مأساة في طفولة مجدي يعقوب قادته لعالم جراحة القلب.. لحظة انهيار صنعت أسطورته
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
في الوقت الذي احتفل فيه الدكتور مجدي يعقوب، بمرور 15 عامًا على تأسيس مؤسسته لأمراض وأبحاث القلب، والتي تحمل اسمه، وأنقذ من خلالها العديد من الحالات، إذ كان سببًا مُسخرًا لإعطائهم قبلة الحياة من جديد، كان الأوروبيون يحتفون بالسير «يعقوب»، مؤكدين في تقاريهم أنه أنقذ حياتهم، بعدما أعلنت مؤسسة خيرية تسمى «Brompton Awareness» في إنجترا، إنقاذه 1000 حالة تابعة لها.
إنجازات السير مجدي يعقوب، جراح القلب العالمي، لم تنته بعد، إذ قرر في مطلع العام الحالي، أن يزف بشرى سارة للجميع، خاصة مرضى القلب، المقرر أن يحصلون قريبًا على صمامات قلب تنمو بشكل طبيعي داخل الجسم، وهي الخطوة التي تمثل تقدمًا كبيرًا في علاج أمراض القلب.
ويقود مجدي يعقوب، فريق البحث العلمي الخاص بهذا الإنجاز العلمي، إذ تتلقى مجموعة أولية تضم أكثر من 50 مريضًا، صمامات مؤقتة مصنوعة من ألياف تعمل بمثابة «سقالة» يمكن زراعتها لتتكامل مع خلايا الجسم، وبمرور الوقت تذوب هذه السقالات، تاركة وراءها صمامًا حيًا يتكون بالكامل من أنسجة المريض نفسه، وفقًا لصحيفة «ديلي ميل» البريطانية.
حكاية مجدي يعقوب، مع جراحة القلب لم تبدأ من اليوم، ولم تبدأ حتى بدراسة الطب، لكنها بدأت من قصة مأساه عاشها وهو طفل، حينما أتم الطبيب النابغ عمره السابع، ليصطم بوفاة شقيقة والده الصغرى، وهي في العشرين من عمرها، ربما لم يدرك مصيبة الموت وقتها، لكن حركه سبب الوفاة، فكيف رحلت عن الدنيا بسبب غلق صمام القلب، ومعاناتها التي انتهت بالموت، تاركة طفلًا صغيرًا دون أن تحظى بشيء من التقدم الطبي بجراحة القلب حينها.
انهيار والد يعقوب، كان الدافع له حينها، بأن يعده وهو طفلًا لدراسة جراحة القلب، لإنقاذ العديد من المرضى، حتى لا يلقوا مصير «عمته».
ففي حديث تلفزيوني سابق، قال جراح القلوب العالمي: «لما قلت لوالدي وهو منهار عاوز أبقى جراح قلب، قالي اهدى، لكن فعلًا كانت مأساة وقررت وقتها أدرس الطب، وأكون سبب لإنقاذ قلوب ناس كتير».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مجدي يعقوب السير مجدي يعقوب الجراح مجدي يعقوب صمامات القلب جراحة القلب مجدی یعقوب
إقرأ أيضاً:
وضعية الكنابي في الحرب- مأساة التهميش والاستغلال
عندما وقعت الأحداث المؤلمة في الكنابي بولاية الجزيرة، انصرفتُ للبحث عن مصادر موثوقة للمعلومات، مما أدى إلى تأخير كتابة هذا التحليل. ولكن بفضل الجهود الصادقة والآراء الثمينة التي تلقيتها من العديد من أبناء وبنات الكنابي، تمكنتُ من إخراج هذا المقال بصورته النهائية. أود أن أتقدم لهم بجزيل الشكر، فقد كانوا خير معين في تسليط الضوء على هذه القضية الجوهرية.
هذا المقال يستند إلى شهادات موثقة وتقارير ميدانية تكشف كيف تحولت الكنابي، تلك التجمعات العمالية التي شكلت العمود الفقري للزراعة السودانية، إلى ساحة لصراع وجودي. فبينما لعبت دورًا حيويًا في الاقتصاد الزراعي، ظلت تعاني تهميشًا هيكليًا ممتدًا لعقود، تفاقم مع الحرب الحالية، ليجعل من هذه المجتمعات نموذجًا صارخًا للظلم التاريخي والاستغلال المنهجي.
