بوابة الوفد:
2025-01-16@12:58:37 GMT

لا شيء يأتي متأخرًا

تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT

 

في حدود المتاح من تصوراتنا عن الحياة، نسوق الرفض، والتذمر، ونستأنس الشكوى، وتعلو كلمة "لو".

ويسحبنا الفراغ إلى مناحيه، ومساحاته، كأن زمنًا توقف.

(1)

 كان الأستاذ ياسر شورى مديرًا لتحرير إحدى الصحف الأسبوعية بوسط القاهرة، صيف عام 2009، حين طرقت بابها ضمن مجموعة متقدمين للعمل كمحرر صحفي.

حملت قصاصات أعمالي السابقة بصحف شهرية، ونصف شهرية، ودلفت إلى مكتب فسيح، بعد أن نادت السكرتيرة اسمي، وخلف بابه كان الأستاذ يجلس مندمجًا في مطالعة أوراقه، ولم تستغرق مقابلتي سوى دقيقة واحدة.

سألني عن اسمي، وبعدها طلب أن اتجه مباشرةً لإعداد موضوع للعدد القادم.

ومشيت من موقعها قبالة مجلس الوزراء إلى ميدان التحرير في حضرة سؤال اللحظة: أي موضوع، وأنا لا أعرف عن القاهرة شيئًا، ولا مصدر لي ولا دليل؟.

(2)

أن تعرف وجهتك، لا يعني بالضرورة أنك ستصل في موعدك المحدد.

ساقتني مقادير التجربة إلى آفاق رحبة، تضيق بالغرور، وتتسع بالسعي، وترك النتائج على رب السماء، وامتشقت قلمًا يتماهى مع أوراق الدشت، وأمضيت 4 أشهر داخل الصحيفة ذاتها.

وكان أن تساءل "الأستاذ" عن محرر ملف خاص بالشأن القبطي، فقيل: عبد الوهاب شعبان.

واندهش لدرجة أن استدعاني، وسألني بجدية: أين تعمل خارجًا؟..وقلت: هذه أولى تجاربي المهنية.

وابتسم، ابتسامة صافية معهودة، وقال: إنني أعد قسمًا للمتابعات الإخبارية بجريدة الوفد، وستكون معي.

(3)

اتبع حلمك، يتبعك.

رميت أمر وعد "الأستاذ" للسماء، وانتشيت متأملًا "مقر الوفد"، وهو لا يعلم أني دخلته ذات مرة قبل عام، بعد أن تحدد موعد لمقابلة حد كبار المخرجين الصحفيين لرسم ماكيت لصحيفة نصف شهرية كنت أعمل بها عام 2008.

تركت وقتذاك "مالك الصحيفة" في مكتب الإخراج الصحفي، وتنقلت بين مكاتبها زجاجية الجدران، ولحسن حظي كانت خالية تمامًا، وكان صحفيوها منشغلون بمتابعة مباراة كرة قدم.

ووقفت أمام لوحتها المتخمة بقرارات مكافآت التميز، وأضمرت أمنية متبوعة بتساؤل صامت "كيف؟".

(4)

صدق القاعدة: امض ولا تلتفت.

في الصحيفة الأسبوعية بوسط القاهرة، وبعد نحو 3 أشهر من وعد "الأستاذ"، علمت أنه حصل على إجازة مفتوحة، وانشغلت بما يلقى إلي من تكليفات متعاقبة، لحصد أعلى سقف في كشف الإنتاج.

وكان أن تفوقت لحد أنا شخصيًا لم أصدقه، لكن شيئًا ما يحدث، ولا أفهمه، الصحيفة في طريقها للإغلاق، الأجواء متوترة، المحررون يغادرون واحدًا تلو الآخر، حتى انتهى كل شيء.

ووجدتني أعود صفرًا إلى منزلي، محملًا بخيبة أمل، وكشف إنتاج متخم بالتحقيقات، والحوارات، دون جدوى.

(5)

وعند لحظة اليأس المكتمل، يشق طريق العبور.

