كل عام، تحلق ملايين الطيور المغردة في سماء الليل، متتبعة مسارات قديمة محفورة في غرائزها، لكن دراسة جديدة أجرتها جامعة إلينوي ونشرت يوم 15 يناير/كانون الثاني في مجلة "كارنت بيولوجي" تشير إلى أن رحلاتها قد لا تكون فردية كما كان يعتقد سابقا.

وكشفت الدراسة أن الطيور المغردة قد تتواصل مع أنواع أخرى في أثناء الهجرة، مما يؤدي إلى تكوين روابط اجتماعية وربما مشاركة معلومات حول رحلاتها.

وحلل الفريق البحثي أكثر من 18 ألفا و300 ساعة من التسجيلات الصوتية لطيور تهاجر ليلا عبر شرق أميركا الشمالية. تشير النتائج إلى أن الطيور قد تستخدم هذه الأصوات للإشارة إلى نوعها وعمرها وجنسها، وربما حتى مشاركة تفاصيل حول الملاحة أو مواقع التوقف.

تنجذب الأنواع ذات الأصوات المتشابهة إلى بعضها (أندرو دريلن) البداية من مختبر كورنيل

يقول المؤلف الرئيسي للدراسة "بنيامين فان دورين" الأستاذ المساعد في علم الحيوان بجامعة إلينوي: "لا يمكننا الجزم بما تهمس به الطيور، لكنها قد تبث أصواتا في أثناء الطيران للتواصل مع بعضها البعض. قد تساعد هذه الأصوات في الملاحة أو العثور على أماكن مناسبة للراحة".

يشير "فان دورين" في تصريحات لـ"الجزيرة نت" إلى أن هذا البحث بدأ في مختبر كورنيل لعلم الطيور، وأوضح أنه بينما كان يعتقد أن الطيور تعتمد على الغرائز والذاكرة للهجرة، فإن التفاعلات الاجتماعية قد تلعب دورا أكبر مما كان يعتقد سابقا، مضيفا: "حان الوقت لإعادة التفكير في هجرة الطيور المغردة من منظور اجتماعي".

تعتمد هذه الدراسة على أعمال سابقة أجراها باحثون في جامعة ماريلاند، التي أظهرت أن الطيور قد تشكل شراكات مؤقتة مع أنواع أخرى في مواقع التوقف. ومع ذلك، فإن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تقديم دليل على أن أنواعا مختلفة من الطيور المغردة قد تتواصل في أثناء الطيران، وفقا للباحث.

إعلان

تهاجر معظم الطيور المغردة ليلا، عندما تكون الإشارات البصرية محدودة. دفع ذلك المؤلفين إلى استكشاف ما إذا كانت الطيور تستخدم الأصوات للبقاء على اتصال. باستخدام تسجيلات صوتية من 26 موقعا على مدى 3 سنوات، حلل الفريق أصوات طيران 27 نوعا، بما في ذلك 25 نوعا من الطيور المغردة. ساعد "تعلم الآلة" في معالجة هذه الكمية الهائلة من البيانات، مما سمح بتحديد أنماط كان من المستحيل اكتشافها يدويا.

الدراسة تتحدى الفكرة القديمة القائلة إن الطيور المغردة تهاجر بمفردها (شترستوك) شبيه الطير منجذب إليه

وجد الباحثون أن أصوات أنواع معينة غالبا ما تحدث في وقت متقارب، مما يشير إلى أنها قد تطير قرب بعضها. ومن المثير للاهتمام أن احتمالية هذه الارتباطات اعتمدت على عوامل مثل طول الأجنحة وتشابه الأصوات، إذ كانت الطيور ذات أطوال الأجنحة المتشابهة -وبالتالي سرعات الطيران المتشابهة- أكثر عرضة للطيران معا.

