يقدم جناح الأزهر الشريف بـمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56؛ لزوَّاره كتاب «مجموع الرسائل اللغوية»"، بقلم أبي هادي محمد بن أحمد بن الحسن الخالدي، المعروف بالجوهري الصغير، من إصدارات مكتب إحياء التراث الإسلامي بمشيخة الأزهر الشريف.

نائب رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود الدولة في توطين صناعة الدواء شيخ الأزهر يستقبل وزير السياحة والآثار السابق

لقد سخر الله للغة العربية ثلةً من العلماء العاملين المخلصين، يدافعون عنها، ويذبون عن حياضها سهام الخصوم، ويفندون شبهات المبطلين؛ ومن هؤلاء الأعلام الذين قاموا على حفظ اللغة وعلومها: الإمام الشيخ أبو هادي محمد بن أحمد بن الحسن الجوهري، المعروف بـ (ابن الجوهري)، و(الجوهري الصغير)، وهو إمام متفنن في العلوم وعلى رأسها علوم العربيَّة، ورسائله اللغوية تنمُّ عن رجل له باع طويل في علومها الواسعة؛ إذ تتعدد مؤلفاته، ويأتي فيها بخلاصة مباحث مُهِمَّة، على الرغم من صغر حجمها، لكنها تستوعب وتشير إلى كثير من المسائل الدقيقة والمباحث العميقة، ولأجل أهمية رسائل الجوهري الصغير ونفاستها فقد عَمِلَ مكتب إحياء التراث الإسلامي بمشيخة الأزهر الشريف على تحقيق رسائله اللغوية،  والعناية بها، وإخراجها لطلبة العلم وأهله بدقة وعناية في مجموع يشملها.

ويضمُّ هذا المجموع بين دفَّتَيه ثماني رسائل، للجَوْهَري الصَّغير (المتوفَّى سنةَ: 1215هـ/ 1801م)، وهي:

الأولى: «القول الموفي في تحقيق تعريف الشُّكر العُرفيِّ»، وهي رسالةٌ موجزة في التعريف بالشكر عُرفًا، ثم شرح الشكر والتعليق عليه والاستشهاد في ذلك بأقوال العلماء.

والثانية: «زهر الأفهام في تحقيق الوَضع وما له من الأقسام»، تناول فيها المؤلِّفُ علمَ الوضع ومبادئه وأقسامه، ثم ختمها ببيان وضع أسماء والكتب والتراجم.

والثالثة: «تحقيق الفرق برَسمه في الفرق بين عَلم الجنس واسمه»، عرَضَ فيها المؤلِّفُ لقضية من أهمِّ قضايا علم الوضع، وهي التفرقة بين عَلَم الجنس واسم الجنس.

والرابعة: «إتحاف الرِّفاق ببيان أقسام الاشتقاق»، عالج فيها المصنِّف بعض قضايا علم الاشتقاق؛ من حيث تعريفُه، وأقسامُه، وتحقُّقُ التَّغيير فيه، وقيامُ الوصف بمَن اشتُقَّ منه، وغير ذلك.

والخامسة: «إتحاف الكامل ببيان العامل»، سلَّط فيها المصنِّف الضَّوءَ على قضية اختلف فيها النُّحاةُ قديمًا، وهي نظريَّة العامل، من خلال بيان سبب الإعراب فيما هو معرب، وتعريف العامل الإعرابي، وما يتحصَّل به، ثم ختم الرسالة بإيراد بعض الاعتراضات الواردة على تعريفهم للعامل والجواب عنها.
 
والسادسة: «إتحاف أُولي الألباب بشرح ما يتعلَّق بسيٍّ من الإعراب»، وهي رسالة في شرح خمسة أبيات من بحر الطَّويل، من نَظْم المؤلِّف نفسه، تناول فيها إعراب «لا سيَّما» وبيانَ معانيها وما يتعلَّق بها من أحكام، مع سَوْق آراء العلماء في هذا.

والسابعة: «امتثال الإشارة بشرح نتيجة البشارة»، وهي تتمحور حول شرحٍ مختصرٍ لرسالة «نتيجة البشارة بمعرفة الاستعارة» لعبد الرَّحمن بن مصطفى العيدروس (المتوفَّى سنة 1192هـ،)، ويظهر من عنوان المتن أن موضوعها هو «الاستعارة»، وهو ضَرْبٌ من ضروب علم البيان، تناوله الشارحُ؛ فبيَّنَ مراد الاستعارة وأقسامها وأحكامها، وما يتعلَّق بها من موضوعات أخرى؛ كالحقيقة والمجاز.  

