أكد السفير عبد الله بن ناصر الرحبي، سفير سلطنة عُمان بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية، أن قناة السويس هي الوجهة المناسبة لتقديم الخدمات اللوجيستية والبحرية المختلفة بمعايير عالمية، معربا عن تطلعه لاستثمار العلاقات التاريخية المشتركة بين البلدين لتوطيد التعاون المشترك في المجال البحري.

وأضاف الرحبي في لقائه بالفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، خلال توقيع مذكرة تبادل رؤى مشتركة - أن التعاون يساهم في الاستفادة من الخبرات العريقة التي تتمتع بها هيئة قناة السويس في المجالات المختلفة بما يدعم توجه سلطنة عمان للاهتمام بالمجالات البحرية ضمن استراتيجيتها الطموحة 2040.

من جانبه، أكد الفريق أسامة ربيع حرص هيئة قناة السويس على توطيد أواصر التعاون مع كافة عملائها، ومد جسور الشراكة في مختلف المجالات البحرية واللوجيستية سعياً لتحسين تجربة عبور السفن، والمضى قدما نحو التحول إلى مركز إقليمي لتقديم الخدمات اللوجيستية وهو التوجه الذي دفع الهيئة لإضافة حزمة من الخدمات البحرية الجديدة التي لم تكن موجودة من قبل مثل التزود بالوقود وتبديل الأطقم البحرية وتقديم خدمات الإسعاف البحري، بالإضافة إلى تطوير خدمات صيانة وإصلاح السفن وتقديم الدعم الفني للسفن في الحالات الطارئة.

وأوضح رئيس الهيئة أن قناة السويس مُنفتحة دوماً على تبادل الخبرات ونقل المعرفة مع الشركاء والفاعلين في مجتمع الملاحة العالمي، بما يمكن معه تحقيق الاستفادة المثلى مما تمتلكه الهيئة من كوارد وكفاءات بشرية مُدربة على أعلى مستوى، وأصول بحرية من ترسانات وشركات مزودة بأحدث المعدات العالمية، وأكاديمية متخصصة للتدريب مزودة بتكنولوجيا محاكاة متطورة وأنظمة وبرامج مُعتمدة دوليا.

بدوره، أعرب الشيخ مجيد بن محمد الرواس، رئيس مجلس إدارة الشركة العمانية للخدمات اللوجستية المتكاملة، عن تطلعه للتعاون مع هيئة قناة السويس في تعزيز خدماتها لتكون هذه الاتفاقية بمثابة باكورة للتعاون الاقتصادي والبحري مع هيئة قناة السويس، وتبادل الخبرات في مجالات متعددة.

وقع مذكرة تبادل الرؤى، المهندس نشأت نصر الدين مدير إدارة التحركات بهيئة قناة السويس، والشيخ مجيد بن محمد الرواس رئيس مجلس إدارة الشركة العُمانية للخدمات اللوجستية المتكاملة.

وتنص مذكرة تبادل الرؤى على مناقشة أطر التعاون المحتملة بين الجانبين في عدة مجالات أبرزها التدريب وإصلاح وصيانة السفن من خلال الاستفادة بالخبرات المتراكمة لدى ترسانات وشركات الهيئة، علاوة على خبرات التدريب المتقدمة لدى أكاديمية قناة السويس للتدريب البحري والمحاكاة.

كما تمتد سبل التعاون المقترحة لتشمل تنسيق الجهود التسويقية لجذب سفن الأسطول العُماني لعبور القناة، ومناقشة سبل إنشاء مركز استشاري متخصص في تقديم الدعم الفني واللوجيستي، والتوافق على تنظيم ورش عمل ومؤتمرات مشتركة لتبادل أفضل الممارسات والخبرات وتحسين الكفاءة التشغيلية في قطاعات الخدمات اللوجستية والبحرية.

اقرأ أيضاًرئيس الهيئة العامة للكتاب: سلطنة عمان تمنح معرض القاهرة الدولي روحًا عربية

الوزراء يوافق على اتفاقية النقل البحري والموانئ بين مصر وسلطنة عمان

سفير سلطنة عمان بالقاهرة: العلاقات المصرية العمانية «نموذج يُحتذى في التعاون العربي»

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: جامعة الدول العربية قناة السويس سفير سلطنة عمان بالقاهرة هیئة قناة السویس سلطنة عمان

إقرأ أيضاً:

موكب النصر.. عندما عُزفت "عايدة" في قلب قناة السويس

 

 

إسماعيل بن شهاب بن حمد البلوشي

في لحظة تاريخية راقية جمعت بين عراقة الحضارة المصرية وسحر الدبلوماسية العُمانية، عبر السلطان قابوس بن سعيد- رحمه الله- قناة السويس على متن يخته السلطاني "آل سعيد"، في مشهدٍ مهيب استقبله فيه الرئيس المصري الراحل محمد حسني مُبارك.

لم يكن عبورًا مائيًا فحسب، بل عبورًا فنيًا وثقافيًا عابرًا للزمن، حين عزفت الفرقة الموسيقية السلطانية الخاصة معزوفة "موكب النصر" من أوبرا "عايدة"، في دلالة ذكية على ربط الحاضر بروعة الماضي، والاحتفال بمجدٍ بُعث من جديد.

في تلك الأمسية، لم تكن الأنغام التي انبعثت من سطح اليخت مجرد موسيقى كلاسيكية. كانت رسالة حضارية مشبعة برمزية الزمان والمكان، أراد من خلالها السلطان قابوس، الرجل الذي امتزجت في شخصيته الحكمة الشرقية والذوق الأوروبي الرفيع، أن يُحيي ذكرى لحظة خالدة من تاريخ مصر العظيم، حين افتُتحت قناة السويس في 17 نوفمبر 1869، في عهد الخديوي إسماعيل، الذي كان يتوق لتحويل مصر إلى قطعة من أوروبا؛ بل الأجمل، حضارةً وفنًا.

