فاجأ برّي بقراره وأغضب الثنائيّ... لماذا غيّر جنبلاط موقفه؟
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
شكّلت تسمية أغلبيّة النواب للقاضي نواف سلام لرئاسة الحكومة مفاجأة كبيرة لـ"الثنائيّ الشيعيّ" الذي أراد تأجيل موعد لقائه برئيس الجمهوريّة جوزاف عون ضمن الإستشارات النيابيّة المُلزمة، بعدما غضب من انقلاب رئيس الحزب "التقدميّ الاشتراكي" السابق وليد جنبلاط عليه، إضافة إلى تأييد تكتّل "الاعتدال الوطنيّ" والعديد من النواب السنّة لرئيس محكمة العدل الدوليّة، خلافاً للمتّفق عليه.
وبينما كانت الأجواء تُوحي بأنّ سلام لن يكون المكلّف لتشكيل الحكومة، وخصوصاً بعد الجولة الأولى من الاستشارات النيابيّة المُلزمة، صُدِمَ "الثنائيّ الشيعيّ" بالتغيّير الكبير في موقف الكتل بعد ظهر الإثنين، بحيث دعم "اللقاء الديمقراطيّ" والكتل السنّية سلام، الأمر الذي دلّ على أنّ جهّة خارجيّة تدخّلت بقوّة للتأثير على رأيّ هؤلاء النواب، من باب رغبة دول اللجنة الخماسية بتغيير الحياة السياسيّة في لبنان. وليس من المفاجئ أنّ يقوم جنبلاط بتغيير مواقفه في اللحظة الأخيرة. فالمنطقة تشهد تحوّلاً سريعاً من محور المقاومة إلى محور مُعادٍ لإيران، وسط تراجع نفوذ "حزب الله" العسكريّ، والرغبة الأميركيّة بالحدّ من قدرات "الحزب" السياسيّة أيضاً، من خلال إيصال جوزاف عون إلى بعبدا واستبعاد رئيس تيّار "المردة" سليمان فرنجيّة، وأخيراً من خلال تسمية نواف سلام لرئاسة مجلس الوزراء، والذي من المتوقّع أنّ يُشكّل حكومة تكنوقراط من الشخصيّات الأكاديميّة لمُعالجة المشاكل الاقتصادية والماليّة، وتطبيق القرار 1701 وتعزيز دور الجيش في الجنوب وعلى كافة الأراضي اللبنانيّة، في حال ساعدته الظروف بهذه المهمة الشاقة. وفي هذا السياق، كان جنبلاط ولا يزال يُواكب أيّ تحوّل في المنطقة، وصحيحٌ أنّه وقف مع "حزب الله" و"حركة أمل" في الحرب ضدّ إسرائيل، واستقبل البيئة الشيعيّة في مناطق الجبل، غير أنّه من الواضح أنّه قرّر مجاراة التغيّرات الكبيرة التي حصلت مؤخّراً، وخصوصاً بعد سقوط بشار الأسد في سوريا، وعدم قدرة "الحزب" على ترميم قدراته العسكريّة، وتضاؤل قوّة إيران في كلّ من لبنان وسوريا وفلسطين. كذلك، كان الداخل اللبنانيّ وبشكل خاصّ جنبلاط والنواب السنّة ينتظرون لأكثر من سنتين موقفاً سعوديّاً واضحاً من الاستحقاقات اللبنانيّة، لكن موقف الرياض ظلّ حياديّاً إلى حين زيارة الأمير يزيد بن فرحان إلى لبنان الأسبوع الماضي، وإعلانه بوضوح عن رغبة المملكة والدول الخمس بانتخاب جوزاف عون وتشكيل حكومة برئاسة شخصيّة لبنانيّة غير تقليديّة. ولا يبدو أنّ جنبلاط يُريد من هذا التحوّل في سياسته أنّ يُقصي "الثنائيّ الشيعيّ" بل بالعكس، يهدف إلى أنّ يكون "حزب الله" على وجه الخصوص منخرطاً في الحياة السياسيّة، تاركاً للدولة والجيش مسؤوليّة حماية البلاد والحدود واللبنانيين من أيّ أخطار. وأيضاً، كان جنبلاط من خلال استباق الجميع بترشيح قائد الجيش، وبعدها بتأييد نواف سلام، من أكثر الأطراف التي أغضبت برّي و"حزب الله"، فرأت أوساطهما أنّ "التقدميّ" هو شريك في إقصاء "الثنائيّ الشيعيّ" عبر تقليص دوره السياسيّ، بينما اعتبر مراقبون أنّ "وليد بيك" يُريد بالفعل العمل على التغيير، كيّ لا يبقى "الحزب" يتحكمان بمصير الاستحقاقات الدستوريّة، وخصوصاً أنّه كان مسؤولا عن الفراغ الرئاسيّ. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
