سوريا الجديدة بين القرضاوي والمنصور
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
فرح الناس بسقوط بشار الأسد، وانتصار الثورة السورية، في وقت لم يكن يتوقع أحد هذا النصر، أو السقوط لبشار نفسه، في وقت كان العالم كله يتقرب من بشار، ويسعى لإعادة العلاقات معه، بمن فيهم من ناصبوه العداء، وساندوا الثورة السورية عليه، حتى بعد أن أصبحت مسلحة، وسر استبشار الناس وفرحتهم بهذا السقوط وبداية وفود المهنئين والفرحين لسوريا، كان لونا من التضامن، والاستبشار بأن يحدث مع ثورتهم ما حدث مع الثورة السورية.
وفي ظل فرحة الناس، كان من بين هؤلاء الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي، وحدث معه ما تابعه الكثيرون من توقيفه في لبنان، ثم تسليمه للإمارات، في تصرف قرصنة بامتياز، وقد كان من المفترض أن زيارته تطول في سوريا، لكن الفيديو الذي قام ببثه من المسجد الأموي، تسبب في ضجة، ولا تزال الروايات مختلفة، هل خرج القرضاوي من نفسه استشعارا للحرج، أم أن هناك من أهل سوريا من إدارتها من أخرجه، أو طلب منه الخروج.
الإجابة مهمة هنا، لأنها ستلقي بلون من المسؤولية، أو القيام بدور أخلاقي تجاه من كان قام بهذا الدور، وقد كان المأمول من الإدارة السورية أن تقوم بدور مع لبنان، ولكنهم لم يقوموا بأي دور يذكر، وقد كان يمكنهم أن يطلبوا من لبنان أن يرده إلى بلد مغادرته، وبغض النظر عن الموقف القانوني في هذا الطلب، وتعلل البعض بأنه غير قانوني، فهذا يمكن أن يقال لو كان طلب الإمارات ذاته قانونيا، لكن الإدارة الجديدة فضلت الصمت، وفضلت عدم الدخول مراعاة للمصلحة. رغم ما للقرضاوي الأب من دور تجاه الثورة السورية.
وكان من المخاوف التي برر بها السوريون عدم التحرك في الملف، أن لديهم أشخاصا لدى لبنان ينتمون لنظام بشار، وربما لو طلبوا منهم ترك عبد الرحمن فسيطلب منهم مقابله أن يتم العفو عن أشخاص من هؤلاء، ومع ذلك رأينا بعد تسليم عبد الرحمن من ميقاتي، مقابلة في اليوم التالي مع أحمد الشرع، وأول أمس صدر قرار بالعفو عن مسجونين سوريين يتبعون ماهر الأسد في لبنان، وهو ما يعني أن الحسابات التي برروا بها لم تكن مصيبة سياسيا، فضلا عن أنها ليست صوابا أخلاقيا.
ثم حدث أن خرج أحمد المنصور، وبث فيديو يصف فيه السيسي بالغباء، وتحركت الأجهزة المصرية، وساعدها في ذلك جهات أخرى خليجية، ليتم القبض على المنصور، رغم أنه تم منحه الجنسية السورية، ودرجة عسكرية، وظل المنصور يطارد لساعات ينتقل من مكان لمكان، حتى تم إلقاء القبض عليه، إرضاء للجانب المصري والخليجي.
لست هنا أنكأ الجراح، بل القصد أن نستفيد من هذه المواقف، ولا نعيش في أحلام طهر السياسة والسياسيين، بدعوى أنها تصدر عن متدينين، وألا ينجر الناس وراء إنكار فعل، يقومون أنفسهم بالفعل ذاته، فإما رفض الفعلين، أو إعذار من يقوم به تحت ضغط الواقع المحلي والإقليمي والدولي.وبدأ نقاش آخر يدور حول هل يمكن تسليمه لمصر؟ من الناس من يجزم بأنه مستحيل أن يفعل ذلك الشرع، لأنه بذلك يفقد أرضيته بين من دخلوا سوريا للنضال معهم ضد بشار، وهو كلام يتحرك في إطار الثقة بالفاعل السياسي، وهو أمر لا يوثق به كثيرا، فإن الأداء السياسي في هذه القضايا لا يزال حتى الآن ليس معبرا عن السياسة الأخلاقية، بقدر ما هو معبر عن المصلحة السياسية الحالية فقط، فمن يسجن من الوارد أن يسلم تحت ضغوط معينة في ظل إعلاء المصلحة السياسية على المصلحة الأخلاقية.