بالإضافة إلى ذلك، قد تنجذب الأنواع ذات الأصوات المتشابهة إلى بعضها، إما لأن أصواتها تطورت لتتطابق أو لأنها تنجذب بشكل طبيعي إلى الأصوات المألوفة. يوضح "فان دورين": "إذا كان نوعان يطيران بسرعات متشابهة، فمن الأسهل لهما البقاء معا. وإذا كانت أصواتهما متشابهة، فقد يكونان أكثر عرضة للارتباط".

كما كشفت الدراسة أن الطيور لا تحافظ بالضرورة على الشراكات نفسها في الجو كما تفعل على الأرض. فالأنواع التي تتآلف في مواقع التوقف لا تطير دائما معا، وليست بالضرورة مرتبطة ارتباطا وثيقا أو تشارك تفضيلات الموائل نفسها.

"هذه الدراسة تتحدى الفكرة القديمة القائلة إن الطيور المغردة تهاجر بمفردها، معتمدة فقط على الغرائز. قد تكون الروابط الاجتماعية أكثر أهمية مما كنا نعتقد" كما أوضح المؤلف الرئيسي للدراسة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات أن الطیور إلى أن

إقرأ أيضاً:

سيناتور أسترالية تتحدث عن إخوتها الفلسطينيين (بورتريه)

سياسية صريحة، غير تقليدية على الإطلاق، تقف ضد الاستعمار الأبيض الذي سلب السكان الأصليين ممتلكاتهم وأراضيهم.

تجربتها ومعاناة آبائها وأجدادها تكاد تلامس التراجيدية الفلسطينية لذلك حين تتحدث عن فلسطين وعن قطاع غزة يتهدج صوتها ويعلوا غضبها حتى لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها.

سياسية مستقلة من السكان الأصليين الأستراليين حظيت باهتمام إعلامي لدعمها حركة "السيادة السوداء" وانتقادها لشرعية المؤسسات السياسية الأسترالية، والتي تعتبرها إرثا للاستعمار البريطاني.

ليديا ثورب المولودة عام 1973 في كارلتون، فيكتوريا، غادرت المدرسة بعد وقت قصير، في سن الرابعة عشرة. وقد ذكرت أنها تعرضت للتحرش في المدرسة "عندما كانت طفلة سوداء"، وأنها كانت ترد بلكم وضرب الأولاد والبنات، وبدلا من ذلك، كما تقول، "تعلمت الآن استخدام فمي".

 تخرجت عام 2007 من جامعة "سوينبورن" للتكنولوجيا بدرجة دبلوم في تنمية المجتمع، وفازت بجائزة التأثير الاجتماعي لعام 2021 من نفس الجامعة.

كانت وظيفتها الأولى العمل مع عمها في مركز للنشاط السياسي الأسود، وعمها هو الناشط روبي ثورب، المرتبط ببعض أقدم النضالات من أجل تقرير المصير للأستراليين الأصليين.


كما عملت ثورب مديرا لمشروع لدى مجلس مقاطعة "إيست جيبسلاند"، ومديرا للسكان الأصليين في "سنترلينك"، ومديرا في مركز تدريب السكان الأصليين في بحيرة "تايرز".وأيضا الرئيس المشارك للجنة في ولاية فيكتوريا في عام 2014.

وما لبثت أن انتخبت عضوا في البرلمان الاسترالي في الانتخابات الفرعية لعام 2017.

لكنها خسرت فيما بعد مقعدها أمام مرشحة "حزب العمال" في انتخابات ولاية فيكتوريا عام 2018 ، وأدلت بتصريحات صحفية قالت فيها: إن "حزب العمال" شن "حملة قذرة" ضدها، لكنها أقرت بأن "التغطية السلبية بسبب فضائح الحزب الداخلية" ساهمت أيضا في هزيمتها.

اختيرت في مجلس الشيوخ الاسترالي عن ولاية فيكتوريا منذ عام 2020، وهي أول عضو مجلس شيوخ من السكان الأصليين من تلك الولاية، وأول برلمانية فيدرالية من السكان الأصليين من "حزب الخضر".

