السيادة وبناء الدولة في مواجهة الهيمنة والتبعية
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
مقدمة:
تتمتع ليبيا بموقع استراتيجي فريد على الساحل الجنوبي للبحر المتوسط، بامتداد ساحلي يقارب 1900 كم وثراء بالموانئ والخلجان، مما جعلها محطة اهتمام عالمي منذ العصور القديمة وحتى اليوم. هذا الموقع الاستثنائي، بين أوروبا شمالاً وإفريقيا جنوباً، يؤهلها لأن تكون جسراً للتواصل والتجارة بين القارتين، إلى جانب مواردها الطبيعية الغنية التي تجعلها مركزاً محتملاً للطاقة، خاصة النفط والغاز والطاقة الشمسية.
ليبيا: الموقع والموارد
يُعد الموقع الجغرافي لليبيا عاملاً استراتيجياً محورياً، حيث تشكل حلقة وصل بين أوروبا وإفريقيا. كما تُعزز مواردها الطبيعية الوفيرة من أهميتها، بما في ذلك الطاقة الشمسية والنفط والغاز، مما يجعلها مستودعاً ضخماً للطاقة وقادرة على تصديرها إلى أوروبا والوطن العربي وإفريقيا. علاوة على ذلك، تُتيح ليبيا فرصاً لدعم تكامل الوطن العربي وتعزيز وحدته الاقتصادية والسياسية.
تحديات السيادة والاستقلال الوطني
رغم ما تتمتع به ليبيا من مقومات، فإنها تعاني من أزمات متواصلة منذ ثورة فبراير 2011، نتيجة لغياب التفريق بين النظام والدولة. بينما يحق للشعب تغيير نظام الحكم، فإن تدمير أركان الدولة أدى إلى الفوضى والجريمة وتدخل قوى خارجية، مما أفقد البلاد سيادتها واستقلالها.
غياب الأمن والنظام وحكم القانون جعل ليبيا دولة فاشلة تتعرض لخطر الانهيار. الحكومات المتعاقبة فشلت في بناء المؤسسات، مما أدى إلى استنزاف الموارد وانتشار الفقر والجريمة وسط صراع مستمر على السلطة والنفوذ، في غياب قاعدة دستورية وإطار قانوني واضح.
التدخل الأجنبي وتأثيره على السيادة
اعتمدت بعض القوى المحلية على دعم خارجي، مما فتح المجال للتدخل الأجنبي بمعداته ومرتزقته، وأدى إلى وجود قواعد عسكرية على الأراضي الليبية. هذا الوضع أفقد ليبيا سيادتها وجعلها غير قادرة على حماية أمنها الوطني، وهو ما يتطلب استراتيجية شاملة لتحرير البلاد من النفوذ الأجنبي وإعادة بناء الدولة.
استراتيجية وطنية للأمن وبناء الدولة
تحتاج ليبيا إلى رؤية شاملة لبناء دولة وطنية قوية ومستقلة تشمل:
1- صياغة مفهوم جديد للأمن الوطني: يشمل الأمن العسكري والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
2- تعزيز الوعي الأمني: من خلال مشاركة المواطن في ضمان أمنه وأمن مجتمعه.
3- إطار قانوني ومؤسسات مدنية: تضمن حماية حقوق المواطنين وتفعيل دورهم في بناء المجتمع.
4- وضع دستور شامل: يحمي حقوق الإنسان ويضمن الأمن والاستقرار الوطني.
5- تصميم منظومة أمنية متكاملة: لمكافحة الجريمة وحماية الحدود وتحقيق العدالة.
6- تعزيز القضاء: باستقلالية تامة ونزاهة لضمان المساواة بين الجميع.
7- إدارة الموارد بحكمة: لتعزيز الأمن المائي والغذائي، وتحقيق التنمية المستدامة.
8- بناء الدولة: رؤية حضارية بناء الدولة يتطلب تطوير مؤسسات قوية قادرة على تحقيق الأمن والتنمية المستدامة، ويشمل ذلك:
تقديم الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم. تعزيز الاقتصاد الوطني ليصبح متنوعاً ومستداماً. تحقيق الديمقراطية والعدالة الاجتماعية. احترام سيادة الدولة وحق الشعب في اختيار قياداته عبر انتخابات نزيهة.الرؤية المستقبلية للدولة الليبية تتمثل في بناء مجتمع يحقق رفاهية أفراده من خلال تنمية شاملة متوازنة ومستدامة. دولة تُكرس قيم الشفافية والمساءلة والتداول السلمي للسلطة، وتُعلي من قيم الإبداع والابتكار.
