لجريدة عمان:
2025-01-15@19:36:47 GMT

التوجه الاستراتيجي نحو المستقبل

تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT

يعتبر مرور 54 عاما من عمر الدولة العمانية الحديثة حقبة زمنية كافية كي يكون لدينا فكر استراتيجي عماني مطالب بتقديم حلول مناسبة لمعالجة تحديات المرحلة الحالية ويستشرف المستقبل وآفاقه بشكل عملي وعلمي.

على الفكر الاستراتيجي العماني أن يكون ذكيا فلا يهتم فقط بـ «إلى أين نريد أن نصل؟ ولكن كيف نصل إلى هناك؟» عليه أن يقدم سيناريوهات وبدائل للتعامل مع تحديات تطوير التنمية في سلطنة عمان وكيف نعالج مشكلاتنا في ظل الفرص والتحديات الموجودة في البيئة الخارجية والداخلية؟ مع الآخذ بالاعتبار أن ليس ما كنا نقوله بالأمس، بالضرورة صالح لليوم وللمستقبل، فالظروف قد اختلفت والمشاكل تنوعت والتحديات الداخلية أصبحت في مستوى التهديدات الخارجية وربما تفوقها، ورياح التغيير تشمل كل شيء، وعلى الفكر الاستراتيجي العماني مسايرتها والتعامل معها.

إن «رؤية عمان 2040» كمظلة تنظيمية بأطرها ومكاتب التنفيذ وأفرعها في المحافظات والدوائر الحكومية يجعل التوجه الاستراتيجي يتقدم بشكل حركي وديناميكي على الأرض وبمسارات استراتيجية تتضمن أبرز المؤشرات المطلوب تحقيقها للوصول إلى الرؤية ومرتبطة بشكل وثيق مع عدد من الأولويات الوطنية لتضع السلطنة على خارطة التصنيف العالمي على مدى العقدين القادمين. كما رسمت التوجهات والأهداف والسياسات الرئيسة الكفيلة بترجمة هذه الأهداف إلى خطط عمل تنفيذية محددة المعالم والتطلعات، ومقيدة بإطار زمني تقيس وتقيم مؤشرات الأداء المحلية والعالمية بموضوعية وشفافية. إن الرؤية تشكل بوصلة مهمة لتوجيه القطاعات إلى المستقبل وأهدافه الاستراتيجية وبما يساعد على مراقبة ومتابعة الأداء الحكومي إجراءات وخدمات وإنتاجية، وبالتالي تعزيز ثقافة الأداء والمساءلة والشفافية المنشودة.

ولعل تجربة «رؤية عمان 2040» تدل على إدراك مهندسي تلك الرؤية بالأولويات الوطنية المرتبطة بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية والثقافية وتكنولوجيا المعلومات وإدارة الموارد البشرية... الخ، وقد أدى ذلك إلى أن تركيز تلك الرؤية ونطاقها متسقان مع المشروع العماني الهادف إلى التطوير وإكمال زخم التقدم والبناء بثبات وبتركيز كبير على إيجاد مجتمع إنسانه مبدع وبيئته عناصرها مستدامة واقتصاد بنيته تنافسية ودولة أجهزتها مسؤولة. إن الرؤية هي بمثابة خارطة طريق لخطة استراتيجية وطنية شاملة يشارك في تنفيذها الجميع من حكومة ومواطنين وقطاعات عمل، وبالتالي يتحقق الترابط الاستراتيجي بين أنشطة القطاعات بالدولة، فكل قطاع يعمل بتكامل حقيقي مع القطاعات الأخرى، وسيمكن الجميع من فهم الصورة الكبيرة (عمان الغد) والارتباط الاستراتيجي بين القطاعات بشكل رأسي وأفقي.

عليه فمن الضروري الإيمان بأن الرؤية الوطنية ستسهم في تشكيل القوة الناعمة العمانية وتوجهها لمساندة الدولة في سبيل تنفيذ الاستراتيجيات وبشكل يساعد على تأسيس شراكة حقيقية بين الحكومة وكل من القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني. إن تطوير الرؤية جاء لتنظيم نشاط الدولة للولوج إلى نادي التنافسية الدولي من خلال تقييم مقومات المنظومة الوطنية وتحليل نقاط القوة والضعف والفرص والتهديدات فيها، وبناء عليه تعزيز قدرة جميع قطاعات الوطن لتتحرك بطموح وثقة في مسارها الاستراتيجي من مواطن الضعف إلى مواطن القوة وتحويل التهديدات إلى فرص، مع التأكيد على تبني مفهوم استراتيجي للتربية والتعليم والبحث العلمي، فعلى قطاع التعليم أن يركز على تنمية وصقل الكفاءات والمهارات (competency-based system) وأن يكون مشعلا استراتيجيا رائدا لتخريج أجيال لديهم مهارات سوق العمل القادرة على تلبية متطلبات ذلك السوق وتخصصاته المتنوعة ومتسلحين بالقيم والصبر وحب الوطن وبعيدا عن الرؤى الفردية التي أدت إلى استنساخ تجارب مستهلكة لا تتواكب مع روح العصر ولا تتناسب مع الثقافة العمانية.

