بالأمس، استمعت إلى الصحافي المصري إبراهيم عيسى، في برنامجه "مختلف عليه"، وهو يناقش مسألة الدعاء في الخطاب الإسلامي. أشار إلى أن تيمورلنك، الملقب بـ"الأعور"، كان أحد مؤسسي هذا الخطاب العنيف. أثار حديثه فضولي، فانطلقت أبحث في كتبي القديمة عن هذا الجانب التاريخي. وبعد جهد، بحمد الله، وجدت ما يشير إلى دور تيمورلنك في ترسيخ خطاب ديني يخلط بين الدعاء والدموية، وهو خطاب يمتد تأثيره إلى حاضرنا، في سياقات مختلفة، منها تجربة الإسلاميين في السودان وممارسات ميليشياتهم في الحرب الحالية.



الدعاء في الخطاب الإسلامي يعدّ من أبرز أدوات التعبير عن الارتباط بالله، لكنه في بعض الأحيان تحول إلى وسيلة تُستغل سياسيًا أو عسكريًا لتبرير العنف والدموية. من تيمورلنك في العصور الوسطى إلى الإسلاميين وميليشياتهم في السودان المعاصر، نرى كيف يمكن للدين أن يُستخدم كأداة لتبرير القتل والقمع. تيمورلنك، الذي عاش في القرن الرابع عشر الميلادي، استخدم الدين كغطاء لشرعنة جرائمه. كان يصف أعداءه بالكفر ويدعو الله أن يمكنه من تدميرهم. لا تتوقف قصصه عند حدود النصر العسكري فقط، بل تضمنت مجازر دموية مُنظمة. كان يرفع يديه بالدعاء في ساحة المعركة، يدعو بالنصر، ويأمر جنوده بذبح الأسرى والمدنيين، زاعمًا أن هذا "جزء من إرادة الله".

على سبيل المثال، في حملته على أصفهان عام 1387، دعا تيمورلنك بأن يعينه الله على "تطهير الأرض من العصاة"، وقُتل أكثر من 200 ألف شخص. الأمر نفسه تكرر في بغداد ودلهي، حيث تحولت الدعوات إلى رخصة دموية للإبادة. في السودان المعاصر، خصوصًا في فترة هيمنة الإسلاميين، نجد امتدادًا لهذا النهج. استخدمت الجماعات المسلحة الدعاء كوسيلة للتجييش والتبرير. خطب الجمعة والدعوات العلنية في المساجد كانت تزخر بصيغ عنيفة، تدعو لـ"سحق الأعداء" و"تطهير الأرض من الكفار"، متخذة من الدين وسيلة لإضفاء شرعية على حروب أهلية وصراعات دموية.

الميليشيات الإسلامية التي برزت في السودان مثل "الجنجويد" و"كتائب البراء"، كانت تعتمد خطابًا دينيًا صارمًا. دعاياتهم العسكرية كانت تبدأ بتلاوة أدعية العنف، مثل: "اللهم عليك بالظالمين والمفسدين"، وهو ما يُترجم عمليًا إلى إبادة جماعات بعينها، بناءً على خلفيات عرقية أو دينية. الجرائم الموثقة في التاريخ تُظهر أوجه التشابه بين ممارسات تيمورلنك والإسلاميين في السودان. في حملة أصفهان وحدها، ذُبح مئات الآلاف، وفي دارفور ومناطق أخرى بالسودان، ارتكبت الميليشيات جرائم مماثلة بحق المدنيين.

الدعاء العنيف في الخطاب الإسلامي ليس مجرد كلمات، بل هو أداة لتشكيل العقول وإعداد الجنود للحرب. يُظهر التاريخ أن القادة الدينيين والعسكريين استخدموا الدين لتبرير العنف، متجاهلين قيم الإسلام التي تدعو للرحمة وحفظ النفس. هذه الممارسات تشوه جوهر الدين. الدعاء هو وسيلة للتقرب إلى الله، وليس أداة لإبادة الآخرين. الاستخدام السياسي للدين في السودان أدى إلى انهيار الدولة وتفكك المجتمع، وهو ما ينذر بخطر أكبر إذا استمر هذا النهج.

من تيمورلنك إلى ميليشيات الإسلاميين في السودان، يمتد خيط طويل من استغلال الدعاء في الخطاب الإسلامي لتبرير العنف. هذا التشويه للدين يتطلب مواجهة فكرية جادة، تعيد الخطاب الإسلامي إلى مساره الحقيقي، الذي يدعو للسلام والرحمة والعدالة.

zuhair.osman@aol.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی السودان الدعاء فی

إقرأ أيضاً:

دعاء الصباح لتيسير الأمور .. يجلب الراحة والطمأنينة

الدعاء من أعظم العبادات التي أوصى بها الله سبحانه وتعالى، وجعلها وسيلة لراحة النفس وطمأنينة القلب، مع كل صباح جديد، يواجه المسلم تحديات يومه، ويحتاج إلى الاستعانة بربه ليمنحه القوة والهدوء. 

