في خطاب جلالة السلطان هيثم بن طارق ـ حفظه الله ـ في ذكرى مرور 5 أعوام على تولي جلالته مقاليد الحكم، استهل - أعزه الله - هذا الخطاب المهم بسعادته عما تحقق من إنجازات عديدة على مختلف الأصعدة، على الأرض العمانية خلال هذه السنوات، التي عمت كافة المحافظات ، سواء في الجانب الاقتصادي أو الاجتماعي، أو في مجال التنمية الاجتماعية، إلى جانب استثمارات مهمة في الطرق والمشاريع في البنية الأساسية في العديد من الولايات، والمسيرة منطلقة إلى آفاق رحبة ومتجددة، في النهوض بالتنمية، وتأسيس الكثير من النظم والقوانين التي تكون سياجا لحركة العمل وانسيابها في كل المناشط والفعاليات التي يتم استحداثها، وأهمها تنمية الإنسان العماني في تعليمه وتأهيله وتدريبه على أسس علمية صحيحة مع كل جديد في العلم والتكنولوجيا.

وقال جلالته في هذا الخطاب المهم: «إنّه لمن دواعي سُرورِنا أن نحتفلَ معكم في هذا اليومِ من أيامِ عُمانَ المجيدة بالعديدِ من الإنجازاتِ التي تحقّقت في بلادِنا العزيزة خلالَ الأعـوامِ الخمســةِ المــاضية مــن عُمــرِ نهضتِنا المتجدّدة بفضلِ اللهِ تعالى وبجهودِكـــم جـمـيـعًـا. لقد منَّ اللهُ تعالى على هذا البلدِ الطيّبِ - وله عز وجل الحمد والشكر- بنِعَم لا تُعد ولا تُحصـى «وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيم»، صدق الله العظيم، وإنَّ مِن شُكْرِ النِّعَم الحفاظَ عليها وصونَها ومن أعظمِ هـذه النِّعــم الأمنُ والأمان فـلا يستقيمُ لأمّـةٍ دونَهُما أمرٌ ولا يَصِـحُّ لدولــةٍ دونَهُـــما اسـتقرارٌ وازدهارٌ. ولقد أثبتَ أبناءُ هذا الوطنِ العزيــزِ عبرَ العصورِ أنهم صفٌّ واحدٌ كالبنيانِ المرصوص يَسيرونَ على بصيرةٍ مصدرُها العقيدةُ السّمحةُ، نابذينَ كلَّ تعصّبٍ رافضينَ كلَّ استقطابٍ يُجزِّئُ الأمّةَ ويَفُتُّ في عَضُدِها مَتمسّكينَ بكلِّ ما يجمعُهُم على الحقِّ مُبادرينَ للخيرِ وثَّـابِـينَ لبناءِ وطنِهم وأمَّتِهم».

