تتوقّف الحرب.. وتستمر الإبادة
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
تتوقف الحرب في غزة بشكل أو بآخر، ستكتب الصحف وتبث الشاشات خبر «انتهاء الحرب في غزة»، وبذلك، ستكون بقعة صغيرة في زاوية المنطقة، اسمها قطاع غزة، عاشت الحرب لنحو 15 شهراً، ورغم أن كلمة «عاشت» لا تتناسب وكلمة «حرب»، إلا أنها تتناسب مع الأمل، والرغبة في الحياة. تتوقف هذه الحرب المستمرة بإبادتها، بعد أن قتلت من الأرواح ما يزيد، وفقاً للأرقام الرسمية، عن 46 ألفاً، وبحسب جهات أخرى، معروفة بدقة أرقامها وحساباتها، أكثر من 200 ألف، هؤلاء، بالرقمين، أو برقم ثالث أو رابع سينتج لاحقاً، يضاف إليهم ضحايا لا يدخلون في إحصاء رسمي، منهم أمهات سيعشن بقية أعمارهن في كمد على أبنائهن، ومنهم أبناء أيتمتهم الحرب، ومنهم زوجات ترمّلن، وأزواج ترمّلوا، وإخوة فقدوا إخوة، ولاختصار المشهد، نكتفي بما قاله محمود درويش في «حالة حصار»:
«من مات… من؟
الشهيدة بنت الشهيدة بنت الشهيد
وأخت الشهيد وأخت الشهيدة كِنَّة
أم الشهيد حفيدة جد الشهيد
وجارة عم الشهيد إلخ … إلخ…»
ورغم ذلك، هذا المشهد المختصر بشعر درويش، هو زاوية صغيرة في وصف الحال، فلو عدّدنا الضحايا فعلياً، لكانوا بعدد أهل غزة، أكثر من مليوني ضحية، على الجميع أن يعترف بهم، بوصفهم نالوا ما نالوه من القتل والسفك والسفح والتدمير.
تتوقف الحرب، ولا تنتهي. فما زال بوسع إسرائيل أن تستمر في حربها بلا هوادة، وبوسعها أن تقول للعالم كذباً، فتصدّقها عواصم الغرب الأغرب، وتنتفض من أجلها سياسات الحكومات، وتكذب وتغطي الجريمة كرمى لعيون تل أبيب، وتدفع من جيوب ضرائبها مالاً ليستمر القتل طالما تريد إسرائيل ذلك، وطالما بكائيات قادتها تلقى لطّامين في أمريكا، فالحرب لن تنتهي في أي يوم من الأيام، وستستمر، وإن اتخذت شكلاً جديداً مؤقتاً، ريثما تذخّر الأسلحة، ويستريح الجنود في إسرائيل.
وما هذا سوى الحرب التي تخاض بالأسلحة، أما الحروب الأخرى المفتوحة على القدس، وعلى اللاجئين الفلسطينيين وقضيتهم، وعلى الأونروا، وعلى المياه، وعلى الأسرى، وفي الإعلام وعليه، وفي الأكاديميات وعليها، وفي السينما، وفي التراث، من طعام ولباس وغيرهما… هذه الحروب كلها وغيرها لا يتسع المكان لذكرها، فلا تواجه بفعل، ولا تقابل بأكثر من تعليق يحمل شكل واسم بيان لتسجيل «موقف»، والقول في مجلس «أصدرنا بياناً».
إن هذه الحروب المستمرة، والتي رافقتها حرب غزة، والحرب على الضفة، تُشن لإنهاء الفلسطينيين، وبالتالي إنهاء فكرة الأرض لهم، وتحويلهم إلى مجموعة كانت تحمل اسم «شعب فلسطين»، وهذا الواقع الذي لا يواجه منذ وقت، لن يواجه في القادم، ففصائل المقاومة، دخلت في نفق صعب، قد يطول الوقت حتى تخرج منه، بعد كل هذه الأشهر من القتال المستميت، وفصائل المنظمة، لا حول لها ولا قوة، تفتي بما تفتي به «فتح» رغم المعارضة الصورية بين حين وآخر، وفتح آه منها؛ تحاصر السلطة الفلسطينية مخيم جنين، وأبناء من «فتح» يمررون كذبة «الخارجين عن القانون» لتبرير انتهاك المخيم، الدور الذي للأسف يضطلع به الاحتلال عادة.. فماذا بعد هذا الكلام؟!
