أيام قليلة وربما ساعات تفصل أهالي غزة عن لحظة نهاية للحرب الأطول التي يتعرض لها القطاع منذ ما يقرب من عام ونصف العام من العدوان الإسرائيلي والذي خلف مئات الآلاف ما بين شهيد وجريح، وسط أنباء عن اقتراب التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بفضل جهود الوساطة المصرية ـ القطرية بين حركة حماس وسلطات الاحتلال.

حرب غزة

وذكرت وسائل إعلام عبرية أن اتفاق وقف إطلاق النار سيدخل حيز النفاذ بحلول الخميس على أقصي تقدير، ونقلت عن مصادر إسرائيلية قولها إن نتنياهو أعلن إنجاز صفقة تبادل للأسرى بالفعل.

ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصدر إسرائيلي أن خرقا تحقق في المفاوضات وأن إسرائيل تستعد لإنجاز اتفاق الصفقة قريبا، بينما نقلت القناة 13 الإسرائيلية أن نتنياهو سيجري مشاورات مساء اليوم مع أعضاء الوفد الإسرائيلي المفاوض الموجود في الدوحة.

أسرى الاحتلال

كما نقلت صحيفة معاريف عن مصدر أن الصفقة في طريقها إلى التوقيع.

ونقل موقع أكسيوس عن مسؤول إسرائيلي أن هناك تقدما في مفاوضات الدوحة للتوصل لاتفاق بشأن المحتجزين في قطاع غزة، وأن هناك تفاؤلا بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأنهم غدا على أبعد تقدير.

بدورها، قالت هيئة البث الإسرائيلية إن جيش الاحتلال يستعد للانسحاب التدريجي من قطاع غزة مع دخول اتفاق مرتقب لوقف إطلاق النار حيز التنفيذ، مشيرة إلى أن الأمر قد يستغرق أسبوعا لتفكيك مواقعه في محور نتساريم وسط القطاع.

أسرى فلسطينيون

وفي تقرير نشرته مساء الثلاثاء، قالت الهيئة الرسمية إن اجتماعات وتقديرات للوضع جرت في قيادة المنطقة الجنوبية بالجيش الإسرائيلي خلال الساعات الـ24 الأخيرة، استعدادا لانسحاب تدريجي من القطاع مع بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار.

وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد تلقي اتصالا هاتفيه من نظيره الأمريكي جو بايدن مساء أمس، تطرق إلى جهود الوساطة المكثفة التي تقوم بها مصر والولايات المتحدة وقطر للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وتبادل الاسرى والمحتجزين، حيث استعرض الرئيسان في هذا الإطار آخر مستجدات المفاوضات ذات الصلة، وأكدا على أهمية التزام الأطراف المعنية بتذليل العقبات وإبداء المرونة اللازمة للتوصل إلى الاتفاق.

وخلال اتصال السيسي وبايدن، شدد الرئيس على ضرورة التوصل إلى اتفاق فوري لوقف إطلاق النار من أجل وضع حد للمعاناة الإنسانية الخطيرة التي يعاني منها المواطنون في القطاع، ولإدخال المساعدات الإنسانية لهم دون قيود أو عراقيل، ولتجنيب المنطقة تبعات توسيع نطاق الصراع، وما قد يترتب على ذلك من تداعيات جسيمة.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: غزة العدوان على غزة وقف اطلاق النار قطاع غزة حماس الاحتلال الاسرائيلي الوساطة المصرية الوساطة القطرية عبد الفتاح السيسي جو بايدن تبادل الاسرى مفاوضات الدوحة جيش الاحتلال الانسحاب التدريجي مئات الشهداء المساعدات الانسانية نتنياهو صفقة الأسرى القناة 12 الإسرائيلية القناة 13 الإسرائيلية صحيفة معاريف موقع أكسيوس هيئة البث الإسرائيلية محور نتساريم المنطقة الجنوبية اتفاق وقف إطلاق النار

إقرأ أيضاً:

