بعد جهود شاقة ومفاوضات صعبة خاضتها مصر دون توقف، بالتعاون مع قطر والولايات المتحدة الأمريكية، للوصول إلى التهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، تم إدراك اتفاق هدنة بين تل أبيب وحماس، وذلك عقب 15 شهراً من بدء الحرب الإسرائيلية التي دمرت قطاع غزة وساوت المباني بالأرض وأوقعت نحو 150 ألف شخص ما بين شهيد وجريح، بخلاف ضحايا تحت الركام لم تستطع طواقم الإسعاف والإنقاذ الوصول إليهم، وتركت من بقي على قيد الحياة يواجه كارثة إنسانية ويعاني من مرارة العطش والجوع والمرض والمعارك.

 


ونجحت مصر، بالتنسيق مع الوسطاء، في تحقيق رؤيتها التي رفعتها منذ بداية الأزمة؛ وخرج اتفاق الهدنة بين الجانبين من صلب المقترح المصري الذي طرحته القاهرة سابقاً لتبادل الأسرى والمحتجزين والعودة إلى الهدوء المستدام بما يحقق وقفًا دائمًا لإطلاق النار بين الطرفين.


وأثنى خبراء، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم /الخميس/، على دور مصر وفاعلية مفاوضيها وحكمة القيادة السياسية ومثابرتها على مدار أكثر من عام لوقف حرب الإبادة الجماعية على غزة، بل وعلى جهودها المخلصة منذ 7 عقود من الزمن لنصرة شعب فلسطين ومساعدته على التقرير المصير والحصول على حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة على أرضه التاريخية.


وفي هذا الإطار، قال الدكتور خالد عكاشة المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، إن اتفاق تبادل الأسرى والمحتجزين والعودة إلى الهدوء المستدام بما يحقق وقفاً دائماً لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس، خرج من "صلب المقترح المصري" الذي طرح في مايو 2024 وبعد 3 جولات تفاوض ووساطة، إذ وضعت مصر حينها رؤية لما يمكن أن يتوافق عليه الطرفان ورتبت تنفيذها على 3 مراحل، لضمان رعايته أمريكياً حتى تمام الوصول إلى محطة النهاية.


وأضاف أن مصر عملت جاهدة دون كلل أو ملل وبصبر وحكمة، طوال 15 شهراً، على تذليل كافة العقبات، وممارسة أقصى ضغوط ممكنة على كافة الأطراف، بالتنسيق مع الوسطاء في قطر والولايات المتحدة؛ لإنجاز المهام والوصول إلى وقف إطلاق النار وحقن دماء الفلسطينيين.


وتابع أن الرؤية المصرية عادت لتكتسب مرة أخرى القدرة الواقعية المتفردة على الوصول إلى كلمة النهاية، منوهاً بأن القاهرة التي تتولى منذ سنوات طويلة ملف الوساطة بين إسرائيل ومختلف الفصائل الفلسطينية، أصبح لديها الخبرة الكافية في التعامل مع تلك المفاوضات والحصول على الضمانات لإتمام وإنجاز الهدنة.
ولفت مدير المركز المصري إلى أن مصر تعد وسيطاً يحظى بثقة واحترام كافة الأطراف الدولية والإقليمية خاصة لكونها تعمل من أجل خير أمتها ونصرة شعب فلسطين المظلوم وإحلال الأمن والسلام بمحيطها.


وشدد الدكتور خالد عكاشة على أن مصر، التي حملت القضية الفلسطينية على عاتقها منذ سبعة عقود بل ومنذ قدم التاريخ، ستظل داعمة للسلام العادل ومدافعة عن حقوق الشعب الفلسطيني حتى يتحقق السلام المستدام من خلال حل الدولتين.


من جانبه، قال السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية الأسبق إن مصر قامت بدور عظيم، بالتعاون والتنسيق مع الولايات المتحدة وقطر، منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، للتوصل إلى اتفاق يضع حدا لنزيف الدم الفلسطيني في غزة ويسمح بتبادل المحتجزين وإعادة الهدوء والاستقرار إلى منطقتنا.


