وصول عون للرئاسة ينعش لبنان والمنطقة
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
13 أبريل (نيسان) 1975 كان يوماً مشؤوماً في لبنان؛ اشتعلت فيه حرب استمرّت نحو 5 عقود من الزمن، وسادتها فترات من الهدوء والأمل، سرعان ما كانا يتبخران ليعود التوتر واليأس. وصفها كثيرون بأنها «حروب الآخرين على الأرض اللبنانية»، والبعض قالوا إن سببها هو مشروع كيسنجر لتوطين الفلسطينيين في لبنان، وآخرون قالوا إن أساس الحرب هو النظام الطائفي البغيض الذي يقف حاجزاً أمام التقدم والحداثة، وهناك من وضع المسؤولية لدى الطبقة السياسية الفاسدة التي تؤجج الطائفية حفاظاً على مراكزها في النظام.
.. ولعل الحقيقة هي أن الانفجار اللبناني كان نتيجة هذه الأسباب مجتمعة.
ولقد كانت الحرب اللبنانية عام 1975 بداية لتقلبات على مدى 50 عاماً حدثت تباعاً في معظم بلاد المنطقة، فاهتزت الأنظمة التي كانت تتصارع في لبنان بواسطة اللبنانيين، وسقط قادتها سقوطاً مدوياً، وعمّت الفوضى في مجتمعاتها، فكان إنهاء النظام البعثي وإعدام صدام حسين في العراق، وقتل معمر القذافي في ليبيا، وخلع حسني مبارك وكذلك خليفته... واستمرت التقلبات، وكان آخرها السقوط المذل لحكم آل الأسد. اندثرت أنظمة وصعدت أخرى، والبعض اكتفى من تصرفات الأنظمة البائدة وتوجه نحو معالجة التحديات الداخلية والنهوض بمجتمعه بعد طول معاناة وقهر وتهجير.
في المحصلة أصبح واضحاً أن المشروع الإيراني التوسعي حاول فيه النظام، على مدى أكثر من 3 عقود، أن يسيطر على دول بواسطة ميليشيات تابعة له دفعت غالياً ثمن تسليحها وتدريبها، وما لبثت أن انهارت سريعاً أمام تفوق إسرائيل العسكري ووهن الأنظمة الحاضنة.
وتنقل مصادر مطلعة أخباراً عن اتجاه تغييري في إيران يعمل بهدوء وثبات ويرمي إلى وقف كامل للمشروع؛ تمويلاً وتسليحاً، وعودة البلاد إلى المجتمع الدولي وإنهاء العزلة والعقوبات المؤلمة. ويُنقل عن أحد قادة هذا الاتجاه؛ وهو محمد جواد ظريف، قوله إن الإقدام على التغيير طوعاً لا فرضاً هو رأس الحكمة، ويُنقل أيضاً عن الرئيس الإيراني، مسعود بيزشكيان، قوله إن الشعب الإيراني كان أولى بالمليارات التي دُفعت للأذرع وتمويل الحروب العبثية. ومن هنا، فعلى الأقل، في المستقبل المتوسط والبعيد، لم يبقَ على الأرض اللبنانية من لديه الرغبة في التقاتل؛ وربما المقدرة أيضاً. وهذا يشكل فرصة حقيقية، ولأول مرة منذ سبعينات القرن الماضي، لكي تنهض الدولة في لبنان بعيداً عن تأثيرات وتدخلات الدول الإقليمية.
