على الرغم من الموقف "الاستيعابي" لهواجسه من قبل رئيس الحكومة المكلف نواف سلام، لم يتراجع ثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" عن سياسة "رفع السقف" التي اعتمدها منذ تاريخ الاستشارات النيابية الملزمة التي أفضت إلى تكليفه، اعتراضًا على ما اعتبره "انقلابًا" على تفاهمات مسبقة جرت على هامش انتخابات الرئاسة، فقرّر مقاطعة الاستشارات النيابية غير الملزمة التي يجريها الرئيس المكلّف في مجلس النواب.


 
تتفاوت القراءات لخطوة "الثنائي" المستجدة، فهناك من يضعها في خانة "تسجيل الموقف" ليس إلا، على أن تُستتبَع بـ"انفتاح" محتمل بعد انتهاء الاستشارات، ولو بصورة نسبية، وربما "محصورة" برئيس مجلس النواب نبيه بري، في حين يرى فيها آخرون أبعادًا أعمق، باعتبار أنّ "الثنائي" يمهّد بذلك لينأى بنفسه عن مسألة التأليف ككلّ، ما قد يصعّب مهمّة الرئيس المكلف، وربما يعطّل مساعيه لتشكيل حكومة متجانسة، وقبل ذلك ميثاقية.
 
ولعلّ هذا التفاوت في القراءات ينعكس أيضًا على مقاربة خصوم "الثنائي"، أو بالحدّ الأدنى داعمي الرئيس المكلّف، للأمر، فبينهم من يعتبر أنّ "الثنائي" لا بدّ أن يتجاوز ما حصل، وينخرط في مساعي التأليف، علمًا أنّ هناك ضغوطًا داخلية وخارجية تُمارَس على هذا المستوى، وبينهم في المقابل من يرى أنّ المطلوب من "الثنائي" أن يستكمل "مقاطعته" للاستشارات غير الملزمة، بمقاطعة الحكومة، والانتقال إلى صفوف المعارضة...
 
المعارضة منقسمة
 
انطلاقًا ممّا تقدّم، يمكن الاستنتاج بأنّ ما يصطلح على تسميتها بالمعارضة، ولو أنّها لم تعد كذلك، وبصورة أعمّ، المعسكر الداعم للرئيس المكلف، والذي صوّت له في استشارات بعبدا، يشهد انقسامًا حقيقيًا إزاء خطوة "الثنائي"، وكيفية التعامل معه في المرحلة المقبلة، وهو "انقسام" يبدو طبيعيًا ومنطقيًا، ليس فقط بالنظر إلى تنوّع الخلفيّات والأيديولوجيات داخل هذا المعسكر، ولكن أيضًا لاختلاف الأهداف والطموحات بين فريق وآخر.
 
فإذا كان رئيس الحكومة المكلّف عبّر عن وجهة نظر "معتدلة"، إن جاز التعبير، حين قال من بعبدا في اليوم التالي للاستشارات بأنّه ليس من أهل الإقصاء ولا الإلغاء، في ردّ ضمني على رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد، من دون تسميته، فإنّ هذا الموقف تشاركه فيه شريحة واسعة من داعميه، ممّن يعتبرون أنّ "الثنائي" لا يمكن إلا أن يكون جزءًا من الحكومة، بما يمثّل من حيثية شعبية لا غنى عنها، على مستوى بيئته الحاضنة.
 
لعلّ هذا الموقف يختصر رؤية الكثير من الأطراف داخل هذا الفريق، بما في ذلك "الحزب التقدمي الاشتراكي" و"التيار الوطني الحر"، ولكن أيضًا قوى أخرى مثل "الكتائب" التي كان لافتًا طرحها الداعي إلى تغليب الشراكة في هذه المرحلة، من دون أن يحجب ذلك وجود وجهة نظر مناقضة، يمثّلها نواب حزبيّون ومستقلّون، لا يتردّدون في الدعوة إلى توزير شيعة من خارج عباءة "الثنائي"، بل من خصومه، وهو ما يُخشى من تبعاته على أكثر من مستوى.
 
"جدل" الميثاقية
 
عمومًا، يدفع هذا "التفاوت" في الآراء بين "رفاق الصف الواحد"، إن جاز التعبير، في إشارة إلى المصوّتين للرئيس المكلف، إلى فتح "جدل" قديم جديد في الحياة السياسية، وهو "جدل" الميثاقية، علمًا أنّ "الثنائي" كان أول من استحضره، من خلال كلمة رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" من بعبدا، حين اعتبر أنّ "من حقّ" فريقه السياسي، أن يطالب باحترام الحكومة لمبدأ الميثاقية، ولصيغة العيش المشترك، التي ينصّ عليها الدستور.
 
لكنّ العارفين يستبعدون أن يكون أحد في وارد ضرب هذه الصيغة، وتجاوز هذا المبدأ، علمًا أنّ ثمّة أكثر من "سيناريو" مطروح في هذا السياق، يقوم الأول على إقناع "الثنائي" بالانخراط جدّيًا في مساعي التأليف، وسط حديث عن ضغوط داخلية وخارجية تُمارَس من أجل ثنيه عن أيّ مقاطعة لن تكون لا مصلحته ولا في مصلحة البلد، في وقتٍ هو أحوج ما يكون إلى حكومة "صديقة"، تواكب الانسحاب الإسرائيلي، وعمليات إعادة الإعمار.
 
