الوطن:
2025-04-17@14:11:47 GMT

الأب بطرس دانيال يكتب: دعوة واستجابة

تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT

الأب بطرس دانيال يكتب: دعوة واستجابة

الله يمنحنا الطمأنينة على لسان داود النبي بهذه الكلمات: «مَنْ يدعوني، أستجيبُ له، أنا معهُ في الضيق، أُخلِّصهُ وأمنحهُ مجدا» (مزمور 90: 15).

تمر البشرية بظروفٍ صعبة على جميع الأصعدة، سواء تقلبات واعتراض الطبيعة وكوارثها، أو اختلافات سياسية تدفع البعض للتخلص من الطرف الآخر، أو الأمراض التي تحلّ علينا كل فترة وليس لها علاج وغيرها.

ما يدفع البعض إلى عتاب الله هكذا: «أين معونتك وقدرتك وسلطانك أمام هذه التحديات التي نعيشها كل يوم؟»، هنا نتذكر الحكاية التي تُروى ما حدث مع أحد الأشخاص الذي كان يحلم بأنه عندما كان يعيش في سعادةٍ ورخاء بفضل الغنى والصحة والنجاح.

كان يشاهد أثناء سيره على شاطئ البحر آثار أربع أقدام على الرمال، ففهم أن اثنتين لله الذي كان يسير بجواره واثنتين له، فكان مطمئن البال لوجود الله بالقرب منه، ولكن مع مرور الوقت ضاقت به الدنيا، حتى إنه فقد كل ما يملك، وبدأ المرض يحلّ عليه، ووقع في الفشل والضعف والفقر.

وعندما ذهب مرةً أخرى إلى شاطئ البحر، وجد آثارا لقدمين فقط لا غير، فبدأ يعاتب الله على ما وصل إليه حاله قائلا: «كنتُ أرى قدميك بجواري عندما كنتُ أعيش في سعادةٍ وغنى وصحة ونجاح؛ ولكن عندما بدأت العواصف والأمواج تثور عليّ، تركتني بمفردي في مواجهتها!» فأجابه الله: «اِعلم جيدا، عندما كنتَ في حالةٍ ميسورة وبصحةٍ جيدة، كنتُ أسير بجوارك، ولكن عندما بدأت المشاكل والصعوبات تحلّ عليك، حملتُكَ على ذراعي!».

تُعلّمنا هذه القصة الرمزية درسا مهما، نستطيع به أن ندرك ونفهم بعض التساؤلات التي تمر في عقولنا أو نفكر فيها ونطرحها على الآخرين، نتيجة ما يحدث لنا أو لغيرنا في هذا العالم المتقلب، وهو أن نثق في الله القادر على كل شيء، والذي لن يتركنا أبدا بمفردنا لمواجهة صعوبات الحياة اليومية، كما يجب أن نتكل عليه لأنه يستجيب لنا، ويمحو من طريقنا العقبات التي لا نستطيع التغلب عليها، لضعف إمكانياتنا وقدراتنا.

مما لا شك فيه أنّ الله موجود دائما وأبدا في حياة كل واحدٍ منا، حتى وإن لزم الصمت. وعندنا نموذج رائع لأيوب البار الذي فهم وأدرك معنى صمت الله في نهاية حياته وغروبها، وعرف تماما أنّ كل شيء يحدث معه، له معنى ومخطط من الله لأجل خيره، وبكلمةٍ واحدة تخرج من فم الله يستطيع تغيير كل شيء إلى الأفضل.

كما يجب أن نستغل هذه الظروف التي تسير عكس الاتجاه في حياتنا، لندرك قدراتنا وضعفنا، ولا نستطيع العيش بدون اللجوء لله القادر على كل شيء، الذي يقوينا ويعضدنا لنتخطى الصعوبات والعوائق ومطبات الحياة.

إن الإنسان الذي يؤمن بقرب الله منه، يتحلى بالرجاء الذي يدفعه لقبول كل ما يحدث له، لأن الله يدبر له كل ما هو أفضل.

وهناك دروس كثيرة لما يحدث في حياتنا من مضايقات وفشل وإحباط، وهي أن نشعر بالآخرين وبالظروف التي يمرون بها وهم صامتون، ونكتشف أننا نملك نِعما عديدة يتمناها الملايين من البشر، والإنسان القوي الذي يصمد أمام نار المحن، يتطهر من شوائب كثيرة عالقة بداخله، ويصير كالذهب الخالص الذي يبرق ويلمع بعد وضعه في النار، وكلما كانت المحنة قوية والألم شديدا، ازداد معدن الإنسان قيمة وصلابة.

فحياة كل إنسان منا مليئة بالمفاجآت والتقلبات، وتحمل في داخلها بعض التناقضات: الفرح والحزن، النور والظلمة، الراحة والتعب، الرجاء واليأس، اللحظات السعيدة والأخرى التعيسة، النجاح والفشل. إذا.. الحياة تحمل في جذورها الأفضل والأسوأ.

وعلى كل واحدٍ منا أن يقبل كل هذا، طالبا من الله أن يساعده في توجيه قارب الحياة إلى بر الأمان، مستغلا الرياح العاتية والأمواج الشديدة من أجل خيره ونضجه.

ونردد مع داود النبي: «إني ولو سِرتُ في وادي ظلالِ الموت، لا أخافُ سوءا لأنَّكَ معي» (مزمور 23: 4). لذلك يجب علينا أن نثق في معونة الله الذي لن يتركنا أبدا بمفردنا لمواجهة مشاكل الحياة اليومية، وأن نتكل عليه لأنه يستجيب لنا حتما، فهو يعرف ما هو الأفضل لنا.

