ملامح الصفقة بين بيت حانون وجنين والقصف اليمني
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
يمانين../
ستة كيلومترات تفصل بيت حانون عن مستوطنة “سديروت”، وهي المسافة ذاتها بين جنين ومستوطنة العفولة، ولكنه الهدير اليمني يأتي من بعيد، يطوي المسافات ليغرق “تل أبيب” بالخوف وينزع النوم من عيون أربعة ملايين إسرائيلي منذ أسابيع متصلة، فيما تلوح تباشير صفقة الحرب والأسرى في غزة أو تكاد، لتلتقط بعض ما تبقى من الأنفاس، فيتسنى لها بعض وقت لتبكي خمسين ألفاً من الشهداء، ولكنها بيت حانون أول الهجوم وآخر الصمود.
بيت حانون تلخص قصة الطوفان في أول الغيث، كما هي مقبرة المعتدين، وهي في منطق الجغرافيا خاصرة غزة الرخوة، حتى احتسبها “الجيش” الذي قيل إنه لا يقهر منطقة عازلة حد الموات، لذا أراد أن يختتم فيها بطولاته وتحقيق أهداف حربه، فإذا بها تبعث اليأس في مفاصل خطة الجنرالات التي أرادت سحق شمال غزة وتهجير أهلها هرباً من الموت الإسرائيلي.
جرائم الحرب تكاد تضع أوزارها بقبضات رجال القسام والسرايا وصبر الناس الهائمين على الوجوه، هناك بين أطلال البيوت المدمرة في بيت حانون، وليس بعيداً من هناك تمر سحب دخان الصواريخ اليمنية صوب أهدافها إسناداً لغزة وجنين، ودفاعاً عن شعب اليمن الذي تقصف بنيته التحتية طائرات الكيان والغرب، ولكن الموقف سلاح في أدبيات جبال صعدة، وحلقات الوفاء القرآني على مائدة الحوثي وتلاميذ الإمام زيد بن علي بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب.
ملامح صفقة الخضوع الإسرائيلي، تبث بدايات فرح في كل الطيف الفلسطيني، طيف مظلومية مخيم جنين المزنر بالحصار والغارات وسيل الشهداء، وطيف لبنان المساند بدم سماحة السيد ورجال جبل عامل وأربعة آلاف شهيد على طريق القدس، هو طيف القبضات التي ضربت من العراق وإيران، وكل حنجرة هتفت ضد الإبادة في غزة من فنزويلا وكولومبيا حتى ساحة السبعين وملايين لم تغادر الميدان رغم التهديدات وجحيم الغارات.
كيف تتشكل نفسية الفلسطيني وخاصة ذلك المظلوم الغزاوي على أعتاب وقف الحرب ولو إلى حين؟ وأين تصل آثار الطوفان بعد كل هذا العذاب الكربلائي البارد؟ وهل يمكن استعادة الحياة على أطلال غزة الذبيحة من الوريد إلى الوريد؟
وبعيداً من شعارات النصر والهزيمة، هل يمكن للإسرائيلي أن يتجاوز تبعات عبور السابع من أكتوبر وآثار دم الطفولة والبراءة على يديه المتوحشتين؟
ملامح الصفقة كما هي ملامح نفسية تتشكل لآلاف الأسرى الفلسطينيين وعوائلهم وجمهور محبيهم، بعد أربعة عشر شهراً وزيادة من التنكيل والتعذيب، على يد زبانية بن غفير المنتشي طرباً على أوجاعهم في معسكر سدي تيمان وكتسيعوت وجلبوع، ولكنه على أعتاب تنفيذ الصفقة يجد نفسه خارج السياق، أو لعل صديقه في التوحش سموتريتش يقنعه بالثبات خلف نتنياهو طمعاً بالجائزة هنا في الضفة، حيث ما زالت جنين في عز صمودها في مواجهة الفتنة والغارة، وحيث تضرب الاستيطان في مستنقعه الآسن هناك في قدوميم وحومش وحرميش.
ليس الطوفان آخر حروب الفلسطيني، سواء هدأت أمواجه أم ظلت تقذف هديرها، سواء مضى نتنياهو مع الصفقة أم تراجع وتلكأ، أو سقط على حياض مرحلتها الأولى أو الثانية، فالتراجيديا الفلسطينية في فصلها الراهن مع أطلال غزة الشاهدة الشهيدة، تبث نزيفها في كل أحوالها وهي تجترح فصلاً جديداً من فصول مظلوميتها تحت الاحتلال والحصار والقهر والخذلان.