وأشاد جلالته بالدور الذي لعبه الأجداد الأفذاذ في فترة تاريخهم التليد، الذين حافظوا على مكانة عُمان واستقلالها كدولة ذات سيادة ، يشار إليها بالبنان بين دول العالم في عصور متعددة، بما تمثله هذه الدولة التاريخية العريقة، من مكانة حضارية وقوة لها تقديرها واحترامها بين دول العالم، وهذا لم يتأت إلا بالجهد والبذل والعطاء، وذكر المؤرخون ما كانت تتمتع به عُمان من قوة عسكرية ضاربة، وإرث تاريخي ممتد الجذور في الجزيرة العربية، وامتدادها في النفوذ إلى مناطق أخرى، وقال جلالته حفظه الله في هذا الصدد: «لقد حافظتْ بلادُنَا العزيزةُ على كَيْنُونَتِها كدولةٍ مستقلةٍ ذاتَ سِيادةٍ عبرَ العصور وقد تعاقبتْ عليها أنماطُ حُكمٍ عديدةٍ أدَّى كلٌّ منها دورَهُ الحضاريّ وأمانتَــهُ التاريخيّةَ وإننا نستذكرُ في هذا اليومِ الأغرِّ قادةَ عُمانَ الأفذاذ على مر التاريخ، قادةً حملوا رايةَ هذا الوطنِ ووحَّدوا أُمَّتَه وصانُوا أرضَه الطاهرةَ ودافعوا عن سيادتِه، ونحمِلُها من بعدهِم على الطريقِ ذاتِـه، معاهدينَ الله عزّ وجــل ألا يُـثـنـيـنــــا عــن عزمِنــــا عــــزمٌ ولا تُشغِلُنا عن مصلحةِ وطنِنا مصلحةٌ، تعضُدُنا في ذلك أمّةٌ مباركةٌ بفضلِ اللهِ مشرَّفَةٌ بدعاءِ نـبـيِّهِ الـكـريـم. إنّهُ لمن دواعي سُرورِنا وتكريمًا لأسلافِنا من السلاطين واستحضارًا ليومٍ مجيدٍ من تاريخِ عمانَ الحافلِ بالأيامِ المشرقةِ أن نُعْلِنَ في هذا المقام بأن يكونَ يومُ العشرينَ من نوفمبر من كلِّ عامٍ يومًا وطنيًّا لسلطنةِ عُمان وهو اليومُ الذي تشرَّفتْ فيه الأسرةُ البوسعيديّة بخدمةِ هذا الوطنِ العزيز منذُ عامِ (1744) ألفٍ وسبعمائةٍ وأربعةٍ وأربعينَ للميلاد على يدِ الإمامِ المؤسّسِ السّيِّد أحمدَ بنِ سعيدٍ البوسعيدي الذي وحَّدَ رايةَ الأمَّــةِ العُمانيــةِ وقـادَ نضالَهـا وتضحياتِهـا الجليلةِ في سبيلِ السّيادةِ الكاملةِ على أرضِ عُمان والحريّةِ والكرامةِ لأبنائِها الكرام وجاءَ من بعدِهِ سلاطينٌ عِظام حملوا رايَتَها بكلِ شجاعةٍ واِقتدار وأكملُوا مسيرَتَها الظافرة بكلِ عزمٍ وإصرار». وتطرق جلالته ـ أعزه الله ـ إلى أهمية هذا الاحتفال، أو الوقفة أو المحطة للاستذكار والفهم العميق لما وضعه الأجداد في سيرتهم المجيدة، وما تركوه من مآثر ناصعة تستحق تخليدها والأخذ من قيمها وسلوكها في العطاء في تلك العصور من تحولات وتغيرات، وكيف تعاملوا مع كل ما يخالف ثقافتهم وقيمهم، وفي الوقت نفسه، أدى أسلوب التعامل الحضاري دورا إيجابيا في قبولهم لما هو جدير بالأخذ والاستيعاب، وأسلم الآلاف من الشعوب بسبب التعامل الراقي، لكن الأخذ بسيرتهم لا يعني أن نكون كما كانوا في حياتهم وطرق معيشتهم، وإنما نستلهم القيم والمبادئ التي ساروا عليها والمثل الجليلة التي تمسكوا بها، وحققوا تقدما ونهضة وردعا للأعداء للدفاع عن استقلالهم، وهذا ما ينبغي الاستفادة منه من أجيالنا الحالية والمستقبلية»، وقال جلالته في هذا الخطاب عن تخليد سير الأسلاف من الأجداد: «إن احتفاءَنا بهذا اليومِ إنما هو تخليدٌ لسِيَرِهم النبيلة ومآثرِهم الجليلة والتزامٌ أكيدٌ منّا بالمبادئ والقِيَمِ التي شَكَّلتْ نسيجَ أُمَّتِنا العُمانية نصونُ وحدَتَها وتماسكَها ونسهرُ على رعايةِ مصالحِ أبنائِها رافضينَ أيَّ مساسٍ بثوابتِها ومقدَّساتِها».