كان الخديوي إسماعيل قد دعا ملوك وأمراء أوروبا وغيرهم لحضور افتتاح القناة، ذلك الإنجاز الهندسي العظيم الذي ربط البحرين الأحمر والمتوسط، وأعاد تشكيل خريطة التجارة العالمية. وفي أوج الاحتفالات، أراد إسماعيل أن يقدم للعالم تحفة فنية تليق بمصر، فكلّف الموسيقار الإيطالي الشهير جوزيبي فيردي بتأليف أوبرا خاصة تُعرض في دار الأوبرا الخديوية الجديدة بالقاهرة. وهكذا وُلدت أوبرا "عايدة".

ورغم نية الخديوي عرض "عايدة" في حفل افتتاح قناة السويس، حالت الحرب الفرنسية البروسية دون إيصال الأزياء والديكورات من باريس في الوقت المناسب. فتم تأجيل العرض، وبدلًا من "عايدة"، قُدمت أوبرا "ريغوليتّو" في افتتاح دار الأوبرا. أما "عايدة"، فقد رأت النور لاحقًا، في 24 ديسمبر 1871، بعرضٍ مهيب في القاهرة، لتصبح واحدة من أشهر الأعمال الأوبرالية في التاريخ.

الموسيقار جوزيبي فيردي (1813- 1901)، الذي يعد أحد أعمدة الفن الأوبرالي الإيطالي، صاغ موسيقى "عايدة" بحس درامي مرهف؛ حيث تداخلت المشاعر الوطنية بالحب، والفخر بالانتصار. وكانت معزوفة “موكب النصر” (Triumphal March)، التي عُزفت في ذلك العشاء السلطاني العُماني المصري، ذروةً موسيقيةً تعبّر عن النصر المصري في سياق القصة، لكنها أيضًا تعبير فني خالد عن المجد الحضاري والأهم، وإذا كانت هذه المعزوفة التاريخية صُمِّمَت بمناسبة افتتاح الأوبرا الخديوية، فهل سبق للتاريخ أن يسجل عزفها في القناة ذاتها من قبل؟

كلمات من المجد الأوبرالي:

في أجواء الموكب، تُنشد الجوقة:

المجد لمصر، ولإيزيس // التي تحمي هذه الأرض المقدسة

تتماهى هذه الكلمات مع روح اللحظة التي صنعها السلطان قابوس؛ فليس من قبيل المصادفة أن تُعزف هذه المقطوعة في قلب قناة السويس، ذات الشريان الذي مثّل لمصر وللعالم بوابةً إلى الحداثة والانفتاح منذ القرن التاسع عشر.

عُمان ومصر: لحنٌ من التقدير المتبادل

اختيار "عايدة" من قبل السلطان قابوس- طيب الله ثراه- لم يكن مجرد ترفٍ موسيقي؛ بل كان فعلًا دبلوماسيًا ذا طابع ثقافي عميق، يعكس الفهم العميق للعلاقات بين الشعوب، واحترامًا صامتًا للذاكرة التاريخية المصرية؛ فالسلطان الراحل كان معروفًا بذائقته الرفيعة وعشقه للفنون الكلاسيكية، وقد جمع في هذه اللحظة بين فخامة التاريخ وسلاسة الدبلوماسية، في مشهد من أسمى صور القوة الناعمة.

لقد عبر يخت "آل سعيد" مياه القناة مزهوًا بمجد لا يُقاس بالأمتار أو البحار؛ بل بالمعاني. كانت معزوفة “موكب النصر” في تلك الليلة أكثر من موسيقى، كانت صدى لذاكرة مصر، وهديّة مُفعمة بالتقدير من سلطنة تعرف قيمة التاريخ وصوت الفن وتقديرًا مُشرِّفًا لمصر العراقة والتاريخ قاطرة الأمة التي يبقى فيها وبها أمل الأمة المُتجدد، كما أحيت الأمل دومًا في معترك التاريخ ومفاصله الوجودية للأمة مثالًا بعين جالوت وما قبلها وما بعدها، وإني على يقين أنَّ رايات النصر في مصر معكوفة إلى وقتها وإن نُشِرَت، سيدور التاريخ إلى مركزه، حينها ستفرح الأمة بنصر الله.. وعسى أن يكون قريبًا.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • الإمارات.. وجهة عالمية للعيش والعمل وصون الحقوق
  • مراسل سانا: بحضور رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع توقيع اتفاقية بين الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية مع الشركة الفرنسية CMA CGM في قصر الشعب بدمشق
  • "مطارات عمان" تطلق مبادرات لوجستية وتوقّع اتفاقيات استراتيجية
  • سرد بصري للتاريخ العُماني في السينما الوثائقية
  • هل صارت السويس من ممتلكات ترامب ؟
  • توقيع 18 اتفاقية لوجستية بتكلفة 100 مليون ريال تدعم التحول الذكي والمستدام للقطاع
  • موكب النصر.. عندما عُزفت "عايدة" في قلب قناة السويس
  • صحة مطروح: وصول أحدث جهاز لتقديم خدمات الكشف المبكر عن أورام الثدي
  • الشمس تتعاقد مع ياسمين الخطيب لتقديم برنامج مسائي
  • سعود بن صقر: إرساء منظومة عالمية متكاملة في النقل البحري