ألجأت وجهي للحائط، متوسدًا خيبتي كابن أكبر وضعته الأقدار ذات فجأة في موضع المسؤولية، وأقامته كجدار تتكئ عليه أم، وأسرة.

ورن هاتفي الصغير على غير عادته، وفوجئت بصوت جنوبي يمزج بين وداعة الوادي، وصلابة الجبل، أنت فين يا عبدالوهاب؟.

قلت: في الشارع يا أستاذنا؟.. وفهم أني في صحيفة تسمى "الشارع"، حتى أعدت عليه إجابتي مفصلة: أنا بلا عمل، لقد عدت إلى بيتي بعد إغلاق الصحيفة.

وطلب بتفاؤل الواثق أن آتي إلى "الوفد".

(6)

وبلا ترتيب، ذهبت مصحوبًا برجفة القلق، وعكار التجارب.

وهناك، وجدت رهانًا معقودًا عليّ، وإيمانًا لا ينفصل عن يقينه بقدرتي على الإجادة، وكنت وحدي وقافًا على رهبة البداية، وقلة الخبرة.

لكن، على أية حال بدأت، وصاحبتني مراحل أفول كبرى، وعثرات، ونكبات، علقتها على دعائم الصبر الجميل، ودعم الأصدقاء، وكنت آتيه شاكيًا: فيحيطني بذراعيه، وهو يقول: عد على يدك عامين/ ثلاثة على الأكثر، وستصبح عضوًا بنقابة الصحفيين.

وكل وعد "ياسري" ألقي به في فضاء الله، دون تشبت بـ"متى؟".

(7)

وغربتنا بعد أجواء طارئة على "الوفد"، من تجربة إلى أخرى، كل واحدة تسير بممحاة على أختها.

و"الأستاذ" يداعب أحلامه كل مساء، لتزهر في صباحه، ويحدثني كلما التقينا: لا تقلق.. سأقود دفة "الصحيفة" ذات يوم قريب.

وانتظر..، فلا يصح في الآفاق ضوء.

(8)

ولا ينطلق يقيني من مهارته في إدارة العنصر البشري، وقدرته الفائقة على تحريك مكامن الأفكار الخلاقة، من كوني ممتنًا لآخذ بناصيتي إلى عالم الصحافة الجادة، وفقط.

فأنا واحد من مجموعة تلاميذ أمضوا سنوات تحت رئاسته في أقسام مختلفة، وتجارب أخرى، وأشهد أنه واحد من "صنايعية المهنة"، وصناعها المهرة، يتذوق العبارات، ويصوب بصره بعناية تجاه موهوبيها.

(9)

لا شيء يأتي متأخرًا.

فالأستاذ يجلس على مقعد قيادة "بوابة الوفد"، جنبًا إلى جنب مع رفيق دربه الأستاذ "عاطف خليل"، ومن خلفهما أول من علمني فنون الكشف عما ورائيات الخبر "مجدي سلامة".

بهؤلاء يزيح ضوء جديد غبارًا عن المكان، ويهيئ الوجدان.

وأنا الحالم فقط بدخول "الوفد"، أكتب مقالًا ثابتًا، وأقود قسمًا..

وللتجارب أن تفرز نتائجها وقتما تشاء، ولا ينقطع الرجاء.

 

 

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

تظاهرات الانتقالي في عدن… استثمار لمطالب الناس ومتاجرة بمعاناتهم

يمن مونيتور/قسم الأخبار

حشد المجلس الانتقالي الجنوبي العشرات من مؤيديه للتظاهر ضد الحكومة اليمنية التي يشارك فيها بسبب تردي الأوضاع المعيشية في وقت يتهم السكان المجلس الانتقالي بالمتاجرة بمعاناتهم.

وردد المتظاهرون خلال التظاهرة هتافات “رواتبنا خطوط حمراء”، و”لا حكومة بعد اليوم”. واشتكى المتظاهرون من الارتفاع “الجنوني” في أسعار السلع الأساسية وانقطاع الكهرباء والمياه، ما أدى إلى تدهور أوضاعهم المعيشية بشكل كبير.