كيف ناور نتانياهو لإسقاط وقف إطلاق النار؟

لفت الأستاذ الفخري للعلاقات الدولية في كلية مدينة نيويورك رجان مينون إلى أن يوم 18 مارس (آذار) الذي استأنفت فيه إسرائيل حربها على غزة كان الأكثر دموية منذ نوفمبر (تشرين الأول) 2023، إذ ترك أكثر من 400 قتيل من بينهم العديد من الأطفال والعائلات. ويشهد العالم الآن عودة كاملة للبداية المدمرة لهذه الحرب: أطلقت حماس وابلاً من الصواريخ ضد تل أبيب بينما تكثف القوات الإسرائيلية جهودها في ما يبدو أنه غزو بري جديد.

يأتي انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في وقت بالغ الخطورة بالتحديد

كتب مينون في مجلة "ذا نيوستيتسمان" أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي وقعته حماس وإسرائيل في 15 يناير (كانون الثاني) انحرف برمته عن مساره، بل وربما دمر. لا شيء حتمياً في السياسة والحرب، لكن من فوجئ بما حدث لم يكن يعر الأمر اهتماماً. 

من الدواء المر إلى السم

إلى حد كبير، وافق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو على وقف إطلاق النار على مضض، بصفتها هدية تنصيب لدونالد ترامب الذي كان قد أعيد انتخابه حديثاً في ذلك الوقت. لقد عرض إنهاء الحرب هدف نتانياهو الثمين والمتمثل في تدمير حماس للخطر، لكن رئيس الوزراء خشي أيضاً  انسحاب الوزراء المتشددين في حكومته الائتلافية إذا أبرم الصفقة. 

“We’ve got six tons of medical goods waiting to go into Gaza,” says @DMiliband, head of @RESCUEorg. “We’re unable to do our work… because of the breakdown in the ceasefire… There’s just dread, sheer dread that exists on the humanitarian side.” pic.twitter.com/S5j3lyYbFy

— Christiane Amanpour (@amanpour) March 21, 2025

من بين المراحل الثلاث للاتفاق، كانت المرحلة الأولى بمثابة دواء مر لنتانياهو. لكنه رأى أن لبنوده بعض المزايا. اشترطت على حماس إطلاق سراح بعض الأسرى الإسرائيليين على دفعات حتى لو كان ذلك مقابل إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي نحو مناطق عازلة ضيقة داخل حدود القطاع، إلى جانب إطلاق سراح الفلسطينيين المسجونين في إسرائيل على دفعات. كان رد الفعل الأولي لعودة الرهائن فرحاً شعبياً، مما خفف الضغط السياسي عن نتانياهو. اعتبر الأخير إعادة انتشار جيشه وإطلاق سراح الأسرى ثمناً مقبولاً، مع أنه رفض إخلاء ممر فيلادلفيا الممتد على طول حدود غزة مع مصر.

كان هذا الرفض مؤشراً مبكراً إلى أن الاتفاق في مأزق. وكان من بين المؤشرات الأخرى قرار إسرائيل بتأجيل إطلاق سراح الدفعة التالية من 620 أسيراً فلسطينياً ومطالبتها حماس التي كانت قد سلمت لتوها ستة رهائن كما هو مطلوب بموجب اتفاق يناير، بإطلاق سراح المزيد منهم. نبعت هذه الخطوة من غضب إسرائيل من احتفالات حماس المنتصرة وهي تطلق سراح الأسرى.

وإذا كان نتانياهو رأى أن شروط المرحلة الأولى مؤلمة، فقد اعتبر بنود المرحلة الثانية سامة تماماً. شملت هذه البنود خروج الجيش الإسرائيلي من غزة، وبعد إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين وجثث القتلى، التوصل إلى اتفاق سلام دائم، مع بقاء دور حماس المستقبلي غير مؤكد. بصرف النظر عن معارضته لهذه الشروط، كان نتانياهو يعلم أن وزير المالية بتسلئيل سموتريتش سيستقيل عوضاً عن أن يسمح بتنفيذها.

