حسن محمد طه

ثقةً باللهِ وبعزمِ وشجاعةِ أهل البأس الشديد تحَرّك الشعب اليمني الحر وحكومته في صنعاء؛ بمواقف الدعم والمساندة المُستمرّة لأبطال الجيش المجاهد تحت راية قائد الثورة السيد عبد الملك بدرالدين الحوثي، لخوض معركة “الفتح الموعود والجهاد المقدس التي انطلقت لدعم ومساندة عمليات “طوفان الأقصى” ومناصرةً لأهلنا في غزة.

كان ولا يزال هذا الموقف اليمني هو الأبرز والأكثر تأثيرًا على الكيان الصهيوني وعلى أمريكا في مختلف الجوانب العسكرية والاقتصادية والسياسية، وبشهادة كُـلّ الخبراء العسكريين والمحللين السياسيين الدوليين واعتراف كبار مسؤولي الكيان الصهيوني والأمريكي أنفسهم.

وعندما نتحدث عن موقف اليمن فَــإنَّنا نعني الموقف الاستثنائي الشامل والكامل؛ إذ لا يجوز اختزاله بكلماتٍ أَو مصطلحٍ مُجَـرّد، بل يلزمنا الوقوف أمامه بكل اعتزاز وفخر، والواجب علينا أن نستوعب حجمه وتأثيره على العدوّ بمختلف الجوانب.

باعتبار أن اليمنَ انفرد بأداء فريضة النصرة في الدين، وتصدر قائمة الشرفاء، وتحَرّك من واقعه ووضعه الاقتصادي المنهك الذي لم يتعافى من حصار وعدوان لعشرة أعوام، وقاد أهم معركة وأوسع جبهة من جبهات الإسناد للمقاومة الفلسطينية وتموضع في خط الدفاع الوحيد عن أهلنا المستضعفين في غزة.

وكان هناك ركائز أَسَاسية صنعت هذا الدور الكبير والموقف المتكامل أبرزها:

الموقف الشعبي:

– يشمل التحَرّك المُستمرّ في حملة التبرعات للمقاومة والأنشطة اليومية في جميع المحافظات والمديريات والعزل.

– الخروج المليوني وصل لأكثر من ثمانمِئة ساحة أسبوعيًّا وبانتظام؛ تأييدًا للمقاومة ورفضًا وتنديدًا بجرائم الكيان الصهيوني ومواقف الصمت والتخاذل العربية والإسلامية.

– الالتحاق الطوعي بالدورات التدريبية العسكرية لمختلف مكونات المجتمع للاستعداد للمشاركة الفعلية في المعركة المباشرة مع العدوّ في الأراضي المحتلّة أَو مواجهة التصعيد على شعبنا نتيجة مساندته للمقاومة.

– الاستنفار الكبير والزخم القبلي المُستمرّ في ميادين الحشد وتوجيه رسائل الوعيد والتحذير والتحدي المباشر للهيمنة الأمريكية الصهيونية واستعداد القبيلة اليمنية للمواجهَة والمشاركة في المعركة بكل ما تمتلك من الرجال والعتاد والسلاح، والعدوّ يدرك مدى تأثير القبائل اليمنية وحجم سلاحها وشراسة رجالها.

الموقف السياسي:

– لم تتأخر القيادة في صنعاء؛ حتى ليومٍ واحد، عن إعلان دعم وتأييد ومباركة معركة “طوفان الأقصى” وانتهجت زخم وحراك سياسي بدأ بإعلان إدانة الجرائم والمجازر التي يرتكبها الكيان الصهيوني بحق أهلنا في غزة.

– انعقدت المؤتمرات والندوات ومخاطبة منظمات المجتمع الدولي ومختلف الدول العربية والإسلامية والأجنبية؛ مِن أجلِ تسليط الضوء على مظلومية الشعب الفلسطيني ومشروعية مقاومته للاحتلال.

– إدانة جرائم الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء فلسطين ومطالبة تلك المنظمات والدول بالضغط على أمريكا و”إسرائيل” لإيقاف عدوانها على أبناء غزة.

– من المواقف المهمة مبادرة مجلس النواب بإصدار قانون تحريم وتجريم التطبيع مع العدوّ الصهيوني وصادق عليه رئيس المجلس السياسي الأعلى، وتحَرّكت مختلف المكونات والأحزاب السياسية بصنعاء بوتيرةٍ عاليةٍ بنفس هذه المواقف.

– الحراك التعبوي الذي يقوده وينفذه بشكل عملي السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي من خلال خطابه الأسبوعي الذي يحرص على أن يوجهه للداخل اليمني وللمقاومة الباسلة وأهلنا في غزة، وللأُمَّـة الإسلامية وأحرار العالم كافة، ويضع شعوب وحكام دول العالم ومنظمات المجتمع الدولي أمام مسؤولية كبيرة تجاه صمتهم المخزي عما يجري بحق أبناء غزة ولبنان.