ولا شك أن «رؤية 2040»، التي تم تطبيقها منذ سنوات قليلة، بمقاييس الخطط والبرامج، حققت الكثير من الإنجازات التي وُضعت لها سواء ضمن الخطط الخمسية المنضوية تحتها، أو الخطط كاملة كما حُدد لها، وهي الرؤية التي شارك فيها العمانيون بأنفسهم ومن خلال أفكارهم وأطروحاتهم، وهذا من المقومات اللازمة للنجاح، والعمل مستمر لتحقيق الأهداف التي تسعى إليها الدولة ضمن الخطط والبرامج... وقال جلالته ـ حفظه الله: «شهدت الأعـوامُ المـاضيةُ انطلاقةَ «رؤيةِ عُمان 2040» رؤيةِ العُمانيين جميعًا وطريقِهم الواضحِ نحو المستقبل ولقد حققنا- بحمدِ الله وتوفيقه- أهدافَ هذه المرحلةِ من عُمرِ النهضةِ المتجدِّدة حيث شهدنا- بفضله تعالى- التحسُّنَ المستمرَّ في العديدِ من المـؤشّراتِ الوطنيةِ والدولية التي ما كانت لتتحقّقَ لولا تكاتُفُ الجميعِ ومساندةُ أبناءِ هذا الوطنِ جميعًا لجهودِ الحكومةِ ومساعيها. وسنعمل على مواصلةِ هذا التقدمِ في الأعوامِ القادمةِ- بإذن الله تعالى- بما يُحسِّنُ الخدماتِ المقدّمةِ للمواطنين لتصبحَ في مستوى الجودةِ والكفاءةِ التي يتطلّعون إليها وبما يتيحُ لهم المجال للإسهامِ في تطويرِ منظومةِ الخدماتِ العامة التي نريدُ لها أن تكونَ مجالًا حيويًّا للتميُّزِ الحكومي وركيزةً من ركائزِ التنافسيةِ، وقـد حَرصْنَــا على أنْ يترافقَ هذا التحسّنُ مع التوسّعِ في خدمات البنيةِ الأساسيةِ والمرافقِ الصحيةِ والتعليميةِ وتطويرِ المدنِ المتكاملةِ والمشاريـعِ الاستثماريـةِ الكبرى كلما أتاحتْ لنا الإمكانياتُ الماليةُ ذلك، كما وضعنا الأسسَ لنظامِ إدارةٍ محليّة يُسهِمُ في تسريعِ تنميةِ المحافظات وبناءِ قاعدةٍ اقتصاديّةٍ واعدةٍ فيها وتطويرِ شراكةٍ شـاملةٍ مع الـمجتمع». وأشاد جلالته في هذا الخطاب، بما تحقق من إنجازات وبرامج في المحافظات، منها مشروعات عديدة ونشاطات في مجال التنمية الاجتماعية والاقتصادية وغيرها من الأهداف التي تم اتخاذها ضمن الأولويات لكل محافظة، وأن جلالته كما جاء في هذا الخطاب أكد العزم على منح المحافظات المزيد من الصلاحيات، كما أشاد جلالته بالدور الذي تقوم به الحكومة في مجال التنمية وفتح المجال أمام طاقات الشباب، ومجال الاستثمار وتحريك الأنشطة الاقتصادية والتنموية، وغيرها من الأهداف ، وقال جلالته ـ حفظه الله: «إننا إذ نُشيدُ بما تحقّقَ في هذه المحافظاتِ من مشاريعَ تنمويّة وحَراكٍ اقتصاديٍّ واجتماعيٍّ لنؤكّدُ عَزْمَنا على مواصلةِ منحِ المحافظاتِ المزيدَ من الصلاحيّاتِ والدّعمِ في مختلفِ القطاعاتِ لتصبحَ مراكزَ اقتصاديّةً تقُودُ النموَّ الاقتصاديّ بالبلادِ، كما أرسينا منظومةً شاملةً للحمايةِ الاجتماعيةِ والتي باشرتْ حكومتُنا العملَ بها ووجّهنا بأن تَتِمَّ مراجعةُ آلياتِها وبرامجِها بين فترةٍ وأخرى لينعمَ الجميعُ بالعيشِ الكريمِ ولتحقيقِ العدالةِ المنشودةِ منها. كما تابعْنا خلالَ الفترةِ المـاضيـة جهودَ الحكومةِ الراميةِ لاستيعابِ طاقاتِ أبنائِنا الشبابِ وفتحِ آفاقِ العملِ والإبداعِ أمامهم، ووجّهْنا مؤسساتِ الدولةِ المعنيةِ بمراجعةِ منظومةِ التشغيلِ وربطِها بالقطاعاتِ الاقـتصــاديةِ والاجتماعيةِ، كما أكّدنا على الحكومةِ بالعملِ الحثيثِ على مواءمةِ مسارِ التنميةِ الاقتصادية في البلادِ وأنظمةِ التعليمِ والتدريبِ مع متطلّباتِ الشّبابِ وتهيئَتِهِم لفرصِ العملِ المناسبةِ لهم بما يخدمُ حاضرَهُم ومستقبلَهُم».

