هل يجوز التسبيح أثناء مشاهدة التلفزيون والانشغال مع الآخرين؟
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
هل يجوز التسبيح أثناء مشاهدة التلفزيون؟ إن التسبيح شأنه عظيم، وفضله كبير، ومن معانيه التمجيد والتعظيم والتقديس لله سبحانه وتعالى، قال العلماء معنى سبحان الله: تنزيهه عن كل سوء ونقيصة، ويكفي في فضله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال: سبحان والله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر».
أكد الدكتور عمرو الورداني، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنه يمكن للإنسان أن يسبح في أي مكان، حتى وإن كان جالسًا بين الناس أو يشاهد التلفزيون، طالما أن التسبيح يتم بشكل صحيح.
وأوضح أمين الفتوى، في تصريح له، أن الذكر لا يتطلب التفرغ التام للعبادة، بل يمكن للإنسان أن يذكر الله أثناء أنشطته اليومية، مثل الجلوس مع الآخرين أو متابعة شيء على التلفزيون، مشيرًا إلى أن هذا النوع من الذكر يُعتبر من أفضل أنواع الذكر.
وأضاف: "الحديث الشريف يذكر أن الرجل يسبح والناس يخوضون فيما يخوضون فيه، وبالتالي يمكن للإنسان أن يذكر الله أثناء تواجده مع الآخرين دون أن يكون ذلك منافياً للعبادة أو مخالفًا للمفهوم الصحيح لها".
وشدد على أن التسبيح في هذه الحالات ليس فقط جائزًا، بل هو عمل ينال عليه العبد الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالى، كما أنه يساعد في فتح القلب وشرح الصدر، مؤكدا أنه لا يوجد أي حرج في ممارسة الذكر بهذه الطريقة طالما أن الذكر يتم بشكل صحيح.
هل يجوز التسبيح أثناء مشاهدة التلفزيونقال الدكتور عبدالله العجمي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية: “إن الأصل أن الانسان يدقق في ذكر الله، وألا ينشغل بما سواه حتي يكون هناك حضور للقلب، وعلى الإنسان أن يتأدب مع الله، فالإنسان ثقيل عليه أن ينشغل عن بشر يتحدث معه”، مضيفًا أن التسبيح أمام التلفزيون جائز، ولكن يجب التأدب مع الله.
هل يجوز التسبيح أثناء مشاهدتي للتليفزيونتلقى الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق، سؤالا تقول صاحبته: “هل يجوز التسبيح أثناء مشاهدتي للتليفزيون برنامج غير ديني؟”.
وأجاب الدكتور علي جمعة عبر صفحته على فيس بوك عن سؤال “هل يجوز التسبيح أثناء مشاهدتي للتليفزيونى برنامج غير ديني؟” قائلا: نعم يجوز أن تسبحي وأنت تشاهدين التليفزيون، وهذه تسمى سُبحة الحديث.
واستشهد بقول النبيصلى الله عليه وسلم-: «أحب الأعمال إلى الله سبحة الحديث ولا يزال لسانك رطبا بذكر الله، قالوا: يا رسول الله وما سبحة الحديث؟ قال: القوم يتكلمون وأحدكم يسبح».
فضل التسبيح-التسبيح مقرون بجلب معيّة الله تعالى وعزّته، قال تعالى: «وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ۖ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ».
-التسبيح سبب جالبٌ للنّصر ومعونة الله سبحانه إذا قُرن بالاستغفار؛ فقد قال تعالى موصيًا نبيّه عليه السّلام: «فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ»
-التسبيح مقرونٌ بالتّوكّل على الله والشّعور باليقين الكامل تجاه قدرته سبحانه وتأيّيده، قال تعالى: «وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ».
-التسبيح سبب لإزالة وهن النّفس ورفع الهمّة، فقد أوصى الله تعالى نبيّه أن يسبّح الله تعالى بعد كلّ التّكذيب الذي عايشه من قومه؛ وذلك لرفع همّته وإزالة الوهن والضّعف الذي صار إليه، قال تعالى: «فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ».
التسبيح عند رسل الله
أما رسل الله تعالى وأنبياؤه، فالتسبيح ذكرهم، وهو عند الشدائد مفزعهم، فنبي الله موسى عليه السلام، يدعو ربه بأن يجعل معه أخاه هارون وزيرا ؛ ليعينه على التسبيح كثيرا، فقال «وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا».
