لا شك بان الاتفاق على وقف اطلاق النار في غزة هو بداية نهاية الحقبة ‘النتنياهوية’، والبدء بالمرحلة الترامبية.

 

فالمتابع لتطورات العدوان على غزة يدرك بانه لم يطرأ متغير قاهر وصعب، من شأنه ان يدفع نتنياهو ومن ورائه عنصريو الحكومة ومتطرفوها، ومنهم ايتمار بن غفير وبتسائيل سموتريتش، للقبول ببنود الاتفاق ذاتها التي كان نتنياهو رفضها في ايار مايو الماضي.


ايضا، فان الحرب لم تحقق اهدافها المعلنة، في سحق حماس والمقاومة، واخراج الاسرى الاسرائيليين بالقوة من دون تفاوض، ولم يهجر الفلسطينيون، بل تسمّروا في ارضهم رغم الصعاب والابادة والجرائم.
اذن ماذا تغير حتى يقبل نتنياهو بشكل مفاجئ باتفاق رفضه سابقا؟ وهذا ما سيحاسب الاسرائيليون نتنياهو عليه
هناك عدة احتمالات قريبة من الواقع :
1- ترهل الجيش الاسرائيلي وقتل وجرح واصابة عشرات الالاف من جنوده وضباطه ورفض الكثير منهم التوجه لجبهات القتال والفرار من التجنيد والهروب من ارض المعركة وتنامي الغضب الداخلي من طول امد الحرب والخسائر المكلفة المترتبة عليها على كل الصعد.
وقد حذر وزير الحرب الإسرائيلي يسرئيل كاتس من الانجرار الى ‘حرب استنزاف’ مع المقاومة الفلسطينية ، قائلا ‘إن المحتجزين بالأنفاق في خطر’.
2- ضغوط المعارضة الاسرائيلية الداخلية وتعاظم التظاهرات المطالبة باقالة نتنياهو وابرام صفقة تبادل.
ففي العاشر من الشهر الجاري كشف استطلاع رأي بصحيفة معاريف أن 88% من الإسرائيليين يؤيدون التوصل لصفقة تبادل
و52% يدعمون التوصل لصفقة شاملة
و36% يدعمون صفقة جزئية
و6% فقط يعارضون الصفقة.
ويضيف الاستطلاع أن ائتلاف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لو جرت انتخابات، سيحصل على 49 مقعدا والمعارضة على 61 دون الحاجة للأحزاب العربية.

3- الخسائر الاقتصادية الضخمة التي ترتبت على الحرب وهروب رؤوس الاموال والاستثمارات الى الخارج والهجرة الاسرائيلية المعاكسة وقرار الكثيرين من المهاجرين عدم العودة الى ‘اسرائيل’
4- وقد يكون الاهم هو تهديد الرئيس الامريكي المنتخب دونالد ترامب بفتح ابواب الجحيم في الشرق الاوسط ان لم يتم اطلاق الاسرى قبل توليه منصبه في العشرين من الجاري.
مصادر امريكية قالت ان التهديد المباشر هذا ، كان موجها الى نتنياهو اكثر منه الى حماس.بدليل ان حماس لم تتنازل عن شروطها السابقة رغم التهديد، اما نتنياهو فقبل بتقديم التنازل.
تكشف القناة الـ12 الإسرائيلية أن إدارة ترامب وجهت رسائل واضحة لنتنياهو مفادها ضرورة تجنب أي تصعيد غير ضروري أو تصريحات يمكن أن تؤدي إلى صراعات في المنطقة، خاصة خلال الفترة الانتقالية لبدء ولايته وتضيف القناة أن ترامب بدأ بالتدخل شخصيا في قضية إطلاق سراح الأسرى وأبدى اهتماما كبيرا بالتوصل إلى اتفاق لإتمام هذه القضية قبل بدء ولايته رسميا.
وأفادت القناة بأن نتنياهو ونتیجة للقائه مع المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف، قرر إرسال رئيسي الموساد والشاباك الى الدوحة للانخراط في مفاوضات مباشرة حول التبادل.
لهذا قال ترامب في مقابلة مع شبكة نيوزماكس الإخبارية، قبل ساعات من الاتفاق، أن التوصل لاتفاق وتبادل الأسرى أصبح قريبا للغاية.
من هنا فان نتنياهو بات بين خيارين صعبين جدا، ان لم يقبل بالاتفاق، سيثير غضب ترامب، وان قبل به سيغضب حلفاءه في الحكومة وهو اهون الشرين. وبهذا ستتصدع الحكومة وائتلافها خصوصا اذا ما استقال بعض اعضائها كما هددوا.
فقد وصف وزير المالية المتطرف يتسائيل سموتريتس الصفقة بانها ‘سيئة وخطيرة بالنسبة لأمن ما اسماه ‘دولة إسرائيل’ ‘ وانه سيصوت ضدها وانه لن يبقى في الحكومة الا في حال حصل على ‘تأكيدات أن الحرب ستستمر وبقوة كبيرة’
وهدد وزير الامن الاسرائيلي المتطرف ايتمار بن غفير، بالاستقالة من الحكومة، إذا تمت الموافقة على الاتفاق واصفا اياه بأنه “استسلام خطير’ للمقاومة، مؤكدًا قراره بمنع تمرير الاتفاق في الحكومة بأي وسيلة ممكنة.
لذا سارع مكتب نتنياهو الى القول ان بن غفير وسموتريتش لم يكونا يوماً مهددين في لحظة الحقيقة.

