عندما غنت أم كلثوم في باريس
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
فى ظل احتفاء الوفد بكوكب الشرق أم كلثوم، السحر المتجدد فى عالم الغناء والموسيقى، التى رحلت عن عالمنا منذ 50 عامًا بالتمام، رغم الغياب قصصها لا تنضب، وما زال البحث جاريًا عن أسرار الأسطورة الغنائية.
«اليوم تشدو كوكب الشرق فى عاصمة النور باريس، وغدًا بإذن الله تشدو فى القدس المحررة»، بهذا التقديم أذاع جلال معوض فى 15 نوفمبر عام 1967 أولى حفلات الست على مسرح الأوليمبياد، حيث أبدعت أم كلثوم فى الغناء على خشبة مسرح الأوليمبياد فى العاصمة الفرنسية باريس، بهدف تخصيص إيراد الحفل للمجهود الحربى بعد نكسة 67، وهو المكان الذى يضم أكبر جالية يهودية فى أوروبا آنذاك، ما أضفى أهمية خاصة على الحدث.
الحفل شهد حضوراً جماهيرياً غير مسبوق، حيث امتد الطابور أمام المسرح لمسافة كيلومتر تقريباً، ووصل سعر التذكرة إلى أعلى قيمة فى تاريخ الأوليمبياد حتى ذلك الوقت.
ورصد محمد سلماوى، شاهد هذا الحفل، فى مذكراته، «يومًا أو بعض يوم»، كواليس الحفل قائلًا، فى الاستراحة فوجئت بـ«كوكاتريكس» «صاحب ومدير مسرح الأوليمبيا» يهرع إلىّ، طالبًا منى التوجه معه إلى «مدام أم» كما كان ينادى أم كلثوم، متصورًا أن هذا هو اسمها، وأن «كلثوم» هو لقب العائلة.
وقد كان كثيرًا ما يحتاج إلى الترجمة فى حديثه مع أم كلثوم التى لم تكن تحدثه إلا باللغة العربية، وقد تصورت فى البداية أنها لا تجيد الفرنسية، إلى أن استمعت إليها تتحدثها بسهولة.
كانت أم كلثوم جالسة وسط الفرقة الموسيقية على كرسى مذهب من طراز«لويس السادس عشر» غير الكرسى الخيزران الذى اعتدناه فى حفلاتها بالقاهرة.
كان عازف الكمان الأول أحمد الحفناوى إلى جوارها، وكان بقية أعضاء الفرقة يستمعون إليها، وهى تبدى لهم بعض الملاحظات، فحياها «كوكاتريكس» وقبل يدها، فردت عليه التحية من دون أن تنهض من كرسيها. فأبدى مدير المسرح اعتراضه على طريقة تقديم الوصلة الأولى من الحفل التى «تحدث فيها المذيع حديثًا سياسيًا ليس هذا مجاله»، على حد قوله، وكان جلال معوض قد قدم الحفل باعتباره نصرًا سياسيًا للعرب، وقال: «اليوم تشدو كوكب الشرق فى عاصمة النور باريس، وغدًا بإذن الله تشدو فى القدس المحررة»، وناشد «كوكاتريكس» أم كلثوم أن تطلب من «المذيع» ألا يقدم الوصلة الثانية بهذه الطريقة الحماسية، مضيفًا «نحن فى حفل فنى، ولسنا فى مناسبة وطنية».
وشعرت بالحرج من الموقف، وتحيرت كيف سأترجم ذلك لأم كلثوم، لعلمى بأنها لن تقبل هذا الكلام، لكننى قبل أن أنتقى كلماتى، وجدتها تنتفض واقفة وقد فهمت من دون ترجمة كل ما قاله المدير اليهودى للمسرح، وقالت «قل له بل نحن فى مناسبة وطنية، وإنى جئت إلى فرنسا من أجل المساهمة فى المجهود الحربى لبلادى، وإذا كان أسلوبنا لا يروق له فليعتبر اتفاقنا لاغيًا، ثم التفتت إلى الموسيقيين وقالت لهم «لموا الآلات يا ولاد».
وكاد «كوكاتريكس» يغشى عليه وأنا أترجم له بسرعة ما قالته أم كلثوم، وأمام اعتذاراته المتكررة وتوسلاته المتلاحقة، تراجعت أم كلثوم، وقدم جلال معوض الوصلة الثانية من هذا الحفل التاريخى من دون أن تحاول أم كلثوم كبح حماسه الوطنى.. انتهى كلام محمد سلماوى فى هذا الموقف العظيم، وغدًا نلتقى مع ما فعلته الدولة فى أم كلثوم.
قدمت أم كلثوم أغنية «أمل حياتى» التى لحنها الموسيقار محمد عبدالوهاب، وتبعتها برائعة رياض السنباطى وشعر إبراهيم ناجى «الأطلال»، ثم اختتمت حفلها بأغنية «فات الميعاد» التى لحنها الموسيقار بليغ حمدى.
