الوجه الآخر للذكاء الاصطناعى
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
يبهرنا التقدم المذهل كل يوم، فنقف مشدوهين أمام إبداع العقل البشرى، وقدرته على تطوير التكنولوجيا بسرعة تفوق خيال الجميع لنشهد ابتكارات عظيمة ملهمة ومدهشة تنفع الناس فى كل مكان.
ولا شك أن الذكاء الاصطناعى، هو أحد الإنجازات العظيمة، وغير المسبوقة للإنسان الحديث الباحث بدأب عن مزيد من الراحة والرفاهية والأمان، وهو يُشكل مسارًا مختلفًا ونقطة تحول حقيقية فى مسيرة البشر.
لكن رغم كل ذلك، فإن هناك جانبًا آخر سلبيًا فى هذه النقلة الحضارية، هو ما يتعلق بمستقبل الوظائف فى العالم، ومدى تأثرها بهذا التقدم الكبير.
فهناك الكثير من المهارات والإمكانات الشخصية التى يُمكن للذكاء الاصطناعى توفيرها، بما يؤدى إلى الاستغناء عن المكتسبين لها فى بعض الأحيان.
وأحدث ما قرأت فى هذا الإطار، هو تقرير مستقبل الوظائف الصادر مؤخرًا عن المنتدى الاقتصادى العالمى، والذى يستعرض آثار التقدم التكنولوجى وهيمنة الذكاء الاصطناعى على الحياة، فيشير صراحة إلى أن العالم سيفقد نحو 92 مليون وظيفة بحلول سنة 2030.
لقد أجرى معدو التقرير استطلاعًا على عدد كبير من أصحاب الشركات فى مجالات متنوعة، وجاءت النتيجة أن 86 فى المئة من أصحاب الأعمال يرون أن الذكاء الاصطناعى والتحول الرقمى سيحدث تغييرات كبيرة فى أعمالهم خلال السنوات المقبلة.
وبناء على ذلك، فإن 40 فى المئة من الشركات العالمية تُخطط إلى تقليل أعداد موظفيها من ذوى المهارات التى يُمكن للذكاء الاصطناعى أن يوفرها بدقة متناهية. وعلى هذا الأساس ستتراجع وظائف مثل السكرتارية والصرافة والترجمة واعداد التقارير وإدارات الموارد البشرية لتحل محلها أنظمة وتطبيقات أيسر وغير مكلفة. فعلى سبيل المثال، فقد بتنا قادرين بضغطة زر أن نحصل على ملخصات لتقارير ما، أو ترجمات لنصوص بعينها.
لكن فى الوقت نفسه، فإن التقرير يشير إلى ميلاد وظائف جديدة، وزيادة الطلب على مهارات مهمة أخرى، مثل الابتكار، وإدارة المواهب، والتعليم والتدريب، والتحفيز. وسيكون هناك اهتمام أكبر لدى الشركات وأصحاب الأعمال بمحللى البيانات ومهندسى التكنولوجيا المالية، فضلًا عن المبرمجين والعاملين فى مجال الذكاء الاصطناعى أنفسهم، بالإضافة إلى المتخصصين فى حماية البيانات والأمن السيبرانى.
وسيتطور الطلب على المهارات الأكثر إبداعًا، وستتغير كثير من القواعد المتعارف عليها فى بيئات العمل، وربما ستمتد أوقات التقاعد عما هى عليه الآن، وسيصبح التعليم والتدريب مستداما بغض النظر عن سن الموظف.
ولا شك أن هذا يمثل اهتمامًا كبيرًا لدى الاقتصادات الكبرى نظرًا لاتساع اعتمادها على الروبوت والرقمنة أكثر منها فى الدول الناشئة، غير أن التطور التكنولوجى المذهل لا يجب أن يمر دون بحث ودراسة وتخطيط، فالعالم اليوم يُغير أنظمته وقواعده وأفكاره وكل شىء للتوافق مع مستجدات العصر.
ومصر دومًا ولادة وحاضرة وقوية بما تمتلكه من شريحة شباب واسعة وآمال واهتمام بكل ما هو متقدم، وسعى للتطور واللحاق بركب الأمم المتقدمة. لذا فإننا مطالبون بالانتباه والتجهز والتخطيط لما هو قادم سريعًا.
وسلامٌ على الأمة المصرية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: كل مكان الذکاء الاصطناعى
إقرأ أيضاً:
شهادة البكالوريا.. البعد الآخر (١)
أتطرق فى مقالى هذا ضمن سلسلة من المقالات بهذا الشأن إن شاء الله، إلى رؤيتى والنقد بشقيه الإيجابى والسلبى لنظام البكالوريا المقترح كبديل عن الثانوية العامة، مع إعلان وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، يبدو لى مبدئيا أن نظام البكالوريا المقترح قد يتلاشى سلبيات النظام الحالى للتعليم الثانوى؛ حيث يمتاز بتعدد المسارات فى الثانوية العامة ليشمل ٤ مسارات وليس تخصصين فقط، هى الطب وعلوم الحياة، والهندسة وعلوم الحاسب والأعمال، والآداب والفنون، مما يتيح فرصة أكبر للطالب للاختيار بما يتوافق مع ميوله وقدراته ويخفف من حدة الضغوطات التى تقع على الطلاب، وأولياء الأمور، ولاسيما فى السنة الأخيرة؛ باعتبارها مرحلةً مفصلية فى حياة المتعلم، الذى يبذل جهدًا غير مسبوق؛ كى يكتسب خبرات تعليمية مركزة، يتجاوز بها امتحان مفصلى يؤهله للالتحاق بالمرحلة التالية، على أثره يتشكل مستقبله المهنى، أو الأكاديمى على السواء، وفى هذا الإطار يختار الطالب ما يتناسب مع أسلوب تفكيره المواد التخصصية بالصفين الثانى والثالث بمرحلة البكالوريا وهو مطمئن، بل يختار وفق مهاراته وشغفه وحب الاستطلاع لديه وميوله العلمية، وعلى الجانب الآخر أرى عدة سلبيات مثل عدم وضوح التصور بكافة تفاصيله وعدم التمهيد لوجود هذا المقترح وسرعة تغيير نظم الثانوية العامة يثير الارتباك المجتمعى داخل الأسر وأولياء الأمور، والأمر يحتاج إلى استقرار أكبر، كما أن توقيت الامتحانات فى المدارس لمدة ٤ شهور فى السنة مايو ويونيو ويوليو وأغسطس قد يسبب ضغوطات أكبر على الأسر المصرية، وكيف سيتم التطبيق على طلاب الصف الأول الثانوى من العام القادم؟ بمعنى كيف سيتم إعداد مناهج جديدة متطورة وبسرعة شديدة؟ وهذا الأمر يحتاج إلى رؤية وتخطيط وتنظيم وأداء تجريبى هذا اذا تم التخطيط بشكل تربوى علمى ممنهج، ورغم أن هذا النظام يوفر فرصًا متعددة لتحسين الدرجات، لكن هذا يحتاج إلى إعادة النظر فى الرسوم المرتبطة بهذه الفرص لضمان تكافؤ الفرص لجميع الطلاب، وأخيرا أتمنى إذا ما طبق نظام البكالوريا الجديد أن يتم تصميم المناهج الدراسية على أساس أهداف ومحتوى وأنشطة بأنواعها واستراتيجيات تدريسية وتقنيات مساعدة وأساليب تقويم مبتكرة بما يلبى احتياجات المتعلمين التعليمية والنفسية والمستقبلية ويحقق أهدافًا طال انتظارها فى مخرجات التعليم المصرى، وللحديث بقية إن شاء الله.