وأشار جلالته في خطابه إلى أهمية تطوير البيئة الاستثمارية والتجارية، باعتبارهما من الضرورات لتحريك الاقتصاد، كما قال جلالته بهدف تهيئة مناخ دافع للتنمية وتعزيزها، وهذا ما سوف تقوم به الدولة وقال جلالته في هذا الصدد: «إِنّ تطويرَ البيئةِ الاستثماريةِ والتجاريةِ تُعدُّ ضرورةً أساسيّةً لدفعِ عجلةِ التنميةِ بالبلاد ولذلك فقد وجّهنا الحكومةَ بتقديمِ المزيدِ من التسهيلاتِ اللازمة والحوافزِ التنافسية والبيئةِ الداعمةِ للاستثمار بما يسهل ممارسةَ الأعمالِ التجاريةِ لضمانِ تنويعِ اقتصادِنا الوطنيِ وتحقيقِ نموٍّ مستدامٍ ولتوفيرِ المزيدِ من فرصِ العملِ في القطاعاتِ الاقتصاديّةِ والخدميّةِ المـختلفة وبما يجعلُ البلادَ وجهةً استثماريّةً جاذبةً وأكثرَ اندماجـًا في منظومةِ الاقتصادِ العالمي ولتحقيقِ هذا الاندماجِ فقد سعتْ حكومتُنا لبناءِ شبكةٍ واسعةٍ من المـوانئ والمناطقِ الحرّةِ والمناطقِ الاقتصاديةِ الخاصةِ والمناطقِ الصناعيةِ المتكاملةِ وتقديمِ الدّعمِ لبرامجِ الابتكارِ وريادةِ الأعمال وصناديقِ الاستثمار الوطنيةِ منها والمشتركة مـع الدولِ الشّقيقةِ والصّديقـة». وتحدث جلالته عن التحديات التي نعيشها ويعيشها العالم في عصرنا الراهن، وتحتم الإدراك الذاتي والصمود أمام هذه التحديات لتعزيز القدرات والإمكانيات للمواجهة وقال جلالته: «إن إدراكَنا لحجمِ التحدّياتِ المحليَّةِ والعالميّة ومعرفتَنا بخارطةِ الصراعاتِ والمصالحِ في العالم وفهمِ طبيعتِها وحدودِ تأثيرِها يُعزِّزُ قدرتَنـا على التّعاملِ معها كفرصٍ مواتيةٍ لتبنِّي سياساتٍ فاعلةٍ لإرساءِ السّلامِ وتنميةِ الاقتصادِ وتعميقِ الشراكاتِ الاستراتيجيةِ القائمةِ على التعاونِ والتكاملِ الاقتصاديِ انطلاقًا من ثوابتِنا ومصالِحنا الـوطنية العُليا. ومِنْ هذا المنطلقِ فإننا ندعو كافةَ دولِ العالم للتضافرِ من أجلِ بناءِ عَالَمٍ تسودُهُ قيمُ الإنسانيةِ والعدالةِ، تُحترَمُ فيهِ مُقدَّساتُ كـلِّ أمَّةٍ وهُويَّتُها ودينُها ومعتقداتُها وأخلاقُها، وكرامةُ الإنسانِ فيه مُصانةٌ وحقوقُهُ مكفولةٌ في عالَمٍ ينشأُ شبابُه في توازنٍ وانسجامٍ بين أساسهِ الروحيِ ومتطلّباتِهِ المـاديـّةِ، وفي هذا الجانبِ فإنّنا نولي أبنـاءَنا مــن الأطفالِ والناشئةِ والشبابِ العنايةَ الكاملةَ والاهـتمامَ المـتـواصلَ».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جلالته فی هذا فی هذا الخطاب هذا الوطن حفظه الله مجال ا