ونبينا - صلى الله عليه وسلم -، حياته كلها تسبيح، فإذا قرأ القرآن، ومر بآية فيها تنزيه للرحمن سبح، وإذا قام من الليل، أطال التسبيح في ركوعه وسجوده، وإذا ركب دابته قال «سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا» وإذا نزل وادياً سبح، وإذا رأى الأمر الذي يتعجب منه سبح، وإذا أوى إلى فراشه سبح ثلاثا وثلاثين، وحين اشتد أذى المشركين له، فأحاط به الهم، وضاق به الصدر، أمره ربه بكثرة التسبيح له، لينشرح صدره، ويذهب عنه همه وغمه، فقال «وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ».
التسبيح بعد الفجر في رجب.. إذا اشتقت لزيارة الكعبة ردده الآن
فضل الأذكار والتسابيح في حياة المسلم .. تكفر الذنوب والآثام
- التسبيح يطمئن قلبك، وتقر عينك، وينشرح صدرك
-ومن فوائد التسبيحأن الله يعطيك من الثواب العاجل والآجل حتى ترضى.
-التسبيح عبادة جليلة، وطاعة عظيمة، يحيي الله به القلوب.
-التسبيحيضاعف به الأجور، ويمحو الله به الخطايا، ويغفر الذنوب والرزايا
-التسبيح هو زاد الآخرة، وغراس الجنة، وأفضل الكلام، وأحبه إلى الرحمن، وبه يثقل الميزان،
-التسبيح يشفع لصاحبه عند ربه، ويذكر به إذا وقعت له شدة، ففي مسند الإمام أحمد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الذي تذكرون من جلال الله، وتسبيحه، وتحميده، وتهليله، تتعطف حول العرش، لهن دوي، كدوي النحل، يذكرن بصاحبهن، أفلا يحب أحدكم أن لا يزال له عند الله شيء يذكر به؟».
ونبي الله يونس عليه السلام، كان في ظلمة الليل، وظلمة البحر، وظلمة بطن الحوت، «فَنادى فِي الظُّلُماتِ أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ»، فنجاه الله تعالى وقال«لَوْلا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ».
أحب الأذكار إلى اللهالذكر بمفهومه الخاص يعني: ذكر الله -عز وجل- بالألفاظ الواردة في القرآن الكريم، أو السنة النبوية الشريفة، والتي تتضمن تمجيد الله، وتعظيمه، وتوحيده، وتقديسه، وتنزيهه عن كل النقائص، ومن هذه الأذكار:
1- قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: «مَنْ قال لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَهُ لَا شرِيكَ لَهُ، لَهُ الملْكُ، ولَهُ الحمْدُ، وهُوَ عَلَى كُلِّ شيءٍ قديرٌ، فِي يومٍ مائَةَ مرةٍ، كانتْ لَهُ عِدْلَ عشرِ رقابٍ، وكُتِبَتْ لَهُ مائَةُ حسنَةٍ، ومُحِيَتْ عنه مائَةُ سيِّئَةٍ، وكانَتْ لَهُ حِرْزًا منَ الشيطانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حتى يُمْسِيَ، ولم يأتِ أحدٌ بأفضلَ مِمَّا جاءَ بِهِ، إلَّا أحدٌ عَمِلَ عملًا أكثرَ مِنْ ذلِكَ».
2- وقوله صلى الله عليه وسلم: «أيَعجِزُ أحَدُكم أنْ يَكسِبَ كُلَّ يَومٍ ألْفَ حَسَنةٍ؟ فقال رَجُلٌ مِن جُلَسائِهِ: كيف يَكسِبُ أحَدُنا ألْفَ حَسَنةٍ؟ قال: يُسبِّحُ مِئةَ تَسبيحةٍ؛ تُكتَبُ له ألْفُ حَسَنةٍ، أو يُحَطُّ عنه ألْفُ خَطيئةٍ».
3- وقال عليه الصلاة والسلام: «مَن قال: سبحانَ اللهِ وبِحَمدِهِ، في يَومٍ مِئةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خطاياه، وإنْ كانتْ مِثلَ زَبَدِ البَحرِ».
- قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- لأحد الصحابة الكرام: «ألَا أدُلُّكَ علَى كَلِمَةٍ هي كَنْزٌ مِن كُنُوزِ الجَنَّةِ؟ لا حَوْلَ ولَا قُوَّةَ إلَّا باللَّهِ».
