بات واضحا أن الصراع الحالي بين قائد جيش الاحتلال هرتسي هاليفي ووزير الحرب يسرائيل كاتس خطوة أخرى في سلسلة الصراعات التي تدفع نحو ما لا مفر منه، وهو استقالة الأول بسبب فشله في مواجهة هجوم حماس في السابع من أكتوبر.

يوسي يهوشوع الخبير العسكري لصحيفة يديعوت أحرونوت، أكد أنه "من الشائع وصف المواجهة بين كاتس وهاليفي بأنها في إطار "التصعيد"، لكنها في الممارسة العملية يمكن اعتبارها عدّا تنازليا لدفع الأخير للقيام بما كان ينبغي أن يحدث منذ فترة طويلة، ويقدم كتاب استقالته، لأنها التوصية المتوقعة من لجنة تحقيق رسمية بات تشكيلها التزاما قوميا وأخلاقيا، لكن الحكومة لم تشكلها بعد".




وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أن هذه التوصية تم كتابتها مرات لا تحصى، لكن هاليفي سيبقى يتحمل المسؤولية عن الفشل الأمني الأكثر خطورة منذ إنشاء دولة الاحتلال، وأدخلها في مأزق استمر 15 شهرا، وقد تستمر عواقبه لسنوات عديدة.

واستدرك بالقول إنه "على عكس حرب لبنان الثانية في 2006، حيث تم التحقيق في حادث تكتيكي ميداني تمثل باختطاف جنديين، وتم تقسيم المسؤولية بين الكتيبة واللواء وفرقة الجليل، لكن عملية اتخاذ القرار في ليلة 6-7 أكتوبر على حدود غزة من مسؤولية رئيس الأركان، بجانب رئيس جهاز الشاباك وقائد القيادة الجنوبية، حيث اتخذ هاليفي قرارا بعدم إحضار قائد سلاح الجو ورئيس قسم الاستخبارات لتقييم الوضع، وفضّل حماية المصادر، وعدم رفع مستوى التأهب بين قوات فرقة غزة".

وأوضح أن "هاليفي حدد موعدا لتقييم الوضع على حدود غزة في الساعة الثامنة والنصف صباحا، لأنه من وجهة نظره لم يكن هناك أي حدث يبرر دعوة وزير الحرب ورئيس الوزراء للاستيقاظ".

وأشار إلى أن "الأزمة رغم تركزها في هاليفي، لكنها تتجاوزه لأنها تعبر عن عمق الأزمة السياسية في الدولة، وسلوك قيادتها، حتى بات الجيش يعيش أخطر أزمة في تاريخه، ورغم ما قام به في لبنان وغزة، لكن هناك فقدان واسع النطاق لثقة الإسرائيليين فيه، لأنه لم يحقق المهمة التي أنشئ من أجلها، وهي حمايتهم، ولا يقل خطورة عن ذلك فقدان الثقة بين قياداته الميدانية الصغرى مع مستوياته العليا، وصولا لرئيس الأركان".

وأضاف أنه "في حالات وقوع حوادث التدريب العسكري، يتم اتخاذ قرار بفتح تحقيق جنائي، أما ما حدث في السابع من أكتوبر من إهمال وتغافل من قبل الجيش، فكان ينبغي أن يحدث نفس الشيء، لكن الخلافات السياسية أوصلت الإسرائيليين إلى مستوى خلق طبقة من الحماية حول المسؤولين الذين يتخذون القرارات بدلا من الذهاب إلى باب الاعتذار، مما يعني أن الوضع الإسرائيلي قاتم للغاية".