إقرأ أيضاً:

تصعيد في الجنوب.. هل هو ردّ إسرائيل على خطاب الشيخ قاسم؟!

لم تكد تمرّ ساعات على خطاب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم، الذي رفع فيه السقف إلى الحدّ الأعلى، مقارنةً بكلّ خطاباته السابقة، منذ اتفاق وقف إطلاق النار، سواء لجهة تلويحه مرّة أخرى بـ"خيارات مفتوحة" في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية المتكرّرة، أو لجهة رفضه منطق "نزع السلاح"، حتى كان الجنوب اللبناني مسرحًا ليومٍ آخر من التصعيد المكثّف، تنقّلت فيه الغارات وعمليات الاستهداف بين مختلف المناطق.
 
صحيح أنّ الأمر لا يشكّل "سابقة"، باعتبار أنّ الخروقات الإسرائيلية لاتفاق وقف إطلاق النار تكاد تكون يومية منذ إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، وإن شهدت محطّات صعود وهبوط عدّة، كان "أخطرها" عند استهداف الضاحية الجنوبية لبيروت لمرّتين متتاليتين قبل فترة، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ الاعتداءات في الفترة السابقة بقيت "موضعية" إلى حدّ بعيد، ما أعطى "كثافة" الغارات في نهاية الأسبوع بعدًا مختلفًا، بالنسبة للكثير من المراقبين.
 
ولعلّ أهمّية التصعيد الإسرائيلي أنّه جاء على وقع السجال الداخليّ المفتوح حول نزع سلاح "حزب الله"، وتحديدًا بعد إعلان قيادة الحزب "تنصّلها" من المبدأ، مع انفتاحها على حوار حول استراتيجية دفاعية "مشروطة" بكفّ يد إسرائيل أولاً، عبر إلزامها بالانسحاب ووقف الاعتداءات، فهل أرادت إسرائيل أن تدخل على خطّ هذا السجال، وربما تكرّس معادلات جديدة، وأيّ رسائل يمكن قراءتها خلف التصعيد الإسرائيلي المستجدّ؟!
 
ردّ إسرائيل "ضمني"
 
قد لا يكون دقيقًا، ولا واقعيًا، ربط الاعتداءات الإسرائيلية على جنوب لبنان حصرًا بموقفٍ أطلقه الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم هنا، أو مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا هنا، باعتبار أنّ هذه الاعتداءات مستمرّة منذ 27 تشرين الثاني الماضي من دون توقّف، حتى في المرحلة التي لاذ فيها الحزب بالصمت، مسلّمًا أمر "الحرب والسلم" للدولة بالمُطلَق، التي رمى إليها بكرة التصدّي للخروقات الإسرائيلية المتكرّرة.
 
