سودانايل:
2025-01-16@08:57:01 GMT

هل يجرؤ الجيش على التبرؤ من كتائب البراء؟

تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT

بثينة تروس
طالما أكدنا أن انحيازنا لشعار "لا للحرب" ليس من باب الحياد، وإنما هو أمر متسق مع ما نؤمن به من قيم أخلاقية، بأن السلام هو السبيل الوحيد للمواطنة المتساوية وتحقيق التنمية والاستقرار الدائم في البلاد. ولذلك، لم نتأخر في تقدير أفراح الناس باسترداد جزء عزيز من الوطن من عبث المليشيات. وهذا لا يتعارض مع إدانة طرفي الصراع بوصفهم مجرمي حرب.

ولا نرى أن الرأي العام، الذي يسترزق من الأحداث رزقً اليوم باليوم، يمكن أن يخيفنا بإجبارنا على مساندة طرف دون الآخر بحجة أنه أقل ضررًا وأخف إجرامًا، أو أن للجيش عصمة لتمثيله مؤسسة الدولة! ونحن نشهد احتضان الجيش للمليشيات الجهادية الإرهابية التابعة للحركة الإسلامية العابرة للحدود. وطوال هذه الحرب، شهدنا عقب انتصارات الجيش على مليشيات الدعم السريع، كيف دعمت كتائب البراء بن مالك انتصاراتها لصالح كتائبها الجهادية، مما جعل الجيش في آخر أولوياتها. وقد سبق للجنرال البرهان ونائبه ياسر العطا أن اختارا الكتيبة وقائدها المصباح طلحة، الذي أصبح من المقربين للجيش، ومنحاه صلاحيات واسعة بعد أن زودوه بالأسلحة والذخيرة، وأتاحوا له التحدث باسم القوات المسلحة.
حين تمردت قوات الدعم السريع على الحركة الإسلامية وتخلت عن حمايتها طمعًا في قسمة السلطة مع الجيش، راهنت الحركة على قيادات الجيش لتكون في خدمة مليشيات الجهاديين. وبعد تحرير مدينة مدني وانتعاش أمل السودانيين في أن جيشهم قد حررهم، تعالت خطابات الكراهية والعنصرية المقيتة التي أدت إلى الإعدامات الميدانية والذبح واختطاف النساء وحرق الأطفال. وظهرت نفس اللغة السابقة التي استخدمها أحمد هارون، الأمين العام الحالي للمؤتمر الوطني، حين قال: "امسح، اكسح، ما تجيبوا حي، ما عندنا ليه مكان، ما عايزين عبءًا إداريًا"، فهم أبناء أم واحدة في الإجرام، فقد أحيَتها اليوم كتائب الجهاد بعد مذبحة سكان الكنابي. كما طالب الفلول بتصفية المتعاونين مع الدعم السريع وعدم الاحتفاظ بالأسرى، في دعوة لضرب النسيج الاجتماعي والتعايش السلمي الذي جعل من الجزيرة نموذجًا مجتمعيًا فريدًا متماسكًا ومتعاونًا، دون التحقق من صحة الاتهامات. حتى إن تلك الانتهاكات طالت الأبرياء من أبناء جنوب السودان، بالصورة التي تنذر بتفجير أزمة دبلوماسية بين البلدين، والتعامل بالمبدأ الانتقامي الذي يعيد إلى الأذهان سيرة تقتيل الشماليين للجنوبيين.
ومن جهالات مليشيات الحركة الإسلامية أنها لا تدرك أن الكنابي هو شريان يربط بين إنسان الهوامش البعيدة وبقية أهل السودان المصغر في الجزيرة. فهم العمال الزراعيون للمشروع، ويعيشون في أفقر البيئات ويعانون من ظلم الحكومات المتعاقبة. ومن سخرية الأقدار الموجعة، فقد ظهر في أحد الفيديوهات أحد قيادات التحالف المشترك في حالة من التأثر، قيل إنه مستشار مناوي لشؤون الشباب والطلاب، حيث تم ذبح 8 أفراد من أسرته في جريمة الكنابي. ضحايا الحرب ولعنة الفتنة القبلية، وكان يعتذر لأسرته بأنهم قد تأخروا عن نجدتهم!
إذن، كيف يحمل الجيش المواطنين في الجزيرة وزر التعاون مع الدعم السريع، وهم الذين تقاعسوا وتأخروا عن تحريرها؟ مع العلم أن عدم تعاونهم يسوقهم إلى نفس المصير، بتهم العمالة مع الجيش، ومصيرهم المحتوم القتل والسحل والتعذيب. وهل تناسى الجيش أن وجود المتعاونين هو نتيجة تقصيره في حماية مدني، وانسحابه منها وترك سكانها عرضة للقتل، والانتهاكات، والاغتصاب، والنزوح؟ بل أغرب من ذلك، عفى الجيش عن القائد أبو عاقلة كيكل الذي كان يدير جرائم الانتهاكات الإنسانية في الجزيرة، ثم يعجز عن العفو عن المواطنين والأهالي المغلوبين على أمرهم.
وعندما استشري القتل خارج القانون في الجزيرة، وتعالت أصوات الإدانة والاستنكار للفظائع التي ارتكبت، اضطر البرهان إلى تشكيل لجنة بقيادة مساعد النائب العام للتحقيق وتقصي الحقائق حول ما حدث في (كمبو طيبة)، على ان تقوم بجمع الأدلة والتحقيق مع الشهود، كأن البلاد لها نظام عدلي وقضائي مستقل عن تنظيم الحركة الإسلامية! متناسياً انه أعاد محاكمها وقضاتها بعد انقلابه في 25 أكتوبر على ثورة ديسمبر المطالبة بالعدالة والحرية والسلام! هل ينجح الجنرال البرهان في محاسبة تلك المليشيات الجهادية التي أسسها وتولى رعاية عنفها، بل ويخشى غضبها؟ هل يجرؤ على معاقبتها؟ هل سوف يفيق قادة الجيش من ربقة العبودية للحركة الإسلامية ومخططاتها قبل فوات الأوان؟
إن ما حدث لأهالي الكنابي وما حدث في السابق من مذابح ود النورة وضحايا الهلالية وتمبول هو الاختبار الحقيقي لصدق الرأي العام والمدنيين المطالبين بالمواطنة العادلة لشعوب السودان كاَفة، والحلم بوطن يحترم المواثيق والعهود، ويحترم الإنسان وحقه في الحياة الكريمة دون تمييز، إذ قضايا حقوق الإنسان لا تتجزأ.

