نيودلهي- في خطوة وُصفت بأنها تحول تدريجي في سياسة الهند تجاه حكومة حركة طالبان في أفغانستان، التقى وزير الخارجية الهندي فيكرام ميسري نظيره الأفغاني أمير خان متقي في دبي، في الثامن من يناير/كانون الثاني الجاري. ويُعد الاجتماع الأعلى مستوى بين البلدين منذ تولي الحركة السلطة عام 2021.

وتم خلال اللقاء الاتفاق على تعزيز التعاون التجاري عبر ميناء تشابهار الإيراني، وتقديم نيودلهي مساعدات لتحسين القطاع الصحي في أفغانستان، بالإضافة إلى طلب حكومة طالبان تسهيل التأشيرات لرجال الأعمال والطلاب الأفغان لدخول الهند.

وتأتي هذه الخطوة بعد تصريحات رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي التي وصف فيها الحكومة الأفغانية بأنها "غير شاملة"، وذلك في اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون في طاجيكستان بعد فترة قصيرة من تولي طالبان السلطة، مؤكدا "ضرورة تريث الدول قبل الاعتراف بها".

مصالح

ورغم الموقف الهندي الحازم في البداية، فإنه بدأ في التحول تدريجيا مع مرور الوقت حيث أرسلت نيودلهي "فريقا فنيا" إلى العاصمة كابل، وعينت حكومة طالبان مبعوثا في مومباي، كما التقى الممثل الخاص للهند "جي بي سينغ" مع القائم بأعمال وزارة الدفاع الأفغانية الملا محمد يعقوب.

إعلان

ويعكس هذا التحول، حسب تصريح شري رادها داتا أستاذة العلاقات الدولية بجامعة جيندال جلوبال في الهند، للجزيرة نت، اهتمام نيودلهي بدعم الشعب الأفغاني "في ظل هيمنة حركة طالبان على السلطة"، وفي إطار مزيج من المصالح الاقتصادية والإنسانية والإستراتيجية، خاصة أن الهند حافظت على علاقات وثيقة خلال فترة حكم الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي.

في هذا السياق، قال عرفان يار، مؤسس ومدير معهد أفغانستان للأمن (مركز أبحاث مقره أوتاوا في كندا)، إنه من المنظور الجيوستراتيجي والاقتصادي من الضروري أن تتعاون الهند مع كابل، وأكد للجزيرة نت أن "الواقع في أفغانستان اليوم يتمثل في طالبان، مما يفرض على نيودلهي التعامل مع هذه السلطات الفعلية".

من جهة أخرى، يتفق داتا ويار على أن الهند ليست راضية عن حكومة طالبان. ولكن حسب يار، ليس للهند خيار آخر سوى التعامل مع الحكم الأفغاني الحالي، وتُظهر طالبان تفاؤلا بمثل هذه الاجتماعات، مثل لقاء ميسري مع متقي حيث ترحب بمشاركة الهند في أفغانستان وتسعى لعودتها.

أمن باكستان

وبشأن باكستان التي تواجه قضايا حدودية مع أفغانستان والهند، قالت آمنة خان، الخبيرة الباكستانية في الأمن والعلاقات الدولية، للجزيرة نت، إن إسلام آباد ليست لديها مشكلة في إقامة أي نوع من العلاقات بين كابل ونيودلهي. وشددت على أن "أمن باكستان يجب أن يظل محميا، وأن استقرارها ينبغي ألا يتأثر بتلك العلاقات".

وتأتي تعليقات الخبيرة في سياق وقوع هجمات متبادلة بين الجيش الباكستاني وحركة طالبان الأفغانية، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعد استهداف إسلام آباد الأراضي الأفغانية ردا على هجمات الحركة الباكستانية.

وأكدت خان للجزيرة أن شاغل باكستان الأساسي هو ضمان عدم استخدام الأراضي الأفغانية لتنفيذ أي "أنشطة إرهابية ضدها، في ظل وجود أدلة على تورط الهند في هذه الأنشطة في إقليم بلوشستان الباكستاني".

