لماذا تواصل الجزائر مساعدة تونس اقتصاديا؟
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
تدخلت الجزائر مطلع العام الجاري 2025 لحل أزمة الغاز المنزلي التي عانت منها تونس، وسط ارتفاع الطلب المحلي بسبب تدني درجات الحرارة في البلاد.
وأعلنت وزارة الصناعة والمناجم والطاقة التونسية في 3 يناير/كانون الثاني الجاري حصولها على أكثر من 22 ألف طن من الغاز المنزلي من الجزائر، لمواجهة زيادة الطلب المحلي بسبب موجة البرد التي تعيشها البلاد خلال فصل الشتاء.
ويقول تقرير بوكالة الأناضول إنها ليست هذه المرة الأولى التي تساعد فيها الجزائر تونس خلال السنوات القليلة الماضية، مع ارتفاع حدة التحديات المالية والاقتصادية لتونس.
في 2020 أودعت الجزائر 150 مليون دولار لدى تونس. قرض بقيمة 30 مليون دولار في ديسمبر/كانون الأول 2021. قرض آخر بقيمة 200 مليون دولار ومنحة مالية بقيمة 100 مليون دولار في ديسمبر/كانون الأول 2022.ووقع البلدان في ديسمبر/كانون الأول 2021 على 27 اتفاقية تخص الأمن والقضاء والصناعة والطاقة.
إسناد أعمقوقال الإعلامي الجزائري المقيم في تونس نصر الدين بن حديد إن الأهم من القروض الرسمية "هو غض الجزائر الطرف عن تمرير السلع الأساسية إلى تونس من قِبل تونسيين يزورون الجزائر وفسح المجال للتونسيين للتزود من السوق الجزائرية".
إعلانونقلت وكالة الأناضول عن بن حديد قوله "من طبرقة (ولاية جندوبة-شمال) إلى حزوة (ولاية توزر-جنوب غرب) الدخل الأساسي للتونسيين مدعوم من الجزائر.. فضلا عن كون تونس وجهة أساسية للسياحة الجزائرية للخارج".
وقال بن حديد "علاقات الجزائر مع تونس لا مكان فيها للأيديولوجيا.. هي تتعامل مع الجهات الرسمية القائمة مهما كانت أفكارها.. الجزائر تريد حفظ الأمن والتعاون، ومنذ سنوات هناك نحو 300 ألف تونسي يشتغلون في الجزائر".
وفي تعليقات سابقة، قال أيمن الرحماني، مدير الدراسات والتعاون الدولي بالديوان الوطني للسياحة (حكومي تابع لوزارة السياحة)، إن "السوق الجزائرية حققت رقما قياسيا لأول مرة عام 2023، تجاوزت بمفردها أكثر من 3 ملايين سائح إلى تونس من بين قرابة 9.3 ملايين سائح".
قال وزير الخارجية التونسي الأسبق أحمد ونيس "هناك إيمان من القيادة الجزائرية المتواصلة بأن لها رسالة تاريخية بحكم المركزية الجغرافية لها، وبحكم الطاقة الاقتصادية التي تمتلكها.. فهي المرجع في التقدم لتأسيس المغرب الكبير".
وأضاف "نحن في تونس، مررنا بثورة ديمقراطية زعزعت أركان الأنظمة المحيطة بنا.. إلا أن الجزائر حافظت على خيارها السياسي ومد يد المساعدة إلى تونس التي احتاجت إلى مساعدة اقتصادية أعمق من جيرانها".
من جهته، لفت أستاذ الاقتصاد بالجامعة التونسية رضا الشكندالي إلى جوانب أخرى اقتصادية شجّعت على العلاقات الجيدة بين تونس والجزائر.
وقال للأناضول "العلاقة الاقتصادية التونسية الجزائرية أحادية الجانب على أساس أن تونس لها عجز طاقي في الغاز الذي تحتاجه من الجزائر".