خاتمة:
إن بناء الدولة الوطنية في ليبيا يتطلب التكاتف حول رؤية شاملة تحقق الأمن، وتحفظ السيادة، وتُعزز التنمية. ذلك لن يتحقق إلا بإنهاء الصراعات الداخلية، والتصالح مع الذات، وبناء مؤسسات قوية تُحقق تطلعات الشعب الليبي نحو مستقبل مشرق ومستقر.
ولتحقيق كل هذا وترجمته على ارض الواقع في ليبيا يتطلب حكومة واحده من التكنوقراط الوطنيين تبسط سيطرتها على البلاد برا وبحرا وجوا
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
المصدر: عين ليبيا
كلمات دلالية: بناء الدولة
إقرأ أيضاً:
سفير ليبيا يصف ما يحدث في غزة بـالمحرقة.. تعرض لهجوم بمجلس الأمن
ألقى السفير الليبي في مجلس الأمن طاهر السني، كلمة قوية في الجزي الثاني من الجلسة المستأنفة الثلاثاء حول القضية الفلسطينية، واتهم الاحتلال الإسرائيلي بارتكاب "محرقة" في قطاع غزة، ما دفع ممثلو ثلاثة دول للهجوم عليه بشكل منسق.
وبدأت جلسة مجلس الأمن صباح الثلاثاء، ثم استؤنفت بعد الظهر، واستمرت حتى صباح الأربعاء، وسجل 70 مندوبا للحديث في الجلسة الوزارية التي ترأسها وزير خارجية فرنسا جان نويل مارو، نظرا لرئاسة بلاده لمجلس الأمن خلال شهر نيسان/ أبريل الجاري.
وتعرض السفير الليبي لهجوم منسق من قبل ممثلي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا، خلال جلسة مجلس الأمن المستأنفة صباح الأربعاء، والتي تناولت الوضع في الشرق الأوسط بما في ذلك القضية الفلسطينية.
الهجوم جاء بسبب استخدام السفير الليبي مصطلح “المحرقة” (هولوكوست) لوصف ما يحدث في غزة، وهو ما اعتبره ممثلو الدول الثلاث مقارنة غير صحيحة ومعادية للسامية.
وقالت ممثلة الولايات المتحدة، دوروثي شيا، إنها وجدت نفسها مضطرة للرد على السفير الليبي بسبب تصريحاته، مشيرة إلى أن “ما من حدث في التاريخ المعاصر يرقى لمستوى المحرقة".
وأضافت: "التعريف الذي اعتمده الناجون من المحرقة يعتبر كل من يقارن أي حدث بالمحرقة معاديا للسامية. مثل هذه العبارات تقلل من شأن المحرقة التي ذهب ضحيتها ستة ملايين يهودي وبعض الجنسيات الأخرى، وهذا أيضا معاد للسامية".
وأضافت شيا أنها تابعت التهم الباطلة الموجهة لإسرائيل، مشيرة إلى أن بعض الدول ترفض أن تجلس في مجلس الأمن بجانب المندوب الإسرائيلي.
وقالت: "هؤلاء لا يستحقون أن يكونوا أعضاء في المجلس. بل إنهم لا يحملون حركة الجهاد مسؤولية إطلاق الصواريخ نحو إسرائيل، ويرفضون وصف حماس بأنها جماعة إرهابية. هذه العبارات المعادية للسامية تمس بهيبة الأمم المتحدة ولا ينبغي منح هذه المساحة لها".
من جانبها، عبرت ممثلة المملكة المتحدة، في ممارسة حق الرد، عن قلقها البالغ من استخدام السفير الليبي مصطلح “المحرقة” لوصف الوضع في غزة.
وقالت: “لن ننسى وحشية المحرقة التي ارتكبها النازيون ضد اليهود، والتي راح ضحيتها ستة ملايين شخص. لا يمكن مقارنة هذه الفظائع بأي شر آخر في التاريخ المعاصر. نرجو أن يركز المتحدثون على ما يقرب الفلسطينيين والإسرائيليين، لا على ما يفرق بينهم".
من جهته، تحدث ممثل فرنسا، رئيس جلسة مجلس الأمن، بصفته الوطنية، قائلًا: “فرنسا تود ممارسة حق الرد على ما قاله السفير الليبي. نحن لا نعترف إلا بمحرقة واحدة، وهي تلك التي ارتكبها النازيون ضد اليهود".
وتابع قائلا: "ذكرى تلك المحرقة يجب أن تحترم ولا تقارن بأي شيء آخر. نحن نعترف بمعاناة الناس في غزة، ولكن هذا لا يعني أن نقارن الوضع بمحرقة اليهود على أيدي النازيين".