وأثناء غناء الأطلال قفز شاب مخمور إلى المسرح وأمسك بقدم أم كلثوم بقوة فى محاولة تقبيلها، إلا أنها رفضت، وسحبت قدمها فهوت وسقطت على خشبة المسرح، وساعدتها فرقتها على الوقوف لتواصل الغناء، واستطاعت أم كلثوم أن تحول الموقف إلى نكتة، لتخرج الجمهور من الارتباك، فغنت مقطعًا من أغنية (هل رأى الحب سكارى بيننا)، وهى تشير بيدها إلى ذلك الشاب وهو فى أيدى رجال الأمن يقودونه إلى خارج المسرح.
ما زال هذا الحفل له أصداء، تناوله الشباب، فى برنامج «الدحيح» الذى يقدمه صانع المحتوى المصرى الشهير أحمد الغندور، وجاءت الحلقة بعنوان «أم كلثوم فى باريس».
وباريس تحتفى على مسرح فيلهارمونى
بدعوة من إدارة مسرح فيلهارمونى دو باريس، يستضيف المسرح فى الثانى من فبراير المقبل احتفالية خاصة لتكريم السيدة أم كلثوم فى الذكرى الخمسين لرحيلها، يرعاها وزير الثقافة المصرى أحمد فؤاد هنو، وتحييها أوركسترا القاهرة للموسيقى العربية.
وجهت إدارة مسرح فيلهارمونى دو باريس، دعوة لإحياء حفل مماثل فى العاصمة الفرنسية تجاوب معها وزير الثقافة المصرى أحمد فؤاد هنو وسيرعى الحفل بالحضور شخصياً، وتحدد فى الثانى من فبراير المقبل، بمشاركة أوركسترا القاهرة للموسيقى العربية بقيادة المايسترو علاء عبدالسلام، ومطربتى أوبرا القاهرة: رحاب عمر، وإيمان عبدالغنى.
إدارة المسرح أعلنت بسعادة بالغة أن بطاقات الحفل الـ2400 بيعت بالكامل منذ أيام وتم فتح قائمة الانتظار– وايتنج ليست– للراغبين فى حضور الحفل، ولم يتقرر إمكانية إضافة ليلة ثانية طالما أن الإقبال الجماهيرى كثيف، تماماً كما حصل فى النصف الثانى من الستينيات عندما أحيت أم كلثوم حفلاً كبيراً على خشبة مسرح الأوليمبيا دعماً للمجهود الحربى للجيش المصرى بعد العدوان الإسرائيلى عام 1967.
وسيواكب هذه الاحتفاليات تحديد موعد حفل افتتاح العرض الخاص لفيلم: الست، للمخرج مروان حامد، نص أحمد مراد، والذى اختيرت لبطولته الممثلة منى زكى، وهو يروى بأسلوب خاص سيرة أم كلثوم الشخصية والفنية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: بكوكب الشرق أم كلثوم أم کلثوم
إقرأ أيضاً:
ثلاث ورش تدريبية دولية ضمن مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
حرصتْ إدارة مهرجان الفجيرة الدولي للمونودراما برئاسة محمد سعيد الضنحاني رئيس المهرجان، في دورتهِ الـ11 التي ستنتظم للفترة من 10 الى 18 أبريل المقبل، على إغناء برنامج المهرجان بالعديد من الفعاليات الإبداعية، إذ ستُقام 3 ورش تدريبية دولية مختصة بفنون الأداء المسرحي، تأتي هذهِ الورش بالشراكة مع الهيئة الدولية للمسرح I.T.I، وسيُشرف على إدارة أعمالها اليومية الفنان "حمد الضنحاني".
أولًا: ورشة عمل الجسد (MAU)
يُقدم هذهِ الورشة، الفنان المسرحي النيوزلندي " ليمي بونيفاسيو"، تُساعدهُ الفنانة "وريا باكي"، وتستكشف ورشة عمل الجسد (MAU) مفهوم الجسد الأدائي ليس فقط كأسلوب تدريب، بل كنهج يدرس التفاعل الديناميكي بين الأجسام وبيئاتها. وإذ تدرك هذه الورشة أن الأجسام غير مستقرة بطبيعتها ومتطورة باستمرار، وتحمل في طياتها تاريخ حياتها، فإنها تؤكد على أن الأجسام في حالة تفاعل وتبادل مستمر مع محيطها. ويضع هذا المنظور الجسم في حيز الوعي العلائقي (va) وتتكون الورشة من تمارين أساسية للجسد (MAU) طورها "ليمي بونيفاسيو" وستكون الورشة متاح للراقصين والممثلين والأفراد من جميع المستويات، و"ليمي بونيفاسي" مصمم رقصات ومخرج مسرحي نيوزيلاندي، ومؤسس MAU، وهي منصة عالمية للفنانين والمجتمعات. يدمج عمله بين الأداء والاحتفالات والنشاط، مبتكرًا تجارب تحويلية تتحدى المسرح والرقص التقليديين، قدّم "بونيفاسيو" عروضه في أماكن ومهرجانات رائدة، منها مهرجان أفينيون، ومهرجان إدنبرة الدولي، ومسرح المدينة في باريس، ومهرجان هولندا، ومهرجان روهرتينالي، ومركز لينكولن في نيويورك، ومهرجان فيينا، ومهرجان برلين، وبينالي البندقية. تستكشف أعماله الرئيسية، مثل "طيور بمرايا السماء"، و"عاصفة: بلا جسد"، و"حجارة في فمها"، مواضيع البيئة والثقافة والحالة الإنسانية، أما مساعدتهُ "ريا باكي" هي ممثلة وفنانة ماورية من نيوزيلندا. لقد كانت مؤدية رئيسية في إنتاجات (ليمي بونيفاسيو)، بما في ذلك "الوقت بين الورود والرماد" (2023) والقدس (2023). تشمل أعمالها على الشاشة Muru (2022) وWhina (2022)، بالإضافة إلى الأدوار التلفزيونية في Kairākau (2023) وThe Dead Lands (2020). وهي حاصلة على درجة البكالوريوس في الفنون المسرحية الماورية من Te Whare Wānanga o Awanuiārangi.