4-وقال صلى الله عليه وسلم: «لأَنْ أَقُولَ سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، أَحَبُّ إِلَيَّ ممَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ».
5- وورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «إنَّهُ ليُغانُ على قَلبي، وإنِّي لأستغفِرُ اللَّهَ في كلِّ يومٍ مائةَ مَرَّةٍ».
6- وروى عنه صلى الله عليه وسلم قوله: «واللَّهِ إنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وأَتُوبُ إلَيْهِ في اليَومِ أكْثَرَ مِن سَبْعِينَ مَرَّةً».
7- كما قال عليه الصلاة والسلام: «كَلِمَتانِ حَبِيبَتانِ إلى الرَّحْمَنِ، خَفِيفَتانِ علَى اللِّسانِ، ثَقِيلَتانِ في المِيزانِ: سُبْحانَ اللَّهِ وبِحَمْدِهِ، سُبْحانَ اللَّهِ العَظِيمِ».
8- سأل أبي بن كعب -رضي الله عنه- الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم فقال: «يا رسولَ اللهِ، إِنَّي أُكْثِرُ الصلاةَ عليْكَ، فكم أجعَلُ لكَ من صلاتِي؟ فقال: ما شِئْتَ، قال: قلتُ: الربعَ؟ قال: ما شئْتَ، فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ، قلتُ: النصفَ؟ قال: ما شئتَ، فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ، قال: قلْتُ: فالثلثينِ؟ قال: ما شئْتَ، فإِنْ زدتَّ فهو خيرٌ لكَ، قلتُ: أجعلُ لكَ صلاتي كلَّها؟ قال: إذًا تُكْفَى همَّكَ ويغفرْ لكَ ذنبُكَ».
9- ورُوي عن جويرية -رضي الله عنها- أنها قالت: «أنَّ النبيَّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ- خَرَجَ مِن عِندِهَا بُكْرَةً حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ، وَهي في مَسْجِدِهَا، ثُمَّ رَجَعَ بَعْدَ أَنْ أَضْحَى، وَهي جَالِسَةٌ، فَقالَ: ما زِلْتِ علَى الحَالِ الَّتي فَارَقْتُكِ عَلَيْهَا؟ قالَتْ: نَعَمْ، قالَ النبيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وَسَلَّمَ-: لقَدْ قُلتُ بَعْدَكِ أَرْبَعَ كَلِمَاتٍ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لو وُزِنَتْ بما قُلْتِ مُنْذُ اليَومِ لَوَزَنَتْهُنَّ: سُبْحَانَ اللهِ وَبِحَمْدِهِ، عَدَدَ خَلْقِهِ وَرِضَا نَفْسِهِ وَزِنَةَ عَرْشِهِ وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ».
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: التسبيح هل يجوز التسبيح باليد اليسرى المزيد صلى الله علیه وسلم الله تعالى رسول الله قال تعالى ه علیه
إقرأ أيضاً:
أمريكا وَديمقراطيتُها الزائفة
بشرى المؤيد
شهد العالم مراسيم الاحتفال بتنصيب ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، وشهد الناس وَاستمعوا لخطابه وَهو ينتقد الرئيس السابق بايدن وما كان حكمه فيه من سلبيات، فوبّخه على فترة حكمه، وأن حكمه الآتي سيأتي بالازدهار الاقتصادي لبلده فهو متأكّـد من أن حلبه سيزداد للدول التي ستعطيه “حليباً كامل الدسم”.
ووعد شعبه بوعود كثيرة منها أنهم سيسكنون في المريخ ويضعون علم أمريكا يرفرف عاليًا فيها، كانت هناك كثير من الوعود الخيالية وَالوهمية، فهل يا ترى هل سيحقّقها جميعا؟
فالأرض هي الكرة التي أعدها الله سبحانه، لبني آدم وجعلها مهيأة وصالحة له للعيش وَالنماء وَالعمران فيها، قال تعالى: “الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ”.
يتعاملون مع الناس باستعلاء، وَاستبداد وَسيطرة كأنهم الوحيدون على وجه هذه الأرض، فنرى اليهود يصفون الشعوب بأنهم مُجَـرّد حيوانات تمشي على هذه الأرض، وأنهم هم الأسياد وَالمفضلون الذين يحق لهم العيش “فهم شعب الله المختار” والآخرون لهم الفناء وَالعيش في ضنك.