ولم يتغيّر الأمر حتى حين تقدّم النقاش الداخلي في ملفّ سلاح "حزب الله"، خصوصًا بعد الزيارة الأخيرة لنائبة المبعوث الأميركي إلى المنطقة مورغان أورتاغوس، وبعد إعلان رئيس الجمهورية جوزاف عون أنّ القرار اتُخِذ بحصر السلاح بيد الدولة، وتعامل رئيس الحكومة نواف سلام مع الأمر وكأنّه "بحكم المنفَّذ"، إذ استمرّت الخروقات الإسرائيلية في كلّ هذه المراحل، من دون مراعاة حقيقة أنّها سبّبت "إحراجًا" لخصوم الحزب.
 
لكن رغم كلّ ذلك، يؤكد العارفون أنّ التصعيد المكثّف الذي سُجّل في المناطق الجنوبية في الساعات الماضية، لا يمكن قراءته إلا بوصفه ردًا "ضمنيًا" على خطاب "حزب الله"، وكأنّ الإسرائيلي يريد القول إنّه "طرف" في السجال الحاصل، ولو بدا داخليًا في مكانٍ ما، وإنّ "نزع السلاح" ليس مجرَّد بندٍ يُطرح على طاولة حوار لبنانيّة، بل هو "شرطٌ إسرائيلي" لوقف الاعتداءات، ومن دونه تصبح كلّ السيناريوهات مفتوحة، بما في ذلك العودة للحرب.
 
كيف يردّ "حزب الله"؟
 
بالنسبة إلى "حزب الله"، لا جديد "نوعيًا" في الخروقات والاعتداءات الإسرائيليّة، سواء حملت بين طيّاتها "رسالة ناريّة" في وجه "رسائل" خطاب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم الأخير، أو كانت استكمالاً لسلسلة لم توقفها إسرائيل أساسًا في أيّ مرحلة منذ 27 تشرين الثاني الماضي، وهو يعتبر أنّ المطلوب أن تتحمّل الدولة مسؤولياتها، من أجل الضغط على المجتمع الدولي، لإلزام إسرائيل بوقف خروقاتها في المقام الأول، وبعدها لكلّ حادث حديث.
 
بالتالي، يقول العارفون بأدبيّات "حزب الله" إنّ الاعتداءات الأخيرة لم تغيّر في الموقف الذي أطلقه الشيخ قاسم في خطابه مساء الجمعة، بل لعلّها ربما تقرّب أكثر فأكثر مرحلة "الخيارات المفتوحة" التي تحدّث عنها الرجل، وتعزّز قناعة الحزب بأنّ أيّ بحثٍ بمصير سلاحه الآن، وقبل إلزام إسرائيل بوقف عدوانها الهمجيّ، والانسحاب الكامل من الأراضي التي لا تزال تحتلّها، ليس فقط غير ذي جدوى، بل هو يخدم إسرائيل بشكلٍ أو بآخر.
 
وفي حين تعرّض خطاب الشيخ قاسم لانتقادات كثيرة في الداخل، ممّن اعتبره "تعبويًا شعبويًا"، في محاولةٍ لدغدغة مشاعر الجمهور، ومن رأى أنّه "يضرب" مساعي الرئيس والحكومة بطيّ صفحة الحرب نهائيًا، يعتبر العارفون بأدبيّات الحزب أنّ الأوْلى بهؤلاء المنتقدين أن يصوّبوا البوصلة، وبالحدّ الأدنى، أن يبدو حدّا أدنى من الحرص على إدانة الاعتداءات الإسرائيلية، على الأقلّ بالقدر نفسه الذي يبدونه على "نزع السلاح"، من دون أيّ ضمانات.
 