وطالب المتظاهرون بـ “محاربة الفساد المستشري في مؤسسات الدولة”، معتبرين ذلك “سبباً رئيسياً في تدهور الأوضاع الاقتصادية”.

وأكد المتظاهرون، في بيان، ضرورة استعادة الحقوق والثروات الوطنية المنهوبة، وإعادة هيكلة الرواتب، متعهدين بمواصلة التصعيد السلمي حتى تحقيق المطالب.

وحمل المتظاهرون مجلس القيادة الرئاسي اليمني، مسؤولية التدهور الاقتصادي الذي تشهده البلاد، وطالبوا بأن يكون على قدر من المسؤولية الوطنية وأن “يتحمل تبعات فشله أمام الشعب”.

وتشارك قيادات الانتقالي العليا في مجلس القيادة الرئاسي، والتي دفعت أنصارها للتظاهر ضده وتحميله مسؤولية تدهور الخدمات.

وفي سياق متصل شهدت المظاهرة حادثة اعتداء همجية استهدفت الأستاذ عبد القادر، أحد أبناء الحوطة بمحافظة لحج، على يد عناصر من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي.

وبحسب شهود عيان، تعرض الأستاذ عبد القادر للاعتداء أثناء المظاهرة للاعتداء عندما تكلم عن معاناته مع الجوع وطالب بصرف مرتبه.

وقال نشطاء إن الانتقالي دعا القوى للتظاهر ضد الفساد وعندما طلع الأستاذ العبق وتكلم عن جوع الشعب وما يعانيه من الفساد تم الاعتداء عليه من قبل قوات الانتقالي وتم ضربه واهانته.

معلم بسيط خرج للمطالبة بحقه في العيش الكريم لإطعام أسرته الجائعة، لكنه تعرض للقمع والإهانة من قبل مليشا الانتقالي في ساحة العروض بــ #عدن، بدلاً من أن تُسمع شكواه أو تُنصف مطالبه.#الانتقالي_يخنق_عدن pic.twitter.com/QiRH9h1muw

— Tawfieq Ahmed توفيق أحمد (@SSSSRR101) January 14, 2025

 

ويرى مراقبون أن حادثة الاعتداء على المعلم الذي اشتكى من الجوع تؤكد حقيقة استثمار المجلس الانتقالي لمطالب الناس ومعاناتهم في عدن

وأعربت العديد من الجهات الرسمية والشعبية عن إدانتها الشديدة لهذا الاعتداء، مطالبة الجهات المعنية بفتح تحقيق عاجل ومحاسبة المتورطين، لضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث التي تهدد السلم الاجتماعي وتسيء لصورة المدينة.

الواقعة أثارت موجة من الغضب على منصات التواصل الاجتماعي، حيث عبّر ناشطون عن تضامنهم مع الأستاذ عبد القادر، داعين إلى توفير الحماية اللازمة للمواطنين ومحاسبة المتجاوزين.

مقالات مشابهة

  • عمرو مصيلحي: تطوير نظام مسابقات كرة السلة يأتي بعد غياب 25 عام
  • عمرو مصيلحي : تطوير نظام مسابقات كرة السلة يأتي بعد غياب 25 عاما
  • نائب: مد إيقاف ضريبة الأطيان يأتي ضمن جهود ‏الحكومة لدعم الفلاحين
  • حريق مهول يأتي على غابة جبل تيدغين بالحسيمة
  • تظاهرات الانتقالي في عدن… استثمار لمطالب الناس ومتاجرة بمعاناتهم
  • وفد من البحوث الإسلامية يزور المفتي الأسبق
  • مذكرة تفاهم بين عمان الأهلية وشركة (جوباك)
  • وزير الأوقاف يزور مفتي الديار المصرية الأسبق
  • المفتي قبلان: المطلوب من نواف سلام حماية توازنات البلد