سودانايل:
2025-01-16@09:42:08 GMT

ادوارد سعيد في بيت الخليفة

تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT

عبد الله علي إبراهيم

رحل عنا فبل ايام البروفسير ادوارد سعيد (1935)، الأمريكي الفلسطيني واستاذ اللغة الانجليزية بجامعة كولمبيا بنيويورك. وسعيد شيخ مدرسة أكاديمية اشتهرت باسم "دراسات ما بعد الاستعمار". وهي مدرسة لا تصوب نقدها لتركة ومغزى الاستعمار فحسب، بل هي خصم ألد لصفوة الوطنيين التي أخرجت المستعمرين أيضاً.

والقارئ المتأمل لعبدالله الطيب في (من حقيبة الذكريات) سيجد أنه قريب جداً من هذه المدرسة على طريقته الخاصة بالطبع. فقد قال إننا قاومنا المستعمر، ولكننا تعادينا منه. فنحن هو الخالق الناطق. أخرجناه هتافاً غير أنه سكن الطبقة التي تحت الهتاف وكمن. فمن رأي سعيد أننا لم نقف بعد على جلية الاستعمار على طول ابتلائنا به و"تحررنا" منه. وتريد مدرسة سعيد أن تفهم الاستعمار كثقافة تنسرب إلى الوجدان وتبقي. وكان جيل الوطنيين قد فهمه كحكومة أجنبية متى رحلت إلى بلدها لملمت عددها وساقت معاها ولدها (اغنية للفنان العطبراوي). وقال أحدهم إن الاستعمار هو ثقافة في نهاية التحليل. وهي ثقافة مسنودة بالشوكة وانبنت على مفاهيم للعرق والتقدم والحداثة والمرأة والإسلام وغيره.
خصص سعيد كتابه "الثقافة والإمبريالية" (1993) ليتلافى نقصاً معيباً في معرفتنا بالاستعمار. فهو يري أن ضوضاء الجيل الوطني لم تنفذ لمعرفة كيف تقتحم الامبريالية ثقافة الذين تستعمرهم، وكيف تطبعهم بقيمها في حين يظنون أنهم قد صرعوا الاستعمار ونجوا من شره. فقد نقرأ رواية "مانسفيلد بارك" للكاتبة الانجليزية جين اوستن كواحدة من عيون الأدب العالمي الذي لا شاغل له بالسياسة. ومن رأي سعيد أن هذه غفلة. وكشف بصفاء كيف أن الثقافة والسياسية تناصرتا في المشروع الاستعماري. فلم يقتصر المشروع على السيطرة عن طريق العسكر والسلاح، بل عن طريق "استعمار" خيالنا والقبض على زمام الصور والأشكال في حياتنا. وبفضل هذه القبضة المزدوجة خلص المستعمرون لا إلى حقهم في استعمارنا وترقيتنا فحسب، بل إلى أن ذلك واجبهم وقدرهم أيضاً.
لم يكن مثل هذا النقد غائباً في بواكير نشأة الحركة اليسارية في بلدنا. وهي الحركة التي زاحمت جيل الوطنيين إلى عقل وخيال المواطنين. ولتوضيح فكرة سعيد اضرب مثلاً من أدب اليسار الباكر في نقد الاستعمار كنظام ثقافي. وأردنا بضرب هذا المثل التقريب لا المماثلة. فقد زار أحمد علي بقادي متحف بيت الخليفة وكتب عنه في جريدة الميدان (3 يونيو 1957). وقال إنه انقبض لأن المتحف هو رواية الانجليز لفتحهم للسودان. فالصور كلها عن هجوم كتشنر واندحار الخليفة. وتتحدث البطاقات عن "فلول الدراويش" و"هجوم فرقة الكامرون هايلاندرز في موقعة عطبرة". أما القطع الأثرية فهي غنائم أخذها جيش كتشنر من الدراويش. وقصاصات الصور المعلقة تنقل أيضاً خبر نصر الانجليز على الخليفة أو الاستعدادات التي جرت لاستقبال كتشنر فاتح الخرطوم. وانتهي بقادي إلى القول أن "هذا المتحف مكانه لندن. هذا متحف لهزائمنا".
لا اعرف إن كان ما يزال هذا التلقين الاستعماري قائماً في بيت "التبشيع" بالخليفة. ولكنه معرض انطبع به ناشئة السودان طويلاً على هوان شأنهم. وقد أطلعني أحدهم على مشروع فني يسترد بالكومبيتر وجه الخليفة قائماً من رقدته العسيرة المفروضة المشهورة. كما قرأت لأحدهم رسالة قديمة انتقد فيها اللوحات التي "خلد" بها المستعمرون مواجهاتهم مع المهدية مثل صورة طعنة غردون وهو يحتل أعلى الصورة ويبدو الأنصار في السفح كقطيع من الجرذان الدموية.
لقد جعل سعيد من هذه الخاطرات الباسلة علماً رصيناً يسترد به المستضعفون كبرياءهم وخيالهم المستباح.

