دور بيلاروسيا النووي والعسكري في شرق أوروبا
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
مع كل حرب تشتعل تزداد أهمية دول التماس؛ تلك الدول التي لا تخوض الحرب بشكل مباشر ولكن تملك من الأهمية الاستراتيجية ما يرجح كفة أحد المتصارعين على الكفة الأخرى. ومن هذه الدول بيلاروسيا، هذه الدولة القابعة في شرق أوروبا والتي تملك حدودا مفتوحة مع كل من روسيا وأوكرانيا. فهي من جهة منفذ لروسيا على أوكرانيا، ومن جهة أخرى داعم دبلوماسي وسياسي قوي لسياسات موسكو في أوروبا الشرقية ومتناغم مع غضبها من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
منذ أيام برر الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو نشر أسلحة نووية تكتيكية في بلاده بأنه رد فعل مناسب على عسكرة أوروبا، وبرر ذلك بالقول بأن هناك خطرا متزايدا من استخدام أسلحة الدمار الشامل. هذا لا يعني أن بيلاروسيا دخلت نادي الكبار النووي، ولكن على حد قول مسئولين في الاستخبارات الأمريكية الشهر الماضي في تصريحات لشبكة "سي إن إن" فإن لوكاشينكو لن تكون له السيطرة الكاملة على هذه الأسلحة والقرار سيكون في النهاية بيد موسكو. هؤلاء المسئولون الأمريكيون أقروا بعجز الأقمار الصناعية عن رصد نقل الدفعة الأولى من هذه الأسلحة النووية التكتيكة، لكنهم لم يستبعدوا حدوث الأمر.
موقف بيلاروسيا المعلن والواضح أنها مع الجارة موسكو قلبا وقالبا، وكما قال الرئيس البيلاروسي العام الماضي فإن بلاده ستحارب مع روسيا إذا تعرضت لأي اعتداء. يعني هذا بوضوح أن موسكو استطاعت أن تصنع حاجزا حربيا بينها وبين الاتحاد الأوروبي، فاشتعال أية معركة في مينسك سيعني بالضرورة حربا جديدا بالوكالة؛ ولكن هذه المرة ليست على أرض منقسمة عرقيا ولغويا مثل أوكرانيا بل على أرض أكثر ارتباطا بروسيا وهي بيلاروسيا
موقف بيلاروسيا المعلن والواضح أنها مع الجارة موسكو قلبا وقالبا، وكما قال الرئيس البيلاروسي العام الماضي فإن بلاده ستحارب مع روسيا إذا تعرضت لأي اعتداء. يعني هذا بوضوح أن موسكو استطاعت أن تصنع حاجزا حربيا بينها وبين الاتحاد الأوروبي، فاشتعال أية معركة في مينسك سيعني بالضرورة حربا جديدا بالوكالة؛ ولكن هذه المرة ليست على أرض منقسمة عرقيا ولغويا مثل أوكرانيا بل على أرض أكثر ارتباطا بروسيا وهي بيلاروسيا. ويعني هذا أيضا أن شرر الصراع إن اندلع فسيأخذ وقتا حتى يصل للأراضي الروسية، ولهذا لا يمكن أن نفهم نشر الأسلحة النووية الروسية على الأراضي البيلاروسية خارج هذا الإطار.
وقد ساعد على وضعية بيلاروسيا هذه أمران؛ أولهما أنها دولة حبيسة ليس لها منافذ بحرية، فهذه المنافذ تساعد الدول عادة على تعميق علاقتها مع الآخرين وعند غياب المنفذ فهي إما تكون دولة محايدة سياسيا وعسكريا مثل سويسرا أو دولة تابعة مثل بيلاروسيا. والأمر الثاني أن مينسك فشلت في صياغة هوية قومية ذاتية مستقلة عن روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وإعلان استقلالها، أو بعبارة أخرى فشل ربيع أوروبا الذي أطاح بكثير من رؤساء دول الاتحاد السوفيتي السابق في أوروبا في أن يصل إلى بيلاروسيا، واستطاع الرئيس الحالي ألكسندر لوكاشينكو أن يحتفظ بكرسي الحكم لمدة تقترب الآن من ثلاثين عاما رغم معارضة الغرب له ولسياساته. فالثورات الملونة التي أطاحت بالأنظمة القديمة في شرق أوروبا وتتهمها موسكو بأنها ممولة من الولايات المتحدة لم تمر من بيلاروسيا، وبقيت البلاد على حالها السياسي تقريبا منذ ذلك الحين.
