ما أهمية الهوية الترويجية الموحدة لسلطنة عمان؟
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
أغلب دول العالم في تسابق نحو إبراز هوياتها الوطنية التي يستطيع من خلالها الأفراد رسم صورة ذهنية عند ذكر اسم دولة ما. عليه فإن الدول تُعرف بما لديها من تراث وثقافة وتسامح في رقي العلاقة مع الأمم والشعوب. فعهد القوى العظمى وإن كان ما زال بعض الدول يئن من وطأته إلا أن هناك عالما آخر يتسم بجمال أخلاقي ديدنه الإخاء الإنساني الهادف إلى نشر المعرفة والتلاقي بين الحضارات.
مؤشر الهوية أو العلامة الوطنية (National Brand Index) الذي صممه البروفيسور سايمون أنهولت في عام (2005) الذي يعمل أستاذا في العلوم السياسية بجامعة إيست أنجيليا، يهدف إلى قياس سمعة البلد وما يدور عنه في أذهان أفراد المجتمعات الأخرى. ومن أجل ذلك، قدم استشاراته لأكثر من 63 من زعماء العالم يشجعهم فيها إلى ضرورة مشاركة كل دولة لتكون فاعلة وذات تأثير في المجتمع الدولي. أيضا البروفيسور سايمون صمم نموذج «الدولة الجيدة» وهو عبارة عن استطلاع للرأي يقيس مدى مساهمة الدول في الجوانب الإنسانية للدول الأخرى. بحيث لا تكون الدول -ذات أنانية- تعمل من أجل أفراد شعبها، بل يجب عليها أن تعطي اهتماما بما تعانيه الشعوب عن طريق تقديم المساعدة في الجوانب التي تحتاجها الدول التي تمر بأزمات اقتصادية أو اجتماعية أو طبيعية والذي يتسق مع الهوية الوطنية الموحدة لسلطنة عمان.
الهوية الترويجية الموحدة التي تحمل شعار -الشراكة- تم تدشينها في ظل الرعاية السامية لجلالة السلطان هيثم بن طارق -حفظه الله ورعاه- تنتهج المبادئ نفسها التي يقوم عليها مؤشر الهوية الوطنية السالف الذكر. حيث إن هناك رغبة مجتمعية بأن يكون لسلطنة عمان دورها الحضاري تعمل على الاندماج والشراكة مع شعوب ودول العالم كافة من أجل مستقبل أفضل لمواطنيها. وأيضا بأن يكون لها التأثير الفاعل مع القضايا الإقليمية والدولية. وهذا هو النهج السائد في السياسة الخارجية العمانية. وبالتالي، الهوية الترويجية الموحدة ينبغي أن تكون متفاعلة مع متطلبات مؤشر الهوية الوطنية ومنها: الصادرات، والحوكمة، والثقافة، والسياحة، والاستثمار، ولكن مع الحفاظ على الثوابت الوطنية للمجتمع.
محور الصادرات يقيس مدى تمكن المنتجات الوطنية لأي دولة من شرائها وقبولها من قبل الآخرين بمجرد معرفة -بلد المنشأ- وبالتالي، الأفراد من خلال معرفتهم للبلد المصدرة يعطون درجات مختلفة من مستوى الجودة لتلك المنتجات لذا؛ فقد استطاعت اليابان التربع في مؤشر الهوية الوطنية لعام (2023) بسبب درجة الثقة لصادراتها من قبل الشعوب الأخرى، أكثر من صادرات ومنتجات دول ذات ثقل اقتصادي أكبر ومنها الولايات المتحدة والصين. وبالتالي، هوية صادرات الدول أو بلد المنشأ تعطي انطباعا ذهنيا لجودة منتجاتها.
لنقرّب الصورة أكثر فإن المستهلك العربي يفضل غالبا المنتجات اليابانية أكثر من المنتجات الصينية من خلال ذكر بلد الصنع. وبالتالي، وإن كان الطريق لا يزال طويلا، فإن الصادرات -صنع في عمان- يجب أن تتسم بمعايير الجودة والتميز بحيث تستطيع المنافسة وأن يكون لها حضورها في الأسواق العالمية بانتشار أوسع.
