ترامب يبني "أمريكا أولاً" على استراتيجية مواجهة الصين
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
شرعت الصين عام 2025 بتصعيد صراعها الاقتصادي مع الولايات المتحدة، مما زاد من حدة الحرب التجارية المستمرة. واستباقاً لدخول الرئيس المنتخب دونالد ترامب البيت الأبيض، فرضت الصين قيوداً تجارية استهدفت الكثير من الشركات الأمريكية.
أخطأت الكثير من وسائل الإعلام في تجاهل تصريحات ترامب حول أهمية استعادة أمريكا لقناة بنما
وتضمنت هذه الإجراءات فرض حظر على تصدير المنتجات "ذات الاستخدام المزدوج" - تلك ذات الاستخدامات المدنية والعسكرية - وتقييد عمليات عشر شركات تشارك في مبيعات الأسلحة إلى تايوان.
وكتب المسؤول السابق في مجلس الأمن القومي الأمريكي بين عامي 2019 و 2021 جيمس سكينر في مجلة "ناشيونال إنترست" إنه لعقود، عمل صناع السياسات في الولايات المتحدة على افتراض أن دمج الصين في الاقتصاد العالمي، من شأنه أن يشجع تحريرها السياسي والاقتصادي. وقد ساهم هذا الاعتقاد في تشكيل قرارات مثل منح الصين حق الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية عام 2001، وغض الطرف عن الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان وسرقة الملكية الفكرية المتفشية. وكانت الفكرة تتلخص في أنه مع ازدياد ثراء الصين، يتبنى الحزب الشيوعي الصيني مبادئ ديمقراطية تتماشى مع تطلعات شعبه. لكن هذا النهج كان مضللاً بشكل كارثي. وبدلاً من التحرير، استغل الحزب الشيوعي الصيني هذه التنازلات لترسيخ قوته وتوسيع طموحاته العالمية.
ولفت إلى أن التجارة، بالنسبة للحزب الشيوعي الصيني، ليست مجرد أداة اقتصادية، بل هي سلاح استراتيجي لتحقيق الأهداف الجيوسياسية. وبينما تحمي بكين صناعاتها المحلية بسياسات صارمة، فإنها تستفيد من الصادرات والاستثمارات الأجنبية لفرض نفوذها وإجبار الدول الأخرى على الامتثال. وعلى مدار العقدين الماضيين، تفوقت الصين على الولايات المتحدة باعتبارها أكبر شريك تجاري غير قاري لقارتي أمريكا الجنوبية وأفريقيا بأكملها تقريباً، واكتسبت نفوذاً سياسياً في هذه المناطق. ولهذا التأثير نتائج ملموسة.
Starving the Dragon: Toward An America-First China Strategy https://t.co/x7uTpb48yN via @TheNatlInterest
— Nino Brodin (@Orgetorix) January 16, 2025وأخطأت الكثير من وسائل الإعلام في تجاهل تصريحات ترامب الأخيرة حول أهمية استعادة أمريكا لقناة بنما، متجاهلة واقعاً خطيراً. لقد بدأ الحزب الشيوعي الصيني يسيطر على هذا الشريان التجاري العالمي الحيوي. وتدير شركة صينية اثنين من الموانئ الخمسة الرئيسية القريبة من قناة بنما، وهو طريق تجاري يتدفق من خلاله 5 في المائة من التجارة البحرية العالمية. وتعد بكين ثاني أكبر مستخدم للقناة وواحدة من أكبر المصدرين إلى منطقة كولون الحرة في بنما، حيث تواصل بناء موانئ الحاويات لتوسيع نفوذها.
وتحت قيادة ترامب، أدركت أمريكا التهديد الخطير الذي يشكله الحزب الشيوعي الصيني وأفعاله، التي تهدد أسلوب حياتنا. ومع عودة رئيس "أمريكا أولاً" إلى المكتب البيضوي، يتعين على الولايات المتحدة أن تكثف جهودها لمنع الصين من الاستمرار في استخدام الموارد الأمريكية كوقود لطموحاتها. ويتطلب تحقيق ذلك استراتيجية أمريكية موحدة تستهدف كافة القنوات التي تستغل الصين من خلالها أسواقنا ومواردنا. وسوف يؤدي قطع هذه التدفقات إلى إضعاف قدرة الرئيس الصيني شي جين بينغ على إظهار القوة وتحدي الولايات المتحدة على مستوى العالم.
وتشمل هذه الإجراءات منع الكيانات الصينية من شراء الأراضي الزراعية والعقارات المهمة في الولايات المتحدة، وإلغاء تأشيرات الطلاب للمواطنين الصينيين الذين يدرسون مجالات حساسة، وخصوصاً العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. إلى ذلك، يجب بيع أو حظر المنصات الرقمية، التي يسيطر عليها الحزب الشيوعي الصيني، لحماية البيانات والخصوصية الأمريكية من الاستغلال.