أعيد انتخاب ليديا في الانتخابات الفيدرالية عام 2022، من قبل "حزب الخضر" كنائبة لزعيمه في مجلس الشيوخ. ويبدي الحزب الإعجاب بهذه الشخصية السياسية ويعتبره  تمثيلا مشحونا بنشاط سياسي جذري ونضالي، يذكر بشدة بـ"حركة القوة السوداء" التي ظهرت في الستينيات والسبعينيات.

ورغم دعم الحزب لها غير أنها انسحبت منه بسبب خلافات حول مقترح "صوت السكان الأصليين في البرلمان" وبقيت عضوا مستقلا في مجلس الشيوخ، وفي بيان لها، صرحت قائلة: "لدى هذا البلد حركة سيادة سوداء قوية، مليئة بالمحاربين الأقوياء والملتزمين، وأريد أن أمثل هذه الحركة تمثيلا كاملا في هذا البرلمان. لقد أصبح واضحا لي أنني لا أستطيع القيام بذلك من داخل حزب الخضر".

وتثير تعليقاتها حول النظام الاستعماري في أستراليا ردود فعل متباينة ويظهر بعض أفراد مجتمع السكان الأصليين في فيكتوريا معارضة لها بسبب نفوذها المتزايد في السياسة التقدمية، ففي عام 2021، عقب حريق ألحق أضرارا بمبنى البرلمان القديم في كانبرا، قالت في تغريدة: "يبدو أن النظام الاستعماري يحترق. عام سعيد للجميع ستبقى أرض السكان الأصليين دوما". وبعد انتقادات أعضاء في من الائتلاف و"حزب العمال" حذف ثورب التغريدة.

وفي مقابلة أُجريت معها في عام 2022، صرحت بأن البرلمان "ليس لديه إذن بالتواجد هنا في أستراليا"، وأنها عضو في البرلمان "فقط لتتمكن من التسلل إلى المشروع الاستعماري". وأضافت أن العلم الأسترالي "ليس لديه إذن بالتواجد" في البلاد.

خصومها يصفون هذه التصريحات بأنها  "مثيرة للانقسام" و"طفولية"، وسط دعوات بإقالتها من البرلمان.

وأثناء أدائها القسم كاسيناتور، أضافت ثورب عبارة "الاستعمار" في قسم الولاء المطلوب للملكة إليزابيث الثانية، قائلة :"أقسم بالله العظيم أن أكون مخلصا ومخلصا للولاء لصاحبة الجلالة (المستعمرة) إليزابيث الثانية، ملكة أستراليا، وورثتها وخلفائها وفقا للقانون".

وتوجت موقفها من بريطانيا العام الماضي حين قاطعت الملك تشارلز الثالث أثناء زيارته الملكية لأستراليا، وبعد أن أنهى خطابه في مبنى البرلمان الأسترالي، صارخة في القاعة الممتلئة بالحضور: "هذه ليست أرضك، أنت لست ملكي" واتهمته بـ" الإبادة الجماعية"، وبينما كانت ترافقها قوات الأمن، سمعت تصرخ قائلة: "اللعنة على المستعمرة".

هذه الحادث جعلت ليديا تتصدر عناوين الصحف العالمية وجذبت اهتماما واسع النطاق، مما سلط الضوء على نشاط ثورب الطويل ومعارضتها للنظام الملكي وللاستعمار.

وكانت أستراليا مستعمرة بريطانية طوال أكثر من قرن من الزمان، وهي الفترة التي قتل فيها الآلاف من السكان الأصليين، وشرد كثيرون منهم. ومنذ عام 1901، أصبحت أستراليا دولة مستقلة، لكنها تظل عضوا في الكومنولث، وتعترف بالسيادة البريطانية كرئيسة فعلية للدولة.


وكثيرا ما عوقبت ثورب من مجلس الشيوخ بسبب مواقفها الحادة والمباشرة والصريحة من أعضاء المجلس ومن الحكومة، ووصفت مثل هذه العقوبات بـ "الإجراءات التأديبية الاستعمارية" وبأنها "وسام شرف"، وأن مجلس الشيوخ "مكان عمل شديد العنف يتألف في معظمه من رجال بيض يرتدون بدلات، وينظرون بازدراء إلى أشخاص مثلي".

