جدل مزمن حول البدانه (تفاصيل)
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
هل يمكن تصنيف البدناء على أنهم مرضى؟ جدل مزمن تتقاطع فيه الاعتبارات الطبية والاجتماعية، وتوافق خبراء عالميون أخيرا على إجابة موحدة حوله، لكن نتيجتهم غير الحاسمة حول الموضوع قد لا ترضي أيا من الأطراف المعنية.
وأشارت خلاصة بحث نشرتها الأربعاء مجلة "لانسيت ديابيتيس أند اندوكرينولوجي" المتخصصة بأمراض السكري والغدد الصماء، إلى أن "فكرة تصنيف البدانة كمرض تشكل جوهر أحد أكثر النقاشات المثيرة للجدل والانقسام في الطب الحديث".
وحمل المقال الطبي الطويل توقيع عشرات المتخصصين في البدانة. وقد اتفق هؤلاء على إعادة تعريف كيفية تحديد هذه الحالة، فضلا عن المشاكل الطبية التي تسببها.
وينطوي هذا الموضوع على حساسية كبيرة لأنه يثير بانتظام نقاشات محتدمة تتجاوز حدود المجتمع الطبي، ومن المعروف أن البدانة ترتبط بمجموعة واسعة من الأمراض مثل السكري وأمراض القلب والأوعية الدموية. ولكن بالنسبة لبعض المراقبين، يمكن للشخص البدين أن يعيش في بعض الأحيان بصحة جيدة، وبالتالي لا ينبغي اعتبار وزنه الزائد إلا عامل خطر.
بالنسبة لآخرين، تشكّل البدانة بالضرورة مشكلة صحية، ويجب اعتبارها مرضا في حد ذاته. وهذا هو رأي منظمة الصحة العالمية.
"رهاب البدانة"
يتناول هذا النقاش جزئيا قضايا متعلقة بمكافحة التمييز، إذ يعتقد بعض الناشطين في مجال مكافحة "رهاب البدانة" أن المظهر البدني للبدناء لا ينبغي أن يشكّل بحد ذاته وصمة سلبية تدفع لتصنيفهم على أنهم مرضى.
ومع ذلك، سيكون من المبالغة اختصار الجدل في كونه مجرد مواجهة بين المرضى والأطباء. فبين أفراد الفئة الأولى، يرى كثر أن من الضروري النظر إلى البدانة كمرض، حتى يمكن التعامل معها على محمل الجد وتنفيذ سياسات صحية عامة طموحة بما فيه الكفاية.
في المقابل، يرى أطباء كثر مجازفة قد تحول دون تلبية احتياجات المرضى في حال التعامل مع البدانة كمرض مستقل، وليس كعامل خطر مرتبط بأمراض متغيرة للغاية يعاني منها المريض.
تكتسب هذه الأسئلة أهمية خاصة مع ظهور علاجات فعالة لإنقاص الوزن، بما في ذلك منتج "ويغوفي" الشهير. لكنّ آثارها الجانبية لا تزال تثير تساؤلات، بينها ما يتعلق خصوصا بمعرفة ما إذا كان ثمة ضرورة لإعطائها على نطاق واسع أم الاحتفاظ بها للمرضى الذين يعانون تبعات صحية كبيرة جراء البدانة؟
مؤشر كتلة الجسم ليس كافيا
وفي نهاية المطاف، "لا أحد على حق تماما ولا أحد على خطأ تماما"، بحسب فرانشيسكو روبينو، جراح البدانة الذي ترأس عمل لجنة الخبراء، في مؤتمر صحافي.
وقد حرص الباحثون في توصياتهم الجديدة على توخي الدقة... فباختصار، البدانة مرض، لكن ليس في كل الأوقات.
ويؤكد الخبراء في البداية على نقطة أصبح هناك إجماع عليها حاليا، ومفادها أن مؤشر كتلة الجسم (BMI) الذي يقيس النسبة بين وزن الشخص وطول قامته، غير كافٍ على الإطلاق.
وسيكون من الضروري استكماله باختبارات أخرى لتحديد ما إذا كان المريض يعاني من البدانة: قياس محيط الخصر، على سبيل المثال، أو استخدام تقنيات الأشعة لتقدير كمية الدهون في الجسم.
ولكن حتى لو صُنف الشخص على أنه مصاب بالبدانة، فإن الخبراء لا يعتبرون ذلك مرضا بالضرورة. وبحسب رأيهم، فإن البدانة لا تصبح "سريرية" إلا عندما تظهر على الأعضاء علامات خلل في وظائفها.
وبدون ذلك، فإنهم يدعون إلى الحديث عن البدانة "ما قبل السريرية". وبالتالي، لا يكون الأمر مرضا، بل حالة تتطلب إجراءات وقائية بالأساس، وليس بالضرورة علاجات دوائية أو جراحية، من أجل تجنب "الإفراط في العلاج الطبي".
ويرمي الباحثون من خلال هذه الاستنتاجات إلى أن يرضوا جميع المعنيين بالموضوع، لكنهم قد يثيرون استياء الجانبين. فلدى بعض جمعيات المرضى، ثمة رفض تام لفكرة عدم تصنيف البدانة تلقائيا على أنها مرض.
تقول آن صوفي جولي، مؤسسة التجمع الوطني لجمعيات الأشخاص المصابين بالبدانة، إن هذه النتائج "تتعارض مع رسائل الصحة العامة"، منتقدة بشدة الخبراء المنفصلين عن "الواقع الملموس" الذي يعيشه مرضى البدانة الذين لا يجدون متابعة كافية لوضعهم.
