اكتشف العلماء، في الآونة الأخيرة، شكلا جديدا وغريبا ممّا وصفوها بـ”كائنات حية مجنونة” داخل جسم الإنسان، تُشبه الفيروسات، وتحمل أسرارا قد تغير الفهم المعروف عن الكائنات الدقيقة.

 

وتعتبر هذه الكائنات الحية التي أطلق عليها العلماء اسم “المسلات” (obelisks)، بمثابة قطع دائرية من المادة الوراثية تحتوي على جين أو جينين وتنظم نفسها بشكل يشبه العصا.

وتظهر “المسلات” في أفواه نصف سكان العالم، بينما يحملها 7 في المئة فقط في أمعائهم، فيما تم اكتشافها عندما كان العلماء يبحثون عن أنماط لا تتطابق مع أي كائنات حية معروفة في المكتبات الجينية.

أيضا، تحتوي “المسلات”على جينومات من حلقات الحمض النووي الريبوزي (RNA) تشبه “الفيرويد” (أو أشباه الفيروسات)، وهي ممرضات نباتية، ما يترك الخبراء في حيرة من أمرهم حول سبب وجودها في بكتيريا مرتبطة بالبشر.

وبحسب العلماء، تستعمر “المسلات” البكتيريا داخل أفواه وأمعاء البشر، وتعيش داخل مضيفها لمدة تصل إلى عام تقريبا، غير أن العلماء لا يعرفون كيف تنتشر.

وفي هذا السياق، قال عالم الأحياء الخلوية والتطور الذي لم يكن مشاركا في البحث، مارك بييفر، لمجلة “ساينس”: “إنه أمر جنوني. كلما نظرنا أكثر، رأينا أشياء أكثر جنونا”.

وأوضح أنه من غير الواضح ما إذا كانت “المسلات” ضارة أو مفيدة؛ لكن الفريق أشار إلى أنها قد “تعيش كركاب تطوريين متسللين”.

وأبرز العلماء أن هذه الكائنات الصغيرة والبدائية قد تكون لعبت دورا حيويا في تشكيل التنوع البيولوجي الذي يوجد على الأرض اليوم، حيث قد تكون قادرة على إصابة كائنات من أنواع حية مختلفة طوال تطورها.

إلى ذلك، لا يزال العلماء غير متأكدين مما إذا كانت هذه الكائنات الحية المكتشفة حديثا قادرة على جعل البشر مرضى، ولكن هناك نوع واحد من الفيروسات النباتية يمكنه ذلك، وهو التهاب الكبد الوبائي د.

أيضا، يشير العلماء إلى أن “المسلات” والفيروسات النباتية والفيروسات، هي كائنات غير حية من الناحية الفنية وتعتمد على المضيف للبقاء على قيد الحياة. فهي لا تأكل، ولا تتجدد، ولا تتكاثر. فيما يعتقد بعض العلماء الآخرين، أن الفيروسات النباتية وأقاربها، وربما “المسلات” أيضا، تمثل أقدم “الكائنات الحية” على كوكب الأرض.

تجدر الإشارة إلى أن الفريق الذي اكتشف “المسلات” من خلال تحليل بيانات من قاعدة بيانات حمض نووي ريبوزي (RNA) تحتوي على آلاف التسلسلات التي تم جمعها من أفواه وأمعاء البشر ومصادر أخرى، قد قادته عالمة الكيمياء الحيوية في جامعة ستانفورد، إيفان زيلوديف.

يشار إلى أن جميع “المسلات” التي تم اكتشافها حتى الآن تشفر بروتينا رئيسيا يسمى “أوبولين” (obulin)، والكثير منها يشفر أيضا شكلا أصغر من هذا البروتين. يعد “الأوبولين” مختلفا تماما عن جميع البروتينات المعروفة الأخرى، وما يزال العلماء غير متأكدين من الغرض منه أو كيفية عمله.

