طهران- أعلن الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان عزمه توقيع معاهدة شراكة إستراتيجية شاملة مع روسيا خلال زيارته إلى موسكو غدا الجمعة، التي تستمر 3 أيام يبدأها بطاجيكستان.

وأضاف، في تصريحات صحفية أمس الأربعاء قبيل مغادرته العاصمة طهران، أن المعاهدة تشمل جوانب اقتصادية وزراعية وثقافية وأمنية.

وتعتبر زيارة بزشكيان لموسكو الأولى من نوعها منذ تسلمه مقاليد الحكم الصيف الماضي، وذلك بعد اجتماعه بنظيره الروسي فلاديمير بوتين، في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، على هامش قمة مجموعة "بريكس" بمدينة قازان الروسية.

خارطة طريق

من ناحيته، أوضح وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن الاتفاق المنتظر يشمل جميع أبعاد التعاون بين البلدين وعلى شتى الأصعدة، موضحا "أنه ليس وثيقة سياسية فحسب وإنما يمثل خارطة طريق للمستقبل"، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء مهر الإيرانية.

كما نقلت الوكالة عن حبيب الله عباسي المدير العام للعلاقات العامة بمكتب الرئاسة الإيرانية، قوله إن بزشكيان سيعقد لقاءات منفصلة مع كل من بوتين ورئيس وزرائه ميخائيل ميشوستين، فضلا عن مشاركته في اجتماع مع التجار والصناعيين الروس للتباحث حول سبل تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين، واصفا توقيع الاتفاقية بأنه يمثل "أبرز إنجاز" للزيارة.

إعلان

من جانبه، أفاد رئيس الإعلام الحكومي الإيراني علي أحمدنيا، بأن بزشكيان سيترأس وفدا رفيعا يضم وزراء الخارجية عباس عراقجي، والنفط محسن باكنجاد، والاقتصاد عبد الناصر همتي، والزراعة غلام رضا نوري غزلجه، والطرق والتنمية الحضرية فرزانه صادق، والطاقة عباس علي آبادي، ورئيس منظمة الطاقة الذرية محمد إسلامي، وحاكم المصرف المركزي محمد رضا فرزين.

حدث تاريخي

بدوره، عد السفير الإيراني لدى روسيا كاظم جلالي التوقيع على اتفاقية الشراكة الشاملة بين طهران وموسكو "حدثا تاريخيا" لتأطير العلاقات الثنائية بين البلدين على مدى العقدين المقبلين، موكدا أن الوثيقة تهدف إلى مواجهة العقوبات الأميركية.

وفي تصريحات صحفية أدلى بها لوسائل الإعلام الناطقة بالفارسية، أوضح جلالي أن الاتفاقية تشمل شتى مجالات التعاون السياسي الثنائي والدولي "لا سيما مواجهة الأحادية"، وكذلك التعاون البيئي والاقتصادي والتقني والدفاعي والأمني والاستخباري والثقافة والسياحة والأكاديمي والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي.

أما علاء الدين بروجردي النائب البارز وعضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني، فوضع الاتفاقية في إطار سياسة تتبناها طهران منذ سنوات في مواجهة ما تعتبرها "الغطرسة الغربية".

وفي مقال نشره بصحيفة "جام جم" التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، كتب بروجردي أن السياسة الإيرانية تقوم على تعزيز علاقاتها الخارجية لضمان مصالحها الوطنية بالتوجه إلى الشرق والتعامل مع الدول المؤثرة ومنها روسيا كونها عضوا في مجلس الأمن الدولي، حيث عملت طهران -عقب الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)- بشكل مستمر على توطيد علاقاتها معها.

ووفقا له، تواجه إيران وروسيا ظروفا مشابهة بسبب تعرضهما للعقوبات الأميركية خلال السنوات الماضية. ونظرا إلى الثروات الهائلة لديهما، فإنه بإمكانهما أن يشكلا اقتصادا متكاملا وأن يتعاونا من أجل ضمان مصالحهما الوطنية.

إعلان تحدي الغرب

ولدى إشارته إلى الطاقات الاقتصادية المتوفرة لدى روسيا ومجموعة أوراسيا وتحييد العوائق في المبادلات المالية بين التجار الإيرانيين وأطراف المجمع الاقتصادي الأوراسي، رأى النائب بروجردي أن اتفاق الشراكة بين طهران وموسكو سوف يعزز التعددية القطبية في العالم، ويتحدى التفوق الاقتصادي الغربي من خلال دعمه للتكتلات الدولية ومنها مجموعة "بريكس".

ومن المقرر أن يستبق الرئيسان الإيراني والروسي عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض بالتوقيع، غدا الجمعة، على اتفاق إستراتيجي مدته 20 عاما، وذلك رغم إرسال طهران -خلال الأيام الماضية- إشارات عن استعدادها للتفاوض مباشرة مع واشنطن.

