من "الحافة" إلى "بكين".. سيرة ومسيرة
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
خالد بن سعد الشنفري
من بكين إلى الحافة ومن الحافة إلى بكين هي حقيقة رحلتين لشخصيتين مميزتين كلٍ في موطنه وبينهما تماس في أمور وتجمع بينهما مشتركات؛ الأولى لشخصية رحالة وتاجر صيني من حقبة مضت وأصبحت تاريخاً، والثانية لدبلوماسي وسياسي عُماني عريق لا زالت أحداثها مَعِيشة أطال الله في عمره وأبقاه.
هوة زمنية لا شك تفصل بين الحدثين.. ولكنهما يشتركان في كونهما حدثا في الحافة وانطلقا من شاطئها تحديدًا في زمنين مختلفين ومن غريب الصدف ظهورهما الآن معاً في الحافة كلٌ بطريقته ففي العام 2024 الذي ودعنا قريبا دشنت الصين النصب التذكاري احتفاء برحالتها شنغ خه على شاطئ الحافة وعلى نفس الشاطئ ونفس العام دشنت عُمان كتاب (شاهد على مسيرة دبلوماسية الحكمة) لسعادة السفير والدبلوماسي العُماني المُحنك عوض بن بدر بن عوض مرعي الشنفري.
تعودت أن أختار عناوين كتبي ومقالاتي في الأخير بعد الانتهاء من كتابة العمل أو أثنائها أما قبل ذلك فنادرا ما يحصل، فكما يُقال الكتاب يُعرف من عنوانه، ولكنني هذه المرة اختلف معي الأمر فتبادر إلى ذهني عنوان "من الحافة إلى بكين" واستحضرته مخيلتي بيسر وسرعة دون جهد مني؛ بل برز من أول ما أمسكت يدي القلم لتختط أولى كلمات هذا المقال فبعد أن فرغت مباشرة من قراءة كتاب من 200 صفحة من الحجم المتوسط والذي لم تتركه يدي حتى انتهيت من قراءته كاملاً؛ من الجلدة للجلدة (كما يقول الطلبة عن كتبهم المدرسية).. كل ذلك رغم أني مؤخرا أصبحت قليل القراءة عمومًا لأني- لا أراكم الله مكروهاً- أصبحت أعاني من مرض النوم القهري وأفضل أوقات هجوم هذا النوم عليّ وتمكنه مني هو وقت القراءة بالذات.
سعادة السفير عوض بن بدر بن عوض مرعي الشنفري مؤلف كتاب شاهد على دبلوماسية الحكمة غادر شاطئ الحافة في العام 1957، وهو في سن الثالثة عشرة من عمره على ظهر قارب خشبي شراعي ركيك مخصص لحمل البضائع تكدس فيه مع 30 راكباً آخرين ميممًا وجهه شطر بلاد المهجر حال معظم الظفاريين، إلا أن مقصده لم يكن طلب الرزق كحال أقرانه.. أبحر بهم هذا القارب إلى مسقط ابتداء في رحلة مُعاناة استغرقت عشرين يومًا وهم وقاربهم كقشة وسط البحر؛ بل هاجر لطلب العلم والعلم فقط بعد أن فتحت الصفوف الخمسة المتاحة للتعلم في مدرسة سعيدية ظفار من شهيته للازدياد والنهل من هذا المنهل.
ومن شاطئ الحافة جرت الرياح بقاربه الشراعي إلى الكويت ومدرسة الشويخ بها وجامعة القاهرة ليرتبط بمجموعة من الطلبة اليمنيين هناك ويلتقي مع وفد بلقاء الرئيسين أنور السادات وجمال عبد الناصر، وتردد بعد ذلك بين القاهرة وبغداد التي أكمل دراسة الحقوق بها وما بين هذين الشوطين يتجه إلى دمشق أحيانا واليمن ودول الخليج العربي في هذه المرحلة من التاريخ العربي التي تعج بالحركات التحررية وتتمركز بالذات في هذه الدول فدخل باب السياسة والنضال والتحرر من أوسع أبوابه ومن اليمن التي كانت ثورتها تمد جذورها ناحية جارتها ظفار ابتغاء عُمان والخليج العربي بأسره واعترك أبو ظافر السياسة وعاركها في خضم حركات تحررية يعج بها الوطن العربي كله للتخلص من الاستعمار الجاثم على صدرها فتارة بعث عربي وقومية عربية وحتى اشتراكية عالمية وغيرها؛ فالهدف الانعتاق مما هم فيه وهكذا وجد الشاب اليافع نفسه وسط هذا الخضم الهائل من الحراك السياسي وها هو يبحر بنا اليوم بعد أن أرست سفينته مراسيها في كتابة هذا الكتاب السفر بحق عن كل ذلك، وهو يحكي مرحلتين منفصلتين متناقضتين من حياته وحياة عُمان كلها.. المرحلة الأولى من معترك حياته والممتدة من الأربعينات إلى نهاية الستينات من القرن الماضي ولا صوت لديه فيها يعلو على صوت الدراسة والسياسة والتحرر من الانعتاق الذي وجد نفسه ووطنه فيه وأصبح منذ بداية مشواره الدراسي وأسفاره ومتعرجاتها، في سبيل تلقي العلم وهم التحرر بين مصر الكنانة وعراق الرافدين، ويشطر تارة إلى الشام وتارة إلى اليمن في مسيرة قلَّ أن اتيحت لأحد من أقرانه ويخرج لنا حصيلته عن هاتين المرحلتين في هذا الكتاب الذي يجعلك تعيش معه هاتين المرحلتين من تاريخ عُمان؛ الأولى كما أسلفنا من الأربعينات إلى نهاية الستينات والمرحلة الثانية بعد عصر النهضة العُمانية المباركة بقيادة السلطان قابوس بن سعيد وإلى عصر التجديد بقيادة السلطان المجدد هيثم بن طارق المُعظم- أبقاه الله.
