شهد اللقاء الأسبوعي حول السيرة النبوية، الذي أقيم في الجامع الأزهر ، جلسة نقاشية تحت عنوان "الجهر بالرسالة وجحود الزعامة"، تناول خلالها علماء الأزهر الدروس المستفادة من المرحلة التي انتقل فيها النبي ﷺ من الدعوة السرية إلى الجهر بالدعوة.

مرحلة الدعوة السرية وبدايات الجهر بالدعوة
افتتح الدكتور حبيب الله حسن، أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، حديثه بالحديث عن أهمية الحكمة الإلهية في تدرج الدعوة.

وأوضح أن النبي ﷺ بدأ بالدعوة سرًا، حيث ركز على دعوة الأقرب فالأقرب ممن يثق في استعدادهم لسماع الحق. 

وأشار إلى أن هذه المرحلة استمرت ثلاث سنوات، لم يؤمن خلالها سوى 40 شخصًا من الرجال والنساء والأطفال، مثل السيدة خديجة، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأبو بكر الصديق.

حدث الجهر بالدعوة على جبل الصفا
وأوضح الدكتور حبيب الله أن الجهر بالدعوة بدأ عندما نادى النبي ﷺ قبائل قريش على جبل الصفا بمكة. اجتمع الناس حوله بعدما دعاهم بأسمائهم، مثل بني عبد مناف وبني هاشم، فتساءلوا عن سبب ندائه. 

وبدأ النبي ﷺ كلامه بسؤال عن مدى ثقتهم فيه: "أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا وراء هذا الوادي تغير عليكم أكنتم مصدقي؟"، فأجابوا: "ما جربنا عليك كذبا قط".

لكن رغم هذا الإقرار بصدقه، قوبل النبي ﷺ بجحود من عمه أبي لهب، الذي اعترض على الدعوة بسبب كبريائه وخوفه على زعامته.

اللقاء يناقش جحود زعماء قريش
وفي كلمته، تحدث الدكتور أسامة إبراهيم، أستاذ الحديث وعلومه بجامعة الأزهر، عن الأسباب النفسية وراء رفض زعماء قريش للدعوة، رغم يقينهم بصدقها. وأشار إلى أن بعضهم، مثل أبو سفيان وأبو جهل، كانوا يتسللون للاستماع إلى القرآن سرًا، لكنهم استمروا في كفرهم بسبب غرورهم وخوفهم على مصالحهم.

رسائل عزاء للنبي في القرآن الكريم
وأوضح الدكتور أسامة أن القرآن الكريم واسى النبي ﷺ في حزنه على قومه، مشيرًا إلى أنهم لم يكذبوه شخصيًا، بل رفضوا الإيمان بالحق. وأضاف أن الوليد بن المغيرة، الذي كان يلقب بـ"الكامل"، كان مثالًا واضحًا على المكابرة، حيث اعتقد أن النبوة تُمنح وفقًا للمعايير الدنيوية كالمال والشجاعة.

الإيمان تجربة عميقة
واختتم اللقاء بالتأكيد على أن الإيمان الحقيقي يعتمد على التجربة واليقين، وليس على المظاهر أو التقليد. فالقرآن الكريم يقدم شواهد عديدة تثبت أن الإسلام هو دين الحق، من خلال تجارب الأمم السابقة وأحداث الواقع.

انعقدت هذه الجلسة في جامعة الأزهر الشريف بحضور عدد كبير من طلاب العلم والأساتذة، وتركزت على إحياء معاني الصبر والثبات في مواجهة التحديات التي قد تواجه الدعوة إلى الحق.
 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: السيرة النبوية الجامع الأزهر المزيد النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

آيات الله في تابوت طالوت واختبار النهر.. دروس في الطاعة واليقين

واصل آيات سورة البقرة كشف أحداث بني إسرائيل ومواقفهم مع طالوت، الملك الذي اصطفاه الله لهم، رغم اعتراضهم في البداية على اختياره، في تفسير الآيتين (248 - 249)، يقدم الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق، رؤى ثرية حول معجزات التابوت واختبار النهر، وأهميتها في سياق الطاعة والانضباط.

التابوت: معجزة شاهدة على الملك

قال  جمعة عبر صفحته الرسمية عبر الفيسبوك أن التابوت الذي ذُكر في قوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ} [البقرة: 248]، كان دليلًا إلهيًا على أحقية طالوت بالملك.

و عن السكينة: يشير القرآن إلى أن في التابوت "سكينة من ربكم"، وهي هدوء نفسي وروحي يطمئن قلوب المؤمنين.

وعن البقية: تضم التابوت أشياء مباركة تركها آل موسى وهارون، ربما كانت عصا موسى أو ألواح التوراة.


اختبار النهر: الطاعة أساس النجاح

في الآية التي تليها، قال طالوت لجنده: {إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ} [البقرة: 249].

كان اختبار النهر امتحانًا للطاعة والانضباط في الصفوف العسكرية، حيث طُلب منهم عدم الشرب من النهر إلا بقدر يسير، لا يزيد عن غرفة باليد.

العبرة العسكرية: يوضح الدكتور علي جمعة أن هذا الامتحان كان يعكس أهمية الانضباط والطاعة في الجيوش، فحتى إن لم تكن الحكمة واضحة، فإن الالتزام بالأوامر أمر ضروري لحماية الجيش وتحقيق الانتصار.


قاعدة لغوية من الآية

يشير جمعة إلى قاعدة لغوية في كلمة "نهْر" المذكورة في الآية، في اللغة العربية، كل فعل تأتي عينه من حروف الحلق (مثل الهمزة، الهاء، العين، الحاء، الغين، الخاء) يجوز فيه السكون والفتح، وبالتالي يمكن نطقها "نهْر" أو "نهَر"، وكلاهما صحيح. ومن أمثلة ذلك أيضًا "شغْب" و"شغَب".

ماذا نتعلم من الآيتين

1. الإيمان بالمعجزات: كانت عودة التابوت برهانًا ملموسًا على صدق طالوت وأحقيته بالملك، وهو درس في أهمية اليقين بالآيات الإلهية.


2. الطاعة والانضباط: يبرز اختبار النهر أن الطاعة في المواقف الحرجة لا تقل أهمية عن الشجاعة.


3. السكينة كمكافأة: السكينة التي يمنحها الله للمؤمنين هي زاد روحي يعينهم على مواجهة التحديات.

 

آيات التابوت واختبار النهر تحمل رسائل خالدة عن الطاعة، الإيمان، والانضباط، إنها دعوة للتأمل في أفعالنا، واليقين بحكمة الله في كل ما يقدره لنا، حتى وإن لم تكن الحكمة واضحة في البداية.

مقالات مشابهة

  • الإيمان طريق الخلاص
  • شيخ الأزهر يستقبل الدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار السابق
  • لليوم الثاني انتظام امتحانات الأزهر بالإسكندرية
  • أمين الفتوى: حب الوطن من الإيمان.. والشريعة أمرتنا بحمايته
  • سعيد سلامة يقدم 7 دروس في الإيماء بمهرجان المسرح العربي
  • جمعة رجب.. تاريخ وعظمة الإيمان في اليمن
  • الدكتور محمد ربيع رئيس مجلس الأمناء تخصصات دراسية متميزة أمام الطلاب بمرحلة البكالوريوس والليسانس
  • نصر فريد واصل في المستشفى بعد جلطة في المخ.. علماء الأزهر يطمئنون على حالته
  • آيات الله في تابوت طالوت واختبار النهر.. دروس في الطاعة واليقين