والإيمان بالله يملأ القلب بينابيع الأمل والثقة والطمأنينة، ويُبعد عن النفس المخاوف والقلق.

ونختم بالكلمات الموجودة على حائط أحد المخابئ بألمانيا حيث كان بعض الأسرى مختبئين هناك أثناء الحرب العالمية الثانية: «أؤمن بالشمس حتى وإن لم تسطع؛ أؤمن بالحب حتى وإن لم أشعر به؛ أؤمن بالله حتى عندما يصمت».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: النبي داوود الأب بطرس دانيال کل شیء

إقرأ أيضاً:

هل الدعاء يرد القضاء فعلا؟ اعرف هذه الكلمات التي لا ترد

الدعاء ليس مجرد عبادة روحية، بل وسيلة ترد البلاء وتعدل القضاء، والله تعالى قد يُقدِّر البلاء ويُقدِّر معه الدعاء الذي يرفعه.

هل يكفي قول دعاء الاستخارة بدون صلاة ركعتين؟.. الإفتاء: يجوز بشروطدعاء الصباح لك ولمن تحب.. 10 كلمات تخلصكم من الذنوب والهمومهل الدعاء يرد القضاء؟

وقال شيخ الأزهر، في إجابته عن سؤال: هل الدعاء يرد القضاء؟ إن الدعاء والبلاء يتعارجان إلى يوم القيامة"، وأن مَثَلُ الدعاء كمَثَل الترس في الحرب؛ فكما يرد الترسُ السهامَ، يرد الدعاءُ البلاءَ، لافتاً إلى أن العلماء قالوا إن رد البلاء بالدعاء من جملة القضاء نفسه.  

وأكد شيخ الأزهر، أن الإلحاح في الدعاء هو أمر مستحب، والعلاقة بين العبد وربه تبادلية في الدعاء، فكما يدعو الإنسان ربه، فإن الله يدعو عباده إلى الإيمان والطاعة.

هل حديث لا يرد القضاء إلا الدعاء صحيح

وعن صحة حديث لا يرد القضاء إلا الدعاء، حيث قال النبي «لا يَرُدُّ القَضَاءَ إلا الدعاء» والمقصود بحديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «لا يَرُدُّ القَضَاءَ إلا الدُّعاء» هو القضاء المُعَلَّق وليس المُبرَم المَحتوم فالأخير لا يتغير أما الأول فيتغير بالدعاء.

فالقَضَاءُ الْمُبْرَمُ أي المحتوم فلا يَرُدُّهُ شَىْءٌ، لا دَعْوَةُ دَاعٍ وَلا صَدَقَةُ مُتَصَدِّقٍ ولا صِلَةُ رَحِمٍ، وَالْمُعَلَّقُ مَعْنَاهُ أَنَّهُ مُعَلَّقٌ في صُحُفِ الْمَلائِكَةِ الَّتي نَقَلُوهَا مِنَ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظ. مَثلًا يَكُونُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُم فُلانٌ إِنْ دَعَا بِكَذَا يُعْطَى كَذَا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ لا يُعْطَى. وَهُمْ لا يَعْلَمُونَ مَاذَا سَيَكُونُ مِنْهُ. فَإِنْ دَعَا حَصَلَ ذَلِكَ. وَيَكُونُ دُعاؤُهُ رَدَّ القَضَاءَ الثَّانِيَ الْمُعَلَّقَ.

الدعاء الذي لا يرد

اللهم إني أتوجه إليك بنبيك نبي الرحمة وأهل بيته الذين اخترتهم على علم على العالمين اللهم لين لي صعوبتها وحزونتها واكفني شرها فانك الكافي المعافي والغالب القاهر اللهم صل على محمد وال محمد لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم.

اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك، والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم. لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته، ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين.

اللهم الراحة اللهم الاطمئنان اللهم راحه البال اللهم الرضا اللهم الأمان اللهم السعادة، اللهم يا فاطر السماوات والأرض ويا عالم الغيب والشهادة، أسألك اللهم أن تشرح صدري وتغفر ذنبي، اللهم إني أسألك بأنك أنت الله مالك الملك وأنك على كل شيء قدير، أن تفرج الهموم والكروب، وأن تنشر السعادة في قلوبنا يا أرحم الراحمين، اللهم ألهمنا في أمرنا الصواب، ويسر لنا في كل مسألة جواب، يا فارج الغم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا. (دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين.

يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، يا ودود يا ودود يا ودود يا ذا العرش المجيد، يا فعال لما يريد. اللهم إني أسألك بعزك الذي لا يرام، وملكك الذي لا يضام.

مقالات مشابهة

  • الكاردينال دومينيكو كالكانيو يترأس قداس الميرون في بازيليك القديس بطرس بالفاتيكان
  • أمين الفتوى: الرحمة هي الأساس الذي يُبنى عليه أي مجتمع إنساني سوي
  • هناء ثروت تكتب: ما بين الخيانة والقيامة عندما تكون النهاية بداية جديدة
  • د.حماد عبدالله يكتب: دعونا نحلم وندعو الله !!
  • هل الدعاء يرد القضاء فعلا؟ اعرف هذه الكلمات التي لا ترد
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: صورة ضد الشمس
  • أبو اليزيد سلامة: القبر أول منازل الآخرة ينتقل الإنسان إلى الحياة البرزخية فيها نعيم أو عذاب
  • الأمين العام للأمم المتحدة: “إسرائيل” تحرم المدنيين في غزة من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم على قيد الحياة
  • من النبي الوحيد الذي يعيش قومه بيننا حتى الآن؟ علي جمعة يكشف عنه
  • سفينة الحياة تواجه أمواجًا عاتية