الدعاء، كما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم، هو "مخ العبادة"، فهو ليس مجرد كلمات تُقال بل هو إخلاص القلب واتصال الروح بالخالق.

أفضل أوقات الدعاء في الصباح

الصباح يحمل في طياته بركة اليوم الجديد، وفيه تنزل الرحمات على العباد، لذا، فإن استفتاح اليوم بالدعاء يمنح العبد طاقة إيجابية وشعورًا بالطمأنينة.

 الدعاء في هذا الوقت فرصة للمسلم لطلب التوفيق، والاستعانة بالله لتيسير الأمور ورفع الهموم.

دعاء يزيل الكرب ويفرج الهم.. احرص عليه عند الضيقدعاء شفاء المريض.. كلمات تداوي الجراح وتبعث الأمل

دعاء الصباح لتيسير الأمور 

1. "اللهم بك أصبحنا، وبك أمسينا، وبك نحيا، وبك نموت، وإليك النشور".

دعاء يملأ النفس باليقين بأن الله هو المانح للحياة والطاقة.

2. "اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلًا، وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلًا".

دعاء يلجأ به المسلم إلى الله لتذليل كل صعب في يومه.

3. "اللهم إني أسألك خير هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده".

طلب الخير في كل شيء، والاستعاذة من الشرور التي قد تواجه العبد.


دعاء التخلص الهموم والأحزان

الحياة مليئة بالمشاكل والصعوبات التي قد تثقل قلب الإنسان بالهموم، لكن الله سبحانه وتعالى جعل الدعاء سبيلًا لتخفيف هذه الأعباء، من توجه إلى الله بقلب خاشع، وطلب منه العون والفرج، فإن الله يستجيب له ويزيل همه.

أدعية الحزن والضيق 

1. "اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، والعجز والكسل، والجبن والبخل، وغلبة الدين وقهر الرجال".

دعاء يحمل معاني طلب العون للتغلب على الأحزان والمخاوف.

2. "اللهم اكفني بحلالك عن حرامك، واغنني بفضلك عمن سواك".

دعاء للاستغناء بالله عن كل ما يشغل النفس بالضيق.

3. "حسبنا الله ونعم الوكيل، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين".

من أكثر الأدعية التي تعطي المسلم شعورًا بالقوة والثقة برحمة الله.

دعاء الأيام البيض.. احرص عليه اليوم وغدا عند الإفطاردعاء رد الشيء الضائع أو المسروق.. ردده بيقين وثقة عند الحاجةدعاء الرزق مكتوب ومجرب.. ردده في وقت السحر


أذكار الصباح

إلى جانب الدعاء، تأتي أذكار الصباح كوسيلة لتحصين النفس وجلب البركات، المداومة عليها تمنح العبد شعورًا بالراحة النفسية والسكينة طوال اليوم، وتحفظه من أي أذى.

1. "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم".

2. "أصبحنا وأصبح الملك لله، والحمد لله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير".

ذكر يعزز شعور العبد بأنه تحت رحمة الله وقدرته.

3. "اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت".

الدعاء وسيلة للقرب من الله

الدعاء في الصباح ليس فقط لتيسير الأمور، بل هو وسيلة ليشعر العبد بالقرب من الله. عندما يبدأ المسلم يومه بدعاء صادق، فإنه يدخل يومه بطاقة روحانية تجعله قادرًا على مواجهة التحديات بثقة ورضا.

الله سبحانه وتعالى وعد بالإجابة، كما قال في كتابه العزيز: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان". 

لذا، فإن الدعاء المستمر يجعل المسلم يعيش برضا داخلي مهما كانت الظروف المحيطة.

فلنحرص جميعًا على جعل الدعاء جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية. فهو ليس فقط عبادة عظيمة، بل هو سبيل للراحة النفسية، والتوكل على الله في كل أمورنا، مما يمنحنا القوة لمواجهة تحديات الحياة بثبات وطمأنينة.

مقالات مشابهة

  • هاني شاكر: الدين والسياسة تسببا في أذى كبير لمصر
  • 3 أدعية لا تفارق لسانك فى النصف من رجب.. رددها حتى يطمئن قلبك
  • الدعاء بالشفاء في شهر رجب.. ردد 15 كلمة نبوية وقت السحر
  • لا تنسوا الدعاء فهو عبادة يحبها الله
  • "أبواب الخير والرزق مفتوحه" إليك أفضل أدعية ليلة النصف من رجب
  • دعاء الصباح لتيسير الأمور .. يجلب الراحة والطمأنينة
  • الدعاء للميت على القبر بعد الدفن .. تعرف عليه
  • دعاء الرزق الوفير .. ردّده باستمرار بين الأذان والإقامة
  • قناة: اضطرابات في لبنان ومخاوف من تصاعد العنف الطائفي