النشأة والتكوين: جذور التهميش
الأصول التاريخية
نشأت الكنابي عام 1925 كمساكن مؤقتة لعمال مشروع الجزيرة، الذي كان آنذاك أكبر مشروع زراعي مروي في إفريقيا. لكن مع مرور الوقت، تحولت إلى مجتمعات مستقرة، يتكون سكانها من:
70% من دارفور وكردفان.
20% من دول الجوار (تشاد، جنوب السودان).
10% من مجموعات سودانية أخرى.
الإطار القانوني المُهمِّش
كرست القوانين السودانية التمييز ضد سكان الكنابي عبر سياسات ممنهجة، أبرزها:
قانون الأراضي (1945): منع العمال الزراعيين من تملك الأراضي، رغم استصلاحهم لها لعقود.
قانون الجنسية (1957): اشترط الانتساب العرقي في المادة 3، مما جعل كثيرين منهم بلا جنسية رسمية.
تعديلات قانون السجل المدني (1994): أبقت على عوائق التسجيل القانوني، مما زاد من تهميشهم.
حالة نموذجية:
في عام 2012، رفضت سلطات ولاية الجزيرة تسجيل 5,000 شخص من سكان الكنابي في السجل المدني، رغم امتلاكهم وثائق ميلاد محلية.
أبعاد التهميش المتشابكة
الاستغلال الاقتصادي الهيكلي
يعتمد سكان الكنابي على أنظمة تشغيل زراعي غير عادلة تجعلهم في دائرة الفقر الدائم:
النظام حصة العامل المخاطر
المزارعة 10-15% من المحصول يتحمل خسائر الجفاف والفيضانات
الإيجار دفع مقدم 50% من العائد فقدان الحقوق عند التخلف عن السداد
الأجر اليومي 500-700 جنيه سوداني (أقل من دولارين) لا تأمين صحي أو اجتماعي
الإقصاء الاجتماعي والخدمي
التعليم: معدل الأمية بين كبار السن في الكنابي 85% (مقابل 42% المعدل الوطني).
الصحة: مركز صحي واحد لكل 50,000 نسمة، بينما المعيار الدولي هو مركز لكل 10,000.
السكن: 92% من المنازل مصنوعة من القش والطين، مما يجعلها غير آمنة بيئيًا وصحيًا.
وثيقة صادمة-
وفق تقرير وزارة الصحة السودانية لعام 2021، توفيت 78 امرأة أثناء الولادة في كنابي الجزيرة بسبب غياب المرافق الصحية.
الحرب: تسارع الانهيار
أنماط الاستهداف
الاستهداف العسكري
وثّقت الأمم المتحدة (2023) استخدام 30 كنبو كمخازن أسلحة، مما جعلها هدفًا عسكريًا.
في النيل الأزرق، تم إعدام 47 عاملاً بتهمة "التعاون مع الطرف الآخر".
الإقصاء الاجتماعي والقمع السياسي
مُنع سكان 15 كنبو من دخول الأسواق القروية المجاورة.
حُرقت 320 منزلاً في حملة تطهير مزعومة ضد "المهاجرين".
الحلول: نحو عدالة تأسيسية
الإطار القانوني
إلغاء المادة 3 من قانون الجنسية، لضمان الاعتراف القانوني بهم.
تبني قانون حقوق العمال الزراعيين، لضمان حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية.
الإصلاح العملي
إطلاق برنامج السجل المدني المتنقل، لتسجيل المهمشين في أماكنهم.
إنشاء صندوق تعويضات الحرب، برصد 5% من عائدات المشاريع الزراعية لصالح الكنابي.
تأسيس محاكم مختصة، للنظر في انتهاكات حقوق العمال الزراعيين.
تصورات استشرافية
تُمثل أزمة الكنابي اختبارًا حقيقيًا لمفهوم المواطنة في السودان. فبينما تساهم هذه المجتمعات بنسبة 40% من إنتاج القطن و35% من الذرة في السودان، تظل خارج حسابات التنمية الوطنية.
إن الحل لا يكمن في الإغاثة المؤقتة، بل في إعادة هندسة العقد الاجتماعي على أسس عادلة، تنصف هذه الفئة التي لطالما شكلت العمود الفقري للاقتصاد الزراعي. وكما قال أحد شيوخ الكنابي:
*"نحن جذور الشجرة التي يأكل الجميع ثمارها، بينما تُتركونا نموت تحت التراب."
zuhair.osman@aol.com