نواف سلام رئيسا للحكومة.. هل يخرج لبنان من عنق الزجاجة؟
مثّل تكليف نواف سلام بتشكيل حكومة جديدة للبنان، أمس الاثنين، مفاجأة كبيرة في البلاد، لا سيما من ناحية عدد الأصوات المرتفع الذي حصل عليه في الاستشارات النيابية مقارنة بمنافسه، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، وبخلاف إرادة "الثنائي الشيعي" أي حزب الله وحركة أمل.
ويأتي فوز سلام (71 عاما) بعد أيام قليلة من انتخاب قائد الجيش اللبناني السابق جوزيف عون رئيسا للجمهورية، وهو ما شكّل تبدلا شاملا في المشهد السياسي لصالح قوى المعارضة على حساب حزب الله وحلفائه.
ومساء الاثنين، أعلنت الرئاسة اللبنانية أن "سلام حصل على 84 صوتا، بعد انتهاء الاستشارات النيابية المُلزمة في قصر بعبدا شرق بيروت، بينما لم يُسم 35 نائبا أي أحد، فيما صوّت 9 فقط لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي".
حزب الله يتهمعقب لقائه الرئيس عون في إطار الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية شخصية لتكليفها تشكيل حكومة، الاثنين، أعلن محمد رعد رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" (13 نائبا) التي تمثل حزب الله في البرلمان، أن كتلته لم تسم أحدا، معتبرا أن "البعض يكمن مجددا من أجل التفكيك والتقسيم والإلغاء والإقصاء".
وفي حين يرى بعض المحللين أن ما حدث قد ينذر بأزمة سياسية محتملة تزيد من الانقسام السياسي، يعتبر آخرون أن نتائج الانتخابات الرئاسية وتسمية سلام قد تشكلان بارقة أمل للبنان يستعيد من خلالها عافيته، خاصة أن الثنائي وحلفاءه اكتفوا بعدم تسمية مرشح، وهو ما رأى فيه مراقبون أنه "امتناع عن العرقلة".
إعلانوكان اسم نواف سلام قد جرى تداوله لرئاسة الحكومة إبان المظاهرات الحاشدة التي شهدها لبنان عام 2019 و2020، لكن حزب الله وحلفاءه قطعوا الطريق أمامه مبكرا.
وفي استشارات 2022 النيابية، حصل سلام على دعم واسع، إلا أن الأصوات لم تكن كافية لتكليفه بتشكيل الحكومة، ويرجع مراقبون عدم دعم الحزب له، لكونه من المنادين بحصر السلاح بيد الجيش.
حكومة تحدوقال المحلل السياسي اللبناني توفيق شومان إن "ما حصل يشكل انقلابا على التفاهمات، فكل الوقائع كانت تشير إلى أن توجه الكتل كان نحو تسمية ميقاتي رئيسا للحكومة (وهذا خيار حزب الله وحركة أمل)، لكن ما حصل جاء مغايرا لكل التوقعات".
ورأى أن "الثنائي الشيعي يعتبر أن هناك قوى سياسية تستهدفه وتبني مواقفها السياسية بناء على المتغيرات في الشرق الأوسط، وخصوصا الحرب الإسرائيلية الأخيرة على لبنان".