– ومن خلال انتظام الخطاب الأسبوعي كشف السيد القائد زيف أدعياء الإنسانية وقبح وخساسة المؤامرات التي يحيكها النظام الأمريكي والبريطاني واللوبي الصهيوني ضد شعوب الأُمَّــة الإسلامية وثرواتها ومقدراتها وبمشاركة وتواطؤ من حكامها وأنظمتها العميلة.

– وضع السيد القائد العالم أمام الصورة الحقيقية لحجم الجرائم والمجازر الجماعية وتفنيدها بالأرقام بضحاياها من الأطفال والنساء والناس الأبرياء وحجم وأماكن الدمار، بصورةٍ واضحةٍ، أمام تجاهل قنوات الإعلام العربية والإسلامية والأجنبية بمختلف توجّـهاتها.

الموقف العسكري:

– بكل جرأةٍ وشجاعةٍ قرّرت القيادة المشاركة في المعركة؛ باعتبَار ذلك استجابة طبيعية للموقف الشعبي الغيور وبدوافع إيمانية وأخلاقية وإنسانية، ولا يخشى من العواقب المترتبة عن هكذا مغامرة مهما كانت؛ لأَنَّ إيمان القيادة والخوف من العقاب الإلهي أشد وأعظم؛ باعتبَار أننا شعب مؤمن وعلينا مسؤولية دينية وأخلاقية وإنسانية تستوجب علينا مساندة إخواننا في غزة.

– تنفيذ العمليات العسكرية المختلفة “طيران مسير، وصواريخ” في عمق الأراضي المحتلّة ضد أهداف الكيان الصهيوني؛ ما سبَّبَ صدمةً للعدو وسقطت هيبته وشوهت بسمعة القبة الحديدية ومختلف دفاعته وخلطت كُـلّ أوراقه حساباته، وغيَّرت معادلات المعركة وخلخلت موازين القوة لصالح محور المقاومة بشكلٍ عام، وجبهة اليمن بشكلٍ خاص.

– العمليات العسكرية اليمنية ضد الكيان الصهيوني وضعت أنظمة الدول العربية والإسلامية في موقفٍ محرج أمام شعوبها وأمام الرأي العام العالمي وخَاصَّة المطبِّعين والقوى السياسية والفكرية، وأبواق ماكيناتهم الإعلامية قنوات ومواقع التواصل الاجتماعي، الممولة من أموال الشعوب العربية والإسلامية؛ مِن أجلِ نشر التضليل والتشويه والتحريض على المقاومة ودول الممانعة وتغذية الصراع الطائفي والمذهبي؛ ما جعلهم يبتلعون ألسنتهم عندما وقفت قيادة صنعاء مع حماس السنية حسب زعمهم.

– تحول موقف اليمن مع المقاومة الفلسطينية ومشاركته العسكرية في المعركة إلى فرصةٍ لتطوير صناعتنا وقدراتنا العسكرية بمختلف جوانبها الصاروخية والطيران المسير وقدرات القوات البحرية، إلى المستوى الذي أدهش الأنظمة التي تمتلك أحدث أنواع الأسلحة وأقوى الجيوش المدربة، وحاكمة لدول نفطية وغازية، تبني الأبراج العقارية وتمتلك الاستثمارات بتروليونات الدولارات في الداخل والخارج ولا تصنع بلدانهم قذيفة دبابة.

الموقف الاقتصادي:

– بدأت المرحلة الأولى من فرض حصار في البحر الأحمر وحضر مرور البوارج العسكرية وسفن الشحن التجارية التابعة للكيان الصهيوني، ثم قرّرت القيادة الانتقال للمرحلة الثانية من خلال فرض حضر على مرور سفن المتجهة للموانئ المحتلّة، ثم منع سفن الشركات المرتبطة بالعدوّ حتى وصلنا إلى المرحلة الخامسة، التي شملت منع السفن الأمريكية والبريطانية والمواجهة المباشرة والاشتباك بالسفن والبوارج والمدمّـرات وحاملات الطائرات الحربية.

ساهمت الجبهة اليمنية من خلال حصارها في ارتفاع أسعار التأمين والشحن، ونتج عن ذلك ارتفاع أسعار البضائع الاستهلاكية وإغلاق ميناء أم الرشراش (إيلات) وتسريح الموظفين وإفلاس آلاف الشركات داخل الكيان الصهيوني.

– تكبيد العدوّ الأمريكي والبريطاني خسائر بمليارات الدولارات نتيجة لكمية الصواريخ الدفاعية المكلفة ملايين الدولارات التي تطلقها بوراجهم وسفنهم الحربية للتصدي لطيراننا المسير وصواريخنا المجنحة (قليلة التكاليف)، ولم يستطيعوا تحقيق هدفهم المتمثل بمنع هجماتنا، ومنع سفنهم من الملاحة عبر مضيق المندب والبحر الأحمر رغم استخدامهم لأساليب التمويه وإغلاق أجهزة الملاحة وتغيير أعلام سفنهم بأعلام دول أُخرى ولم تنجح كُـلّ تكتيكاتهم.