وأضاف: "بصفتي دبلوماسي عجوز فأود التذكير بأن مصر تدافع عن فلسطين منذ فجر التاريخ، من أيام الهكسوس والحروب الصليبية..ثم جاء جيلنا الذي أمضى حياته ومسيرته العملية والدبلوماسية كلها في الدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة".


وحذر من عدم احترام الاتفاق وعودة إطلاق النار نظراً لوجود أصحاب المصالح في استمرار الحرب والقتال، وعلى رأسهم رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، المطلوب للمحاكمة من قبل العدالة الدولية بل ومن قبل العدالة في إسرائيل نفسها أيضاً، محذراً كذلك من العاملين في صناعة السلاح بالعالم المستفيدين من استمرار الحروب والقتال لبيع الأسلحة وجني الأموال.


وأبرز أن مصر نادت مراراً وتكراراً بضرورة وقف إطلاق النار وتبادل المحتجزين لدى الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، وضمان نفاذ المساعدات الإنسانية إلى أهل غزة، فضلاً عن خلق مسار سياسي ينهي الاحتلال ويفضي إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لإحلال السلام العادل والشامل بمنطقة الشرق الأوسط.


وشدد السفير جمال بيومي على أن مصر بقيادتها وشعبها ستظل تدعم القضية الفلسطينية باعتبارها قضية أمن قومي عربي ومصري، كما ستعمل على إعادة الاستقرار وتحقيق السلام، حيث إن مصر دائما كانت عنصر أمن وسلام في محيطها وعالمها العربي والإسلامي والإفريقي وبمنطقة المتوسط.


من جهته، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية والدولية والخبير في دراسات الأمن القومي والشئون الإسرائيليّة، إن دور الوساطة المصرية كان وراء إنجاح التوصل لاتفاق الهدنة بين حماس وإسرائيل، حيث لعبت مصر دورا أصيلاً متنامياً مبنيا على خبرة طويلة للمصريين في التفاوض والوساطة. 


وأوضح أن دور مصر لا يقتصر على الوساطة، ولكن على ممارسة أكبر قدر من التعاملات التي ستتم خلال الفترة المقبلة، منها فتح المعبر وإدخال الشاحنات والمساعدات بصورة كبيرة، وتسليم وتبادل المحتجزين، وكذلك والأهم استمرار دور مصر لاستكمال تحقيق الاستقرار في القطاع، وحماية الاتفاق من أي خروقات.


وأكمل أن مصر لديها ما ليس لدى الآخرين؛ إذ تحظى بالثقة من قبل الجميع وتتمتع بالمصداقية في التعامل مع كل الأطراف، علاوة على قدرة مصر الكبيرة في التواصل مع كافة الفصائل الفلسطينية، بجانب مساندتها ودعمها للجنة الإسناد المجتمعي عبر آليات وطنية تضم كافة الفلسطينيين.


وشدد المحلل السياسي على أنه عقب الخطوات الإجرائية بين إسرائيل وحماس، وتنفيذ وقف إطلاق النار تأتي أهم مرحلة وهي خطط الإعمار، وحشد الجهود الدولية وجعل أكبر قدر من المؤسسات تساعد في تقديم المساعدات لبناء قطاع غزة من جديد، ونوه بحالة الثناء والشكر للموقف المصري من قبل مختلف دول العالم، معتبراً أن هذا الشكر لا يرتبط فقط بجهود ومساعي مصر الكبيرة للتوصل إلى اتفاق الهدنة بل مرتبط بما هو قادم في الفترة المقبلة، إذ أن الدور القادم لمصر هو إنجاح الاتفاق ومتابعة ومراقبة تنفيذه وضمان عدم خرق حكومة تل أبيب له.