وليس الكلام هنا تجنيا على الإدارة السورية الحالية، ولا تكهنا بالغيب، بل هو قراءة منصفة وحيادية للواقع السياسي، فلا يزال الناس تؤمل في السياسي بدعوى وحجة التاريخ الديني للشخص، وهو كلام لا يوثق به كثيرا في عالمنا العربي، فلو تأملنا الموقف السوري نفسه، سواء من الثوار السوريين، أو من الإدارة السورية، مع تمنياتنا لهم بالتوفيق والنجاح، فسنجد ما يستدعي الوقوف والتأمل الطويل.
لو عدنا للوراء قليلا، وقت أن قامت حماس بالعودة للعلاقات مع بشار، بسبب ضغط الظروف المحيطة بها، كم السباب والشتائم الذي وجه لها، ولإسماعيل هنية تحديدا وصالح العروري رحمهما الله، وجل كلام الإخوة السوريين ولهم كامل الحق في ذلك وقتها، أن الدم الفلسطيني ليس أغلى من الدم السوري، لكن الآن تقوم الإدارة السورية باللقاء بمن أيدوا ودعموا قتل الفلسطينيين في غزة، كوزيرة خارجية ألمانيا، وفرنسا، وغيرهم، بل تم اللقاء بميقاتي الذي سلم قبل اللقاء القرضاوي للإمارات، وذهب وفد السوريين للإمارات والتي دعمت الانقلاب المصري، ودعمت الكيان بجسر بري، ولا تزال في علاقاتها، ولا يزال الدم الغزاوي لم يجف بعد.
لست هنا أنكأ الجراح، بل القصد أن نستفيد من هذه المواقف، ولا نعيش في أحلام طهر السياسة والسياسيين، بدعوى أنها تصدر عن متدينين، وألا ينجر الناس وراء إنكار فعل، يقومون أنفسهم بالفعل ذاته، فإما رفض الفعلين، أو إعذار من يقوم به تحت ضغط الواقع المحلي والإقليمي والدولي.
وكذلك على من يؤخرون تحركات سياسية تفيدهم ألا يقعوا تحت ضغط المتناقضين في الفعل السياسي، أو التحالفات، فإن البعض ينظر في الفعل السياسي عند مستوى مصلحته الضيقة، وهو ما لا يقبل بحال، والمشكلة الأكبر في رمن تتناقض مواقفهم في الفعل الواحد، فهو مبرر لفصيله وبلده، ومجرم ومحرم عندما يفعله الآخرون!!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه سوريا المصرية المواقف سوريا مصر مواقف نشطاء مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة اقتصاد رياضة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإدارة السوریة الثورة السوریة
إقرأ أيضاً:
وزيرا الزراعة والتربية والتعليم في الإدارة السورية الجديدة يلتقيان فريق مركز الملك سلمان للإغاثة
التقى معالي وزير الزراعة في الإدارة السورية الجديدة محمد الأحمد، فريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في مدينة دمشق.
وجرى خلال اللقاء مناقشة آلية المساهمة بدعم القطاع الزراعي خلال الوضع الراهن الذي يمر به الشعب السوري.
كما التقى معالي وزير التربية والتعليم في الإدارة السورية الجديدة نذير محمد القادري، فريق مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية في مدينة دمشق.
اقرأ أيضاًالمملكةلتطوير البيئة الاستثمارية بالمملكة.. “الصناعة” تُخصص مجمعًا للأنشطة التعدينية بـ”خميس مشيط”
وجرى خلال اللقاء بحث الموضوعات ذات الاهتمام المشترك المتصلة بالشؤون الإنسانية والإغاثية.
وأشاد الوزيران بالجهود الإنسانية الكبيرة التي تبذلها المملكة ممثلة بذراعها الإنساني مركز الملك سلمان للإغاثة في مختلف دول العالم، معبرين عن شكرهما الجزيل لحكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين – حفظهما الله- وللمركز على الدعم المتواصل لإخوانهم في سوريا.