 

tina.terwis@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع فی الجزیرة

إقرأ أيضاً:

السودان: حاكم دارفور يدين مجزرة الكنابي ويطالب بالعدالة

أدان حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، المجزرة التي وقعت في منطقة الكنابي، مؤكدًا أن الضحايا كانوا من المواطنين العزل. ودعا إلى تقديم الجناة للعدالة ورفض أي مبررات للانتقام..

التغيير: الخرطوم

أبدى حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، قلقه العميق إثر وقوع مجزرة في منطقة الكنابي، مؤكدًا أن الضحايا كانوا من المواطنين العزل. ووفقًا لمناوي، تم التأكد من أن الدوافع وراء الهجوم كانت انتقامية.

ودعا مني عبر منشور على منصة أكس، الاثنين جميع قادة القوات إلى ضرورة ضبط الجناة وتقديمهم للعدالة، مشددًا على رفض أي مبرر للانتقام.

وقال مناوي: “أبدينا قلقنا العميق عند سماع خبر وقوع مجزرة لأهل الكنابي، وتأكدنا من أن الضحايا كانوا من المواطنين العزل. مهما كانت المبررات، فإننا لن نقبل بحدوث أي مجزرة جديدة في البلاد.

وأضاف:”أوجه ندائي إلى قادة القوات بضرورة ضبط الجناة وتقديمهم للعدالة دون السماح لأي حالة من الانفلات تحت ذريعة الانتقام”.

وفي 25 مارس 2024، أعلن مني أركو مناوي عن توجه قوات من حركة تحرير السودان إلى العاصمة الخرطوم للمشاركة مع الجيش في القتال ضد قوات الدعم السريع.

كما قاتلت قوات حركة تحرير السودان في معارك ولاية الجزيرة إلى جانب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع.

والأحد، قالت مركزية مؤتمر الكنابي  إن منطقة كمبو خمسة (كمبو طيبة) شرق أم القرى بولاية الجزيرة، شهدت  مجزرة مروعة أسفرت عن مقتل ستة أشخاص، بينهم شخصيات دينية ومدنية، إضافة إلى حرق طفلين داخل المنازل.

كما كشفت عن اختطاف 13 امرأة ونهب المحاصيل الزراعية والممتلكات. وأدى الهجوم إلى تشريد السكان وتحويلهم إلى نازحين.

ووصفت مركزية مؤتمر الكنابي هذه الانتهاكات بأنها جرائم ضد الإنسانية، داعية إلى تدخل الجيش السوداني ومحاسبة المليشيات المسلحة المسؤولية. كما طالبت الحكومة السودانية بتوفير الأمن وتحقيق العدالة في المنطقة.

والسبت أعلن الجيش السوداني، أن قواته تمكنت من السيطرة على مدينة ود مدني واستعادتها من قوات الدعم السريع.

ويشهد السودان منذ أكثر من 20 شهراً حرباً مستمرة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، مما أسفر عن تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية.

وخلفت الحرب أعداداً كبيرة من الضحايا، سواء من المدنيين أو العسكريين، وأدت إلى نزوح جماعي للسكان في مختلف المناطق، بالإضافة إلى تدمير البنية التحتية وتهديد استقرار الدولة.

الوسومانتهاكات الجيش السوداني حاكم إقليم دارفور حرب الجيش والدعم السريع ولاية الجزيرة

مقالات مشابهة

  • البرهان يصدر قراراً بتشكيل لجنة للتحقيق في الأحداث التي وقعت بكمبو طيبة بولاية الجزيرة
  • الجيش السوداني يندد بـالتجاوزات الفردية بعد استهداف مدنيين عرقيا بولاية الجزيرة
  • الجيش السوداني يرفض اتهامات بقتل مدنيين في ولاية الجزيرة ويؤكد ضرورة محاسبة المتورطين
  • انتهاكات كتائب الإسلاميين ضد المدنيين في الجزيرة!
  • السودان: حاكم دارفور يدين مجزرة الكنابي ويطالب بالعدالة
  • القاهرة الإخبارية: انتشار الجيش السوداني في جنوب ولاية الجزيرة
  • بعد السيطرة على ود مدني.. الجيش السودان ينتشر جنوب ولاية الجزيرة |تفاصيل
  • مراسل «القاهرة الإخبارية»: انتشار الجيش السوداني في جنوب ولاية الجزيرة
  • أحد منسوبي كتائب البراء بن مالك يتوعد 6800 شخص في ودمدني بالقتل