شعار الشراكة سوف يعمل على الترويج لدور الحكومة في آليات التعامل مع حقوق مواطنيها تلك الحقوق شاهدة في التشريعات العمانية. وبالتالي، هذا الدور يجب أن يحس به الأفراد داخل الدولة وأيضا يعطي صورة ذهنية للخارج في كيفية تعامل الحكومة مع قضايا الأمن وسياستها نحو السلام العالمي. أيضا يجب توظيف المرتبة المتميزة التي حصلت عليها سلطنة عمان في مؤشر البيئة العالمي لكي تنشر هذا الإنجاز لتستفيد منه دول أخرى بحيث لا يقتصر التعاون والتبادل على مستوى دول الخليج العربية. أيضا الجهود الفاعلة للحكومة ومؤسسات المجتمع المدني في المساهمة نحو القضاء على معدلات الفقر العالمي قطعت أشواطا كبيرة، ولعل الحاجة تكمن في إظهار هذه الجهود للأمم والشعوب باستخدام قنوات التواصل والتعاون الدولي.
تاريخ سلطنة عمان الحضاري الذي يمتد لأكثر من 5000 سنة يحتاج إلى إيصاله للعالم الآخر. فهذا البلد العريق يزخر بآثار تاريخية متنوعة منها جمال الطبيعة وأيضا ما صنعه الإنسان المتمثل في القلاع والحصون وما اكتشفه العلماء من النقوش الصخرية والاكتشافات الأثرية تُعبر عن هويات وطنية ينبغي توظيفها ليتعرف عليها الأفراد من مختلف المجتمعات. بل تشمل تلك الثقافة العمانية في إبداعات العمانيين بشتى الفنون ومنها، فن الرزحة، والعازي، والهبوت. عليه فإن الهوية الترويجية الموحدة لديها مقومات رصينة من التاريخ والتراث والثقافة لتنطق منها فيجب على الجهات المختصة أن تكثف في كيفية توظيفها لتصل للشعوب الأخرى.
مؤشر الهوية الوطنية لعام (2023) يضم (60) دولة موزعة جغرافيا على دول العالم. حيث احتلت اليابان المرتبة الأولى متجاوزة دولا عريقة جدا ومنها ألمانيا التي تربعت في المرتبة الأولى لمدة 6 سنوات متتالية. بيد أن المؤشر لا يقيس قوة الدولة الاقتصادية أو التكنولوجية، وإنما قدرتها على أن تكون معروفة وذات شهرة بما تزخر به من هوية وطنية. على سبيل المثال، الفلبين وكينيا وتنزانيا هي دول ليست لها ميزات اقتصادية أو سياسية كبيرة ولكنها استطاعت الدخول ضمن دول المؤشر نظرا لما تمتلكه من إرث حضاري وهويات وطنية سمعت عنها ونالت على استحسانها الشعوب الأخرى. كما يلاحظ على الرغم من أن الصين تعَد الثانية على مستوى العالم في حجم التجارة العالمية، فإنها حصلت على الترتيب (31)، حيث سبقتها دول أقل منها، وهي البرتغال التي احتلت الترتيب (20) عالميا.
من ضمن دول مؤشر الهوية الوطنية، هناك المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، بينما غابت عنه سلطنة عمان والكويت والبحرين. إلا أن سلطنة عمان تمتلك مقومات رئيسة للترويج لهويتها الوطنية الموحدة بما لديها من جماليات الطبيعة المتنوعة وسهولة العيش بها وأيضا جانب الأمن والأمان. هذه الميزات احتلت الدرجات الأعلى في استطلاعات الرأي العالمي المتعلقة بأسباب تفضيل زيارة الدول.
