الأملاك العربية في القدس.. هذا مصيرها بعد الاحتلال
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
القدس المحتلة- قبل الاحتلال الإسرائيلي لشرقي القدس عام 1967 امتلكت بعض الدول العربية أو استأجرت مباني في المدينة، ورغم أن كثيرا منها أُشغل كقنصليات أو منازل لمبيت الدبلوماسيين، فإن بعض الأثرياء العرب رغبوا في تملك عقارات أو أراض في المدينة المقدسة، وعلى رأسهم أحد أبرز المقاولين ورجال الأعمال السعوديين محمد بن لادن، والد أسامة بن لادن.
وبمجرد سقوط الشطر الشرقي من المدينة بيد الاحتلال تم وضع اليد على بعض الأملاك العربية من قبل "حارس أملاك الغائبين" الإسرائيلي، في حين غادرت بعض الوفود العربية وعادت المباني التي كانت تستأجرها إلى أصحابها الأصليين من عائلات القدس.
وتتبع دائرة "حارس أملاك الغائبين" لوزارة المالية، وهي التي تدير أملاك الفلسطينيين الذين يقيمون خارج حدود مدينة القدس أو الأملاك التي تعود لدول تصنف بأنها "اعتدت" على الدولة العبرية عام 1948، ومنها لبنان وسوريا والأردن والعراق والسعودية واليمن ومصر.
ووفقا للباحث في تاريخ القدس روبين أبو شمسية، فإنه من ناحية الإشراف كانت الأردن الدولة العربية الوحيدة التي تدير وتشرف على عدد كبير من المباني الوقفية منذ عام 1948 عندما تولت الحكم في شرقي القدس، وكانت تتبع هذه الأملاك آنذاك لوزارة الوقف الإسلامي التي تأسست على يد صلاح الدين الأيوبي.
وأضاف أن الحكومة الأردنية تمكنت من حماية الأوقاف العامة في البلدة القديمة بالقدس حتى يومنا هذا، بما فيها المدارس المحيطة بالمسجد الأقصى من الشمال والغرب كالمدرسة المنجكية والطشتمرية، باستثناء المدرسة التنكزية الواقعة بمحاذاة باب السلسلة (أحد أبواب المسجد الأقصى) والتي تعود إلى العهد المملوكي ويستخدمها الاحتلال منذ عام 1969 كمركز لحرس الحدود كونها تطل على المسجد الأقصى وحائط البراق.
"وبشكل عام كل الأوقاف الذريّة التي حولها أصحابها إلى أوقاف عامة تمت حمايتها، كما تمت حماية كثير من العقارات التي يسكنها الناس ولم يتم تسريبها (بيعها سرّا) لصالح الجمعيات الاستيطانية بطرق ملتوية" أضاف أبو شمسية في حديثه للجزيرة نت.
إعلانوبالإضافة لإشراف الأردن على الأملاك الوقفية في شرقي القدس، فإنها امتلكت بعض المباني خارج أسوار البلدة القديمة التاريخية، وكان أحد المباني يستخدم كمستشفى والآخر يضم دوائر محافظة القدس، إلا أن حارس أملاك الغائبين الإسرائيلي وضع اليد عليها، وحولها إلى مبان تشغلها الشرطة الإسرائيلية التابعة للواء القدس.
ومن الملكيات الأردنية المهمة أيضا -وفقا للباحث المقدسي أبو شمسية- الأرض التي بني عليها قصر الملك حسين على الحدود بين بلدتي بيت حنينا وشعفاط في المنطقة المعروفة بـ"تل الفول" شمال شرق المدينة.
"وأهدت إحدى عائلات بلدة شعفاط الأرض للمملكة الهاشمية وبدأ تشييد القصر عليها، ثم توقف البناء عام 1966، ثم آلت المنطقة إلى حارس أملاك الغائبين".
وفي خلاصة القول أشار أبو شمسية إلى أن إسرائيل وضعت، أو حاولت وضع اليد على كل ما كانت تملكه الأردن قبل وقوع النكسة عام 1967 باعتبار أنها أصبحت هي صاحبة السيادة في القدس بعد ذلك العام.
أما السعودية، فكانت تستأجر أكبر بناية في شارع راغب النشاشيبي بحي الشيخ جراح بالقدس، إذ تبلغ مساحة البناء مع البستان المحيط به 600 متر مربع، وبعد إخلائه عاد البناء لأصحابه وتسكنه الآن إحدى العائلات المقدسية.
و"كان يوجد في حي الشيخ جراح إبّان الحكم الأردني 12 تجمعا دبلوماسيا تتمثل بالقنصليات العربية منها السعودية والمغرب والأردن والعراق ولبنان وتونس، وكانت جميعها مستأجرة من عائلات الحسيني والنشاشيبي وجار الله وبركات.. وبعدما أخليت القنصليات عادت هذه العقارات لأصحابها وتسكنها حاليا عائلات مقدسية" وفق أبو شمسية.
وأضاف أن من أبرز الأملاك العربية منزلين سعوديين، يعود أحدهما لمحمد والد أسامة بن لادن، ويقع في مدخل بلدة شعفاط شمال القدس، ووضعت إسرائيل اليد عليه وحولته لمجمع للشرطة الإسرائيلية، أما المنزل الذي يجاوره، والذي كانت تمتلكه عائلة سعودية أخرى، فتم وضع اليد عليه أيضا، وتشغله حاليا إحدى المؤسسات الأجنبية.