إعلان

أما الباحث عرفان يار، فلا يعتقد أن الهند تستغل التوتر بين باكستان وأفغانستان لجذب كابل نحو نفوذها، واعتبر أن هذا "التوتر القائم ثنائي وناتج عن الروابط القوية بين طالبان الأفغانية والباكستانية".

من جانبها، ترى الأستاذة داتا أن نيودلهي لم تقم بأي خطوة من شأنها أن تضر بإسلام آباد أو أي دولة أخرى، وأن العامل الباكستاني ليس من العوامل الرئيسية في العلاقة بين الهند وأفغانستان.

علاقات قوية

تم خلال اجتماع ميسري ومتقي في دبي الاتفاق على استخدام ميناء تشابهار الإيراني للتبادل التجاري بين الهند وأفغانستان، علما أن الميناء أُحدث في عهد الشاه الإيراني السابق محمد رضا بهلوي واستثمرت فيه الهند.

وبحسب الباحث يار، تهدف هذه الاتفاقية إلى تجاوز الهند موانئ باكستان وتأسيس علاقات اقتصادية قوية مع أفغانستان عبر إيران، و"كان هذا أحد الأهداف الرئيسية لاستثمار نيودلهي في الميناء".

ورغم أن هناك حاليا تعاونا في القطاع الاقتصادي والمساعدات الإنسانية بين الهند والحكومة الأفغانية، يرى داتا ويار أن هذا لا يُعتبر اعترافا من الهند بحكومة حركة طالبان.

ووفق الخبيرة خان، إذا فقدت باكستان، "التي مدت يد العون لملايين اللاجئين الأفغان"، علاقتها بكابل، فإنها ستصبح محاطة بكل الدول المتنافسة مما سيخلق العديد من المشاكل الدبلوماسية ويدفعها إلى العزلة الدبلوماسية، "ومع ذلك يبقى شاغل إسلام آباد الأكثر أهمية هو الأمن".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی أفغانستان

إقرأ أيضاً:

صندوق النقد يتفق مع باكستان لإقراضها ملياري دولار

أعلن صندوق النقد الدولي عن توصله إلى اتفاق مبدئي مع الحكومة الباكستانية لمنحها قرضين جديدين بقيمة إجمالية تبلغ ملياري دولار أميركي، وذلك في إطار دعم جهود البلاد لإعادة بناء اقتصادها الهش وتعزيز قدرتها على التكيّف مع تغيّر المناخ.

وبحسب بيان صادر عن الصندوق فإن الاتفاق يشمل صرف نحو مليار دولار كدفعة ثانية من حزمة الإنقاذ السابقة التي تبلغ قيمتها الإجمالية 7 مليارات دولار، والتي تم التوصل إليها في عام 2023.

كما أقرّ الصندوق اتفاقًا جديدًا تحت ما يُعرف بـ"برنامج الصمود والاستدامة"، يتيح لـباكستان الوصول إلى تمويل إضافي بقيمة 1.3 مليار دولار على مدى 28 شهراً.

وقالت وكالة بلومبيرغ إن مؤشر بورصة كراتشي (KSE-100) سجل أعلى مكاسبه خلال ثلاثة أسابيع، وأغلق مرتفعًا بنسبة 0.9% اليوم الأربعاء عقب الإعلان.

كما ارتفعت قيمة السندات الدولارية الباكستانية، حيث وصل العائد على سندات 2029 إلى أعلى مستوى له منذ أكثر من شهر.

وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى باكستان نيثان بورتر، "أحرزت باكستان تقدماً كبيراً في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي وبناء الثقة، على الرغم من التحديات العالمية الصعبة".

شروط صارمة

وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن هذا الاتفاق الجديد، الذي يُعد الـ24 لباكستان منذ عام 1958، يرتبط بشروط صارمة، من بينها:

إعلان تحسين الإيرادات الضريبية، خصوصاً ضريبة الدخل. خفض الدعم الحكومي لقطاع الكهرباء.  تبني سياسة نقدية متشددة. إجراء إصلاحات هيكلية لخفض الإنفاق. مسؤولون باكستانيون خلال لقاء سابق مع بعثة صندوق النقد الدولي في إسلام آباد في مارس/آذار 2024(الفرنسية) 

وأضاف بيان صندوق النقد أن برنامج "آر إس إف" يهدف إلى تعزيز قدرة باكستان على مواجهة الكوارث الطبيعية، وتحسين التخطيط الاستثماري والميزاني لتسريع التكيّف مع تغيّر المناخ.