ليست هذه الصفقة أول صرخة حرية ولا هي آخر عجينة للدم مع الطين والدمع، مضت الصفقة في مراحلها أم انفرط عقدها أو أخذت تتلوى، هي محطات اللجوء والأسر والجوع ذاتها ليس فيها نصر أو هزيمة، فالشهيد ارتحل والبيت تلاشى وسط الحريق، وزيتونة الأجداد أحالها المقاوم عقدة كمين هناك في بيت حانون وهنا في جنين، وصفارات الإنذار الإسرائيلية مع القصف اليمني توقظ فجر الفلسطيني لتوقد في ذاكرته حنيناً لأصل العروبة وحروف الحكمة وحقيقة الإيمان، هناك في صنعاء والحديدة وقرية تسكن فوق الغيم تطل على حطام الواقع العربي من الخليج إلى السويس.
جاءت معركة بيت حانون المتجددة على ضفاف صفقة وقف الحرب، أو استدامة وقف النار وتبادل الأسرى، لتمضي بالمنطقة كلها نحو نسيج نفسي فكري شعوري جديد، ليس ثمة شيء يمكن أن يبقى على حاله بعد الطوفان أو في محطة تشكله الجديدة، فالنفسية العربية كما النفسية الإسرائيلية عالم جديد يتشكل، ولكنها السياسة ومؤامرات الساسة تبذل وسعها لضبط إيقاع هذا التشكّل، ليظل وفق سياقات المشاريع الإجرامية الكبرى للغرب، ولهذا الغرب تجاربه الطويلة في حروب كبيرة أكلت أخضر أوروبا ويابسها، ليحصد الأميركي ثمارها، وهنا يندفع الأميركي بل يتفرغ لغزة والمنطقة كأنه ليس لترامب وبايدن عمل في العالم سوى غزة؛ ذلك الشريط الرملي الضيق بمساحته الصغيرة التي تضيع في أدنى بقعة من حرائق كاليفورنيا ولوس أنجلوس، ولكنه صمود غزة وكمائن بيت حانون من يصنع الفرق، وهو وحده من يسكب بذرة الحياة في نفوس اكتوت بالموت ألف مرة ومرات.
يخرج الفلسطيني من حرب، هذا إن خرج، ليسكن في حروب فهو في رباط إلى يوم القيامة، رباط الدين والدم والجهاد، يخرج من الأسر فوج ليعود فوج آخر، وتستمر الحياة محن تترى، فكيف لنفسية ما بين الحروب والسجون أن تكون؟
الميادين محمد جرادات
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: بیت حانون
إقرأ أيضاً:
رسميا.. إعلان التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة.. حماس: ثمرة الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني.. "معاريف": الصفقة تتمتع بدعم الأغلبية بالحكومة الإسرائيلية.. وترامب وبايدن يعلقان
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلن رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن، في مؤتمر صفحي اليوم الأربعاء، عن التوصل رسميا إلي اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، بحسب ما ذكرت "سكاي نيوز".
وقال رئيس وزراء قطر: "الجهود القطرية والمصرية والأمريكية نجحت في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة. وجاري العمل على إنهاء كافة الإجراءات التنفيذية الليلة. وقف إطلاق النار في غزة سيدخل حيز التنفيذ في 19 يناير (الأحد المقبل). العمل مستمر مع إسرائيل وحماس بشأن خطوات تنفيذ الاتفاق. المرحلة الأولى من اتفاق غزة تشمل الإفراج عن 33 رهينة إسرائيليا."
وأفادت قناة "العربية" أن الاتفاق بين إسرائيل وحماس، يشمل وقفا لإطلاق النار مدته 6 أسابيع في غزة.
وبموجب الاتفاق تفرج إسرائيل عن 30 فلسطينيا مقابل كل رهينة، كما ستفرج عن 50 فلسطينيا مقابل كل مجندة إسرائيلية.
بينما ستفرج حماس عن 33 رهينة إسرائيلية خلال 42 يوما، كما سيسمح بدخول 600 شاحنة مساعدات إنسانية إلى غزة يوميا.