ثانيًا ورشة عمل: "القناع وممثله"
يُقدم هذهِ الورشة، الفنان المسرحي الفرنسي (سيرج نيكولاي) وتُساعدهُ الفنانة "بولين ديزيس" فمنذ عام ٢٠٠١، يُقدّم (سيرج نيكولاي) ورش عمل مستوحاة من تدريبه كممثل في مسرح الشمس، إلى جانب (بولين ديزيس).
تستكشف هذه الورشة جسد الممثل ومشاعره ومهاراته الموسيقية، باستخدام الارتجال لتعميق التعبير وسرد القصص الجسدية، تتخذ الدروس أشكالًا مختلفة، لكنها ترتكز على الموسيقى والحركة والحضور العاطفي. يُمكن استخدام أقنعة بالي (توبينغ) وكوميديا ديل آرتي الإيطالية كأدوات للاستكشاف بدلًا من التدريب التقليدي على الأقنعة. ينخرط المشاركون في ارتجالات جماعية وفردية مستوحاة من موضوع مُختار في بداية الورشة، والورشة ستكون متاحة للممثلين والمؤدين وممارسي المسرح من جميع المستويات، و(سيرج نيكولاي) ممثل ومخرج ومصمم سينوغرافيا فرنسي أمضى 20 عامًا مع مسرح الشمس، مشاركًا في إنتاجات بارزة مثل "ماكبث" (الدور الرئيسي)، و"ليه نافرجي دو فول إسبوار"، و"ليه إيفيميير". تعاون نيكولاي مع إيرينا بروك وروبرت لوباج (كاناتا)، وعمل مساعد مخرج لأريان منوشكين في أربعة أفلام، منذ عام 2016، يشغل منصب المدير الفني لمسرح "لاريا" في كورسيكا، حيث أشرف على مهرجان اللقاءات الدولية للمسرح. كما عمل على نطاق واسع في مجال السينما، بما في ذلك مشاريع مع جاك دويون، وبييترو مارسيلو، وبيترا كوستا. شارك في تأسيس فرقة "وايلد دونكيز" مع أوليفيا كورسيني، حيث أبدع أعمالًا مسرحية مبتكرة في جميع أنحاء أوروبا.
ثالثاُ: ورشة ورشة الميم والبانتوميم من الشخص إلى التشخيص الأدائي
يُقدم هذهِ الورشة الفنان التونسي "خالد بو زيد"، وتستهدف الممثلون الفرديون وفنانو الأداء وطلاب المسرح والمحترفون المسرحيون المتخصصون في فن المونودراما الذين يسعون إلى تطوير مهاراتهم من خلال فن الميم والبانتوميم وسيركز التدريب على التحكم بالجسد، الوعي بالمكان، والقدرات الآدائية غير اللفظية، مما يساعد المشاركين على بناء سرد درامي قوي دون الحاجة إلى الحوار. تعزز التمارين التعبير الجسدي العاطفي، والقدرة على التحول بين الشخصيات، مما يجعل الأداء الفردي أكثر تأثيرًا وجاذبية. من خلال تقنيات الإيهام، التحكم في الوزن والمقاومة، سيتعلم الممثل كيفية فرض حضوره على المسرح بشكل مستقل، مما يجعل روايته مؤثرة بصريًا وحركيًا. سواء كان الهدف هو الأداء في المايم الكلاسيكي، الحركة التجريدية، أو المونودراما النفسية والاجتماعية، فإن هذه الورشة المكثفة تزود المشاركين بالأدوات الأساسية لإيصال المشاعر والسرد الدرامي باستخدام لغة الجسد الصامتة باعتماد الحركة المجازية البليغة.
وخالد بوزيد هو ممثل مسرحي تونسي مختص بفنون الأداء والتمثيل الصامت سبق لهُ أن شارك في عدة مسلسلات تلفزيونية كوميدية من أهمها نسيبتي العزيزة، وهو مسرحي مثل تونس في العديد من المحافل الدولية، فضلًا عن تأطيرهِ العديد من الورش الدولية داخل وخارج تونس.