Starving the Dragon: Toward An America First China Strategy https://t.co/x7uTpb48yN via @TheNatlInterest
— Nino Brodin (@Orgetorix) January 15, 2025
هناك قضية مهمة أخرى تحتاج إلى معالجة، وهي سحب الاستثمارات من الشركات المرتبطة بالدفاع التابعة للحزب. هناك شركة دي جي آي، وهي الأكبر من نوعها لتصنيع المسيّرات، وشركة هواوي الرائدة في عالم توفير معدات الاتصالات والإلكترونيات الاستهلاكية، وهاتان الشركتان هما مثالان للشركات المدعومة من الحزب الشيوعي الصيني، والتي تشكل نقاط ضعف كبيرة في الأمن القومي والبنية التحتية الحيوية لأمريكا.
وبعيداً عن الصناعات البارزة مثل التكنولوجيا والدفاع، يتعين على الولايات المتحدة أن تعالج مصادر الإيرادات الأقل وضوحاً، التي تغذي طموحات الحزب الشيوعي الصيني.
ولفت الكاتب إلى أن الدول القوية تبنى على القوة والعزيمة والقدرة على الدفاع عن مصالحها، وليس على الاسترضاء أو التنازلات. ويجسد نهج الرئيس ترامب "أمريكا أولاً" و"السلام من خلال القوة" هذه الروح. إن الانتخابات لها نتائج، وقد أعطى الشعب الأمريكي ترامب تفويضاً لاستعادة الهيمنة كزعيم عالمي في منافسة القوى العظمى في القرن الحادي والعشرين.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب الحزب الشیوعی الصینی الولایات المتحدة
إقرأ أيضاً:
إنقاذ اقتصاد أمريكا من ترامب
في مقابلة بودكاست أجرتها مؤخرا مع عزرا كلاين من صحيفة نيويورك تايمز، انزلقت جيليان تيت من صحيفة فاينانشيال تايمز إلى ما أصبح فخا شائعا: محاولة «عَـقـلَـنة» السياسات الاقتصادية التي تنتهجها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الثانية.
أوضحت قائلة: «من ناحية، يريدون ضمان احتفاظ الدولار بمكانته المتفوقة كَـعُـملة احتياطية عالمية وأن يستمر النظام المالي القائم على الدولار في الهيمنة، لكنهم في الوقت ذاته، يعتقدون أيضًا أن الدولار مقوّم بأعلى من قيمته بحكم كونه عملة الاحتياطي العالمي، وهذا يعني أن الناس يواصلون شراء الدولار، وهذا ما يدفع قيمته إلى الارتفاع»، وبالتالي، يريد أنصار ترامب «اتفاق مار-أ-لاجو» الذي بموجبه تساعد دول أخرى في إضعاف الدولار مقابل تخفيف الرسوم الجمركية، والحماية العسكرية، وما إلى ذلك. في نهاية المطاف، ستندرج الدول ضمن واحدة من ثلاث مجموعات: الخضراء (الأصدقاء)، أو الحمراء (الأعداء)، أو الصفراء (المنحازون جزئيا). تقول لنا تيت: «إنها جرأة غير عادية. فلا يمكنك أن تغفل عن حقيقة مفادها أن هناك أشخاصا يريدون بالفعل إعادة هندسة النظام المالي والاقتصادي العالمي، ويعملون وفقًا لخطة متماسكة تماما».
لكن هل هم كذلك حقا؟ إذا كانت الفكرة تتلخص في تعزيز التصنيع الأمريكي من خلال اتفاقيات التلاعب بالدولار دون نسف مصادر أكثر أهمية للازدهار الأمريكي، فإن ذلك يتطلب بالفعل خطة متماسكة. سيكون لزاما على أنصار ترامب تذكير الناس بأن ترامب كان يكره اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية وطالب بالفعل كندا والمكسيك بمساعدته في إصلاحها أثناء فترة ولايته الأولى. وتضع اتفاقية الولايات المتحدة-المكسيك-كندا (USMCA) الناتجة عن ذلك هذه الدول في المجموعة الخضراء. تتمثل المهمة الآن في إقناع دول أخرى بأن تفعل الشيء ذاته: أن تأتي إلى مار-أ-لاجو، وتُـقَـبِّـل الخاتم، وتوافق على صفقات مماثلة. لكن هذا ليس ما يحدث. على العكس تماما، كان ترامب أشد ميلًا إلى الإساءة إلى المكسيك وكندا. فلا يكاد يمر يوم دون أن يطلق تهديدا جديدا، أو إهانة جديدة، أو إعلانا عن فرض رسوم جمركية أخرى. هذه هي المكافآت التي يمنحها لأولئك الذين يمتثلون ويضعون أنفسهم في الدلو الأخضر. حتى لو كان المدافعون عنه على حق في أنه يحاكي «نظرية الرجل المجنون» التي استعان بها ريتشارد نيكسون لإخافة الآخرين وإجبارهم على الامتثال، فإن سلوكه لا معنى له من الناحية الاستراتيجية. إذا كنت أي زعيم وطني آخر، ماذا ينبغي لك أن تفعل؟ قد لا يضيرك أن تتحدث مع ترامب، فَـتُـصـدِر أصواتا تبدو لطيفة على مسامعه، وتمتدح حنكته وتخلق مظهرا من الأُلفة والانسجام. ولكن ما لا يجوز لك أن تفعل مطلقا هو أن تغير سياستك -بشأن أي شيء- ما لم تحصل مقدما على فائدة ضخمة لا رجعة فيها.