وأضاف الشكندالي "الاقتصاد لا يتحرك إلا بالطاقة، وهناك نوع من التبعية التونسية للجزائر التي لم يكن لنا عجز تجاري معها.. الآن أصبحت الثالثة بعد الصين وروسيا".
إعلانوحذر من أنه "ربما تكون هناك تبعية في اتخاذ القرارات السياسية المهمة، ومنها التوجه نحو المعسكر الشرقي وحتى اتباع سياسات تتجه للحمائية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ملیون دولار
إقرأ أيضاً:
لماذا سحبت تونس اعترافها باختصاص المحكمة الإفريقية وما مخاطر ذلك؟
شكّل قرار سحب السلطات التونسية، لاعترافها، باختصاص المحكمة الإفريقية لحقوق الانسان، صدمة قوية في الأوساط الحقوقية والسياسية، ما أثار استنكارا ورفضا واعتبر بمثابة الانتكاسة والعودة للوراء في مجال الحقوق والحريات وتراجعا لتونس عن تعهداتها الدولية.
ووفق وثيقة مسربة على مواقع التواصل الاجتماعي، فإنّ: السلطات بعثت بمراسلة في الثالث من آذار/ مارس الجاري من وزير الخارجية، محمد علي النفطي، تعلن فيها سحب اعترافها باختصاص المحكمة في قبول العرائض الصادرة عن الأفراد والمنظمات غير الحكومية التي تتمتع بصفة مراقب لدى اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.
وفي السياق نفسه، لم توضح السلطات في تونس، أسباب هذا الانسحاب، ولم يتم التداول في الأمر بالتوضيح للرأي العام، ما فُهم منه غضب النظام من الانتقادات والقرارات الصادرة عن المحكمة والرافضة لإجراءات سعيد.
"عودة للوراء وعجز للنظام"
قال المحامي التونسي الذي رفع دعوى قضائية للمحكمة الإفريقية ضد إجراءات الرئيس قيس سعيد، في ما يتعلق بالمرسوم 117 سنة 2021، إبراهيم بلغيث، إنه: "يصعب تحليل أو معرفة الأسباب التي دعت إلى سحب النظام القائم باعتراف اختصاص المحكمة للنظر في الدعاوى، التي يرفعها الأفراد والمنظمات غير الحكومية، ولكن هناك بعض المعطيات التي قد تشكل عناصر إجابة".
وفسّر المحامي بلغيث في تصريح خاص لـ"عربي21"، "الاعتراف باختصاص المحكمة هو أحد إنجازات ثورة 2011 وتميزت بها تونس عن بقية الدول العربية والإسلامية، وهو ما لا يتلائم و تصور السلطة القائمة، في تونس اليوم، التي تجهد في الرجوع إلى مصاف الأنطمة العربية الكلاسيكية، المعادية لكل ماهو ثورة وديمقراطية، خاصة في ظل فقدان المناعة الاقتصادية و المالية".
وأوضح: "هناك تراجع خطير لحقوق الانسان في تونس، وطبيعة تعامل السلطة القائمة في تونس مع النصوص القانونية عامة، وتلك التي تعنى بحقوق الانسان بصفة خاصة تتجافى والمنطق القانوني السليم، وهو أمر لا يشكل خطرا على النظام القائم في ظل إحكام سيطرته على القضاء، إذ أنّ تونس هي البلد الوحيد في العالم الذي يمكن لرئيس الجمهورية فيه إعفاء قاضي دون أي تعليل أو احترام".
وتابع: "إذا، لا إشكال إن وقع خرق حقوق الانسان لن تقع معالجة ذلك وطنيا، يبقى التقاضي الخارجي وتحديدا الإقليمي وهو جزء من المنظومة القضائية والقانونية التونسية، بموجب الاعتراف الذي وقع سحبه للتخلص نهائيا من أي محاسبة أو إدانه قضائية لانتهاكات حقوق الانسان التي أصبحت منهجية، وإحدى وسائل ممارسة السلطة".