وأثنى الدكتور طارق فهمي على نجاح الدبلوماسية الرئاسية المصرية وحكمتها ومثابرتها التي أثبتت قدرة الدولة المصرية على إنجاح أي اتفاق وتفاوض، مسلطاً الضوء على ما ستقوم به مصر بالتعاون مع الشركاء في قطر والولايات المتحدة لتوفير ضمانات وإجراءات وتدابير على الأرض، وفتح معبر رفح لإدخال مساعدات، ومراقبة عمليات الانسحاب الإسرائيلي التدريجي من القطاع.


واختتم الدكتور طارق فهمي بالتأكيد على أن مصر اضطلعت بمسئوليتها التاريخية والجغرافية والإنسانية والأخلاقية إزاء شعب فلسطين الشقيق وأهله في قطاع غزة، كما وقفت بالمرصاد لمخطط تهجيره من أرضه، وستظل على وعدها وعهدها في دعم القضية الفلسطينية العادلة حتى إقامة الدولة المستقلة وإحلال السلام المنشود في منطقة الشرق الأوسط.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: قطاع غزة وقف إطلاق النار كارثة إنسانية المزيد وقف إطلاق النار قطاع غزة أن مصر على أن من قبل

إقرأ أيضاً:

روسيا تواصل هجمات المسيرات وتتقدم في قرى شرق أوكرانيا وجنوبها

كييف."وكالات":

أفادت السلطات الأوكرانية اليوم أن سلسلة غارات جوية روسية بطائرات مسيرة استهدفت احداها مستشفى عسكريا في مدينة خاركيف بشمال شرق البلاد، أسفرت عن مقتل شخصين على الأقل وإصابة 30 آخرين.

وقال دميترو تشوبينكو المتحدث باسم مكتب المدعي العام للمدينة في مقطع فيديو نُشر على تليغرام، إن ست غارات استهدفت مساء السبت حيين في المدينة الواقعة في شمال شرق البلاد والتي كانت تعد ثاني أكبر مدينة من حيث عدد السكان في البلاد قبل الغزو الروسي.وأضاف أن شخصين لقيا حتفهما في منزليهما.

وذكرت وزارة الطوارئ أن الغارات دمرت مباني سكنية وأخرى تضم مكاتب ومركزا طبيا ومحلات تجارية ومرائب وسيارات.

وقال حاكم المنطقة أوليغ سينيغوبوف إن القتيلين هما رجل يبلغ 67 عاما وامرأة تبلغ 70 عاما، في حين أصيبت فتاة تبلغ 15 عاما بجروح خطيرة.وقال الجيش الأوكراني إن مستشفى عسكريا تعرض للقصف و"هناك إصابات بين عسكريين كانوا يتلقون العلاج"، دون إعطاء مزيد من التفاصيل حول عددهم.ولا تكشف كييف عادة عن بيانات بشأن الخسائر العسكرية.

واتهم الجيش روسيا بارتكاب "جريمة حرب" و"انتهاك قواعد القانون الإنساني الدولي".

ويأتي هذا الاتهام فيما تسعى إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات في أسرع وقت، وقد أجرت محادثات مع مسؤولين روس وأوكرانيين.

ولم تسفر المحادثات حتى الآن عن أي تقدم، رغم موافقة الجانبين في وقت سابق من هذا الأسبوع على مقترح هدنة في البحر الأسود.

وبعد ثلاث سنوات من الهجوم الذي شنّه الكرملين، أدت عودة دونالد ترامب الذي جدد الحوار مع فلاديمير بوتين وكسر العزلة التي فرضت عليه، إلى إعادة خلط الأوراق في ما يخص الصراع.

ويسعى ترامب إلى إنهاء النزاع بسرعة، لكن إدارته فشلت في تحقيق أي تقدم ملموس رغم المحادثات غير المباشرة مع الجانبين.

واتفقت موسكو وكييف من حيث المبدأ على هدنة في البحر الأسود عقب محادثات مع مسؤولين أميركيين في وقت سابق من هذا الأسبوع، لكن روسيا حذّرت لاحقا من أن الهدنة لن تدخل حيز التنفيذ حتى ترفع الدول الغربية عددا من العقوبات.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي السبت إن روسيا لم ترد بشكل مناسب على الجهود الأميركية للتفاوض على وقف إطلاق النار في أوكرانيا بسبب غياب "ضغط حقيقي" عليها.