بين خطاب "حزب الله" الرافض لنزع السلاح، مع الانفتاح على حوار حول الاستراتيجية الدفاعية، واعتداءات إسرائيل المتكرّرة على مختلف المناطق الجنوبية، شمال وجنوب الليطاني، يبدو أنّ الأمور لا تزال تراوح مكانها، خلافًا لكلّ الانطباعات. ثمّة من يربط الأمر بالحرب على غزة، باعتبار أنّ الأمور باتت مترابطة، شاء من شاء وأبى من أبى، وثمّة من يذهب أبعد، فيربطه بالمفاوضات الأميركية الإيرانية التي لا تزال في بدايتها!
المصدر: خاص "لبنان 24" مواضيع ذات صلة قاسم: إسرائيل عدو توسعيّ ومقاومتنا هي ردُّ فعل دفاعي وحق مشروع ويجب أن تستمر Lebanon 24 قاسم: إسرائيل عدو توسعيّ ومقاومتنا هي ردُّ فعل دفاعي وحق مشروع ويجب أن تستمر 21/04/2025 12:01:45 21/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 موقفا قاسم وصفا يعيدان عقارب الساعة إلى ما قبل خطاب القسم Lebanon 24 موقفا قاسم وصفا يعيدان عقارب الساعة إلى ما قبل خطاب القسم 21/04/2025 12:01:45 21/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 تصعيد مضاعف في الجنوب الأمامي فما الذي تريده إسرائيل مجدداً؟ Lebanon 24 تصعيد مضاعف في الجنوب الأمامي فما الذي تريده إسرائيل مجدداً؟ 21/04/2025 12:01:45 21/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 خطاب قاسم: مشروع سياسي للمرحلة المقبلة Lebanon 24 خطاب قاسم: مشروع سياسي للمرحلة المقبلة 21/04/2025 12:01:45 21/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان خاص مقالات لبنان24 تابع قد يعجبك أيضاً ميقاتي نعى البابا فرنسيس: لبنان خسر راعياً وصديقاً وقامة إنسانية مميزة Lebanon 24 ميقاتي نعى البابا فرنسيس: لبنان خسر راعياً وصديقاً وقامة إنسانية مميزة 04:56 | 2025-04-21 21/04/2025 04:56:39 Lebanon 24 Lebanon 24 البطريرك ميناسيان ينعى البابا فرنسيس: كان صورة حية للراعي الصالح Lebanon 24 البطريرك ميناسيان ينعى البابا فرنسيس: كان صورة حية للراعي الصالح 04:46 | 2025-04-21 21/04/2025 04:46:07 Lebanon 24 Lebanon 24 أبي رميا نعى البابا فرنسيس Lebanon 24 أبي رميا نعى البابا فرنسيس 04:32 | 2025-04-21 21/04/2025 04:32:12 Lebanon 24 Lebanon 24 الصيف يُعلن بدايته مبكرًا.. غبار وحرارة ستتخطّى الـ33 درجة في هذا الموعد! Lebanon 24 الصيف يُعلن بدايته مبكرًا.. غبار وحرارة ستتخطّى الـ33 درجة في هذا الموعد! 04:17 | 2025-04-21 21/04/2025 04:17:36 Lebanon 24 Lebanon 24 السلاح في لبنان: بين خطاب عون من بكركي وتحديات الواقع Lebanon 24 السلاح في لبنان: بين خطاب عون من بكركي وتحديات الواقع 04:00 | 2025-04-21 21/04/2025 04:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة قانون إصلاح المصارف ينصف صغار المودعين ويقلق كبارهم.. خبير يقرأ في إيجابياته وسلبياته Lebanon 24 قانون إصلاح المصارف ينصف صغار المودعين ويقلق كبارهم.. خبير يقرأ في إيجابياته وسلبياته 09:29 | 2025-04-20 20/04/2025 09:29:02 Lebanon 24 Lebanon 24 من بينهم ملازم... هؤلاء هم شهداء الجيش الذين سقطوا في القصيبة - بريقع Lebanon 24 من بينهم ملازم... هؤلاء هم شهداء الجيش الذين سقطوا في القصيبة - بريقع 07:42 | 2025-04-20 20/04/2025 07:42:04 Lebanon 24 Lebanon 