وأكّد المحامي بلغيث: "اختار النظام القائم الصمت المطبق وعدم التعليق على أي حكم من أحكام المحكمة التي أدانته سابقا، والتي طبعا لم يمتثل لها وتصرف كأنها لم تكن فمن الواضح والثابت أنها كانت مؤلمة على مستوى خارجي، ويريد التخلص منها".
"خاصّة أن هناك العشرات من المحاكمات السياسية ومحاكمات الرأي التي تشهدها تونس هذه السنة والتي لا تحترم فيها المعايير الدنيا للمحاكمات العادلة ومن المنتظر أن تدينها المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، وهو ما يبحث النظام عن التخلص منه" بحسب المحامي التونسي نفسه.
ولفت المحامي خلال حديثه لـ"عربي21" إلى أنّ: "قرار الانسحاب يثبت كذلك عجز النظام رغم تحكمه في كل دواليب الدولة، ومن الهيّن له الوصول لكل وسائل الإثبات لتقديمها للمحكمة، لأن الإجراءات أمام المحكمة تخضع لمبدا المواجهة وبالتالي فإن الإنسحاب يأخذ شكل الإفلات من المحاسبة".
أمّا بخصوص مخاطر قرار الانسحاب، رأى بلغيث، أنه من: "السلبيات طبعا سمعة تونس على مستوى حقوق الانسان، قد تضررت باعتبار أنه تراجع هام ورجوعا إلى الوراء بسحب ضمانة مهمة وقضائية من المواطن التونسي".
"تضييق على الحريات"
يشار إلى أنّ شخصيات سياسية قد توجهت لهذه المحكمة ورفعت دعاوى ضد قيس سعيد، كما قضت المحكمة ببطلان قرارات الرئيس سعيد الاستثنائية والمتعلقة بالمرسوم 117 الذي يحتكر بموجبه كل السلطات وكذلك ملف عزل 57 قاضيا، كما تم رفع دعوى ضد قرار تعديل قانون الانتخابات قبل أيام من الاستحقاق الرئاسي في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
يذكر أن المحكمة الإفريقية لحقوق الإنسان تتكون من 11 قاضيا، وهي محكمة قارية دعت لإنشائها عدة دول إفريقية لضمان حماية حقوق الإنسان والشعوب في القارة، وصادقت عليها 32 دولة 8 منها فقط، تعدّ طرفا في البروتوكول الذي يعترف باختصاص المحكمة لتلقي القضايا مباشرة من المنظمات غير الحكومية والأفراد.
من جهته، قال المحامي والسياسي، سمير بن عمر، في تعليق على قرار سحب الاعتراف: "يندرج في إطار سلسة الإجراءات التي اتخذتها السلطة في إطار التضييق على الحريات والرجوع للوراء والانتكاسة على الثورة".
وأكّد بن عمر في تصريح خاص لـ"عربي21"، أنّ: "التحفظ عل تمكين الأفراد والمجتمع المدني من إمكانية رفع قضايا أمام المحكمة هو تضييق على حق التقاضي،وهو طبعا يعكس هشاشة موقف السلطة في ما يتعلق بملف الحريات وحقوق الإنسان ومسار انقلاب 25 يوليو".
وأوضح الحقوقي سمير بن عمر، أنّه: "من الواضح جدا أن المحكمة تخشى هذه المحكمة وقراراتها، وتعرف مسبقا أن المسار الذي تسير فيه يتضارب مع الدستور ومع مواثيق حقوق الإنسان التي أمضتها الدولة التونسية".
إلى ذلك، أردف بن عمر، بأنّ: "هذه المحكمة دولية وتتكون من قضاة محايدين ولايمكن اتهامهم بالتآمر على السلطة،أو بالانحياز إلى أي طرف بل هم منحازون للقانون فقط".
وشدّد المحامي، أنّ: "التهرب من تحكيم هذه المحكمة يعكس هشاشة موقف السلطة التي تعوزها الحجة، ويؤكد كل المخاوف من المسار الذي تمشي فيه".