وصرّح زيلينسكي في خطابه المسائي "لقد ظل الاقتراح الأميركي بوقف إطلاق النار غير المشروط مطروحا على الطاولة لفترة طويلة للغاية بدون رد مناسب من روسيا".

واعتبر أن "وقف إطلاق النار كان من الممكن أن يدخل حيز التنفيذ لو كان هناك ضغط حقيقي على روسيا"، موجها الشكر إلى الدول "التي تفهم هذا" وشددت العقوبات على موسكو.

وفي كلمته المصورة المسائية أمس السبت، بالتزامن مع تطورات هجوم خاركيف، قال زيلينسكي إن أوكرانيا تتوقع "ردا جادا" من الدول الغربية على الهجمات شبه اليومية.

وقال "يتعين على شركائنا أن يدركوا أن هذه الضربات الروسية لا تستهدف شعبنا فحسب، بل جميع الجهود الدولية والدبلوماسية الرامية إلى إنهاء هذه الحرب".

وخلال قمة عُقدت في باريس الأسبوع الماضي، تعهد القادة الأوروبيون بتعزيز جيش كييف، بينما حاولت فرنسا وبريطانيا توسيع نطاق دعمهما لما يعرف باسم "قوة طمأنة" أجنبية مُخطط لها في حال التوصل إلى هدنة مع روسيا.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو عبر منصة إكس اليوم الأحد "وافقت أوكرانيا على وقف إطلاق النار الذي اقترحته الولايات المتحدة. لكن روسيا تواصل جرائم الحرب مثلما حدث في خاركيف. من الذي لا يزال يصدق أن فلاديمير بوتين يريد السلام؟".

وكان الرئيس فلاديمير بوتين رفض مقترحا أميركيا-أوكرانيا لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما واقترح الجمعة إقالة زيلينسكي كجزء من عملية السلام، ما أثار غضب كييف.

ورفضت روسيا اتفاقا شاملا ووافقت على هدنة تقضي بوقف الضربات على مواقع الطاقة، إلا أن موسكو وكييف تبادلتا الاتهامات باستهداف منشآت للطاقة في كلا الجانبين.

ميدانيا، أشار الرئيس الروسي إلى أنّ قواته تحافظ على "المبادرة الاستراتيجية" على خط المواجهة في أوكرانيا.

وأعلن الجيش الروسي السبت سيطرته على قريتين في شرق أوكرانيا وجنوبها، هما شتشبراكي في منطقة زابوريجيا (جنوب) وبانتيلييمونيفكا في منطقة دونيتسك (شرق).

مقالات مشابهة

  • هدنة محتملة في غزة.. مقترحات إسرائيلية ومطالبات حماس بوقف إطلاق النار
  • تنسيقية شباب الأحزاب: الشعب المصري يدعم القيادة السياسية في موقفها الرافض لتصفية القضية الفلسطينية
  • مقابل هذ الشرط.. إسرائيل تقترح هدنة في غزة
  • إسرائيل تقترح هدنة طويلة في غزة بهذه الشروط
  • إسرائيل تقترح هدنة لـ50 يوما مقابل إطلاق نصف الأسرى
  • ماكرون يدعو حماس لإلقاء السلاح واستعادة الهدوء في غزة
  • روسيا تواصل هجمات المسيرات وتتقدم في قرى شرق أوكرانيا وجنوبها
  • استمرار حرب الإبادة في غزة تنغص فرحة عيد الفطر.. جهود مكثفة للهدنة
  • جهود دولية وسط استمرار التصعيد.. هل ستشهد غزة هدنة قبل عيد الفطر؟
  • القوى التي حررت الخرطوم- داخل معادلة الهندسة السياسية أم خارج المشهد القادم؟