24 تحذيرات تلوّح بضربة عسكرية… وحزب الله يرفع السقف Lebanon 24 تحذيرات تلوّح بضربة عسكرية… وحزب الله يرفع السقف 10:30 | 2025-04-20 20/04/2025 10:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 فضيحة من العيار الثقيل: إعلامية متورطة بقضية ممنوعات.. هذا ما وجد داخل شقتها (صورة) Lebanon 24 فضيحة من العيار الثقيل: إعلامية متورطة بقضية ممنوعات.. هذا ما وجد داخل شقتها (صورة) 23:34 | 2025-04-20 20/04/2025 11:34:18 Lebanon 24 Lebanon 24 "ما عندي حدا".. نادين نسيب نجيم تبكي بحرقة وتُثير قلق الجمهور (فيديو) Lebanon 24 "ما عندي حدا".. نادين نسيب نجيم تبكي بحرقة وتُثير قلق الجمهور (فيديو) 23:15 | 2025-04-20 20/04/2025 11:15:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك عن الكاتب حسين خليفة - Houssein Khalifa أيضاً في لبنان 04:56 | 2025-04-21 ميقاتي نعى البابا فرنسيس: لبنان خسر راعياً وصديقاً وقامة إنسانية مميزة 04:46 | 2025-04-21 البطريرك ميناسيان ينعى البابا فرنسيس: كان صورة حية للراعي الصالح 04:32 | 2025-04-21 أبي رميا نعى البابا فرنسيس 04:17 | 2025-04-21 الصيف يُعلن بدايته مبكرًا.. غبار وحرارة ستتخطّى الـ33 درجة في هذا الموعد! 04:00 | 2025-04-21 السلاح في لبنان: بين خطاب عون من بكركي وتحديات الواقع 03:45 | 2025-04-21 بعد "اغتيال".. هذا ما فعله الجيش فيديو ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود Lebanon 24 ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود 01:00 | 2025-04-15 21/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 نجا من الموت بأعجوبة.. إعلامي لبناني شهير يعترف بأنه كان سببًا في فقدان إنسانة حياتها (فيديو) Lebanon 24 نجا من الموت بأعجوبة.. إعلامي لبناني شهير يعترف بأنه كان سببًا في فقدان إنسانة حياتها (فيديو) 04:17 | 2025-04-14 21/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 جويس عقيقي تتمنى مُقابلة بشار الأسد لهذا السبب.. وهذا ما قالته عن ترك هشام حداد محطة الـ MTV (فيديو) Lebanon 24 جويس عقيقي تتمنى مُقابلة بشار الأسد لهذا السبب.. وهذا ما قالته عن ترك هشام حداد محطة الـ MTV (فيديو) 01:42 | 2025-04-12 21/04/2025 12:01:45 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • مناقشة برامج التأهيل التي تنفذها اللجنة الوطنية للمرأة
  • الإثنين.. ندوة حول "الإعلام والهوية الوطنية" بـ"جمعية الصحفيين"
  • بالفيديو.. حديث جلالة السلطان مع الرئيس الروسي حول العلاقات الثنائية والاستثمارات
  • مشيرة خطاب: التعاون مع الهيئة الوطنية للانتخابات بالغ الأهمية
  • شباب ليبيا: الانقسام السياسي يُسهم باستمرار العنف وانعدام الأمن في المجتمع
  • قلق شبابي متزايد بسبب «خطاب الكراهية» ضد مختلف الفئات
  • تصعيد في الجنوب.. هل هو ردّ إسرائيل على خطاب الشيخ قاسم؟!
  • السلاح في لبنان: بين خطاب عون من بكركي وتحديات الواقع
  • مراسلة سانا: وزارة الصحة تبدأ حملة تعزيز اللقاح الوطنية الشاملة لمتابعة ‏الأطفال المتسربين من عمر يوم حتى 5 سنوات وتستمر حتى الـ 30 من ‏الشهر الجاري في مختلف المحافظات
  • الرئيس اللبناني: سحب سلاح حزب الله رهن الظروف المناسبة