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: إلى أن

إقرأ أيضاً:

حمَّالةُ الحطب باعثة اللَّهب

من أهمِ دروس الفلسفة التي أثَّرت فـينا وجذبتنا إلى مقاعد الدراسة فـي الثانويّة العامّة، درس «الطبيعة والثقافة»، وقوامه أنَّ الإنسان هو الكائن الوحيد المُزاوِج بين مقتضياتٍ طبيعيّة فـيه مثل: الجوع أو الخوف أو الفرح، ومقتضيّات ثقافيّة تؤتَى بالاكتساب والدربة والاختراع، فالجوع طبيعيّ غير أنّ الطعام الذي يتخيَّره الإنسان وينتقيه ويطبخه ويعالجه وينتقي له أوانيه وأدواته هو أمرٌ ثقافـيّ، مكتَسبٌ. الطبيعيّ متأصِّل فـي الإنسان من الاحتياجات التي جُبِل عليها، نفسيّا وبيولوجيّا وماديّا، وهو المعطى الذي يجمعه مع الحيوان، أمَّا الثقافـيّ فهو فعلُ الإنسان، وعمل عقله المدبِّر. النارُ من العناصر التي استلهمها الإنسان من الطبيعة، وحاكاها منها، النارُ فعلٌ نحا إليه الإنسان بجهده واجتهاده وإعمال فكره وخبرته، وضربَ الحجر بالحجر ليُوقِد لهيبًا كان خاملًا، ساكِتًا، وباكتشاف اللّهيب تدفَّأ الإنسان، وتحوَّل من أكْل نيّء الطعام إلى طبخه وإعداده بالشكل الألذّ والأمتع. الحرارة طبيعيّة والنّار ثقافيَّة، لهَّبَها الإنسان ليكتوي بلهيبها، وكما هو شأن أغلب اختراعات الإنسان المثَقَّف فإنّ ما يأتيه لفضْلٍ وخيْرٍ يُحَوَّل بسرعة ويُسْرٍ إلى أداة شرِّ وإضرار وتحطيم وتعطيل وإبادة للبشر. تذكَّرتُ النَّار وكيف انبهر بها الإنسان الأوَّل حدَّ تقديسها وعبادتها وإحاطتها بحكايات واعتقادات ما زال بعضُها يعيش معنا ويُرافق حياتنا اليوميّة. النارُ هي الأداةُ التي اختار اللّه أن يُعذِّب بها من مرق من البشر، وهي رُكنٌ مكينٌ من الأركان الأربعة المكوِّنة لطبيعة الإنسان، صُنع بها لهوه وعذابه. فهل كان بروميثيوس -الذي أحبّ البشر وسرق لهم من الآلهة مزايا وهبات- على صوابٍ إذ استلَّ من الآلهة (فـي المعتقد الإغريقي) النّار ووهبها للبشر، وكان ذلك مدعاةً لمعاقبته عن فعله؟ إذ قدّر عليه «زيوس» إله الرعد والبرق والأمطار أن يُقيَّد بالأصفاد وأن تبقى النسور تأكل من كبده إلى ما لا نهاية بسبب وهْبه النّار للإنسان. النار هي هبة الآلهة، ولا يجوز للبشر أن يمتلكوها؛ لأنَّها هالكةٌ مهلكةٌ، فانيةٌ، مفنية. النار مبحثٌ طويلٌ فـي منزلتها الأسطوريّة والعقديّة وتاريخها مع البشر، وقد اهتمّ بها الفـيلسوف الفرنسي غاستون باشلار مخصِّصًا لها كتابًا رائعًا بعنوان «التحليل النفسي للنَّار»، وعاد إليها وإلى أثرها فـي النفس فـي كتابه «التحليل النفسي للأحلام».