– نجحت قواتنا المسلحة بفرض حصار وحضر دائم، وكذلك حقّقت نجاح من خلال إصابة وتعطيل عددٍ من الحاملات والسفن والبوارج وإغراق سفن بريطانية، بعد التوسع في استهداف السفن خلال مراحل المعركة إلى المحيط الهندي وبحر العرب وخليج عدن.

– فشل تحالفهم المسمى بـ”حارس الازدهار”، وكل فترةٍ وأُخرى يحشدون عتاد بحري من الحاملات والبوارج بعد انسحاب السابقات المتضررة وتفشل خططهم ومؤامراتهم ويتم الانسحاب من جديد.

– تفعيل حملة المقاطعة الاقتصادية للمنتجات “الصهيوأمريكية” ووصل مستواها لدرجةٍ عاليةٍ من الوعي؛ ما أَدَّى إلى خلو السوق اليمنية في المحافظات الحرة من معظم المنتجات الغذائية والمشروبات التي تحمل علامات تجارية مملوكة لشركاتٍ أمريكية وإسرائيلية، ولا يزال موقفنا ثابتًا، بل وبزخمٍ متصاعدٍ، لن يتوقف إلا بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة، وفك الحصار عن أهلها.

* عضو مجلس الشورى

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة الکیان الصهیونی فی المعرکة من خلال فی غزة

إقرأ أيضاً:

تعرف على محمد شاهين القائد القسامي الذي اغتالته إسرائيل في لبنان

محمد شاهين مسؤول عسكري في فرع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في لبنان، كان مسؤولا عن توجيه عمليات الضفة الغربية، حسب وسائل إعلام إسرائيلية، وعرف عنه قربه من القيادي في الحركة صالح العاروري، الذي كان نائب رئيس مكتبها السياسي منذ عام 2017، واغتالته إسرائيل بداية 2024.

وتقول وسائل إعلام إسرائيلية إن شاهين كان يدير عملية التنسيق والاتصال مع حزب الله اللبناني وإنه "كان جزءا من التخطيط لعمليات فدائية في الضفة الغربية مع العاروري وزكي شاهين".

وذكرت صحيفة يديعوت أحرنوت أنه كان يرأس "قسم عمليات حماس في لبنان"، الذي يخطط للهجمات ضد أهداف إسرائيلية في الخارج.

محمد شاهين (الثالث يسار) مع قيادات من حركة حماس (مواقع التواصل الاجتماعي)

ولد محمد شاهين -الملقب بأبو عماد- في مخيم البقعة في قطاع غزة لعائلة فلسطينية لجأت من قرية الفالوجة الفلسطينية المحتلة، وهو يحمل الجنسية الأردنية.

وأوردت شبكة القدس الإخبارية أن أخاه حمزة اغتيل قبله بسنوات في انفجار استهدف مخيم البرج الشمالي جنوبي لبنان.

الاغتيال

اغتيل شاهين بطائرة مسيرة إسرائيلية ظهر يوم الاثنين 17 فبراير/شباط 2025، في مدينة صيدا جنوب لبنان، وذلك عشية انتهاء المهلة المحددة لانسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب يوم 18 من الشهر نفسه.

إعلان

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خرج من جلسة محاكمته مدة عشرين دقيقة للمصادقة على عملية الاغتيال.

كما قالت رئاسة الوزراء إن نتنياهو أوقف شهادته في المحكمة بهدف عقد مشاورة أمنية عاجلة مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس.

مقالات مشابهة

  • مساعد وزير الخارجية الأسبق: مصر تقود الدول العربية لحل القضية الفلسطينية
  • رئيس «العربية لحقوق الإنسان»: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بتعطيل المساعدات لغزة
  • نشطاء مؤيدون لفلسطين يرشقون مقر بي بي سي بالطلاء الأحمر ويتهموها بالتواطؤ مع الكيان الصهيوني
  • اليمن والموقف الحازم
  • أحداث قرية شناغة.. اعتقال القوة العسكرية التي تصادمت مع الفلاحين الكورد
  • السلامُ مع اليمن صمام أمان العرب لمواجهة “أمريكا “
  • تعرف على محمد شاهين القائد القسامي الذي اغتالته إسرائيل في لبنان
  • هل يصمد الموقف العربي الموحد في القمة العربية أمام الطرح الأمريكي الإسرائيلي؟ السفير حسام زكي يجيب
  • برلماني عراقي: القوات المسلحة اليمنية أذلت أساطيل أمريكا وبريطانيا وهزّت الكيان الصهيوني
  • كيف استطاع الشهيدُ القائد حسين بدر الدين الحوثي كسرَ حاجز الخوف من أمريكا؟