عليه، فإن تدشين الهوية الوطنية الموحدة لسلطنة عمان الهدف منه هو الترويج نحو رسم صورة ذهنية عن البلد من قبل أفراد المجتمع وأيضا الشعوب الأخرى. هذه الصورة هي انعكاس بما تزخر به من مقومات الثقافة وجمال الطبيعة ومن التراث الحضاري والإنساني المتجانس مع نفسه أولا ومع الآخر. وبالتالي، من خلال تبني الصورة الذهنية التي تعبر عن الهوية الوطنية التي نريد، تستطيع الحكومة رسم سياساتها وخطط عملها لكي تسهم تلك الهوية في تعزيز الجوانب الاقتصادية والتنموية بشكل أفضل، بناء على القيم والمبادئ التي يسير عليها أفراد المجتمع الذين يمثلون الهوية الوطنية الموحدة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الهویة الترویجیة الموحدة الوطنیة الموحدة لسلطنة عمان صورة ذهنیة سلطنة عمان من خلال
إقرأ أيضاً:
الميزان التجاري لسلطنة عُمان يسجل فائضًا بـ 6 مليارات و562 مليون ريال عُماني
مسقط - العُمانية
سجل الميزان التجاري لسلطنة عُمان فائضًا بـ 6 مليارات و562 مليون ريال عُماني في نهاية شهر أكتوبر 2024م مقارنة بفائض بلغ 6 مليارات و344 مليون ريال عُماني خلال الفترة نفسها من عام 2023م، وفق ما بينت الإحصاءات المبدئية الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات.
وتشير الإحصاءات إلى أن إجمالي قيمة الصادرات السلعية في نهاية شهر أكتوبر 2024م سجل 20 مليارًا و319 مليون ريال عُماني، مرتفعًا بنسبة 8.7 بالمائة عن الفترة نفسها من العام السابق والتي سجلت وقتها 18 مليارًا و693 مليون ريال عُماني، في حين بلغت قيمة الواردات السلعية لسلطنة عُمان 13 مليارُا و757 مليون ريال عُماني مرتفعة بنسبة 11.4 بالمائة في نهاية شهر أكتوبر 2024م مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، والتي بلغت 12 مليارًا و349 مليون ريال عُماني.
ويعزى ارتفاع قيمة الصادرات بشكل رئيسي إلى ارتفاع قيمة صادرات سلطنة عُمان من النفط والغاز إلى 13 مليارًا و768 مليون ريال عُماني وبنسبة 21.1 بالمائة عن نهاية شهر أكتوبر 2023 والتي بلغت 11 مليارًا و365 مليون ريال عُماني.
ومن ضمن صادرات النفط والغاز في نهاية شهر أكتوبر 2024، بلغت قيمة صادرات سلطنة عُمان من النفط الخام 8 مليارات و422 مليون ريال عُماني، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 6.1 بالمائة عن الفترة ذاتها من العام السابق، وارتفعت قيمة صادرات النفط المصفى إلى 3 مليارات و278 مليون ريال عُماني وبنسبة 154.8 بالمائة، وانخفضت قيمة صادرات سلطنة عُمان من الغاز الطبيعي المسال إلى مليارين و68 مليون ريال عُماني وبنسبة 3.4 بالمائة، مقارنة بنهاية شهر أكتوبر 2023.
وكشفت الإحصاءات انخفاض قيمة الصادرات السلعية غير النفطية بنسبة 16.2 بالمائة في نهاية شهر أكتوبر 2024، لتبلغ 5 مليارات و106 ملايين ريال عُماني، مقارنة بنهاية أكتوبر 2023، حيث سجلت وقتها 6 مليارات و96 مليون ريال عُماني.
وحازت المنتجات المعدنية على القيمة الأعلى من الصادرات السلعية غير النفطية، حيث بلغت قيمتها مليارًا و492 مليون ريال عُماني منخفضة بنسبة 32.2 بالمائة عن الفترة ذاتها من 2023 تليها منتجات المعادن العادية ومصنوعاتها بـ مليار و92 مليون ريال عُماني بانخفاض نسبته 0.1 بالمائة، ثم صادرات سلطنة عُمان من البلاستيك ومنتجاته والمطاط ومنتجاته إلى 808 ملايين ريال عُماني بنسبة ارتفاع 7.1 بالمائة.
