منير أديب: الشائعات أداة التنظيمات المتطرفة لتشويه الخصوم.. والوعي سلاح المواجهة
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
أكد منير أديب، الخبير فى شئون الحركات الإسلامية، أن تاريخ تنظيم الإخوان الإرهابى يشهد على استخدام العنف كجزء من استراتيجياته منذ نشأته فى عام 1928، مشيراً إلى أن الإخوان استخدموا الدين ستاراً لهم، فبرروا استخدامهم للعنف عبر تحريف النصوص الدينية، واعتمدت الجماعة فى العنف على تلك التأويلات وحتى بعض النصوص الضعيفة، فيما كانت رؤيتهم لباقى النصوص أحادية لا تعبر عن مقاصدها ولا عن حقيقة الدين وإنما عن أيديولوجيات الإخوان.
وفى حواره مع «الوطن»، أكد «أديب» أن الوعى هو الوسيلة الأهم والأبرز لمواجهة الشائعات التى تنشرها الجماعات الإرهابية والمتطرفة، عبر منصات التواصل الاجتماعى والإنترنت.. وإلى نص الحوار:
هل العنف جزء منهجى فى فكر واستراتيجيات تنظيم الإخوان؟
- تاريخياً، الإخوان استخدموا العنف كجزء من استراتيجية الجماعة منذ نشأتها فى عام 1928، وهذا العنف لم يقتصر فقط على السلوك الفردى لأعضاء التنظيم، بل كان مرتبطاً بفكر مؤسسها حسن البنا، الذى ارتبطت دعوته بالقوة العسكرية لتحقيق الأهداف، والشعار الذى رفعه التنظيم منذ البداية كان يتضمن سيفين ومصحفاً، وهذا يعكس الفكرة التى ترى أن إقامة الدولة الإسلامية وتحقيق الأهداف لن يتما إلا من خلال القوة والعنف.
وفى عام 1939 أنشأ «البنا» النظام الخاص، أو الجناح العسكرى للإخوان، وهو ما يؤكد أن العنف كان جزءاً من الهيكل التنظيمى للجماعة، وفى رسالته «رسالة المؤتمر الخاص» عام 1938، أشار «البنا» إلى أن التنظيم سيستخدم القوة عندما لا يجد غيرها، وهذه المقولة تؤكد أن العنف لديهم وسيلة مشروعة، وعلى مر السنين، ورغم حل «النظام الخاص»، فإن فكرة العنف استمرت فى أدبياتهم وممارساتهم الداخلية، وفى كتابه «الإخوان المسلمون والعنف: قراءة فى الأدبيات المجهولة» يعرض مجموعة من المقولات التى تؤكد ضرورة إنشاء جيش إسلامى قادر على الدفاع عن التنظيم ومواجهة خصومه بالقوة، وهذه الأدبيات والممارسات تدعم الرأى القائل بأن العنف ليس فقط سلوكاً فردياً وإنما جزء من الفكر الاستراتيجى للتنظيم، وهو ما يستمر فى التأثير على مواقف الجماعة حتى اليوم.
ولكن كيف يكون الدين ستاراً للعنف.. وكيف سوقوا لذلك؟
- لجأوا إلى نصوص ضعيفة أو اعتمدوا على تأويل ورؤى أحادية للنصوص الأخرى لا تعبر عن المقاصد الحقيقية لتلك النصوص ولا تعكس حقيقة الدين، وإنما تعكس أيديولوجيات الإخوان، كل ذلك ليبرروا استخدامهم للعنف، ومن هنا تتضح أزمة الإخوان ووصفها كتنظيم متطرف وإرهابى، كما تبرز خطورة هذا التنظيم على الأمن والسلم وكذلك على الإنسان، ليس من كونه استخدم العنف وإنما من تفسيره وتبريره للعنف عبر نصوص دينية، فالإخوان بما فعلوه شوهوا الدين، وأضروا بالدولة وبالمواطنين، ولا أعتقد أن هناك حملة تعرض لها الدين، أو طُعن بها الإسلام تضاهى ما فعلته الجماعات والتنظيمات الدينية المتطرفة، والإخوان أحد النماذج التى تمثل خوارج العصر الحديث، إذ طعنوا الدين من الخلف، وشوهوه، ومارسوا العنف، وكأن هذا الدين يبرر عنفهم ومكرهم.
هل تعد الشائعات ومحاولات تأليب الرأى العام إحدى أدوات التنظيم وأسلحته للتآمر على الدولة؟
- بالفعل يستخدم الإخوان الشائعات كأداة رئيسية فى مواجهة خصومهم، خصوصاً بعد تراجع نفوذ التنظيم داخل مصر وفى المنطقة العربية، فهو يدرك جيداً أنه فقد كثيراً من وجوده السياسى.