وستقوم حماس بالإفراج عن الرهائن الإناث والشباب تحت 19 سنة أولا، وقد يصل العدد الإجمالي للفلسطينيين المفرج عنهم بين 990 و1650 بما في ذلك الأطفال والنساء والرجال.
وبحسب الاتفاق سيتم البدء بعودة السكان لشمال غزة بداية من اليوم 22. كما ستنسحب إسرائيل تدريجيا من نتساريم ومحور فيلادلفيا.
وأفادت وكالة رويترز، نقلا عن مسؤول مطلع بأن مصر وقطر والولايات المتحدة، يضمنون تنفيذ الاتفاق بشأن غزة.
كما أفادت "رويترز"، بأن المفاوضات بشأن المرحلة الثانية من الاتفاق ستبدأ في اليوم 16 من المرحلة الأولى.
وأضافت أن المرحلة الأولى، يتوقع أن تشمل إطلاق سراح كل الرهائن المتبقين، بما في ذلك الجنود الإسرائيليين الذكور، ووقف إطلاق النار الدائم والانسحاب الكامل للجنود الإسرائيليين.
وتابعت: “يتوقع أن تشمل المرحلة الثالثة إعادة كل الجثث المتبقية وبدء إعادة إعمار غزة بإشراف مصر وقطر والأمم المتحدة”.
كما أفادت قناة "العربية" أنه سيتم الإفراج عن 250 أسيرة فلسطينية من أصحاب المؤبدات، بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
وكشفت القناة، أنه سيتم فتح معبر رفح غدا.
وبموجب الاتفاق تنسحب إسرائيل من كل المناطق السكنية بالمرحلة الأولى من الاتفاق.
وأضافت القناة أن معبر رفح سيعود للعمل بشكل طبيعي في كلا الجانبين، وأن النازحون سيعودون إلى شمال غزة دون تفتيش.
قالت حركة حماس، في بيان لها، بشأن وقف إطلاق النار في غزة، أن اتفاق وقف إطلاق النار هو ثمرة الصمود الأسطوري للشعب الفلسطيني العظيم والمقاومة الباسلة في قطاع غزة، على مدار أكثر من 15 شهرا.
وأضافت في البيان: "اتفاق وقف العدوان على غزة إنجاز لشعبنا ومقاومتنا وأمتنا وأحرار العالم، وهو محطة فاصلة من محطات الصراع مع العدو، على طريق تحقيق أهداف شعبنا في التحرير والعودة. يأتي هذا الاتفاق، انطلاقا من مسؤوليتنا تجاه شعبنا الصابر المرابط في قطاع غزة العزة، بوقف العدوان الصهيوني عليه، ووضع حد لشلال الدم والمجازر وحرب الإبادة التي يتعرض لها."
وتابعت: "نعرب عن تقديرنا وشكرنا لكل المواقف المشرفة الرسمية والشعبية التي تضامنت مع غزة، ووقفت مع شعبنا، وساهمت في فضح الاحتلال ووقف العدوان، عربيا وإسلاميا ودوليا، والشكر الخاص للإخوة الوسطاء، الذين بذلوا جهدا كبيرا للوصول إلى هذا الاتفاق، وخاصة مصر وقطر."
وكشفت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية أن اتفاق وقف إطلاق النار يتمتع بدعم الأغلبية في مجلس الوزراء الأمني والسياسي وفي الحكومة الإسرائيلية.
وعلق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، علي اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة، قائلا: "سأعمل على البناء على الاتفاقيات الإبراهيمية وتوسيع نطاقها،" بحسب ما ذكرت "سكاي نيوز".
وأضاف ترامب: “سنواصل تعزيز السلام من خلال القوة في جميع أنحاء المنطقة، لدينا اتفاق بشأن الرهائن في الشرق الأوسط سوف يطلق سراحهم قريبا”.
بينما علق الرئيس الأمريكي جو بايدن علي الاتفاق، قائلا: "نحن عازمون على إعادة جميع الرهائن إلى ديارهم. الإفراج عن الرهائن كان الطريق الوحيد لوقف الحرب في غزة. إسرائيل ستتفاوض على المرحلة الثانية من الاتفاق خلال الأسابيع الستة المقبلة. الفلسطينيون سيتمكنون من العودة إلى أحيائهم في جميع مناطق غزة."