من ناحية أخرى، أصبح من الواضح أن اتفاق وقف إطلاق النار الأخير بين إسرائيل ولبنان هو عملياً موافقة على إنهاء حال المواجهة العسكرية مع إسرائيل ولأول مرة منذ «اتفاق القاهرة» عام 1969، الذي في المحصلة وافق لبنان بموجبه على السماح للفلسطينيين وحلفائهم بحمل السلاح ضد إسرائيل انطلاقاً من الأراضي اللبنانية. ورغم إلغاء الدولة اللبنانية «اتفاق القاهرة» في يونيو (حزيران) عام 1987، فإن «حزب الله» استمر في الالتحام العسكري، متذرعاً بعدة مبررات، مثل تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا من الاحتلال الإسرائيلي، وابتداع نظام «ثلاثية الشعب والجيش والمقاومة» الذي لا وجود له في أي دولة بالعالم. وبعد مغامرة إسناد غزة والرد الإسرائيلي المدمر الذي جعل جنوب لبنان أرضاً محروقة ودمر معظم قدرات «حزب الله»، منهياً أسطورة الردع التي تغنى بها، قُضي على ما سُميت «قواعد الاشتباك» لتُستبدل بها حال «اللااشتباك». وتقول مصادر غربية مطلعة جداً إن المنطقة الممتدة من نهر الليطاني جنوباً حتى الناقورة باتت منطقة خاضعة للمراقبة المشددة، وإنها ستبقى منزوعة السلاح، ربما ما عدا للجيش اللبناني وقوات الـ«يونيفيل».
ومع عملية فك الاشتباك المستدام مع العدو انطلاقاً من لبنان، وانسداد طرق الإمداد براً عبر الحدود الشمالية والشرقية، وبحراً وجواً، تنتفي أسباب حمل السلاح لمواجهة إسرائيل، ومن ضمنه السلاح داخل المخيمات الفلسطينية، ويصبح حمل السلاح بيد الدولة حصراً، التي هي من تحمي وتدافع عن الشعب والمقيمين على أراضيه وتحرس حدود البلد وتذود عن مصالحه.
انتخاب العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية اللبنانية أحد مؤشرات التغيير المقبل على لبنان والمنطقة. وإذا أردنا التأكد من ذلك، ولمن خانته الذاكرة، فلنسترجع كيف عارض «حزب الله» بشدة وصول جوزيف عون إلى الرئاسة بوصفه مقرباً من الولايات المتحدة الأميركية، وبالتالي لا يحمي ظهر المقاومة. وشن «الحزب» حرباً ضروساً على العماد عون عبر موفدين تصادم عون معهم كلامياً وبمكتبه في اليرزة، ثم عبر وزير الدفاع الموالي لميشال عون الذي حاول جاهداً عدم التجديد للقائد وبث الخلاف في المؤسسة العسكرية، وجعلوا من النائب جبران باسيل رأس حربة لمنع قائد الجيش من الوصول إلى سدة الرئاسة، وكان هذا قبل الزلزال الكبير الذي قامت به إسرائيل وقضى على هيمنة «حزب الله» ومشروع إيران، فتغير موقف «الحزب» ووافق على انتخاب عون. ثبت جوزيف عون أمام الضغوط، وعمل فقط وفق يمليه عليه الواجب الوطني والضمير، وأصبح رئيس الجمهورية. في خطاب القسم قال كلاماً كبيراً لم يسمعه اللبنانيون منذ عشرات السنين، تعهد فيه بأن يكون السلاح بيد الدولة حصراً، وأكد أن الجيش هو من يحمي الحدود، وأن القانون هو سيد الأحكام، وأن الالتزام بالدستور أمر مصون ولا يمكن أن يُمس.
التغيير الذي يحدث في المنطقة فاق في سرعته تصور الغالبية العظمى من الناس، ونحن نشهد الآن قيام شرق أوسط جديد، وهو ليس بالضرورة أسوأ مما مضى؛ على الأرجح سيكون أكثر استقراراً وأمناً ورخاء للشعوب.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: اتفاق غزة سقوط الأسد الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله فی لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
وزير حرب الاحتلال: مصر هي التي اشترطت نزع سلاح حماس وغزة
قال وزير حرب الاحتلال، يسرائيل كاتس، إن مصر، ولأول مرة، اشترطت من أجل صفقة شاملة وإنهاء الحرب، تفكيك سلاح حركة حماس، وتجريد قطاع غزة من السلاح، وهو ما يتناقض مع حديث وسائل إعلام مقربة من القاهرة عن أنه مقترح للاحتلال وهي قامت بنقله فقط.