ويربط مراقبون إيرانيون توقيت التوقيع على الاتفاق الثنائي بين طهران وموسكو بالتطورات الإقليمية، لا سيما في غزة وسوريا، مؤكدين أنهما تعمدان إلى إرسال رسالة إلى الجانب الغربي بعدم التريث حتى بلورة سياسة ترامب في حكومته الثانية، وأنهما ماضيتان في تعزيز علاقاتهما الثنائية ومواجهة الضغوط الغربية في حال استمرارها.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

مستقبل العلاقات الإيرانية الأميركية مع عودة ترامب

يبدو أن سياسات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب تجاه إيران سوف تُبنى على سياساته في الدورة الأولى وشعارات حملته، إذ يميل إلى إستراتيجية الاحتواء مع ممارسة أقصى درجات الضغط، لكنه يواجه غموضا بخصوص الوسطاء الذين سيعينهم ضمن الفريق الإداري الكبير.

يرى عدد من النخب ومراكز الأبحاث داخل إيران وخارجها أن المواجهة بين طهران وواشنطن لم تعد قائمة على مبدأ "لا حرب ولا تفاوض"، في حين يبرز خيار التوصل إلى اتفاق مشرف وعقلاني بين البلدين بوصفه البديل الأقل تكلفة لإدارة التوتر القائم بينهما.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الإبادة الجماعية لقتل الفلسطينيين والإبادة الرقمية لإخماد صوتهمlist 2 of 2التيارات الإسلامية في اليمن وتحدي البقاء في بيئة مضطربةend of list

ونشر مركز الجزيرة للأبحاث ورقة تحليلية بعنوان "إيران والولايات المتحدة في ظل عودة ترامب: صراع أم مصالحة؟" بحث فيها السفير السابق والمدير بوزارة الخارجية الإيرانية مجتبى فردوسي بور انعكاس عودة ترامب إلى البيت الأبيض على مستقبل العلاقات بين طهران وواشنطن، على ضوء التطورات الدراماتيكية التي تشهدها المنطقة.

ويرتكز القادة الأميركيون من كلا الحزبين على مجموعة من المبادئ حين يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية تجاه إيران. ويبرز مبدأ المصالحة (Detente) بوصفه أقدم نهج اعتمده الأميركيون وقت أحداث ما عرف باسم "إيران- كونترا" (1985-1987)، أو في قضية ماكفارلين، حين باع الرئيس رونالد ريغان أسلحة أميركية لإيران سرا، مقابل إطلاق سراح رهائن أميركيين في لبنان، يليه مبدأ الاتفاق (Compromise) الذي برز مع توقيع الاتفاق النووي الإيراني عام 2015، ثم مبدأ الاحتواء (Containment) الذي يمثل سياسة مزدوجة لاحتواء إيران والعراق بوصفهما أكثر الدول عداءً لإسرائيل عام 1993. وأخيرا مبدأ التغيير (Change) وهو يعني تغيير النظام الإيراني عبر التدخل العسكري أو العقوبات الاقتصادية.

ترامب قد يلجأ إلى السعودية أو اليابان للوساطة مع طهران (رويترز)

وبالاستناد إلى هذه المبادئ يمكن توقع الاتجاه الذي سيسلكه الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، فهو بناء على سياساته في الدورة الأولى وشعارات حملته قد يميل إلى إستراتيجية الاحتواء مع ممارسة أقصى درجات الضغط، لكنه يواجه غموضا بخصوص الوسطاء الذين سيعينهم ضمن الفريق الإداري الكبير.

إعلان

لا يحل نهج ترامب المشكلة بل يركز على تقليل التكلفة، وهو نهج شبيه بالذي اتبعته الولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية عام 2016، فلم تحل أزمة الكوريتين كما هو متوقع في غزة ولبنان وحتى في أوكرانيا، فهو نهج يركز على إزالة عبارة "مشكلة"، ويركز على "أميركا أولا".

ويمكن تلخيص الإستراتيجية الإيرانية تجاه الولايات المتحدة في المقابل بكونها براغماتية تعتمد على موافقة القيادة الإيرانية، وتحاول تحويل الردع العسكري إلى ردع سياسي بما يفتح المجال أمام مفاوضات غير مباشرة أو جماعية مع الولايات المتحدة، وكل ذلك مرتبط بالتقليل من أثر العقوبات الاقتصادية على إيران وتعزيز موقعها الجيوسياسي واستعادة قوة الردع النووي لديها.

وتشير الأدلة إلى أن ترامب قد يلجأ إلى السعودية أو اليابان للوساطة مع طهران، في حين تبدو إيران مستعدة لوضع خيار المفاوضات المباشرة على جدول أعمال دبلوماسيتها الرسمية.

مقالات مشابهة

  • رئيس الدولة ورئيس أوزبكستان يشهدان توقيع إعلان شراكة بين البلدين
  • بزشكيان يبدي استعداده للتفاوض مع ترامب لكن بشرط واحد
  • مستقبل العلاقات الإيرانية الأميركية مع عودة ترامب
  • الرئيس الإيراني: طهران لم تتآمر ضد ترامب في محاولة اغتياله
  • سارية لمدة 20 عاما… اتفاقية استراتيجية بين روسيا وإيران
  • وزير الخارجية الإيراني يكشف موقف دول أوروبية بشأن برنامج طهران النووي
  • لم تلعب أبداً إيجابياً في القوقاز..موسكو تنتقد توقيع أمريكا وأرمينيا شراكة استراتيجية
  • لمدة 20 عامًا.. توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة بين روسيا وإيران
  • السوداني:سنوقع إتفاقية شراكة استراتيجية مع بريطانيا