ما يحدث في مخيم جنين، أحد الدلائل الكبيرة على تضعضع حالنا، فالصمت شبه المطبق على ما تفعله السلطة الفلسطينية في مخيم جنين، والحصار الذي تفرضه عليه وعلى أهله، يذهل أكثر من الحصار، أما المصيبة، فهي أنها تقوم بما قامت به أنظمة عربية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين من قبل، وربما غداً، فبعد وقت قصير، لن يُقبل بواقع المخيمات الراهن، وستوضع الذرائع ذاتها التي وضعتها السلطة (خارجون عن القانون)، وهل من يلوم؟ لا لوم، فالسبّاق بالفعل ربّ البيت.
هل غاليت؟ نعم ولا! ما سبق نظرة مبسّطة وواقعية كما أراها في القادم الفلسطيني والعربي، لكن من شدة تعقيد الواقع الفلسطيني والعربي الذي نحن فيه، والذي نؤول إليه، ليس سهلاً النظر وتوقّع سيناريوات أفضل، ومشكلة الكلام السابق أنه يجترّ نفسه من كثرة ما انكتب عنه وفيه، وهذا ضروري ومهم، لكن ما يهم أيضاً، هو الكتابة عن حالنا، ووصف شؤوننا بواقعية مفرطة، وجلد الذات لو تطلّب الأمر. المهم أن لا نبقى ضحايا أنفسنا، مثلما نحن ضحايا الغرب ومستعمراته المنتشرة في منطقتنا بأشكال مختلفة.
استدعيت ما يحدث في مخيم جنين، وذهبت إلى المستقبل، وربما لم أذهب بعيداً، لأضع ظني في ما سيحدث في المخيمات بعد حين، وبهذا لا أكون قد ابتعدت عن غزة، وما حدث ويحدث فيها. ستتوقف الحرب في غزة، وجراحها لن تندمل بسهولة وسرعة، والأعضاء التي بُترت من أجساد أهلها، بُترت من جسد فلسطين.. لذا، لن تقوم قائمة لفلسطين من دون حق غزة المكان، وحق غزة الأهل، وحق غزة الشعب الفلسطيني، حقهم من كل شخص يفكر في أمر ولا يقيم للشعب حق مقامه، والحق هذا في جانب منه، هو ترك مجال للنضال الوطني للفلسطينيين، من دون عظات، ومن دون مؤامرات واتهامات، ومن دون كذب على العامة والخاصة، كما أنه حق الشعب في أن يقرر مصيره، ومن يمثّله من كل القوى، بقبولها أو لفظها من حياته؛ وحقه في أن يحاسب المسؤولين في فلسطين والعالم العربي والعالم عمّا آلت إليه أموره في كل مكان، من موت وجرح وسجن، وتغييب لقضايا كقضايا اللاجئين، ومن استخدام للفلسطينيين وقضيتهم في غير مكان في الإقليم والعالم.
اتفاق وقف إطلاق النار، والذي قدّم تنازلات عن ثوابت كبرى، يجعل فكرة تحميل المسؤوليات، واقعاً لا بدّ منه… ليس للمقاومة، بل لمسؤولي المقاومة، فالمقاومة مقدّسة، وفعلها مقدّس على مدار الزمان وفي كل مكان، كانت قبل «فتح» و»حماس»، وستبقى بعدهما، المقاومة هي الشعب، هي إدراك الحرية، والنضال من أجلها، بكل الأساليب. أما من يتولون المقاومة، فليسوا مقدّسين، يخطئون ويصيبون، وربما يحاسبون.