لا تتوانى ثورب عن إعلان مواقفها من القضايا السياسية الخارجية، وفي مقدمتها فلسطين والحرب الوحشية التي يشنها الاحتلال على قطاع غزة بدعم غير مشروط من الولايات المتحدة الأمريكية، فغالبا ما تدخل مجلس الشيوخ عبر قاعة الصحافة وتهف بكل قوة "فلسطين حرة" رافعة قبضتها رمزا قويا للتحدي.

تدعو باستمرار، وعبر التجمعات والتظاهرات التي شهدتها أستراليا، لوقف الحرب الفاشية على القطاع، تقول ثورب: "شعبنا يقف بتضامن كامل مع إخوتنا وأخواتنا الفلسطينيين. نحن نفعل ذلك منذ 50 عاما، منذ أن أدرك جيلي التشابه التاريخي بين تجربتنا وتجربتكم في مع الاستعـمار الاستيطاني المتوحش الذي اجتاح أرضنا واحتلها.. اقترفوا إبادة جماعية في أستراليا ويبـيدون أوطانكم. لذا نقف معكم".

وظهرت ثورب مرتدية الكوفية الفلسطينية في مجلس الشيوخ، وقارنت الحكومة الأسترالية بدولة الاحتلال باعتبارها "المحتل غير الشرعي لهذه الأراضي" في خطاب حماسي تعهدت فيه بدعم فلسطين، وقالت إنها تتعاطف مع  الشهداء.

معتبرة إن الفلسطينيين "يعيشون مع صدمة أجيال من الحرمان، وهم مستمرون في النضال من أجل السيادة والتحرير واستعادة الأرض، كما يفعل الشعب الأول في هذا البلد".

و دعت حكومة بلادها إلى الاعتراف بسيادة دولة فلسطين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني.
وأثارت ثورب الانتباه أيضا بحديثها عن وحشية القوة العسكرية الإسرائيلية وانتهاكاتها المستمرة لحقوق الفلسطينيين وقتل أعداد كبيرة من الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال والنساء.

ورحبت بتغيير الخطاب الحكومي الاسترالي الأخير الذي أكد على ضرورة إنهاء الاحتلال واعترف بأنه غير قانوني بموجب القانون الدولي".

فيديو وصورة ليديا وهي ترتدي الكوفية الفلسطينية انتشرت بشكل كبير عبر منصات التواصل وحين نزعت الكوفية عن كتفها ظهر "تي شيرت" كتب عليه أوقفوا  الإبادة الجماعية.

في مقابلة أجريت معها عام 2018، قالت ثورب: "لقد ولدت في عالم السياسة، ولا أعرف شيئا آخر" . لذلك لا يبدو أنها ستتوقف يوما عن مواجهة الاستعمار القديم ممثلا ببريطانيا والاستعمار الحديث والمستمر ممثلا بكيان الاحتلال.

مقالات مشابهة

  • سيناتور أسترالية تتحدث عن إخوتها الفلسطينيين (بورتريه)
  • تكبيرات عيد الفطر 2025.. اسمعها الآن بأجمل الأصوات
  • قائد الحرس الوطني يتفقد التدريبات الليلية للوحدات
  • البيئة تخاطب المرور: حاسبوا أصحاب السيارات والدراجات ذات الأصوات المرتفعة
  • هل استهدفت إسرائيل مقاتلين أجانب في اللاذقية؟
  • إنفلونزا الطيور يستدعي إجراءات صحية صارمة وسط مخاوف من انتقاله للبشر
  • آبل تدعم سماعاتها اللاسلكية الأغلى بميزات مهمة
  • الكشف عن أحدث «حاسب لوحي».. سيكون منافساً قويّاً لـ«أجهزة أندوريد»
  • دراسة تؤكد: الطيور تتنفس جسيمات البلاستيك
  • العلماء يوثقون أول صوت تصدره أسماك القرش