قائمة طويلة من الأحداث والمحطات الوطنية والعديد من المشاركات المهمة والفعالة في سبيل العلم والمعرفة وتسخيرها لخدمة الوطن؛ فمنذ أول اغتراب له من شاطئ الحافة في العام 1957 إلى المجهول إلى أول اغتراب من نوع آخر في العام 1973 إلى لندن لتسلم مهام تكليف سامٍ كسكرتير أول في سفارة سلطنة عُمان بالمملكة المتحدة، ومن هروب من وطأة الظروف القاسية في المرحلة الأولى الى تمثيل بلد أصبح له مكانته بين الدول مؤثرا ومتفاعلا ومن لندن إلى بكين وإسلام أباد والولايات المتحدة الأمريكية كسفير مقيم إلى سفير مفوض غير مقيم في العديد من الدول المجاورة لهما كالنيبال والفلبين وتايلند وكندا وتشيلي والبرازيل التقى خلالها وجلس إلى العديد من الزعماء والقادة العظام والملوك والرؤساء إلى عضوية مجلس الأمن الدولي إلى الأمين العام المساعد للشؤون السياسية بمجلس التعاون الخليجي إلى عضو مكرم في مجلس الدولة وظل على رأس عمله إلى نهاية العقد الأول من القرن الواحد وعشرين. إنه فعلا كتاب سفر مشوق يحمل متعة المتابعة والقراءة وكنز معلوماتي ثمين من رجل ثمين عن مرحلتي عُمان الأخيرتين قبل وبعد النهضة جدير بالاقتناء والقراءة ومرجع وثائقي وتاريخي بمعنى الكلمة.
شكرًا سعادة السفير على هذا الكنز الثمين وجزاك الله عنَّا وعن عُمان كل خيرٍ.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بالتزامن مع معرض القاهرة للكتاب.. "ديوان" تنشر سيرة ميمى شكيب وبارتبلى النساخ
أكد أحمد القرملاوى مدير النشر فى "ديوان" أن الدار حرصت، على تنوُّع الأعمال الصادرة عنها، بالتزامن مع معرض الكتاب، فى دورته السادسة والخمسين، بحيث تُرضى جميع الأذواق، ووفق معايير تضمن جودة المحتوى، وبراعة تصميم الأغلفة.
وقال: "حرصنا أيضاً على التوازن فى النشر بين الأعمال الجديدة فى مختلف المجالات، وإعادة النشر لمجموعة من الكتَّاب الكبار الراحلين، مثل الدكتور مصطفى محمود، وأحمد بهجت، ويوسف السباعى. هدفنا خدمة الثقافة العربية، ولذلك لم تقتصر خطة النشر على الأسماء المصرية بل امتدت إلى الكتَّاب العرب، وضمَّت رواية للكاتب الجزائرى محمد جعفر، وكتاباً فى أدب الرحلات للكاتب السورى الدكتور خليل النعيمى".
وقال: "نوفِّر طبعات جديدة من أعمال الكاتب العظيم نجيب محفوظ، فالإقبال عليها لا يتوقف، وهناك أجيال جديدة تقرأ له، وترتبط به، وأظن أن القراءة له لن تتوقف أبداً، لأن ما كتبه فيه سحر خاص سيدوم إلى الأبد".
وأصدرت الدار عدة روايات متنوِّعة، ففى روايتها "قانون تتبع الموتى" تنطلق ياسمين سعيد الجوهرى من فكرة غريبة، وهى معرفة الناس بتواريخ وفاتهم، وتصور ياسمين الطريقة التى يتعاملون بها مع الحياة فى نهايات أعمارهم.
أما فى رواية "آشا: الجعران والقمر" فتعيدنا سمر نور فى رحلة مدهشة إلى بلاد النوبة القديمة، حيث وُلدت الفتاة الجميلة آشا من رحم العجائب والأساطير، فى قرية أُلقِيت عليها لعنة منعت ولادة الذكور. وبين النهر والجبل، تنسج آشا حكايتها المدهشة، حتى يظهر شاب غريب يحمل أسرارًا تحوِّل مجرى حياتها.
