الحسم القاسي في الميدان والعقوبة العادلة بالقانون
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
هناك أحاديث تثار حول مسألتين، الأولى نوع العقوبة المفرطة حين تخرج عن القانون وتتسم بالانتقام، والثانية وجود مجتمعات من ضمن مجتمعات ولاية الجزيرة قد تطالها خصوصا عقوبات أكثر من غيرها بشكل جماعي فيما يسمى بمجتمع الكنابي. هذه نقاط حول الموضوع:
أولا: لابد من الحسم القاسي في الميدان لهؤلاء الذين يحملون السلاح في وجه المواطنين وفعلوا فيهم كل الجرائم، كل من لا يزال يحمل السلاح هناك ويروع المواطنين ويسرق ويقتل يجب حسمه بقوة دون تردد.
ثانيا: كل من سلم أو أسر ويعلم الناس أنه من المليشيا ومن اللصوص يجب أن تكون هناك ترتيبات واضحة لمعاملته كمجرم يحاكم بالقانون. يجمعوا في جماعات ويرسلوا لمحاكمة عاجلة وتؤخذ شهاداتهم لمحاكمات تطال القيادات والمليشيا ككل.
ثالثا: من الخطأ تصور قضية الكنابي كقضية اجتماعية لمجمتعات غريبة على المكان، هذه مجتمعات قديمة بعمر المشروع وقطنت بسياسات سكانية استعمارية طالت كل القرى وأنشأت ال camps لعمال زراعيين ومنها جاء اسم الكمبو، هذه السياسات نفسها طالت القرى مع سياسات للملكية وتوزيع القرى وفق خريطة المشروع. هذا الواقع ومنذ مدة طويلة اتخذ طابع جديد مع تغيرات المشروع نفسه وتغير نمط المعيشة وغيرها مما يطول شرحه، على أي حال هناك قرى وتجمعات تتساكن وبينها علاقات جديدة والكنبو لم يعد ذلك المعنى القديم بل هو قرية أخرى بكل المعنى.
رابعا: يعلم الناس وجود متعاونيين وشخصيات كثيرة تعاونت مع المليشيا وتورطت معها وقد تكون في الكنابي أو في أماكن أخرى، من المهم محاسبة هؤلاء وكشفهم وهذا يحتاج عمل أمني واستخباراتي لكن دون تجاوز ودون تعدي على الحقوق، مع الأخذ في الاعتبار أن تعريف التعاون نفسه قد يكون نوع من الاضطرار تحت التهديد.
خامسا: أنا على ثقة تامة بأن غالب المتحركين في الميدان على وعي كبير بهذه الحقائق، لكن المشكلة توجد في مستويين فقط:
الأول: بعض التجاوزات التي تحدث في الواقع وتصور بالفيديو، قد تثير الفتن بعد أن تنتشر وتعمم على الكل، في حين أن الغالب هو الالتزام والانضباط. يجب حل هذه المشكلة ويجب على قيادات المستنفرين بذل الجهد أكثر.
الثاني: خطابات بعض السياسيين العنصريين وبعض المحسوبين على خطاب الحركات المسلحة القديم، هناك من العنصريين الجدد من يرغب في إشعال الفتنة وفتح ملف المجتمعات في الكنابي، دون الأخذ في الحسبان ما وصفناه بالتحولات وأننا أمام قرى توجد هنا ربما لأكثر من ثلاث أجيال. هذا خطاب عنصري وجاهل ومخرب للبلاد.