وأوضح كاتس في منشور عبر حسابه الرسمي على موقع إكس: "الضغط على حماس لتنفيذ الصفقة كبير، ولأول مرة اشترطت مصر من أجل إنهاء الحرب تفكيك سلاح حماس ونزع السلاح من القطاع".
وعلى صعيد المساعدات الإنسانية، في ظل التجويع، قال كاتس: "سياسة إسرائيل واضحة.. لن يسمح بدخول أي مساعدات إنسانية إلى غزة، منع إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة هو أحد أدوات الضغط الرئيسية التي تمنع حماس من استخدامه مع السكان، ولا ينوي أحد في الواقع إدخال مساعدات إلى غزة، وليس هناك تحضيرات لذلك".
وأضاف: "يجب بناء آلية لاستخدام الشركات المدنية كأداة تمنع حماس من الوصول إلى هذا الملف مستقبلا كذلك".
وكانت قناة "القاهرة الإخبارية"، حذفت خبرا لها قبل يومين، ذكرت فيه أن مصر وحدها سلمت حركة حماس الورقة الإسرائيلية، التي تتضمن نزع سلاح المقاومة، وقامت بإضافة قطر إلى الخبر المحدث.
وكتبت القناة: "مصر وقطر تسلمتا مقترحا إسرائيليا بوقف مؤقت لإطلاق النار في غزة، وبدء مفاوضات تقود لوقف دائم لإطلاق النار".
وأضافت أن "مصر وقطر سلمتا حركة حماس المقترح الإسرائيلي، وتنتظران ردها في أقرب فرصة".
وفي وقت سابق، أكدت حركة حماس أن قيادة الحركة تدرس بمسؤولية وطنية عالية، المقترح الذي تسلمته من الإخوة الوسطاء، وستقدم ردها عليه في أقرب وقت، فور الانتهاء من المشاورات اللازمة بشأنه.
وجددت الحركة تأكيدها على موقفها الثابت بضرورة أن يحقّق أيّ اتفاق قادم: وقفا دائما لإطلاق النار، وانسحابا كاملا لقوات الاحتلال من قطاع غزة، والتوصّل إلى صفقة تبادل حقيقية، وبدء مسار جاد لإعادة إعمار ما دمّره الاحتلال، ورفع الحصار الظالم عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.
وكشف قيادي في حركة حماس، أن مصر نقلت إلى الحركة مقترحا، يتضمن نصا صريحا، بشأن نزع سلاح المقاومة، وهدنة مؤقتة لمدة 45 يوما.
ونقلت قناة الجزيرة تصريحات عن القيادي الذي لم تكشف هويته، قوله إن المقترح الذي نقلته القاهرة يشمل إطلاق سراح نصف أسرى الاحتلال في الأسبوع الأول من الاتفاق، وتهدئة مؤقتة لـ45 يوما مقابل إدخال الطعام والإيواء.
وأضاف: "وفدنا المفاوض فوجئ بأن المقترح الذي نقلته مصر يتضمن نصا صريحا بشأن نزع سلاح المقاومة".
وتابع: "مصر أبلغتنا أنه لا اتفاق لوقف الحرب، دون التفاوض على نزع سلاح المقاومة".
وشدد بالقول: "حماس أبلغت مصر أن المدخل لأي اتفاق هو وقف الحرب والانسحاب، وليس نزع سلاح المقاومة، وأن نقاش مسألة السلاح مرفوض جملة وتفصيلا، وأن السلاح هو حق أساسي من حقوق شعبنا ولا يخضع للنقاش".
وأثار الحديث عن مسألة نزع سلاح المقاومة في قطاع غزة خلال المفاوضات الجارية في العاصمة المصرية القاهرة، ضمن جهود وقف إطلاق النار وعقد صفقة جديدة لتبادل الأسرى مع الاحتلال؛ ردودا واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وبدأ مغردون باستذكار تعليقات تاريخية لقادة المقاومة الفلسطينية بشأن هذا الملف، وأعادوا نشرها عبر وسم "سلاحنا_كرامتنا"، فيما وصف آخرون مقترح تسليم السلاح بأنه "نكتة سمجة".