ويصحبنا الكاتب الجزائرى محمد جعفر فى روايته "مع النساء ضد الحب" إلى مدينة "مستغانم" المطلَّة على البحر الأبيض المتوسط، حيث يقضى البطل (الكاتب) ساعات طويلة بمفرده هائماً على وجهه، أو بصحبة نساء، وراء كل منهن حكاية غريبة، قد تساعده معرفتها فى فك "حبسة الكتابة" التى يعانيها.
وفى روايته "الليلة الكبيرة" يمزج محمد الفولى بين الواقع والفانتازيا بصورة ساخرة ومبتكرة، حيث يهبط طبق طائر على "أرض المَوقَف"، صانعاً قبة زرقاء تحيط بالمنطقة العشوائية المُهملة فى أقصى الزمان والمكان، ويكون على الأبطال وهم من الطبقة الدنيا أن يتعاملوا بطريقتهم مع ذلك الحدث الفريد.
وفى أحدث أعماله الروائية، "الأحد عشر"، يُشيِّد أحمد القرملاوى عالَماً مدهشاً، يبدأ من الواقع لكن سرعان ما يحلِّق بنا فى زمن الأساطير. بطلها كاتب يشرع فى تأليف مسرحية مستوحاة من قصة داينا ابنة يعقوب، التى تغادر البادية وتسافر لمدينة شكيم، إلا أنها تتعرَّض للاختطاف وتُحبَس فى القصر الملكى، وتكون على موعد غير عادى مع أمير المدينة.
ويتناول الكاتب الصحفى محمد الشماع فى كتابه الممتع "ميمى شكيب" وبلغة أدبية سيرة نجمة السينما والمسرح التى عاشت حياة تتسم بالغموض والإثارة.
ويجيب عن أسئلة صعبة، هل ماتت مقتولة؟ ما حقيقة تورطها فى قضية "الرقيق الأبيض"؟ كيف تألقت فى سماء الفن، وكيف صُدمت في حياتها الشخصية وأقسمت على الانتقام من كافة الرجال؟
وهكذا يكشف الشماع النقاب عن أسرار هذه الشخصية المثيرة للجدل، من نشأتها في بولاق أبو العلا، لحياتها وسط البشاوات والوجهاء، وصراعاتها للسيطرة على القلوب.
وأعادت الدار طبع روايتى طلال فيصل "سرور"، و"سيرة مولع بالهوانم"، ونشرت ترجمة جديدة لرواية "بارتبلى النساخ" لهيرمان ملفل أعدها أحمد القرملاوى.
وفى القصة نشرت مجموعة "برج حفل الأزبكية" لأحمد ندا، وفى أدب الرحلة "أنا مكان" لخليل النعيمى، وفى الشعر "فوات الأوان" لمحمد أبو زيد، و"ذلك هو البعد" لإسراء النمر.
وفى السيرة "ستالين سيرة سياسية" لفواز الطرابلسى، و"مذكرات شيكوريل" ترجمة عبد المجيد المهيلمى، وفى التاريخ "القاهرة: ذاكرة فوتوغرافية" للدكتور خالد عزب"، وفى الكتابة الذاتية "نوبة حراسة الأحلام" لحسام السيد، وفى كتب الأطفال سلسلة كتب تلوين لمروى الشاذلى.
وفى إعادة الطبع نشرت "ديوان" مجموعة أعمال الكاتب يوسف السباعى "اثنا عشر رجلًا"، "اثنتا عشرة امرأة"، "السقا مات"، "إنى راحلة"، "أرض النفاق" "بين الأطلال".
وأكملت النشر فى سلسلة كتب مصطفى محمود، حيث أصدرت له "الأفيون"، "ألعاب السيرك السياسى"، "سواح فى دنيا الله"، "شلة الأنس"، "علم نفسى قرآنى جديد"، "تأملات فى دنيا الله".
كما نشرت عدداً من أعمال الكاتب أحمد بهجت وهى "الله فى العقيدة الإسلامية"، "بحار الحب عند الصوفية"، "تأملات فى عذوبة الكون"، "حوار بين طفل ساذج وقط مثقف"، وأعادت نشر "مع المتنبى"، و"ألوان"، و"مستقبل الثقافة فى مصر" لطه حسين.
كما تنشر الكتاب الجديد للدكتورة مونيكا حنا بعنوان “علم المصريات”، ترجمة أحمد سمير سنطاوي، والذي يصدر بالتزامن مع الطبعة الإنجليزية.
تقدم الدكتورة مونيكا في هذا الكتاب رؤية شاملة لعلم المصريات كما ينبغي أن يكون، علماً لا يقتصر على استعراض بريق وعظمة الفراعنة فحسب، بل يسعى أيضاً إلى ربط العالم القديم بمصر الحديثة واستعادة كنوزها المفقودة.