اقرأ ايضا.. البنود الكاملة لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة

حكومة نتنياهو قائمة على المتطرفين من اليمين واقصى اليمين، وبالتالي فان تمرير الاتفاق من عدمه سيخلق مشكلة له.
يمكن القول ان مشروع نتنياهو الذي تنتظره المحاكمات، بدأ بالتصدع وسائر نحو الانهيار..ولا يُعتقد ان الوقت سيكون طويلا لانهياره ومن ثم نقل السلطة الى فريق اسرائيلي يتماهى مع مشروع ترامب القائم على حل الدولتين (ان صدق ولكن اي دولتين؟)، واستكمال عمليات التطبيع في المنطقة حتى يتفرغ لمعالجة الازمات الداخلية الامريكية كما ابلغ نتنياهو عبر مبعوثه. وبهذا يحقق ترامب طموحه في تخليد اسمه في التاريخ، بعد ان خلده في عالم المال والسلطة. فاي الشرّين سينتهج نتنياهو؟

د حكم امهز .. باحث في الشؤون الاقليمية والدولية

المصدر: يمانيون

إقرأ أيضاً:

مع استئناف العدوان على غزة.. «بن غفير» المتطرف يستعيد منصبه بأوامر من نتنياهو

إيتمار بن غفير وزيرًا للأمن القومي الإسرائيلي.. وافقت الحكومة الإسرائيلية أمس الثلاثاء على إعادة تعيين السياسي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يترأس حزب القوة اليهودية، وزيراً للأمن القومي، متجاهلة بذلك اعتراضات النائب العام غالي بهاراف ميارا التي أشارت إلى وجود عوائق قانونية تحول دون ذلك حالياً.

إيتمار بن غفير

ومن المتوقع أن يوافق الكنيست اليوم الأربعاء على هذه الخطوة، إلى جانب عودة عضوي الحزب إسحاق فاسرلاوف وأميخاي إلياهو إلى منصبيهما الوزاريين أيضاً، وفقا لما نشرته صحيفة تايمز أوف إسرائيل.

كما أكدت الصحيفة أن المحكمة العليا رفضت بوقت سابق التماساً لإصدار أمر قضائي مستعجل بوقف تعيين بن غفير وزيراً للأمن القومي، في قضية ينظرها القضاء الشهر المقبل.

وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير احتجاجا على اتفاق وقف النار

ويذكر أن بن غفير كان أعلن استقالته من حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو احتجاجاً على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

فيما جاءت عودته للحكومة بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي استئناف عملياته العسكرية في غزة فجر الثلاثاء، بعد وقف لإطلاق النار استمر منذ 19 يناير الماضي

بنيامين نتنياهو مقتل أكثر من 400 فلسطيني

وأسفر التصعيد الإسرائيلي عن مقتل أكثر من 400 فلسطيني أتى بعد تعثر المفاوضات التي انطلقت قبل أسابيع في الدوحة، وفشلها في التوصل إلى تمديد للهدنة.

تمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار

وفي هذا الاتجاه طالبت إسرائيل بتمديد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ سريانه في 19 يناير الماضي، أكدت حماس تمسكها بما اتفق عليه سابقاً والانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق.

اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

ومن ناحية آخري تصاعدت الضغوط في الداخل الإسرائيلي على حكومة نتنياهو من قبل بعض الأصوات المتطرفة، التي طالبت بالعودة إلى الحرب بدل الانتقال إلى المرحلة الثانية.

اقرأ أيضاًتعرض لحادث وحاصروه في القدس.. من هو إيتمار بن غفير وزير الأمن الإسرائيلي؟

الليكود يعلن رسميا عودة حزب بن غفير إلى الحكومة الإسرائيلية

من سموتريش وبن غفير إلى نتنياهو.. لماذا تلجأ الحكومة الإسرائيلية لسياسة «توزيع الأدوار»؟!

مقالات مشابهة

  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو لم يكن جادًا في اتفاق غزة.. وعودة الحرب كانت متوقعة
  • أستاذ علوم سياسية: نتنياهو لم يكن جادًا باتفاق غزة وعودة الحرب متوقعة
  • مع استئناف العدوان على غزة.. «بن غفير» المتطرف يستعيد منصبه بأوامر من نتنياهو
  • هآرتس: نتنياهو يكذب وإسرائيل هي التي خرقت اتفاق وقف إطلاق النار
  • المستشار السابق لحمدوك: الحكومة الموازية منصة جديدة لاستمرار الحرب
  • محللون: الدعم الأميركي شجع نتنياهو ولا يمكن إنهاء حماس لا بالحرب ولا بالصفقات
  • ترامب: أوكرانيا والأطراف المعنية تسعى إلى التوصل إلى اتفاق يوقف إراقة الدماء
  • حماس: نتنياهو انقلب على اتفاق وقف إطلاق النار.. مصير مجهول للأسرى
  • ترامب يبحث مع بوتين اليوم اتفاق إنهاء الحرب في أوكرانيا
  • «حماس»: الاحتلال يواصل انتهاكاته الخطيرة لاتفاق وقف إطلاق النار واستهدافه للمواطنين العزل