلى وضع اقتصادي صعب للغاية، ذلك أن الهوة المتعاظمة بين الإيرادات والنفقات ستجر إلى الاعتماد استنزاف الاحتياطي الذي لن يصمد طويلا أمام هذا الانفلات، وسيكون لهذا الوضع المعقد تداعيات في شكل مزيد من التراجع في قيمة الدينار أمام الدولار، وارتفاع الأسعار وتدني الدخول الحقيقية لليبيين، وعدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات الحكومية تجاه الخدمات الأساسية..الخ.وكان المصرف المركزي قد قرر مؤخرا تخفيض قيمة الدينار الليبي أمام الدولار والعملات الأجنبية الرئيسية وبنسبة 13.3%، ليصبح السعر الرسمي لصرف الدولار 5.56 دينار، ويتسبب هذا القرار مع عوامل مصاحبة في ارتفاع قيمة الدولار في السوق الموازي إلى نحو 7.5 دينار للدولار خلال اليومين الماضيين.
الخلاصة التي لا يختلف حولها المختصون في الاقتصاد والمالية العامة أن المؤشرات السابق ذكرها تمثل مظاهر أزمة خانقة، وأن الوضع العام مرشح إلى مزيد من التأزيم إذا ظل الحالي على ما هو عليه من انفلات الانفاق وعدم القدرة على تدبير إيرادات إضافية لمواجهة النفقات المتزايدة، والاستمرار في تبادل الاتهامات بين حكومتي الغرب والشرق وعجز المصرف المركزي على تكييف خيارات تسهم في وقف الانحدار إلى اسفل ماليا ونقديا.
المرتبات التي تمثل قرابة 60% من إجمالي الانفاق هي في زيادة مضطردة، حتى أن وزير مالية حكومة الوحدة حذر من أنها ستصل إلى 100 مليار دينار نهاية 2025م، وقد بلغت حتى نهاية العام الماضي 67 مليار دينار. كما يشكل بند مبادلة النفط بالمحروقات استنزافا كبيرا لعوائد النفط التي بلغت 18.6 مليار دولار أمريكي مع نهاية العام 2024م، ومرشحة إلى التراجع إذا ظل سعر برميل النفط عند المستوى الذي بلغه مؤخرا. ولقد ازدادات نفقات حكومة الشرق بشكل كبير لتصل إلى نحو 250 مليار دينار خلال الأعوام الماضية، برغم سداد مرتبات جل إن لم يكن كل موظفيها وموظفي الدولة العاملين في حدودها الجغرافية، وكذلك أوجه الإنفاق الأخرى بما في ذلك الإنفاق التسيير والإنفاق التنموي.
إن استمرار الهدر والفاتورة المتضخمة في مختلف بنود الإنفاق سيقود حتما إلى وضع اقتصادي صعب للغاية، ذلك أن الهوة المتعاظمة بين الإيرادات والنفقات ستجر إلى الاعتماد استنزاف الاحتياطي الذي لن يصمد طويلا أمام هذا الانفلات، وسيكون لهذا الوضع المعقد تداعيات في شكل مزيد من التراجع في قيمة الدينار أمام الدولار، وارتفاع الأسعار وتدني الدخول الحقيقية لليبيين، وعدم القدرة على الإيفاء بالالتزامات الحكومية تجاه الخدمات الأساسية..الخ.
ورغم الصورة القاتمة، إلا أن تلافي التداعيات واحتواء الأزمة ممكن شريطة أن يتحمل الساسة المسؤولية أولا من خلال إنهاء الصراع ووقف الإنقسام ومنع الازدواجية في القرار المالي والنقدي، وضبط وترشيد الإنفاق العام والتنسيق مع المصرف المركزي لإدارة سياسات مالية ونقدية تعود بالاستقرار والانتعاش للاقتصاد الوطني، فهذه بدائل ليست صعبة، إنما تتطلب إرادة ومسؤولية ودرجة عالية من الوطنية يبدو أنها ما تزال غائبة في المنتظم السياسي الرسمي.