كما خصّص الحائز على جائزة نوبل للآداب إلياس كانيتي فصلًا من كتابه «الجموع والقوّة» للنّار باحثًا فـي رموزها ودلالاتها. لقد عُدت إلى النّار بفضْل ما غلب هذه الأيّام على مواقع التواصل الاجتماعي من خطاباتٍ مُلئت كراهيَّة ونكاية وشماتةً فـي النّار التي التهمت لوس أنجلوس، وعلاَ خطابٌ -عربيّ خاصّة- يتحدَّث عن النار ويصلها بعقاب اللّه للأمريكان، وهو أمرٌ معقولٌ ومفهوم فـي ظلّ قهر وتدمير وحرْق شعبٍ يُطالب بحريّة أرضه، فـي ظلّ تحويل الطالب بحريّته وكرامته واستقلاله من هيمنة متسلِّط، متجبِّرٍ، مُسْتعمِرٍ، فـي ظلّ كيانٍ إسرائيليّ يحرق الشجر الفلسطينيّ والحيوان الفلسطينيّ والإنسان الفلسطينيّ، إلى إرهابيّ، ظالمٍ، وجب استئصالُه، ونفْي وجوده. الإنسان العربيّ رأى فـي حرْق أمريكا عقابًا إلهيًّا، وردًّا على عبارة الرجل المقبل على الرئاسة «ترامب»، بأنّه سيحرق الشرق الأوسط إن لم يُطلَق الأسرى ذوو الدم الإلهي، فكان أن احترقت أمريكا.