أما خطابات بعض الناشطين المحسوبين على الحركات المسلحة ولا نقول كلهم، فهي تبدو من ترسبات (لوثة السودان الجديد) القديمة، أو رغبة براغماتية في التكسب السياسي وتصوير أنفسهم كحاملين لقضايا هذه المجتمعات، في الحقيقة وموضوعيا لا توجد (علاقة خصوصية) بين الحركات المسلحة وبين مجتمعات الكنابي، لا يعرفونهم أصلا إلا في ظل تلك العلاقة العامة التي تجمعنا كلنا كسودانيين، بالتالي يجب أن يتحفظ هؤلاء الناشطون أكثر من غيرهم، ويضبطوا خطابهم بحيث لا يفهم الرأي العام أنهم أدخلوا مجتمعات جديدة في خطابهم الخصوصي، ومن المهم لهم استراتيجيا تجاوز الخصوصية نحو قومية عامة لاسيما وأن واقع الحرب أنتج فرصة كبيرة للتعاقد القومي الراسخ، العقلاء منهم يفعلون.
هشام عثمان الشواني
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
حكاية منطقة ماريا في الإسكندرية.. تحفة أثرية عمرها آلاف السنين
معالم تاريخة مميزة لا تزال مدينة ماريا الأثرية شاهدة عليها حتى الآن، فالمنطقة التي تقع في كنج مريوط بمدينة العامرية بالإسكندرية، تحكي تاريخ الحضارة الرومانية على أرض عروس البحر المتوسط، وتكشف جمال الطراز المعماري للحضارة الرومانية منذ آلاف السنين.
يقول الدكتور محمد رأفت عباس، مدير عام آثار الإسكندرية لـ«الوطن»، إن مدينة ماريا الأثرية تقع في كينج مريوط، وتبعد نحو 45 كم جنوب غرب الإسكندرية، واُشتق اسمها من كلمة «مرت» التي تعني في اللغة المصرية القديمة «الميناء»، وجرى ضمها لوزارة الآثار عام 1983، وتحتوي على عدد من المواقع الأثرية من بينها ميناء ماريا، والحمام الروماني والبيت البيزنطي والبازيلكا، على بعد 200 متر شمال غرب كينج مريوط.
وأضاف محمد حلمي نور الدين، مدير منطقة البيت البيزنطي، أنه يوجد في مدخل البيت من جهته الشرقية، دعامتان جانبيتان بعرض 90 سم، يُرجح أنهما كانتا تحملان سقف الصالة التالية للمدخل، ويبدأ المنزل بفناء خارجي مبلط بالأحجار الجيرية، ثم صالة مستطيلة الشكل مبلطة بالرخام الأبيض، وفي أركان المنزل، توجد أربع دعامات تساعد على حمل السقف إلى الشرق، وتوجد الحجرة الرئيسية التي تشرف على صالة الاستضافة، ويليها عدة حجرات مستطيلة.
ويصف محمد السيد، مسؤول إدارة الوعي الأثري بالإسكندرية، البيت البيزنطي بأنه يقع في جهة الجنوب من منطقة آثار ماريا، حيث يضم صالة تربط الجهتين الشمالية والجنوبية، وهناك باب يؤدي إلى البروستيل الجنوبي، وحول المنزل في الجهة الشمالية، توجد حجرة مغطاة بطبقة من الملاط الأبيض، وفي الجنوب الغربي، توجد حجرتان اُستخدمتا كمطبخ حيث عثر بداخلهما على كثير من أواني الطهي.
ويوضح الدكتور أحمد علي برقي، مدير إدارة الوعي الأثري بالإسكندرية، أنه في منطقة آثار ماريا، يوجد الحمام الروماني، وهو عبارة عن حوض مساحته 4*4 م وله مقعد داخلي كان يستخدم في الجلوس في أثناء الاستحمام، ومقعد خارجي ارتفاعه 1,8 م اُستخدم للصعود إلى الحمام ومغطى بطبقة من البلاط الأحمر، مع وجود فتحات في الجدار الشرقي لتصريف المياه.
وأشار إلى أن المنطقة تضم مبنى البازيلكا، الذي يقع على الشاطئ الجنوبي في بحيرة مريوط، واُكتشف عام 2000، ويرجع إلى القرن الخامس الميلادي، ويتكون من ثلاثة صالات مستطيلة تتصل عن طريق صفين من الأعمدة، وجرى إضافة عدد من المباني في الناحية الشمالية منه.