ولم يعد مرحباً به فى كثير من الأوساط، لذلك رأى فى نشر الشائعات وسيلة فعّالة لتشويه صورة خصومه ومحاولة العودة إلى الساحة السياسية، إلى جانب استخدام هذه الشائعات فى إعادة تقديم نفسه مجدداً للجمهور، على أمل أن تتاح أمامه فرصة لاستعادة بعض من مكانته المفقودة، ويبدو أن التنظيم، الذى افتقد القدرة على تقديم خطاب سياسى قادر على جذب تأييد شعبى، استخدم الشائعات، السلاح الوحيد المتبقى له، ليس فقط لتشويه سمعة خصومه وأعدائه، وإنما التأثير كذلك على الرأى العام وخلق حالة من الفوضى قد تساعده على تنفيذ أجندته، وعلى زعزعة استقرار الدولة.
وماذا عن المواجهة.. وكيف تتصدى الدولة لشائعات الإخوان؟
- لا يوجد سلاح يمكن أن يواجه المجتمع من خلاله سلاح الشائعات الذى يستخدمه الإخوان إلا سلاح الوعى، فهو الوسيلة الأهم والأبرز لمواجهة الشائعات التى تنشرها الجماعات الإرهابية والمتطرفة عبر منصات التواصل الاجتماعى والإنترنت، ويستخدمه الإخوان على وجه الخصوص، ومن هنا تبرز أهمية المواجهة الفكرية لهذه التنظيمات وتفكيكها بكشف الأفكار المؤسسة لها التى قامت عليها وفضح مخططاتها، والوقوف أمام خطابها الذى يستهدف تشويه الخصوم واغتيالهم، فهدفهم هو اغتيال المجتمع وشخصيته وهويته، فلا بد من التسلح بالوعى فى مواجهة الشائعات والتنظيمات.
لماذا تركز تلك التنظيمات فيما تطلقه من شائعات دائماً على معلومات مغلوطة تتعلق بالأمن القومى أو باقتصاد وخدمات المواطنين؟
- التنظيمات الإسلامية الراديكالية تعتمد على استغلال الظروف الاقتصادية والمشاعر الدينية لتحريك الناس وتوجيههم لخدمة أهدافها، إذ تستخدم هذه الجماعات الأوضاع الاقتصادية الصعبة والارتباط الدينى العميق لدى الأفراد كوسيلة لخداعهم وجذبهم إلى صفوفها، وتسعى هذه التنظيمات إلى استغلال هذه العوامل لتمرير أفكارها المتطرفة والإقناع بأيديولوجياتها، ومن المهم أن تتولى المؤسسات الدينية مسئوليتها فى تقديم خطاب دينى معتدل ومتوازن يعكس جوهر الدين، بعيداً عن التأويلات المتطرفة التى تروج لها هذه الجماعات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: جماعة الإخوان الإرهابية الاخوان
إقرأ أيضاً:
فصل السياسة عن الدين
تعود فكرة فصل السياسة عن الدين إلى جماعة من الجماعات الدينية التى انتشرت فى القرن الثالث الهجرى بالعراق بسبب الفتوحات الإسلامية غربًا وشرقًا، وإطلاع الأمة على ثقافة تلك الدول فكونت جماعة من عدد من الفلاسفة الحكماء المسلمين اُطلق عليها «إخوان الصفا» التى أصدرت عددًا من الرسائل حاولوا فيها أن يوفقوا بين العقائد الإسلامية والحقائق التاريخية، ولقد أوضح عميد الأدب العربى طه حسين ما جاء فى تلك الرسائل، فمن تلك الرسائل ما هو متعلق بالسياسة التى اعتبرها علمًا مستقلًا بذاته وصنفوها ضمن العلوم التطبيقية، وما زال هذا التصنيف محل اعتبار فى السياسة، وأخذ به العديد من علماء الاجتماع من فلاسفة الأمة، وأخذ به أيضًا غيرهم من علماء السياسة فى الدول الغربية، إلا أن «إخوان الصفا» قد قسمت ماهية السياسة حسب كل مرحلة تاريخية لأمة المسلمين، لذلك كانت المرحلة النبوية مرحلة وضع القوانين والسُنن، ومرحلة المدينة بداية التطبيق الصحيح للمرحلة السابقة، وهنا ظهر الخليفة عمر بن الخطاب ليوقف حد السرقة فى عام الرمادة، هذا دليل على أن السياسة تكون بعيدة عن المرحلة التى يحيا فيها الإنسان، ثم ظهرت مرحلة أخرى هى مرحلة الأمراء وقادة الجيوش، ومن يومها ما زالت الطبقة الأخيرة هى المهيمنة على الإسلام بغض النظر عن رد المظالم أو قمع الأعداء، لأنهم لا يعتقدون أنهم السبب فى الظلم.
لم نقصد أحدًا!