إن استمرارية الحلم بخطة استراتيجية وطنية لعُمان الغد أمر مشروع ويمكن تحقيقه متى ما استطعنا تطبيق المفاهيم العلمية بشكل منهجي من خلال تبني مبادئ قيادة التحول لإيجاد خارطة للمسار الاستراتيجي لتعمل كبوصلة موجهة تحقق التنسيق والتكامل المطلوب لعمل قطاعات الدولة وتطوير أدائها وتحفيز القطاع الخاص ليكون شريكا حقيقيا فاعلا للحكومة. ولعل ذلك المسار سيوجه ويرشد الإنفاق العام ليلبي مقتضيات أولويات المصالح الاستراتيجية للدولة والمواطن من خلال عملية منهجية لإدارة المشاريع التنموية والتطويرية على اختلاف نطاقها وطبيعتها (الاجتماعية، والصناعية، والزراعية، والاستثمارية، والخدمية، والأمنية، والتقنية، والتعليمية، ... الخ)، كما سيعمل المسار الاستراتيجي على تعزيز عمليات الرقابة على مختلف محاور التنفيذ من خلال متابعة الخطط القصيرة المدى التي تنفذ في كل قطاع لتحقيق الأولويات الوطنية للتأكد من أنها تسير كما وكيفا وزمنا تجاه تحقيق مستهدفات الرؤية والخطط والبرامج العامة، وذلك ما سيؤدي في النهاية إلى طرح حزم من الترتيبات والحلول الاستراتيجية الفعالة والقابلة للتطبيق على الأرض والهادفة إلى تنمية اقتصادية واجتماعية وتعليمية وإنسانية مستدامة وجادة محورها الأساسي المواطن المخلص لوطنه وقيادته والملتزم بهويته وقيمها الأصيلة ويحقق من جانب آخر التصور المنشود «لرؤية عمان التي نريد».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: من خلال

إقرأ أيضاً:

التخطيط والتنمية الاقتصادية تحث المؤسسات التمويلية لتلبية الطلبات المتزايدة

حثت  الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، المؤسسات التمويلية على ضرورة توسيع آلياتها لتقديم حلولا مبتكرة لتلبية الطلب المتزايد على الموارد.

وأوضحت في تصريحات لها على هامش مشاركتها بملتقى محافظي مجموعة البنك الإسلامي للتنمية بالسعودية؛ أنه ينبغي تلبية تلك الاحتياجات في ظل الطلبات المتزايدة لأعضاء البنك بما يتناسب مع التحديات الراهنة.

رانيا المشاط تضع حجر أساس مدرسة الوفاء 2 للتعليم الثانوي بالمنيارانيا المشاط تعلن موافقة المفوضية الأوروبية على صرف مليار يورو لمصر

أكدت أن هذه الاجراءات تتوافق استراتيجيات التمويل القوية بالفعل لدى البنك، ومنها التمويل الاجتماعي الإسلامي الموجه لتحديات كتخفيف الفقر وتنمية المجتمع، وكذلك الصكوك الخضراء لتمويل مشروعات الطاقة المتجددة والبنية التحتية المقاومة لتغير المناخ.

أضافت أنها تتسق مع أولويات الاستدامة العالمية، مشيرة كذلك إلى نماذج التمويل المختلط لتقليل مخاطر المشروعات وتشجيع مشاركة القطاع الخاص.

وشددت علي أهمية تعزيز التركيز على التكامل بين القطاعات والتحديات التي تواجهها الدول الأعضاء مثل الفقر، وعدم المساواة، وتغير المناخ، والتي تأتي مترابطة ولا يمكن معالجتها من خلال تدخلات منعزلة.

وأضافت أن هذه الاجراءات تتطلب تقديم حلول تنموية شاملة وفعالة، من خلال مشروعات متعددة القطاعات كمبادرات الإسكان المستدام الذي يدمج الطاقة المتجددة، والمياه والبنية التحتية التعليمية لمعالجة احتياجات تنموية متعددة في وقت واحد، وكذلك معامل الابتكار بين القطاعات، من خلال إنشاء مراكز تجريبية تجمع الخبرات في مجالات الصحة والتعليم والبنية التحتية والبيئة لتطوير حلول متكاملة تلائم السياقات الفريدة للدول الأعضاء.

وأوضحت المشاط أن تلك الجهود تسهم في استكمال الإطار الذي قدمه البنك وتضمن تخصيص الموارد بشكل أكثر كفاءة مع تحقيق نتائج مستدامة على المدى الطويل.

يشار إلي أن الملتقى يمثل فرصة لمحافظي البنك للتباحث بشأن تطلعاتهم لمجموعة البنك ودورها ومجال تركيزها خلال العِقد المقبل وذلك من خلال عقد مشاورات رفيعة المستوى وإجراء مناقشات وتبادل الرؤى والأفكار حول وثيقة العمل التي تم إعدادها والتي تُقدم تحليلاً للسياق الداخلي والخارجي لمجموعة البنك وتقترح أطروحات استراتيجية أساسية للاسترشاد بها في صياغة الإطار الاستراتيجي لمجموعة البنك للفترة 2026-2035 .

مقالات مشابهة

  • وفد عسكري سعودي يطلع على اختصاصات مجلس الدولة
  • محافظ جنوب سيناء خلال لقائه المستثمرين المتعثرين: حل مشاكل جميع القطاعات على رأس أولوياتي
  • التخطيط والتنمية الاقتصادية تحث المؤسسات التمويلية لتلبية الطلبات المتزايدة
  • شيخ الأزهر يعزي وزير الدولة رئيس مكتبة قطر الوطنية في وفاة نجله
  • القفز من عالمنا القديم إلى عالم جديد: سقوط مفهوم الدولة الوطنية وملحقاته
  • استعراض أدوار ومسؤوليات "حقوق الإنسان" في مجلس الدولة
  • برلماني: إنجازات الدولة في تطوير الطرق دليل على الرؤية الحكيمة للقيادة السياسية
  • نقل النواب: إنجازات الدولة في تطوير الطرق خير دليل على الرؤية الحكيمة للقيادة السياسية
  • الجمعية الوطنية للتصلب المتعدد تطلق أول وثيقة إرشادات علاجية للتصلب المتعدد في الإمارات