السؤال المهم في هذا السياق هو لماذا لم تنخرط مينسك بشكل مباشر في الصراع الروسي الأوكراني؟ والإجابة تكمن بأن انخراطها يعني توسيع دائرة الصراع بشكل لا تستطيع موسكو ولا مينسك تحمل تكلفته حاليا، ولكن يمكن تحمل تكلفة أن تكون داعما سياسية ودبلوماسيا وأحيانا ممرا لعبور الإمدادات. والأهم من هذا هو اعتراف أكبر مسئول في الدولة هناك بأن بلاده ستنخرط في أي حرب تستهدف موسكو بشكل مباشر، أي أن بيلاروسيا هي مخزون روسي استراتيجي في شرق أوروبا يُستخدم في حالة الطوارئ. ويبدو أن هذه الحالة بانت بوادرها حاليا بعد الإعلان عن نقل الأسلحة النووية الروسية إلى هناك.
twitter.com/hanybeshr
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه بيلاروسيا روسيا روسيا اوكرانيا بيلاروسيا صراعات السلاح النووي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی شرق أوروبا على أرض
إقرأ أيضاً:
لتعزيز التعاون.. رئيس التمثيل التجاري يلتقي النائب الأول لوزير الصناعة بجمهورية بيلاروسيا
استضاف التمثيل التجارى، الوفد الصناعى رفيع المستوى من جمهورية بيلاروس برئاسة ألياكسندر ارودنيكاو – النائب الأول لوزير الصناعة بجمهورية بيلاروس وذلك يوم الاثنين الموافق 16 ديسمبر 2024 في إطار زيارة الوفد لمصر في الفترة 15-17 ديسمبر 2024، فى اطار السعى لاستكمال جهود توطين الصناعة بمصر و الاستفادة من خبرات جمهورية بيلاروسيا في تصنيع المعدات الزراعية الثقيلة وبحث سبل تعميق التعاون الاقتصادي والاستثماري بين الدولتين والتي نتجت عن زيارة رئيس وزراء جمهورية بيلاروسيا لمصر في الفترة 28-29 ابريل 2024.
عُقد الاجتماع بمقر التمثيل التجارى المصرى بالعاصمة الادارية برئاسة الوزير المفوض يحيى الواثق بالله – رئيس التمثيل التجارى وبحضور وزير مفوض أحمد بديوى – مدير شئون أوروبا.
وناقش الاجتماع عددا من الموضوعات في مختلف مجالات التعاون مثل: توطين صناعة الجرارات والشاحنات الزراعية بمصر، ومقترح تنظيم منتدى أعمال مشترك على هامش الدورة القادمة للجنة المشتركة المصرية البيلاروسية بالعاصمة البيلاروسية مينسك الذي سينعكس بالإيجاب على حركة التجارة بين البلدين ويعزز من تعظيم حجم التجارة ليصل الى 300 مليون دولار مقارنة بـ 102 دولار لعام 2023.
كما ناقش الاجتماع سبل التعاون في مجال إنشاء الصوامع بمصر وذلك تنفيذاً لرؤية الحكومة المصرية في جعل مصر مركزا لوجيستيا لتخزين الحبوب وتصديرها الى دول افريقيا، حيث تمتلك شركة امكادور البيلاروسية خبرة تزيد عن 30 عاماً في هذا المجال.
وأشار رئيس التمثيل التجارى الى أنه سيتم دراسة العرض المقدم من الشركة البيلاروسية من خلال الجهات المختصة بمصر. كما اتفق الجانبان على تكثيف الاتصالات بين الطرفين بمشاركة ممثلين عن القطاع الخاص للعمل على تفعيل ما تتم مناقشته بالاجتماعات الحكومية.
وأكد رئيس التمثيل التجارى على أهمية اتخاذ خطوات إيجابية لدعم الاتصال المباشر والتعاون بين مجتمعي الاعمال المصرى والبيلاروسى، وأهمية تفعيل دور مجلس الاعمال المشترك والعمل على تنظيم بعثات تجارية واجتماعات لمجتمع الاعمال لبحث فرص التجارة والاستثمار بالدولتين.