*كاتب فلسطيني
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
حالة الطقس اليوم.. موجة برد قاسية تضرب البلاد وتستمر حتى هذا الموعد (فيديو)
حذر الدكتور محمود القياتي، عضو المركز الإعلامي بالهيئة العامة للأرصاد الجوية، من موجة باردة تضرب البلاد خلال الأيام المقبلة، مؤكدًا ضرورة اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمواجهة الانخفاض الحاد في درجات الحرارة، خاصة خلال ساعات الليل المتأخرة.
وأوضح محمود القياتي، خلال مداخلة هاتفية مع أحمد دياب ونهاد سمير ببرنامج «صباح البلد» على قناة صدى البلد، أن هذه الموجة تأتي نتيجة تغير في مصدر الكتل الهوائية، حيث تتأثر البلاد بكتلة باردة قادمة من مناطق شديدة البرودة، مصحوبة بمنخفض جوي في طبقات الجو العليا، ما يؤدي إلى انخفاض ملحوظ في درجات الحرارة.
وأشار القياتي إلى أن درجات الحرارة الصغرى في القاهرة سجلت 8 درجات مئوية للمرة الأولى هذا الشتاء، بينما ستنخفض إلى 5 درجات في شمال الصعيد، وستصل إلى ما دون الصفر على جبال سانت كاترين.
وأكد محمود القياتي، أن هذه الأجواء تستدعي توخي الحذر، وتجنب التعرض المباشر للهواء البارد، وارتداء الملابس الشتوية الثقيلة، خاصة في فترات الليل والصباح الباكر.
موعد انتهاء الموجة الباردةوأضاف القياتي، أن الموجة الباردة ستستمر حتى منتصف الأسبوع المقبل، حيث ستتراوح درجات الحرارة العظمى في القاهرة بين 16 و17 درجة مئوية، بينما تصل الصغرى إلى 7 أو 8 درجات، إلا أن الإحساس الفعلي بالبرودة سيكون أشد نتيجة نشاط الرياح، التي قد تجعل الحرارة المحسوسة تصل إلى 5 درجات أو أقل في بعض المناطق.
ولفت إلى أن المناطق الصحراوية ومحافظات شمال الصعيد قد تشهد انخفاضًا أكبر في درجات الحرارة، مع احتمالية أن تسجل بعض المرتفعات في سيناء درجات تحت الصفر، كما أن هناك اضطراب في حركة الملاحة في البحر المتوسط، نظرًا لنشاط الرياح في المناطق الساحلية.
حالة الطقس في شهر رمضانوبشأن حالة الطقس في شهر رمضان، أوضح القياتي أن الهيئة ستصدر نشرات جوية أسبوعية لتوضيح المستجدات، مشيرًا إلى أن التوقعات المبدئية تشير إلى أجواء معتدلة خلال ساعات النهار، حيث ستتجاوز درجات الحرارة 20 درجة مئوية، بينما تتراوح الصغرى بين 11 و12 درجة، وهو ما يتوافق مع طبيعة الطقس في هذه الفترة من العام.
وتابع: درجات الحرارة ستبدأ في الارتفاع التدريجي مع نهاية الشهر الحالي، تمهيدًا لدخول فصل الربيع، مؤكدًا أن الأجواء في بداية رمضان ستكون معتدلة نهارًا وباردة خلال الليل.
وشدد القياتي على ضرورة عدم التهاون في ارتداء الملابس الشتوية الثقيلة طوال اليوم، خاصة أن نشاط الرياح سيسهم في زيادة الشعور بالبرودة، كما نصح المواطنين بتجنب الوقوف في الأماكن المفتوحة لفترات طويلة، حرصًا على سلامتهم في ظل هذه الظروف الجوية القاسية.
اقرأ أيضاًموجة برد قوية.. حالة الطقس اليوم الجمعة 21 فبراير 2025
موجة باردة تجتاح البلاد اعتباراً من اليوم الجمعة 21 فبراير 2025