صراع الخطابات، وقصْف العقول بعباراتٍ تُظْهر الشماتة، خطابٌ خطيرٌ يعلو، ينفـي كلّ إنسانيَّة وجب أن تسود. النار التي وهبها بروميثيوس للبشر ليُعْمِلها فـي الخير أُعْمِلت لحرق البشر، لصناعة جحيم أرضيّ تأكل فـيه النّار المقدَّسة البشر وتحوِّلهم إلى رماد. نارُ البشر استعملها دُعاةُ التخويف من جهنّم السّماء، فنظروا إلى حريق أمريكا فـي هُزْءٍ وسخريّة، وقالوا: هذه النارُ لا تُساوي شيئًا من نار جهنّم التي سيُصلى فـيها العاصون والكافرون، إنّها البرْدُ والسّلام أمام حريق الجحيم، مستعملين حديث الرَّسول عليه الصَّلاة والسَّلام: «نارُكمْ هذه جزءٌ من سبعينَ جُزءًا من نارِ جهنَّمَ، لِكلِّ جُزءٌ مِنْها حَرُّها». النار التي اشتعلت فـي أمريكا وأُشعلت فـي مواقع التواصل شفاءً للقلوب الغاضبة، تحتاجُ ماءً من عقْلٍ عربيّ فقد صوابه وخطْوَه، عقْلٌ يُفكِّرُ بهدوءٍ فـي كيفـيّة التفاعل مع سيادة ثقافة الاتِّكال والفصل بين التضامن مع أزمات الشعوب ومآسيها والغضب من الحكومات ومواقفها فـي القضيّة الفلسطينيّة، كان يُمكن أن يكون الحريق أو الطوفان أو الزلزال فـي أيَّ دولة عربيَّة، وكُنَّا سنرى تضامنًا من كلّ العالم، فوجب أن يكون العقل العربيّ أكثر نقاءً ووعيًا بطبيعة الخطاب العدائيّ الذي يُسيطر على أذهان أبنائنا ويغلب على أجيالٍ. عودًا إلى النّار التي عاقَب بها اللّه البشر فـي يوم القيامة، ومنّ بها بروميثيوس على جنس البشر، فهي داءٌ ودواءٌ، وهي جحيمٌ ودفْء، وهي فـي مهبّ الرياح أشدّ خطرًا، ولذلك، فإنّ الوعي العربيّ يخشى النّار ويرتعب منها، وأسّس عليها دعاءً واقيًا من الوقوع فـيها قائلا: «اللهم لا تُمتنا غرقى أو حرْقى»، وكان العربُ قديمًا يُعْمِلون النَّار لِعللٍ وأسباب، ولهم فـي كلِّ شأن نارٌ تُسَمَّى، فهنالك «نارُ الحرب»، وهي النّار التي تُشْعَلُ فـي أعالي الجبال لجمْع النّاس لحربٍ يريدونها، وهنالك «نار الحلف»، التي تُوقَد شاهِدا على اتّفاقٍ بين القبائل، أو عهدٍ أجمعوا عليه، ويقول فـيها الجاحظ أنّها نارٌ «تُوقد عند التحالف، فلا يعقدون حلفهم إلاّ عندها، فـيذكرون عند ذلك منافعها، ويدعون إلى الله عزّ وجلّ بالحرمان والمنع من منافعها، على الذي ينقض عهد الحلف، ويخيس بالعهد، ويقولون فـي الخلف: الدّمُ الدّمُ! الهدم الهدم! لا يزيده طلوع الشمس إلاّ شدًّا وطول الليالي إلاّ مدًّا، ما بلّ بحرٌ صوفة، وما أقام رضوى فـي مكانه (إن كان جبلهم رضوى)، وكلّ قوم يذكرون جبلهم، والمشهور من جبالهم، وربّما دنوا منها حتى تكاد تحرقهم»، وهنالك «نار الحرّتين»، وهي نار خالد بن سنان، الذي قاومها وحاربها، وهي نارٌ أسطوريّة، كامنة فـي المخيال العربيّ، ذكرتها الأشعار والأخبار، وهنالك «نار الاستمطار» أو «نار الاستسقاء»، وهي -حسب قول الجاحظ- «النَّار التي كانوا يستمطرون بها فـي الجاهلية الأولى؛ فإنّهم كانوا إذا تتابعت عليهم الأزمات، وركد عليهم البلاء، واشتدّ الجدب، واحتاجوا إلى الاستمطار، اجتمعوا وجمعوا ما قدروا عليه من البقر، ثمّ عقدوا فـي أذنابها وبين عراقيبها السلع والعُشَر، ثم صعدوا بها فـي جبل وعر، وأشعلوا فـيها النيران، وضجّوا بالدّعاء والتضرّع، فكانوا يرون ذلك من أسباب السّقيا. نيرانٌ عديدةٌ فـي ثقافات الشعوب، منها ما هو معبودٌ، ومنها ما هو مرهوب، ومنها ما هو سبيلٌ لنقْل الميّت إلى عالم الغفران والوئام (مثل نار البوذيين فـي حرقهم للموتى)، ومنها ما هو أداةٌ وسبيلٌ، أمَّا نارُ أمريكا فهي فعلٌ ثقافـيّ أسطوريّ، أمَّا الثقافـيّ، فإنّ اختراعها وإعمالها واستعمالها من فعل البشر، ولم تفعل الطبيعة سوى أن أذكتْها ولم يفعل البشر سوى أنّه لم يصنع موازاة لصناعته البنيان الذي تأكله النيران أدوات لمنع النار من أكل البشر، وأمَّا الأسطوريّ، وهو أمتن صلة بالواقعي، فإنّ عطف بروميثيوس على البشر بمنحهم النّار لم يكن فـي محلِّه، وإنَّ غضبَ زيوس من منح البشر النّار يحمل رؤية إله، عارف، فغضبه ومعاقبته لبروميثيوس راجع إلى اعتقاده أنّ البشر لا يعرف كيف يلعب لعبة النّار، وأنّه سيستعملها الأشرار لحرق الأخيار.

مقالات مشابهة

  • المنتدي السادس للبحوث الزراعية يوصي بإنشاء معامل متطورة لإنتاج شتلات خالية من الفيروسات
  • إطلاق كائنات فطرية
  • كائنات فضائيّة بلا آباء شرعيين !
  • أرقام مجنونة بعقد رونالدو الجديد مع النصر السعودي
  • أزمة بيئية غير مسبوقة.. 25% من كائنات المياه العذبة مهددة بالانقراض
  • أزمة بيئية غير مسبوقة.. 25% من كائنات المياه العذبة مهددة بالانقراض (فيديو)
  • 3 حالات طرد ومثالها ركلات جزاء.. تعادل الشرطة ونفط ميسان بمباراة مجنونة
  • حمَّالةُ الحطب باعثة اللَّهب
  • دراسة تربط إصابات الرأس بالزهايمر.. الارتجاج يوقظ الفيروسات النائمة