أما "السيناريو" الثاني، الذي يتمّ التداول به، فيكمن في الذهاب إلى "توزير" شخصيات غير معادية للثنائي، ولا تشكّل استفزازًا له، في حال أصرّ على المقاطعة، علمًا أنّ مثل هذا السيناريو قد يحصل بالتنسيق مع رئيس مجلس النواب، بصورة أو بأخرى، خصوصًا إذا ما تمّ الاتفاق على أن تكون الحكومة من غير الحزبيّين، أو التكنوقراط، وهو خيارٌ واردٌ ومحتمل، بحسب ما يقول المطّلعون على كواليس الاتصالات السياسية.
 
في النتيجة، قد يكون صحيحًا أنّ ثمّة بعض الأصوات بين معارضي "الثنائي"، التي تدعو صراحةً أو ضمنًا إلى تجاوزه في تأليف الحكومة، في إطار تسجيل "انتصار" عليه، إلا أنّ الصوت "الغالب" بين معظم الأفرقاء يبقى بضرورة "تجاوز" ما جرى، وليس أيّ شيء آخر، لأنّ المرحلة الحاليّة، أقلّه بانتظار الانتخابات النيابية المقبلة، تتطلب تكريس منطق التفاهم والتوافق، لترتيب الوضع الداخلي في المقام الأول! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

حين يكون الصمت حديث الروح

في خضم زحام الحياة وضجيجها، قد نشعر أحيانًا بحاجتنا الملحّة إلى لحظة صمت، ليس ذلك الصمت العابر، بل ذاك الذي يخاطب الروح، ويترجم لغة الفكر، ويمنحنا مساحة للتأمل تُعيد ترتيب الفوضى التي تسكن دواخلنا، وعندما تمتلك زمام نفسك حقًا، وتتصالح مع أعماقك، تدرك حينها قيمتك الحقيقية، وتعي المكان الذي يليق بك، والمحيط الذي يستحق وجودك، عندها يصبح عالمك الخاص هو ملاذك الأصدق، ويمنحك شعورًا عميقًا بالانتماء والسكينة.

-التخطي التحدي الأصعب:

المضي قدمًا وكأن شيئًا لم يكن يعد من أصعب القرارات التي قد يواجهها الإنسان. كيف يمكن إخفاء التعب خلف ابتسامة باهتة؟ وكيف يمكن الاستمرار رغم كل الانكسارات التي تحيط بنا؟ نحن لا نمتلك رفاهية إيقاف الزمن ولا خيار محو الألم بضغطة زر، لكننا نملك إرادة الاستمرار، حتى عندما يبدو المشوار ثقيلًا والعبء غير محتمل. إننا نكمل الطريق رغم كل شيء، لأن قوتنا تكمن في قدرتنا على المضي قدمًا رغم كل التحديات.

أحيانًا، يصل الإنسان إلى نقطة متطرفة من الإنهاك، حيث يتمنى أن يختفي، ليس فقط عن الآخرين، بل حتى عن نفسه. يتساءل في صمت بينه وبين ذاته: متى ينتهي هذا الصراع؟ متى تأتي لحظة الشفاء؟ قد يبدو المستقبل غامضًا، مليئًا بالشكوك والقلق، لكن الحقيقة الثابتة التي لا تتغير هي أن وراء كل صراع ميلاد جديد، وأن وراء كل تعب راحة قادمة لا محالة. فالتحديات ليست سوى مرحلة مؤقتة تُمهّد الطريق لفرجٍ يليه، رغم ظلام اللحظة.

-لا تدع العتمة تطفئك:

وسط كل هذا يبقى الأمل هو الشعلة التي يجب التمسك بها، فالحياة لا تتوقف عند لحظة ألم ولا تنتهي عند تجربة قاسية، لكل سقوط نهوض ولكل ظلام فجر جديد، تذكر دائماً أن قيمتك لا تقاس بما مررت به من انكسارات بل بقدرتك على النهوض من جديد.

«لا تيأس؛ لأنك أثمن من أن تطفئك عتمة».

مقالات مشابهة

  • عاجل| مراسل الجزيرة: الحكم على رئيس الحكومة التونسية الأسبق علي العريض بالسجن 34 عاما في ما يعرف بقضية التسفير
  • جمعية خبراء الضرائب: مبادرة لتقديم الاستشارات مجانا لـ 1000 شركة ناشئة
  • حين يكون الصمت حديث الروح
  • منصور بن زايد يبحث مع وزير المالية السوري تعزيز التعاون الثنائي
  • عاجل.. زلزال بقوة 4.9 ريختر يضرب مقاطعة فلبينية
  • زلزال بقوة 4.9 ريختر يضرب مقاطعة فلبينية
  • فعاليات للهيئة النسائية في حجة بذكرى الصرخة
  • دفاع رئيس الحكومة التونسية السابق يحذر من حملة تحريض قٌبيل البت بملف التسفير
  • رئيس الحكومة يرد على الإنتقالي من عدن: ''معاناة الناس ليست مجالاً للتوظيف السياسي ولا وقت لتبادل الإتهامات''
  • عائلتي الثنائي آيبانيز وديميرال يهتفون بالأهزوجة الشهيرة .. فيديو