ثم جاء دور ويتكوف

يساعد هذا في تفسير سبب بدء نتانياهو في عرقلة العمل مع اقتراب نهاية المرحلة الأولى. كان من المقرر أن تبدأ المحادثات غير المباشرة مع حماس بشأن تنفيذ المرحلة الثانية في أوائل فبراير (شباط) وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، لكنه فشل في إرسال مفاوضين. لقد أراد تمديد المرحلة الأولى، أي إعادة صياغة شروط اتفاق قبله سابقاً، وهدد باستئناف الحرب إذا رفضت حماس. ولإجبار حماس على ذلك، أعلن نتانياهو في 2 مارس (أذار) فرض حصار على إيصال المساعدات إلى غزة.

???? @atwoodr with Max Rodenbeck, @MairavZ @aj_iraqi & @mwhanna1 discuss the breakdown of the Gaza ceasefire, the likely effect on Palestinians in Gaza and the goals of both Israel’s renewed military campaign and the ???????? strikes on the Houthis in Yemen.https://t.co/EZhZBFKqC8

— Comfort Ero (@EroComfort) March 22, 2025

بالرغم من أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار انتهت رسمياً في 1 مارس (أذار)، اقترح ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب إلى الشرق الأوسط، تمديدها حتى أبريل (نيسان)، على أن تفرج حماس في تلك الفترة عن 15 رهينة إضافية مقابل رفع إسرائيل للحصار. وصفت حماس صيغة ويتكوف بأنها محاولة "لتجاوز" اتفاق 15 يناير. ودعت الحركة بدل ذلك إلى سلام شامل يتضمن إطلاق سراح جميع الرهائن، وانسحاب الجيش الإسرائيلي الكامل من غزة، مع أنها وافقت على إطلاق سراح عيدان ألكسندر، الجندي في الجيش الإسرائيلي صاحب الجنسيتين الإسرائيلية والأمريكية، وتسليم جثث أربعة  آخرين مزدوجي الجنسية. ثبت أن الجمود بين حماس وإسرائيل غير قابل للكسر.

وفي دفاعه عن استئنافه للحرب، ألقى نتانياهو اللوم على حماس في التعجيل بانهيار وقف إطلاق النار برفضه مساعي ويتكوف. من جانبها، أشارت حماس إلى خطط نتانياهو الماكرة والمدروسة لإفشال اتفاق 15 يناير(كانون الثاني). وبمجرد أن كشفت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارولين ليفيت إعلام إدارة ترامب مسبقاً بقرار نتانياهو، اتهمت الحركة الحكومة الأمريكية بالتواطؤ. 

ما هي حسابات نتانياهو؟

كان وقف إطلاق النار معلقاً بخيط رفيع لأسابيع، وقد يكون الآن غير قابل للإنقاذ. يعتمد مصيره على حسابات نتانياهو. ربما أشعل الحرب مجدداً لإجبار حماس على تمديد وقف إطلاق النار وإطلاق سراح المزيد من الرهائن. أو ربما لا يزال مصمماً على تدمير حماس. إذا كان الأخير هو الخيار الفعلي، فقد حقق نجاحاً جزئياً، عاود إيتمار بن غفير ووزيران آخران من  الصهيونية الدينية الانضمام إلى الحكومة الائتلافية بعدما غادروها عقب إبرام الاتفاق.