وبحسب رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف، فقد وافق الصندوق على خفض هدف تحصيل الضرائب بمقدار 600 مليار روبية (نحو 2.14 مليار دولار)، ليصل إلى 12.3 تريليون روبية (نحو 43.89 مليار دولار) حتى يونيو/حزيران المقبل.

خطوات حكومية

وأفادت بلومبيرغ أن الحكومة الباكستانية اتخذت بالفعل سلسلة من الخطوات الصارمة لتلبية متطلبات الصندوق، منها:

رفع الضرائب على الوقود. إقرار قانون لفرض ضرائب على دخل القطاع الزراعي. السعي لخصخصة شركة الخطوط الجوية الباكستانية.

وأكدت الحكومة في محادثاتها الأخيرة مع بعثة الصندوق أنها ملتزمة بمواصلة ضبط أوضاع المالية العامة، وخفض الدين العام تدريجياً. كما تعهّدت بتنفيذ إصلاحات لمعالجة الاختلالات البنيوية القديمة في الاقتصاد.

من جهته، أشار صندوق النقد إلى أن الحرب السياسية والانكماش الاقتصادي خلال عام 2023 أوصلا باكستان إلى حافة التخلف عن السداد، ما استدعى الحصول على حزمة الإنقاذ.

ومنذ ذلك الحين، تحسنت المؤشرات الاقتصادية، مع تراجع معدلات التضخم وزيادة احتياطات العملات الأجنبية.

موديز وفيتش رفعتا العام الماضي التصنيف الائتماني لباكستان، ما يعكس تحسناً بالنظرة للاقتصاد الباكستاني (شترستوك)

وأشارت بلومبيرغ إلى أن وكالتي التصنيف الائتماني "موديز" و"فيتش" قد قامتا العام الماضي برفع التصنيف الائتماني لباكستان، ما يعكس تحسناً في النظرة إلى الاقتصاد الباكستاني.

وأكد بيان صندوق النقد أن موافقة المجلس التنفيذي على المراجعة الثانية من البرنامج الحالي ستُتيح لباكستان الحصول على مليار دولار إضافي، مما سيرفع إجمالي المبالغ المُسددة في إطار البرنامج القائم إلى نحو ملياري دولار.

إعلان

واختتم بورتر تصريحه قائلاً: "في الأشهر الـ18 الأخيرة، أحرزت باكستان تقدّماً كبيراً في استعادة استقرار الاقتصاد الكلي وإعادة بناء الثقة"، رغم الظروف الدولية والمحلية الصعبة.

مقالات مشابهة

  • دعوة للمصالحة في أفغانستان.. رسالة قائد طالبان قبل عيد الفطر
  • مقتل 3 أشخاص جرّاء انفجار قنبلة في باكستان
  • تعاون بين «مدن» و«السويدي» لتطوير منطقة صناعية بمشروع «رأس الحكمة»
  • العيد في غزة.. تداعيات كارثية وأزمة إنسانية بسبب العدوان وإغلاق المعابر
  • أهالي طرطوس يستعدون لاستقبال العيد.. أسواق المدينة تشهد ازدحاماً وحركة بيع نشطة
  • دكا تتنفس فرحة العيد.. استعدادات واسعة وحركة تسوق نشطة مع اقتراب عيد الفطر
  • النفط يصعد والذهب يترقب تداعيات الرسوم
  • صندوق النقد يتفق مع باكستان لإقراضها ملياري دولار
  • تسريبات سيجنال.. والتز يعترف بمسئوليته.. والحلفاء قلقون من تداعيات الاختراق الأمني
  • بعثة "يوناما" قلقة من استمرار حظر تعليم الفتيات في أفغانستان