يظنون بأنهم ما زالوا المفضَّلين على العالمين وهذا مفهوم خاطئ، الله فضلهم في زمانهم وعصرهم السابق، حَيثُ كان منهم الأنبياء، وَالأحبار، والصالحين، وَالمرشدين الذين كانوا يأمرون بالمعروف وَينهون عن المنكر، يدعون إلى التمسك بالدين والطاعة لله وَاتباع الرسل؛ لكنهم انحرفوا عن البوصلة وزاد فيهم الفساد وجحدوا بنعم الله، قال تعالى: “يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ” وحين بطروا على نعم الله طردوا من رحمته، وحكم الله عليهم بالعذاب المُستمرّ بأيدي الناس إلى يوم القيامة وَالشتات وَتمزيقهم في أرض الله؛ أي ليس لهم أرض يملكونها ليعيشوا فيها وَإنما يعيشون مشتتين في أرض الله، وهذا ما يعترف به “حاخاماتهم” حين كانوا يلتقون معهم في التلفاز ويعرفون حكم الله عليهم وَما عاقبة مخالفة أمر الله لهم.
قال تعالى: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ، وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ” وقال تعالى: “وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا، مِّنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَٰلِكَ، وَبَلَوْنَاهُم بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ”.
فمن الذي يستطيع أن يتجرأ على أحكام الله التي أنزلها في شرائعه، وأحكام القرآن الكريم الذي ضم فيها كُـلّ هذه الشرائع وجعله دستوراً للأُمَّـة جمعاء؟ من الذي له الكلمة العليا والحق في مصير شعب يراد له أن يهجر وَتنتزع أرضه من بين يديه وهي ملكه في الحقيقة وَالواقع؟
هؤلاء الذين يراد لهم تهجيرهم من أرضهم جذورهم موتدة في أرضهم، لا يمكن انتزاع هذه الجذور المتشعبة والمتشابكة فهم كالجبال الرواسي، وهم أصحاب الحق فجذورهم ضاربة في الأرض، لا يستطيع أي إنسان أن يأتي بسهولة ويقول “أخرجوا من دياركم فهذه أرضنا” حتى لو فرضنا جدلاً أنهم سيرضون وهذا أبعد من الخيال فَــإنَّ الأرض ستدافع عن نفسها ببحرها، وهوائها، وترابها وكلّ ذرة فيها بقوله تعالى: “كُن فَيَكُونُ”.
بأمر الله ستحارب الرياح والبحر والتراب والحيوانات والطيور وكلّ شيء خلقه الله سيكون من جنود الله، سيحارب مع هذه الأرض، قال تعالى: “رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ” وقال تعالى: “وَأرسل عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ” وَقال تعالى: “وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ”.
إن من ينبغي أن يهجر هم المستوطنون الذين اغتصبوا أرضاً ليست أرضهم فهم مُجَـرّد غزاة أتوا من بعيد ليحلوا في أرض ليست حقهم أَو ملكهم، هكذا يعرف العالم أجمع والشعوب كلها وَالإنسانية كلها أن شعب فلسطين الأرض أرضه، والحق حقه، فأين الديمقراطية العادلة التي تدعون بها؟ وأين الديمقراطية التي تسلبون بها حقوق الآخرين وَتنتزعون الأمن وَالأمان وَالاستقرار من الشعوب؟ كيف هي هذه الديمقراطية التي تستبيحون بها أراضي الآخرين؟ أين الديمقراطية والعدل التي تجيزون بها إبادة الآخرين وفنائهم من هذه الأرض التي خلقها الله للإنسان ليعيش فيها؟ ما هي الديمقراطية؟ هل معناها الاستعباد وَالاستبداد والقضاء على حقوق الآخرين؟ هل معنى الديمقراطية الخداع وَالتحكم والسيطرة؟
أما من يوالي وَيوافق على ظلم الآخرين ويكون مثلهم في مشاريعهم، ويوافق على تهجير المستضعفين وأكل حقوقهم، وزعزعة الأمن والاستقرار من قلوب الناس، ويوافق على تجويع الشعوب وحصارها وَيصمت ويوافق على أفعال الشر التي حرمها الله على عباده فَــإنَّه سينطبق عليه قوله تعالى: “﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَىٰ أولياء، بَعْضُهُمْ أولياء بَعْضٍ، وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ سيكون منهم وسيأتي دوره.