لكن تدمير حماس مسألة أخرى تماماً. حتى مع افتراض إمكانية تحقيق هذا الهدف سيتطلب تحقيقه شهوراً من الحرب الإضافية. إن سعي نتانياهو الدؤوب لتحقيق هذه المهمة سيعرض إطلاق سراح الرهائن للخطر 59 منهم ما زالوا في غزة، مع أن نصفهم فقط قد يكون على قيد الحياة، وسيزيد  معاناة عائلاتهم. وسيدفع سكان غزة ثمناً أكبر بكثير.  الذين نجوا من الحرب التي أسقطت أكثر من 48 ألف قتيل، يعيشون في ملاجئ مؤقتة وسط أطنان من الأنقاض ويفتقرون منذ الحصار الإسرائيلي إلى الضرورات الأساسية لاستمرار الحياة. ستصبح حياتهم الآن أكثر صعوبة بشكل لا يقاس، وسيموت كثيرون، خاصة إذا زاد نتانياهو حدة المخاطر بتوسيع العمليات البرية. 

ترامب يدعم الرعب

أضاف مينون أنه بغض النظر عما يفعله، يستطيع نتانياهو الاعتماد على دعم ترامب الذي لم ينتقد قط مناوراته لإعادة صياغة اتفاق وقف إطلاق النار. كما وافق ترامب على مبيعات عسكرية أجنبية لإسرائيل بـ 12 مليار دولار منذ عودته إلى البيت الأبيض، ويقال إنه قبل حجة نتانياهو التي طرحها خلال زيارته إلى واشنطن في فبراير (شباط) والقائلة إن إسرائيل بحاجة إلى الحرية لاستئناف الحرب رغم اتفاق وقف إطلاق النار. 

وحتى لو أدرك نتانياهو أنه لا يمكن تدمير حماس، فقد يراهن على أن الحرب المتجددة ستضع فكرة ترامب المطروحة لإخلاء غزة وضمها، والتي أشاد بها الزعيم الإسرائيلي ووصفها بأنها "ثورية" و"مبدعة"، على رأس الأولويات. يأتي انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في وقت بالغ الخطورة بالتحديد. فقد صعدت إسرائيل هجماتها على لبنان وسوريا.

وتتصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران والحوثيين. ومن بين الدول التي أدانت نقض إسرائيل الواضح لوقف إطلاق النار، السعودية، ومصر، وقطر. وحذر نتانياهو فقال إن استئناف الحرب "مجرد بداية"، وأنه رغم انفتاحه على استمرارها، ستعقد المحادثات مع حماس "تحت النار". وفي 21 مارس(أذار)، أمر وزير دفاع نتانياهو إسرائيل كاتس قواته "بالسيطرة على المزيد من الأراضي"، وهدد بضم جزئي للقطاع. ومع هيمنة المفاوضات الأوكرانية على أجندة الأخبار، أغفلت معظم دول الغرب والعالم هذا الرعب المتنامي. وختم الكاتب فقال: "الآن سنرى إذا كانت ستستجيب بشكل أبعد من مجرد المشاهدة".

مقالات مشابهة

  • والتز: التوصل إلى سلام بين روسيا وأوكرانيا بات قريب
  • عاجل | الجبهة الداخلية الإسرائيلية: إزالة القيود الأخيرة المفروضة على تجمهر الإسرائيليين في غلاف غزة
  • “بلومبرغ”: واشنطن تريد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا بحلول 20 أبريل
  • الملك عبدالله الثاني يدعو لتحرك دولي عاجل لوقف حرب الإبادة على غزة
  • كيف ناور نتانياهو لإسقاط وقف إطلاق النار؟
  • بيان عاجل من حركة حماس للمجتمع الدولي والأمم المتحدة بخصوص الجرائم الإسرائيلية في القطاع
  • العدوان الغادر يتواصل على القطاع المدمر.. حرب دائمة وقاتلة.. اليمين الحاكم يرى فى ولاية ترامب الثانية هبة من السماء.. وفرصة لتوسيع حدود إسرائيل الكبرى
  • باحثة تحلل سيناريوهات متوقعة بعد خرق إسرائيل لاتفاق وقف إطلاق النار
  • وقفات حاشدة في صنعاء تنديدًا بخرق اتفاق وقف إطلاق النار واستئناف العدوان على غزة
  • ترامب: وضعنا الخطوط العريضة لاتفاق التسوية في أوكرانيا