أستغرب كثيراً عندما أسمع البعض يستنكر الاحتفاء بميلاد إمام المتقين ويعسوب الموحدين الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، وهذا الاستنكار لا شك أن مبعثه الحقد المتأصل في النفوس نتيجة الفارق الذهني الذي يعتمل لدى البعض، والمفروض أن الجميع يجعل من مثل هذه الذكرى محطة لاستعادة مآثر وأفكار هذا الإمام العظيم التي أنارت الطريق ووضعت الأسُس للبشر، فالإمام علي غنيٌ عن الاحتفاء وعن الإشادة ومعروف بذاته وصفاته التي تأصلت في زوايا التاريخ الإسلامي وكانت معياراً للفضيلة والتوحيد الصادق للخالق سبحانه وتعالى، ومن هذا المنطلق أقتطف بعض المواعظ والحكم التي وردت على لسانه عليه السلام والتي يقول فيها :
(لن يقاسمك الوجع صديق، ولا يتحمل عنك الألم حبيب، ولن يسهر بدلاً منك قريب، اعتن بنفسك، واحمها، ودللها، ولا تعطي الأحداث فوق ما تستحق، تأكد حين تنكسر لن يُرممك سوى نفسك، وحين تنهزم لن ينصرك سوى إرادتك، فقُدرتُك على الوقوف مرة أخرى لا يملكها سواك، لا تبحث عن قيمتك في أعين الناس.
لا تيأس من حياة أبكت قلبك.. وقل يا الله عوضني خيراً في الدنيا والآخرة.. فالحزن يرحل بسجدة.. والفرح يأتي بدعوة.. لن ينسى الله خيراً قدمته، وهماً فرجته، وعيناً كادت أن تبكي فأسعدتها! عش حياتك على مبدأ كن مُحسناً حتى وإن لم تلق إحساناً، ليس لأجلهم بل لأن الله يحب المُحسن.. أرخِ يدك بالصدقة تُرخَ حبال المصائب من على عاتقك.. واعلم أن حاجتك إلى الصدقة أشد من حاجة من تتصدق عليه..).
هذا كلام إمام الموحدين وليس إلا قطرة من مطره والمفروض أننا كمسلمين نحتفي بهذا الإمام العظيم ونقتفي أثره ونستفيد من حِكمه ومواعظه التي ملأت الأرجاء وكانت دليل كل مسلم موحد في معرفة كيفية توحيد الخالق سبحانه وتعالى، كما أشار إلى ذلك الإمام محمد عبده – رضي الله عنه – في شرحه لنهج البلاغة، أرجو أن يستوعب الكثيرون مثل هذا الكلام بدلاً من الاستنكار والمناكفة وأن نكون جميعاً في خندق الدفاع عن حياض الإسلام ورجاله العِظام، والله من وراء القصد..
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
هل الصلاة خلف الإمام المدخن منقوصة الأجر؟ عالم بالأوقاف يجيب
أكّد الشيخ أحمد خليل، إمام وخطيب بـ وزارة الأوقاف، أن التدخين يُعد من العادات الضارة التي تُلحق أذى بالغًا بصحة الإنسان، مستشهدًا بقوله تعالى: "ولا تُلقوا بأيديكم إلى التهلكة" [البقرة: 195]، مشددًا على أن التدخين يدخل ضمن دائرة التهلكة التي نهى الله عنها صراحةً في كتابه الكريم.
كما استند الشيخ خليل إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار"، موضحًا أن أضرار التدخين لا تقتصر على المدخن وحده، بل تمتد إلى من حوله، وهو ما يجعل تحريمه قائمًا من ناحية الإضرار بالآخرين.
ورغم تأكيده على حرمانية التدخين، نفى الشيخ خليل أن تؤثر هذه المعصية على صحة الصلاة خلف الإمام المدخن، موضحًا أن الصلاة تبقى صحيحة شرعًا طالما الإمام يُحسن أداءها ويستوفي شروطها الأساسية، كالطهارة والتمكن من قراءة الفاتحة وأركان الصلاة.
ونصح المصلين مع ذلك باختيار الأئمة المعروفين بالاستقامة والتقوى، لأن الإمام قدوة للمصلين، وتصرفاته تنعكس على مكانة الصلاة وقدسيتها في نفوس الناس.
وأشار إلى أن التدخين أمام المصلين يُعد من قبيل إظهار المعصية علنًا، وهو ما قد يؤدي إلى نفور البعض من الجماعة، ويُفقد الإمام هيبته وقدوته.
وختم الشيخ خليل حديثه بالتأكيد على أن الغاية من الصلاة والجماعة هي تعميق الصلة بين العبد وربه، ومن ثمّ ينبغي أداء العبادة في أجواء من الطمأنينة والنقاء السلوكي، بعيدًا عن أي مظاهر قد تُشوّه صورة الإمام أو تؤثر في خشوع المصلين.
من جهة أخرى، وفيما يتعلّق بحكم الصلاة على يسار الإمام، أوضحت السنة النبوية أن الواجب هو أن يتقدم الإمام على المأمومين، وإذا كانوا جماعة فالوقوف خلفه هو السنة الثابتة.
واستُشهد برواية جابر رضي الله عنه، حين صلى بجوار النبي صلى الله عليه وسلم عن يساره، فأخذه بيده وأقامه عن يمينه، ثم جاء ثالث فأقامهما النبي خلفه. وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء من الصحابة والتابعين وأئمة المذاهب الأربعة، تأكيدًا على أن ترتيب الصفوف من السنة المؤكدة التي ينبغي الالتزام بها.