وحتى في هذه الحالة، يجب أن تكون مستعدًا مسبقًا لجعل أي نقض لأي اتفاق يعلنه معك ترامب شديد الإيلام له.
لأن ترامب انتهك بالفعل شروط اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، فلن يكون لدى الدول الأخرى أي حافز لتلبية ما يطلبه. وإذا كنت عُـرضة لذلك النوع من العقاب الأحادي الجانب الذي يستطيع ترامب أن يوقعه بك، فأنت تواجه مشكلة. لكن الحل ليس العمل مع ترمب، بل إزالة المشكلة.
على هذا، ينبغي للمكسيك أن تسعى بالفعل إلى تعميق علاقاتها التجارية مع أوروبا والصين، اللتين تسيطران على بعض الأجزاء المتطورة تكنولوجيا من سلاسل القيمة الخاضعة للعولمة والتي يعتمد عليها الاقتصاد المكسيكي.
ينبغي لها أيضا أن تستكشف الطرق لفرض أقصى قدر من الألم على ترامب وناخبيه (ولكن ليس على أمريكا في المجمل) إذا لزم الأمر. على نحو مماثل، ينبغي لكندا أن تعمل على ربط الأجزاء الغنية بالموارد من اقتصادها بالصين وأوروبا.
وهذا يعني التخلي عن أي خطط لتشييد بنية أساسية جديدة لنقل الموارد إلى الجنوب، والخروج باستراتيجية تنمية جديدة لأونتاريو. على مدار 150 عاما، كانت الرقعة الجنوبية من المقاطعة جزءًا لا يتجزأ من مجمع التصنيع الأمريكي في الغرب الأوسط. وقد استفاد الجانبان بدرجة كبيرة. لكن الطلاق بات ضروريا الآن. إنها مسألة وقت فقط قبل أن يُـقـدِم ترمب، الراغب بشدة دوما في الظهور على شاشات التلفزيون، على الإتيان بتصرف يسمح له بتحويل العلاقة إلى سلاح. وهو لا يبالي بحقيقة مفادها أن ذلك سيلحق بالأمريكيين ضررًا أشد من ذلك الذي قد يلحقه بالكنديين.
تَـدرُس بقية بلدان العالم بالفعل كيفية تقليص الخطر القادم من أمريكا ترامب، التي ستجد نفسها قريبا في وضع مماثل لبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي. وتشير التقديرات إلى أن الانسحاب من الاتحاد الأوروبي دون سبب وجيه جعل المملكة المتحدة أفقر بنحو 10% مما كانت لتصبح عليه - ولا تزال التكاليف في ارتفاع.
هل تواجه الولايات المتحدة مصيرا مماثلا؟ أيًا كانت الحال، فقد قُـضي الأمر. لقد انهار السد بالفعل وبدأ الطوفان. ولكن هل من الممكن عكس اتجاه التيار؟ يُـذَكِّرُنا هذا بولاية رونالد ريجان الثانية. بعد فضيحة إيران-كونترا، أعلن البيت الأبيض، في فبراير 1987، أن السيناتور السابق هوارد بيكر سيشغل منصب رئيس الأركان. وقد جلب بيكر «مصداقية فورية» باعتباره موظفا حكوميا «عادلا» و«نزيها» و«محترما». كان تعيينه مفيدا لريجان والولايات المتحدة. فمنذ ذلك الحين، كان ريجان يظهر على الملأ، ويصافح الناس، ويلقي الخطب، في حين كان بيكر يدير السلطة التنفيذية.
لقد أصبح، باختصار، الوصي على عرش أمريكا. قد يكون ترتيب مماثل أفضل ما يمكننا أن نأمل من رئاسة ترامب الثانية. المشكلة الوحيدة تتمثل في إيجاد شخص على استعداد للقيام بهذا الدور - والأهم من ذلك، قادر على الاضطلاع به.
ج. برادفورد ديلونج أستاذ الاقتصاد بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، باحث مشارك في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية، ومؤلف كتاب «التراخي نحو اليوتوبيا: تاريخ اقتصادي للقرن العشرين» (دار نشر بيزك بوكس، ٢٠٢٢).
خدمة بروجيكت سنديكيت