والثامنة: «الذَّوق السَّليم في القول بالموجب وأسلوب الحكيم»، وهي رسالة تتناول ضربين من ضروب عِلمَي البديع والمعاني، وهما: «القول بالموجب» «أسلوب الحكيم»، وقد عرَض فيها المؤلِّف لبيان كلٍّ منهما، وذِكْر قِسمَي القول بالموجب، وبيان النِّسبة بين القول بالموجب وأسلوب الحكيم، وختم كلامه بإيضاح أن القول بالمُوجب عند الأُصوليِّين من القوادح في العِلل.

معرض القاهرة الدولي للكتاب

ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك إنطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبناه طيلة أكثر من ألف عام.


ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جناح الأزهر الأزهر معرض الكتاب محبي العربية جناح الأزهر الشريف معرض القاهرة الدولي للكتاب للغة العربية الأزهر الشریف

إقرأ أيضاً:

قصة الوادي الصغير (19)

 حمد الناصري

قاطع أبو صالح من الحارة الخامسة " الساحل الطويل" طالب بن شِحيح ابن قرية الأعلى ورأس المَمر الضيق، بغضب وضيق:

ـ طيب قلْ لنا سالفة الوثيقة وخلّصنا، لا داعي للإسهاب في السرد وملامح وجهك تُخفي الكثير من الحقد.. قل لنا أنّك تائهٌ بين قول صادق وبين ثرثرة كاذبة.. هاتْ لنا تأريخاً له حقيقة وميزة بين الأقوام، أعراباً وغُرباء، هات لنا تأريخاً نقرأ حاضره مثل ماضيه. إذ يحمل في نفسه أسفاراً من الكذب والتزلّف وأحمالًا تأريخية ثقيلة تنوء بها عن إنسانيته الحاضرة ...؟ بَيْد أننا نعلم يقينا أنّ ليس هناك تأريخاً معصوماً من السقطات.؟
 
لم يلتفت إليه ابن قرية رأس الممر الضيق، واستمرّ يُحدِّث الناس قائلاً:
 
ـ كثُر المُثبطين من بني جلدته، أعراباً وبدواً وأهل السواحل والسهول، وكانوا يصدّونه، ويُخوّفونه من رحلة رُبما لا يعود منها، لكنّه أصرّ وثبت وجاهد لتحقيق أمنيته، شغوفاً بحبّ ركوب البحر وأمنيته المُغامرة في البحار السّبعة.. وقد كان بحر الشرق الأقصى سرّاً لم يكتشفه أحد من قبله، وكان الرجل الشهابي يقف بكبرياء ويُسجّل مواقفه البحرية في اللحظة نفسها، ويُحَلّل بأفكاره كلّ شيء بدقّة مُتناهية.
وكتب الشهابي ما لم يكتبه المؤرّخون والمُستكشفون، وأنصف رحلة المُستكشف الغربي الذي كاد أن يتيهَ في عُباب بحر الظلام، وقاده جهلهُ إلى مِحَن رمادية مُخيّبة للآمال، فحين اقترب من بحر العواصف ازدادت رمادية الرحلة وشتّتتْ سير الرحلة وتحطّمت في عرض البحر سُفن المؤونة وغرق كثير من طاقمها، حتّى وصل إلى نهاية المِحنة وهلك، وشارف على الموت. لكن بارقة أمل تظهر فجأة؛ سفن أعرابي تستكشف عرض البحر عائدة من رأس الدوران الذي لم يَعرف بوجوده أحد مطلقاً، فأخذه البحّار الشهابي إلى نقطة الرجاء.. وقال له من هنا النقطة الآمنة وسمّاها "راس الرجاء" ثم تدور حول رأسها لتكون في البحر الأكثر أماناً، فوثق به المستكشف الغربي، وقال: يبدوا أنّه مُحقٌّ، فالأمكنة بعد "راس الرجاء" أكثر هدوءاً وصلاحاً.
 
عقّب المُستشار غاضباً.. :
 
ـ دُلّنا على شيء يُفهم، ودعْ عنك الكثير المُبهم.  نحن لا حاجة لنا إلى الدخول في نزاعات بحرية جديدة.. لدينا بحر يُعرف بإسمنا " بحر الأعراب " والجزء الشرقي المُحاذي لبحر الأعراب لا يزال يُعرَف باسم بحر الوادي الصغير.
 