ولفت شومان إلى أن "تشكيل الحكومة واختيار قائمتها سيكون المقياس لمعرفة أين ستتجه الأمور في لبنان، فإذا كانت حكومة تحد لحزب الله وحركة أمل فإن البلاد ذاهبة نحو أزمة لا سابقة لها".
وأضاف "أما إذا جرى العمل على استيعاب نتائج الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة تراعي الميثاق الوطني (التوازن الطائفي) من خلال التوافق الداخلي، فأعتقد أنه بالإمكان أن يجري احتواء الأزمة، وإلا فإن البلاد ذاهبة نحو صدام سياسي".
انفتاح على العربفي المقابل، رأى الصحفي مروان حيدر أنه من الواضح أن المتغيرات الدولية انعكست على الساحة الداخلية اللبنانية، مشيرا إلى أن لبنان ذاهب نحو مزيد من الانفتاح على العالم العربي، لا سيما على المستوى الاقتصادي.
واستبعد حيدر أن تكون هناك مواجهة بين القوى السياسية التي انتخبت رئيس الجمهورية وسمّت نواف سلام لرئاسة الحكومة وحزب الله.
وأرجع ذلك إلى أن "الحزب على وعي تام بأن هناك إرادة دولية وعربية، وربما إيرانية، بأن يكون للحزب دور سياسي فقط وليس أمنيا"، وفق تقديره.
إعلانوقال حيدر إنه "لطالما كان لدى حزب الله تداخل بين الأمن والسيطرة على الحياة السياسية في لبنان".
انفراجات مهمةوتوقع حيدر أن "يجري تشكيل حكومة سياسية في لبنان تجمع كل المكونات بحيث تكون حكومة وحدة وطنية، سيتقبلها الثنائي الشيعي على مضض، وستكون الوزارات مقسمة بحسب حجم الكتل".
ورجح الصحفي اللبناني حدوث "انفراجات مهمة على المستوى الاقتصادي والتعافي النقدي، وعودة لبنان إلى دوره الريادي في المنطقة"، وأن "تشكل بيروت ومدن لبنانية أخرى، نقطة مهمة جدا لإعادة إعمار سوريا".
كما أعرب حيدر عن اعتقاده بأن "لبنان سيكون من ضمن الدول الحليفة للدول الخليجية مع انحسار الدور الإيراني الأمني، وبقاء حزب الله وحركة أمل كثنائي شيعي مؤثر لا مسيطر"، وفق تقييمه.
توقعاتوجاء وصول سلام للتكليف هذه المرة نتيجة اتفاق المعارضة بمختلف أطيافها على دعمه، لا سيما مع موقف كتلة التغييريين والمستقلين الذين يلعبون دور "بيضة القبان" المرجحة في الاستشارات.
ويُعرف سلام بدعواته المتكررة إلى الإصلاح في لبنان، وبدفاعه عن سيادة الدولة اللبنانية، مع تأكيده على حصر السلاح بيد الأجهزة الأمنية والعسكرية.
كما يمتلك علاقات دولية وعربية يعول عليها كثيرون لانتشال لبنان من أزمته الاقتصادية والسياسية.
وعادة ما يتسبب التباين السياسي العميق بين القوى الرئيسية في تأخير التشكيل الحكومي لأشهر، غير أن توقعات تفيد بإمكانية تسريع العملية، نظرا للتغيرات الإقليمية الأخيرة، وتراجع نفوذ بعض الأطراف التقليدية.
وجرت العادة في لبنان على أن يتولى رئاسة الوزراء مسلم سُني، ورئاسة الجمهورية مسيحي ماروني، ورئاسة مجلس النواب مسلم شيعي.
وبعد شغور دام أكثر من عامين جراء خلافات سياسية، انتخب البرلمان الخميس الماضي عون رئيسا للبلاد بأغلبية 99 نائبا من أصل 128.
وجاء انتخاب عون عقب حرب مدمرة شنتها إسرائيل بين 23 سبتمبر/أيلول و27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضيين على لبنان، الذي يعاني انقسامات سياسية وأوضاعا اقتصادية متردية.
إعلان