وأشار إلى أن "الدعوة لاستقالة هاليفي لا تنفي أن بنيامين نتنياهو وحكومته وكل المستوى السياسي الرفيع خلال السنوات الخمس عشرة الماضية مسؤولون عن هذه الكارثة، ولن يخرج سالما من القرارات الاستراتيجية التي اتخذها بتقليص حجم الجيش، وإغلاق الوحدات، والإعداد السيئ للحرب، وخوض حرب متعددة الجبهات، وتقصير الخدمة الإلزامية، وخفض ميزانية الدفاع لمواجهة ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي، ورغم كل شيء، فإن توقعاتنا من ذوي الزي العسكري لا تزال مختلفة".



وكشف أن "المعركة بين كاتس وهاليفي تدور بين ساحات مختلفة: المحكمة العليا، قانون التجنيد، مطالبات مراقب الدولة ضد الجيش، والتأخير بتسليم التحقيقات الداخلية، وقد أبدى كاتس غضبه عندما أعلن الجيش قدرته على تجنيد جميع الحريديم بدءا من 2026، فيما جاءت رسالة مراقب الحسابات متتياهو إنغلمان ضد هاليفي خطيرة للغاية حول "تلوّث التحقيقات"، مع أن دوافع كاتس ليست خفية أيضا، مما يفسر حملته ضد المتحدث باسم الجيش دانيئيل هاغاري، بزعم هجومه على المستوى السياسي".

وختم بالقول إن "التحديات الهائلة التي تنتظر دولة الاحتلال تجعل هذه الصراعات الداخلية برمّتها تشكل تهديدا لأمنها، لا أقل ولا أكثر، والطريقة لإنهائها تكمن في فهم أن الدولة أكثر أهمية من "الأنا"، وأن التاريخ سيحكم في كل الأحوال على من يعتقدون أنهم قادرون على التهرب من المسؤولية من خلال المناورات السياسية والتلاعب الإعلامي، لكن الحقيقة تنمو من الأرض، وفي هذه الحالة ستنفجر أيضا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال هاليفي كاتس غزة غزة الاحتلال هاليفي كاتس صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

كيف تعمل محكمة العدل الدولية بعد استقالة سلام؟

انتقلت صلاحيات رئيس محكمة العدل الدولية إلى النائبة الأوغندية، جوليا سيبوتيندي، بعد شغور المنصب الذي كان يشغله رئيس الحكومة اللبنانية المكلف نواف سلام.

ونشرت المحكمة بيانا، الثلاثاء، أشارت فيه إلى أن سلام غادر منصبه اعتبارا من 15 كانون الثاني الجاري، بعدما كان من المقرر أن تنتهي ولايته في 5 شباط 2027.

وتعتبر سيبوتيندي الصوت الوحيد من قضاة المحكمة الذي دعم إسرائيل في قضية الإبادة الجماعية، التي وقفت وراءها جنوب إفريقيا بسبب الحرب في غزة.

فكيف يسير عمل المحكمة بعد استقالة سلام؟
عمل سلام سفيرا وممثلا دائما لبلده لبنان لدى الأمم المتحدة، خلال الفترة من 2007 إلى 2017. وأصبح عضوا في محكمة العدل الدولية في شباط 2018، وتولى منصب الرئيس في 6 شباط 2024.

فريق المحكمة الدولية يتكون من 15 قاضيا وقاضية، بينهم رئيس المحكمة ونائبه.

مع استقالة سلام، تتولى الأوغندية سيبوتيندي مهام رئاسة المحكمة، وهي التي أصبحت في شباط 2012 أول امرأة أفريقية يتم تعيينها في محكمة العدل الدولية، قبل إعادة انتخابها عام 2021.

تنص المادة 14 من نظام محكمة العدل الدولية على أنه حال خلو أحد المناصب في المحكمة، يجوز تعيين شخص بديل وفق طريقة محددة، بواسطة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن، ويحدد الأخير موعد الانتخاب. تنظم المادة الخامسة عملية الانتخاب، حيث يوجه الأمين العام للأمم المتحدة طلبا كتابيا إلى أعضاء محكمة التحكيم الدائمة المنتمين إلى الدول الأطراف في النظام الأساسي للمحكمة، لتسمية مرشحين، وبدء عملية اختيار قاض جديد.