إعلانمن جهته، قال الخبير في الخرائط والاستيطان خليل التفكجي، للجزيرة نت، إن منزل مفتي القدس الراحل الحاج أمين الحسيني تم وضع اليد عليه في حي الشيخ جراح من قبل حارس أملاك الغائبين، كما أن كثيرا من المنازل في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى وضعت اليد عليها باعتبارها أملاك غائبين، بالإضافة لأملاك تعود للحكومة الأردنية كالبريد والمحكمة ومبنى المحافظة وأرض البنك المركزي الأردني.
ورغم الأخطار التي تحدق بعقارات القدس مع تضافر جهود 11 مؤسسة إسرائيلية تعمل في إطار تهويد المدينة، فإن دولتي الإمارات والمغرب اشترتا في السنوات الأخيرة عقارين في البلدة القديمة بالقدس.
وامتلكت الإمارات عقارا في طريق الواد على بعد خطوات من باب المجلس المؤدي للمسجد الأقصى المبارك، في حين اشترت المغرب مبنى ضخما عند الزاوية النقشبندية بتكلفة نحو 6 ملايين دولار، وعملت على ترميمه على أن يفتتح تحت اسم "بيت المغرب" الذي سيضم أقساما ثقافية واجتماعية متعددة.
ولا تذكر أملاك الدول العربية في القدس مقارنة مع الأجنبية التي تملك أكثر من 200 معلم معماري أثري في المدينة، وتدير هذه الأملاك الحكومات الرسمية أو الإرساليات التبشيرية، ومنها مراكز ثقافية ومدارس، بالإضافة لأبنية المشافي وبيوت الضيافة.
وتعتبر بريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا والنمسا وأميركا واليونان وروسيا وإسبانيا من أبرز الدول الأجنبية التي تمتلك مباني تاريخية في القدس.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات أبو شمسیة وضع الید فی القدس بن لادن
إقرأ أيضاً:
فيجي تختار القدس مقرا لسفارتها لدى الاحتلال الإسرائيلي وفلسطين تدين
صادقت حكومة فيجي، الثلاثاء، على جعل مدينة القدس المحتلة مقرا لسفارتها لدى الاحتلال الإسرائيلي في خطوة رحبت بها تل أبيب، وأدانتها الخارجية الفلسطينية بشدة باعتبارها "انتهاكا للقانون الدولي".
وقالت وزارة الخارجية في فيجي عبر بيان على منصة "إكس"، إن الحكومة ببلادها "صادقت على أن تكون سفارة البلاد بإسرائيل في القدس".
وأضافت أنه "سيتم إجراء التقييمات اللازمة للمخاطر من قبل وزارة الخارجية ووزارة الدفاع، بالتشاور مع الجهات المعنية، قبل وأثناء عملية إنشاء السفارة"، دون ذكر أي تفاصيل أخرى.
وقبل قرارها هذا، كانت فيجي تحتفظ بتمثيل دبلوماسي في "إسرائيل" عبر قنصلية عامة تقع في تل أبيب.
ويعتبر قرارها افتتاح سفارة بالقدس بمثابة رفع لمستوى تمثيلها الدبلوماسي لدى الاحتلال الإسرائيلي من قنصلية عامة إلى سفارة.
من جانبه، رحب وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر بخطوة فيجي، ووصفها في منشور عبر منصة "إكس"، بـ"القرار التاريخي".
في المقابل، قالت الخارجية الفلسطينية عبر بيان، إنها "تدين بشدة" قرار رئيس وزراء حكومة فيجي سيتيفيني رابوكا.
وقالت إن هذه الخطوة تعد "انتهاكا للقانون الدولي والقرارات الأممية الواضحة بشأن المدينة المقدسة ومكانتها القانونية والسياسية، وحقوق الشعب الفلسطيني العادلة والمشروعة".
كما اعتبرت الخارجية الفلسطينية قرار فيجي "عدوانا على الشعب الفلسطيني وحقوقه، وخطوة تجسد وقوف فيجي إلى الجانب الخاطئ من التاريخ".
وحذرت من أن هذا القرار "يلحق ضررا كبيرا بفرصة تحقيق السلام على أساس مبدأ حل الدولتين (دولة فلسطينية وأخرى إسرائيلية)، وتطبيعا مرفوضا مع الاحتلال وجرائمه".
كما اعتبرت القرار "تحديا صارخا لقرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة، في وقت تُصعد فيه دولة الاحتلال عدوانها على شعبنا في كل أنحاء فلسطين، في محاولة لتهجيره من وطنه".
وقالت الخارجية الفلسطينية إنها "ستواصل العمل من أجل التصدي لمواقف الدول التي افتتحت سفارات لها بالقدس أو نقلت إليها سفاراتها، عبر اتخاذ الإجراءات السياسية والدبلوماسية والقانونية الكفيلة بملاحقتها على عدوانها غير المبرر ضد شعبنا وحقوقه".
وطالبت حكومة فيجي بـ"التراجع الفوري عن هذا القرار".
ووفق الخارجية الفلسطينية ستكون فيجي الدولة السابعة التي تختار القدس مقرا لسفارتها لدى الاحتلال.
وعام 2018، نقلت الولايات المتحدة سفارتها إلى القدس المحتلة، وتبعها عدد من الدول، وهي غواتيمالا، وكوسوفو، وهندوراس، وباراجواي، وبابوا غينيا الجديدة.
وترفض معظم الدول نقل سفاراتها إلى القدس، معتبرةً ذلك تأييدًا ضمنيًا لإعلان الاحتلال الإسرائيلي القدس عاصمة لها، مما يقوّض الجهود الدولية لحل الدولتين ويؤدي إلى تهميش حقوق الفلسطينيين في القدس الشرقية كعاصمة لدولتهم المستقبلية.