وانخفضت منتجات الصناعات الكيماوية والصناعات المرتبطة بها بقيمة صادرات بلغت 649 مليون ريال عُماني بانخفاض نسبته 23.7 بالمائة، تليها صادرات الحيوانات الحية ومنتجات المملكة الحيوانية بنسبة 15.2 بالمائة، لتبلغ 286 مليون ريال عُماني، وبلغت قيمة صادرات المنتجات الأخرى 780 مليون ريال عُماني بانخفاض نسبته 9.4 بالمائة.
وارتفعت قيمة عمليات إعادة التصدير من سلطنة عُمان إلى مليار و445 مليون ريال عُماني وبنسبة 17.3 بالمائة في نهاية شهر أكتوبر 2024، مقارنة بنهاية شهر أكتوبر 2023، وسجلت قيمة عمليات إعادة التصدير في منتجات معدات النقل 338 مليون ريال عُماني بانخفاض نسبته 4 بالمائة، فيما سجلت الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها وأجهزة تسجيل وإذاعة الصوت 315 مليون ريال عُماني منخفضة بنسبة 5.4 بالمائة، وفي منتجات صناعة الأغذية والمشروبات والسوائل ارتفعت قيمة إعادة التصدير بـ 30.6 بالمائة لتسجل 151 مليون ريال عُماني في حين سجلت إعادة تصدير المنتجات المعدنية ما قيمته 114 مليون ريال عُماني بارتفاع نسبته 50.4 بالمائة.
وانخفضت قيمة إعادة التصدير في منتجات الحيوانات الحية ومنتجات المملكة الحيوانية إلى 82 مليون ريال عُماني وبنسبة 14.9 بالمائة وبلغت القيمة في المنتجات الأخرى 446 مليون ريال عُماني.
وفي الواردات السلعية حازت المنتجات المعدنية على القيمة الأكبر، حيث سجلت 3 مليارات و886 مليون ريال عُماني في نهاية شهر أكتوبر الماضي، مرتفعة بنسبة 13.4 بالمائة تليها الآلات والأجهزة والمعدات الكهربائية وأجزاؤها وأجهزة تسجيل وإذاعة الصوت بقيمة مليارين و368 مليون ريال عُماني، مسجلة نموًّا بـ26.2 بالمائة في نهاية شهر أكتوبر 2024 ثم منتجات الصناعات الكيماوية والصناعات المرتبطة بما قيمته مليار و305 ملايين ريال عُماني وبارتفاع 4.9 بالمائة والمعادن العادية ومصنوعاتها بما قيمته مليار و297 مليون ريال عُماني وبنسبة انخفاض 2.8 بالمائة. وسجلت واردات معدات النقل مليارًا و211 مليون ريال عُماني بارتفاع 11.5 بالمائة وسجلت واردات المنتجات الأخرى 3 مليارات و691 مليون ريال عُماني.
وتصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة عمليات التبادل التجاري في الصادرات غير النفطية في نهاية شهر أكتوبر 2024 بما قيمته 839 مليون ريال عُماني، بارتفاع نسبته 10.8 بالمائة عن نهاية شهر أكتوبر 2023 وكذلك عمليات التبادل التجاري في إعادة التصدير من سلطنة عُمان، حيث بلغت قيمة إعادة التصدير إليها 494 مليون ريال عُماني. وأيضًا في الدول المصدرة لسلطنة عُمان بقيمة 3 مليارات و286 مليون ريال عُماني.
وجاءت المملكة العربية السعودية ثانيًا في الصادرات العُمانية غير النفطية وبما قيمته 663 مليون ريال عُماني، تليها كوريا الجنوبية بـ 580 مليون ريال عُماني، فيما جاءت إيران في المرتبة الثانية في إعادة التصدير بما قيمته 309 ملايين ريال عُماني، ثم الكويت بـ 106 ملايين ريال عُماني، في حين جاءت الصين في المرتبة الثانية في الدول المصدرة لسلطنة عُمان بما قيمته مليار و469 مليون ريال عُماني تليها الكويت بما قيمته مليار و358 مليون ريال عُماني.