تُطرح الأسماء المرشحة على أعضاء الجمعية العامة ومجلس الأمن، لانتخاب القاضي الجديد في المحكمة.

المادة 15 من النظام الأساسي للمحكمة، توضح أن القاضي الذي سيتم انتخابه سيكمل ولاية القاضي المستقيل كعضو في المحكمة.

وجاءت استقالة سلام، لأنه لا يجوز لعضو المحكمة أن يتولى أي وظائف سياسية أو إدارية.

وخلال المدة التي يتم فيها انتخاب قاض جديد، ووفق المادة 25، يكفي 9 قضاة فقط لصحة تشكيل محكمة، مما يعني أن العمل في المحكمة والنظر بالقضايا يستمر بشكل اعتيادي حتى قبل اختيار قاض جديد.

قضية الإبادة
ابنة عنتيبي المولودة في شباط 1954، جوليا سيبوتيندي، كانت الوحيدة من بين قضاة المحكمة التي صوتت ضد إجراءات مؤقتة طالبت المحكمة إسرائيل بتنفيذها خلال الحرب في غزة.

في كانون الثاني 2024، بررت رأيها المخالف لزملائها القضاة بأن الإجراءات المعلنة "ليست مبررة، لأن اختصاص المحكمة مقتصر على اتفاقية الإبادة الجماعية ولا يمتد إلى الانتهاكات المزعومة للقانون الإنساني الدولي".

كما اعتبرت أن الصراع يتطلب "تسوية دبلوماسية أو تفاوضية حتى يتمكن الشعبان الإسرائيلي والفلسطيني من التعايش بسلام".

وقالت في نص رأيها، كما نقلته شبكة "سي إن إن" الأميركية، أن "النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين سياسي في الأساس". وكانت محكمة العدل الدولية قد أمرت إسرائيل بمنع أعمال الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين، وبذل المزيد من الجهود لمساعدة المدنيين.

حينها أصدرت الحكومة الأوغندية بيانا، على لسان ممثلها لدى الأمم المتحدة، أدونيا إيباري، قالت فيه إن القاضية سيبوتيندي "لا تمثل البلاد".

خلال رئاسة سلام، أعلنت محكمة العدل الدولية، في 19 تموز الماضي، أن "الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود للأراضي الفلسطينية غير قانوني، ويجب أن ينتهي في أسرع وقت ممكن".

وانتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، القرار بشدة. وقال إن "الشعب اليهودي ليس محتلاً لأرضه (..) ولن يؤدي أي قرار كاذب في لاهاي إلى تشويه هذه الحقيقة التاريخية، كما لا يمكن الطعن في شرعية الاستيطان الإسرائيلي في كافة أراضي وطننا".

فيما رحبت السلطة الفلسطينية ودول عربية بقرار المحكمة.

مقالات مشابهة

  • يديعوت: استقالة هاليفي لفشله العسكري في غزة لا يعفي المستوى السياسي
  • يديعوت أحرونوت: حماس ستظل فاعلة ومتجددة بعد صفقة الأسرى
  • كيف تعمل محكمة العدل الدولية بعد استقالة سلام؟
  • استقالة وزيرة مكافحة الفساد البريطانية بعد اتهامات بالفساد
  • محكمة العدل الدولية تعلن استقالة القاضي نواف سلام من عضويتها
  • كاتس: قانون التجنيد يلزم 50% من الشبان الحريديين بالخدمة العسكرية الإلزامية
  • استقالة ترودو .. ماذا تعني لكندا في ظل المطامع الأمريكية؟
  • إقالة القيادي في تيار الحكمة محافظ ذي قار من منصبه لفشله وفساده
  • يديعوت: حراك في دول جوار سوريا بشأن ترسيم الحدود بعد سقوط الأسد