وأنا أشاهد الجموع التي اجتمعت لاستقبال الفريق أول البرهان في بورتسودان، احتفالًا بانتصار مدني، تذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم للرماة يوم غزوة أحد: “إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، وانضحوا عنا بالنبل لا يأتونا من خلفنا، إنا لن نزال غالبين ما ثبتم مكانكم.

في الحقيقة، لست متحمسًا لهذا النوع من الاحتفالات في هذا التوقيت بالذات، وأرى فيها استعجالًا وحرصًا سياسيًا لتحصيل غنائم لم يحن وقتها بعد. وأخطر ما في هذه الاحتفالات أنها ترسل رسائل خاطئة إلى المجتمع، المتعجل بطبعه لنصر سريع، فتُوحي وكأن المعركة قد انتهت أو شارفت على ذلك، بينما العدو ما زال يعربد ويحيك المؤامرات. يرسل طائراته المسيّرة على مروي وعطبرة، ويحشد مرتزقته للهجوم على مدني نفسها، فيما لا تزال المعارك دائرة في الخرطوم والفاشر.

لقد خالف الرماة أمر النبي صلى الله عليه وسلم وغادروا مواقعهم عندما لاح لهم النصر وداعب بريق الغنائم أعينهم، فكانت النتيجة التفاف جيش قريش على المسلمين، وتحول النصر إلى هزيمة.

ما يجب أن يُقال في هذا المقام هو أن وقت الاحتفالات لم يحن بعد، وأن المطلوب، قياسًا بما تم إنجازه، ما زال كبيرًا. وعلى القيادة أن تشد الجميع نحو الغاية النهائية دون تشاغل بتنافس أو محاولات للاستثمار السياسي.

كل ما هو دون النصر التام وكسر ظهر المؤامرة يمكن إدراكه في وقته وزمانه. فلماذا العجلة والتسرع؟ يجب ألا ننسى أن عدم التحسب الجيد والبطء والتردد هو ما أدخل بلادنا في هذا النفق المظلم. ونحمد الله أننا بتنا نشهد من جوف الظلمة أشعة الفجر، فلا تغادروا مواقعكم. يرحمنا ويرحمكم الله.

الطاهر التوم

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

مؤلم ما يحدث في الفاشر مثلما كان مؤلما حينما حصل في قرى الجزيرة والدندر والخرطوم

لا أدري كيف وقع الناس في الفخ نفسه من جديد، بمجرد أن جمع الجنجويد شتاتهم ليهاجموا الفاشر بدأ البعض مجددا في بث موجات التنظير والتعجيل والتخوين،

مؤلم ما يحدث في الفاشر مثلما كان مؤلما حينما حصل في قرى الجزيرة والدندر والخرطوم لكن في النهاية الجيش انتصر بفضل الله أولاً ثم بعقلية الجيوش، إذا أردت ان تنصر الجيش ومقاتلي وصامدي الفاشر ساهم في تعرية محاصريهم ومرتكبي المجازر فيهم ثم ادع لهم وللجيش بالنصر، فلا الجيش سيألو جهدا او يبخل بقدرة ولا صرعات الهلع سوف تخدم الموقف، كن جزءا من الحرب النفسية الإيجابية وتذكر أن الحرب معنوية في الأساس،

لم نشك في النصر ثقة وظنا حسنا بالله ونحن في أوضاع اسوأ من هذه فما الذي يجعلنا نشك به الآن وقد أوانا الله ونصرنا في مواضع كثيرة وقد عملنا بمقتضى نصره بإعداد المستطاع من القوة والعدة والعتاد، وإنما النصر صبر ساعة، وما النصر إلا من عند الله..

Osman Abdelhalem

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • تهور الاحتفالات
  • الطاهر ساتي يكتب: كما أراكم ..!!
  • د.حماد عبدالله يكتب: دعونا نحلم وندعو الله !!
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: صورة ضد الشمس
  • الدويش يثير تفاعلاً بتعليقه على احتفالات لاعبي النصر بالأهداف
  • مؤلم ما يحدث في الفاشر مثلما كان مؤلما حينما حصل في قرى الجزيرة والدندر والخرطوم
  • الكرملين: أبطال العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا سيشاركون في العرض العسكري بيوم النصر
  • عادل الباز يكتب: عروة.. “غاب بعد طلوع.. وخبا بعد التماع” (1)
  • (لقد اجتمع بيض المليشيا الفاسد في سلة واحدة)
  • نهاية معركة الكرامة ان شاء الله في الفاشر