ـ قبل أن أجيبك بشيء أو أدلّك على ذلك المُبهم.. اسمع مني.. وقِف شامخاً.. لم يَذكر المُؤرخين بتاتاً أنّ ذوي السحنة الرصاصية، قد مخروا عُباب البحار العميقة ولم يقطعوا البحر المفتوح ولم يعبروا ساحلاً خلا ساحلهم وسواحل أخرى مُتجاورة لهم.. إحدى هذه السواحل سمّيتْ باسم الجار الذي خُلع منهم.
    لذا أرى أنّه لا بدّ من تصحيح الوثائق البحرية وإعادة النظرة الجادّة في تأريخ البحّار العظيم الشهابي وتعديل المفاهيم المغلوطة، فالبحر العميق المفتوح لا يعود إلى ذوي السحنة الرصاصية، بل يعود أصله إلى الأعراب.
 ذلك لأنّ بحر الأعراب كبير وعميق كما ورد ذلك في مذكّرات ذوي السحنة الرصاصية وفي وثائقهم البحرية، غير أنّ البحر المُحاذي لسواحل فارعي الطول والعيون السوداء والعيون الجاحظة قد سمّوه باسمهم "بحر ذوي السحنة الرصاصية " ولا يزالون يتنازعون في تبعيته. وسيحمل البحر اسم من كان الأحقّ من بينهم.
 
قال المستشار بتجهّم وغضب:
 
ـ لا أرى ذلك مُمكناً، فالتعديل في الوثيقة يحتاج إلى تعديل أكثر من وثيقة تأريخية. فمن أين لك بها.؟ فلو قمت بتعديل وثيقة ما أو وفق هذا الرأي الذي ذكرَتْه وثيقة البحّار الشهابي، فسوف تخرج بعدها وثيقة أخرى تحمل الاسم ذاته.. بحر ذوي السحنة الرصاصية.؛ 
إذنْ ، تراجعنا عن هذه الأفكار خير لنا.. وإن لم تفعلوا فستحلّ مأساة كبيرة في أرض الأعراب وبحرهم.. وحتماً سوف تجرّكم وتتحمّسون إلى هذه الدعوة التي تمسّهم، من غير هَدي ولا بيّنة، وسيكون اصطفافهم وإيّاكم فيه حرج شديد.؟ وخير ما تفعلوه هو العودة إلى التشاور الجمعي، فالوثيقة بها نقص إنْ لم تكن خاوية من البيان الصحيح أو أيّة إسقاطات لغوية، ولتدارك هذا الموقف الكبير علينا أن نجمع الوثائق جميعها غربية وشرقية وما لدى الأعراب وكبار البحارة والعابرون والمُستكشفون على اختلافهم، والمُخبرون في أرض الأعراب وبحرهم.؛
 انتفض ابن قرية الممر الضيق، طالب بن شحيح غاضبًا وتململ باضطراب وارتجف وبدتْ عليه عصبية وتوتّر:

ـ هذا حالكم، الأعراب أشدّ بُغضاً لأنفسهم وأشدّ نفاقاً على بعضهم وأجدر أن لا يعلموا حدودهم وحقيقة وجودهم.
 
قال أبو صالح بتعجّب واندهاش وعقّب على حديث الرجل من القرية البحر أو رأس المَمر الضيّق:
 
ـ هوّن عليك يا رجل، أنت لست بمالكٍ للبِحَار حتى تُفصّلها على مقاسك وتُقسّمها وفق مزاجك؛ لماذا يَعتريك عقل مُتطرّف بنزعات عُدوانية؟ قِفْ عند قدرك، نحن جميعاً نطمع ونطمح.. ولكن ليس مثل طمعك وحقدك على المُجتمعات التي كان لها الفضل على أعرابكم في قرية راس الجبل الأعلى، ما الذي دهاكم أيّها الرجال، قفوا واثبتوا على إسْم.؟ ثمّ أنك تتحدّث بما ليس لك به طاقة ولا قوّة..  انظر إلى قريتك لها أكثر من إسْم.. تارةً قرية رأس الجبل الأعلى وتارةً قرية البحر وتارة أخرى قرية رأس المَمر الضيّق، وأخرى قرية البحر الضيق ومرة قرية البحر العميق.. قرية لا ساحل لها ولا أرض غير أخوار وجبالٍ صمّاء عُرفت بها، ومُنحدراتها خطيرة.