ibrahima@missouri.edu  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

محمد أبو حمراء: سعيد بدعم موانئ دبي العالمية للكريكيت

تواصل النسخة الثالثة من بطولة موانئ دبي العالمية للكريكيت (ILT20) المقامة في كل من أبو ظبي ودبي والشارقة، منافساتها بشراسة بهدف حصد النقاط والاقتراب من منصة التتويج والفوز بكأس النسخة الثالثة.




فعلى إستاد زايد الدولي في العاصمة أبو ظبي نجح اليوم الثلاثاء، فريق أم آي الإمارات في تحقيق فوز مقنع على فريق دبي كابيتلز حامل اللقب بفارق 26 نقطة بعد مباراة حضرها الآلاف بالمدرجات، والملايين عبر قنوات البث المتخصصة في نقل أشهر وأهم بطولات الكريكيت على مستوى العالم.


وضمن منافسات المرحلة الأولى من البطولة، يستضيف إستاد دبي الدولي في تمام السادسة الخميس لقاء فريقي أفاعي الصحراء مع أم آي الإمارات وهو لقاء يتوقع له أن يشهد قمة الإثارة والندية لما يضمه الفريقين من لاعبين ونجوم على أعلى مستوى من الكفاءة والخبرة والنجومية.
يذكر أن البطولة التي ينظمها مجلس الإمارات للكريكيت، ويشرف عليها المجلس الدولي ICC تضم  6 فرق محترفة هي: دبي كابيتلز(حامل اللقب)، إم آي الإمارات، أبوظبي نايت رايدرز ، أفاعي الصحراء، عمالقة الخليج، والشارقة واريورز.
 من جانب آخر أكد محمد أبو حمراء المدير التنفيذي للعمليات والتكنولوجيا الرقمية بموانئ دبي العالمية بدول مجلس التعاون الخليجي، سعادته الكبيرة بدعم رياضة الكريكيت بصفة عامة ورعاية البطولة التي تحتضنها ملاعب الإمارات بصفة خاصة،
وقال: "نتطلع إلى المساهمة في ترسيخ مكانة دبي كمركز رياضي عالمي، كما نهدف إلى إيصال حماس هذه البطولة إلى أكثر من 2.5 مليار مشجع حول العالم".

وأشار: "تُعد خدماتنا اللوجستية الذكية جزءًا أساسيًا من سلسلة التوريد في عالم الرياضة، ونؤمن بقدرة الكريكيت على إحداث تغيير إيجابي.
وذكر أن بطولة موانئ دبي للكريكيت (ILT20) تمهد الطريق أمام أجيال جديدة من اللاعبين حول العالم، ونفخر بالمساهمة في بناء هذا الإرث الذي يتخطى حدود الملعب ليصل إلى عشاق اللعبة الذين يتابعون المنافسات بشغف على مستوى آسيا والعالم، معتبراً الحدث يساهم في نقل الصورة المشرفة لدولة الإمارات بما تتضمنه من رقي وتحضر وحسن التنظيم.
وشكر أبو حمراء القائمين على تنظيم الفعالية وفي مقدمتهم الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير التسامح والتعايش، رئيس مجلس الإمارات للكريكيت، الذي أتاح الفرصة لموانئ دبي لرعاية الحدث.

مقالات مشابهة

  • وردة سعيد البحيري: فتاة البحر والجبل
  • سعيد المولد: ديربي جدة بين الأهلي و الاتحاد هو الديربي الأفضل .. فيديو
  • أيقونة ثورة وزعيم عربي استثنائي.. 107 سنوات على ميلاد جمال عبد الناصر
  • عبد المنعم سعيد: ترامب تدخل في التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار في غزة
  • قانون القوة وعدالة الإجرام
  • سعيد سلامة يقدم 7 دروس في الإيماء بمهرجان المسرح العربي
  • أحمد بن سعيد: علاقاتنا مع الصين عميقة واستراتيجية
  • هند سعيد صالح: والدي مكنش بيصلي وعمره ما مسك مصحف وسجنه كان نعمة
  • محمد أبو حمراء: سعيد بدعم موانئ دبي العالمية للكريكيت