كما أن عمل اللجنة لا يرضي الجهات التي تعارض تصنيف البدانة على أنها مرض، مثل عالمة النفس سيلفي بن كمون التي ترأس مجموعة التفكير في البدانة وزيادة الوزن (GROS).
وتقول بن كمون "هذا ليس كافيا، رغم أنه يُحسب له فتحه نقاشا في الموضوع"، معتبرة أن الخبراء لا يقدمون أي إجابات تقريبا في ما يتصل بالرعاية، وأن توصياتهم ربما لن تغير كثيرا في مواقف مقدمي الرعاية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأربعاء الغدد الصماء أمراض السكري السكري الأمراض الأوعية الدموية الصحة منظمة الصحة العالمية
إقرأ أيضاً:
«موديز» تثبت تصنيف أبوظبي الائتماني عند مستوى «Aa2»
مصطفى عبد العظيم (أبوظبي)
أخبار ذات صلةثبتت وكالة «موديز» تصنيفها الائتماني طويل الأجل بالعملة المحلية والأجنبية لحكومة أبوظبي عند مستوى «Aa2»، وأبقت على نظرتها المستقبلية المستقرة لاقتصاد الإمارة، بدعم المتانة المالية التي تتمتع بها حكومة أبوظبي والنمو المتسارع للقطاع غير النفطي الذي سجل متوسط نمو سنوي بمعدل %8 خلال الفترة من 2021 و2024.
وتوقعت الوكالة في تقرير لها أن تواصل حكومة أبوظبي تحقيق فوائض مالية كبيرة، خلال السنوات المقبلة، بنسبة تتراوح بين %10-9 من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع %7 من الناتج المحلي الإجمالي في 2024، وذلك بناء على تقديراتها بأن تتراوح أسعار النفط بين 75 دولاراً للبرميل في عام 2025 و70 دولاراً للبرميل في 2026، متوقعة أن تساهم هذه الفوائض في الحفاظ على الميزانية الحكومية القوية للغاية، حيث تتجاوز الأصول المالية الحكومية الديون بفارق كبير.
ويعتمد تصنيف أبوظبي على عدة عوامل رئيسة، منها انخفاض عبء الديون الحكومية، وامتلاكها لأصول مالية ضخمة تفوق بكثير الالتزامات الإجمالية للحكومة والقطاع العام، فضلاً عن امتلاك الإمارة احتياطيات نفط ضخمة ومستوى دخل فردي مرتفعاً جداً.
وقالت الوكالة إن تثبت التصنيف الائتماني لأبوظبي يعكس التوقعات بأن الميزانية العمومية لحكومة أبوظبي، المدعومة بأصول مالية ضخمة وديون منخفضة، ستظل قوية للغاية، كما أن الحكومة تتمتع بقدرة كبيرة على امتصاص الصدمات، وتقلبات الطلب على النفط وأسعاره، إضافة إلى المخاطر المرتبطة بالتحول العالمي للطاقة.
وبحسب الوكالة تعكس التوقعات المستقرة التوازن بين المخاطر الائتمانية عند مستوى «Aa2»، حيث تتوقع «موديز» أن تستمر أبوظبي في تحسين وضعها الدائن الصافي حتى في ظل سيناريوهات انخفاض متوسط أسعار النفط عن التوقعات الأساسية للوكالة.
قوة الأصول
وأشارت الوكالة إلى أن الأصول المالية الحكومية لأبوظبي تعد من أكبر الأصول مقارنة بالناتج المحلي الإجمالي، وتعد من بين الأكبر بين الدول التي نقوم بتصنيفها. علاوة على ذلك، نمت هذه الأصول بشكل مستمر عبر العديد من دورات أسعار النفط.
وقدرت الوكالة الأصول المالية الحكومية لأبوظبي، التي تشمل بشكل رئيس الأصول بالعملة الأجنبية التي تديرها هيئة أبوظبي للاستثمار (ADIA)، كانت نحو 350% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2024، متوقعة أن تواصل هذه الأصول نموها بناءً على توقعاتها الأساسية بأن الحكومة ستستمر في تحقيق فوائض مالية كبيرة، مدعومة بأسعار النفط المنخفضة لتحقيق التوازن المالي، وحكمة الإنفاق الحكومي.
وأوضحت الوكالة أن هذه التوقعات تأتي مدعومة بالحفاظ على الإنفاق الاسمي دون 300 مليار درهم (نحو 26% من الناتج المحلي الإجمالي في 2024)، وافتراض أن تزيد إيرادات أبوظبي النفطية في عام 2025 بفضل الزيادة المستمرة في إنتاج النفط، وارتفاع الإيرادات غير النفطية بنحو 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2026.
وتوقعت الوكالة أن يظل عبء الدين الحكومي في أبوظبي منخفضاً، مع زيادة تدريجية ليصل إلى نحو 20% من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات القليلة القادمة، مقارنةً بـ 17.4% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2024. متوقعة أن تكون الإصدارات الائتمانية الإضافية موجهة أساساً للحفاظ على منحنى عوائد سيادي سائل بالدولار الأميركي ودعم تطوير أسواق رأس المال المحلية المقومة بالدرهم الإماراتي. كما توقعت كذلك أن تستمر الفوائض المالية والإيرادات من الإصدارات الائتمانية في التراكم كجزء من احتياطي الحكومة المالي أو استخدامها لدعم الأهداف التنموية طويلة الأجل. وبحسب الوكالة نما القطاع غير النفطي في أبوظبي بمعدل سنوي متوسط بلغ نحو 8% خلال الفترة 2021-2024، مما يعكس مجموعة واسعة من مشاريع التنوع الاقتصادي الجارية، التي قادت النمو بشكل أساسي في البناء، والتصنيع، والنقل، والعقارات.