عقّب بن شحيح الذي يرفض أن يكون اسم العائلة يكتسب صِفة آلـ شحة غاضباً بقوله:
 
ـ كلّ المياه العميقة تتّبع قرية البحر الضيّق ولم يعرف أحداً شيئاً غير أنّها من حارات الساحل الطويل، وجبالها سلاسل لجبال قرية رأس البحر العميق.. صُخور صمّاء وحجارة صلدة، لا شيء يكسيها من نبات أو شجر.. لا أدري لماذا سمّيت بـ حارة، وهي عبارة عن صخرة مُحدّبة، اختنقت منذ زمن مجهول بين جبال قرية البحر والمنحدر الهابط إلى سفح جبلي صَلد، ومن يومئذ هي معدودة على جبال رأس قرية البحر.
وأقول لك، خُفّ على القوم قليلاً عن مُهاترة لا تُسمن ولا تُغني من جوع. وقُل قولاً بعيداً عن الخلافات، وأنا لا زلت مُتمسّكاً برأيي، لا بحر لذوي السحنة الرصاصية غير ساحل مُنقطع، ونحن لم ننقص منه شيئاً، لكن المياه العميقة التي تقع قُبالتنا والتي تلتقي ببحرهم تُعرف باسم البحر الشرقي للأعراب والآن تُعرف باسم بحر الوادي الصغير. ولا تتحدّث عن قرية الرأس أو قرية المَمرّ الضيّق فهي مدخل لـ " الحارة الخامسة" ولولا ذلك المدخل لكان وجه صخرتكم مُشوّهًا، فقمّة الجبل الأعلى أخضعها لتكون خاصرة له.. وخَلَد مُستريحاً بأنّ خاصرة الجبل الأعلى صارت من حواضر سيح المالح، وهو ما عُرف بالساحل الطويل أو ساحل الحارات المُهادنة، وتأريخياً يُعَد من ضِمن سيادة الوادي الصغير.
 
عقب أبو صالح وقد احمرّ وجهه كبسرة الزّام:
 
ـ ما بال هذا الرجل مُشاكساً في كلّ شيء.. فمن أين جاء بهذه الخصومة.؟ دعك من المُشاكسة، فسيح المالح المُتحد أو ساحل الحارات الطويل أو الساحل المُهادن تلك المُسميات لا تُورث إلّا الخصومة بين مجتمع الأعراب، وتُتيح للغرباء غربيهم وشرقيهم إثارة الفِتن والعُدوانية، وليست السيادة البحرية إلّا من اختلاق الغُرباء، وتقوم بتمييز الهوية الثقافية بين الأعراب.. كحال اشكالية تغيير مُسمى قريتكم إلى أكثر من اسم؛

سَرَتْ بلبلة بين المُجتمعين، وظهر مُتطرّفين وتخلّقت أفكار العصبيّات وانشغل الأعراب بالصّراع فيما بينهم.
يتبع 20

مقالات مشابهة

  • سفير مصر بإندونيسيا يثمن جهود الأزهر الشريف في خدمة الإسلام
  • أحمد مكي يقدم رسائل لتصحيح المسار بمسلسل الغاوي في موسم رمضان 2025
  • ملك إسبانيا يعرب للرئيس السيسي عن تقدير بلاده لدور مصر الجوهري في استقرار وأمن الشرق الأوسط
  • شيخ الأزهر : موقف أمَّتَيْنا العربية والإسلامية ضد تهجير الفلسطينيين مُشرف
  • شيخ الأزهر بمؤتمر الحوار الإسلامي: «موقف أمتينا العربية والإسلامية ضد تهجير الفلسطينيين مشرف»
  • مدير الشئون الدينية في السنغال يشيد بجهود الأزهر الشريف في تعزيز قيم الوسطية
  • نائب رئيس جامعة الأزهر يفتتح معرض الكتاب بكلية الدراسات الإسلامية والعربية
  • منظمة خريجي الأزهر تؤيد بيان الأزهر الشريف بشأن غزة
  • وظائف الأزهر الشريف 2025.. شروط التقديم والمستندات للمطلوبة
  • قصة الوادي الصغير (19)