"المسرح البديل".. رؤية عيد عبدالحليم للمسرح العربي
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
صدر حديثا عن بيت الحكمة للثقافة كتاب "المسرح البديل في العالم العربي" للشاعر والناقد عيد عبدالحليم- رئيس تحرير مجلة "أدب ونقد"، وهو الكتاب الخامس والثلاثون في مسيرته الإبداعية والنقدية.
ويقدم عيد في هذا الكتاب رؤية جديدة للمسرح العربي، من خلال طرحه ومناقشته للتجارب ذات البعد التجريبي في المسرح العربي على مدار الخمسين عاما الماضية، مؤكدا على أن المشتغلين في عالم المسرح لم يستطيعوا تحديد تعريف واضح وثابت لمفهوم "التجريب المسرحي"، رغم تعدد الجهود والتجارب في هذا المجال، ولعل مصطلح التجديد كان هو الأقرب لهذه الاتجاهات، فمنذ نهايات القرن التاسع عشر بدأ المسرح يتغير جذريا، وتحديدا منذ ليلة 10 ديسمبر 1896، حين عرضت مسرحية "الملك أبو" لألفريد جاري على مسرح "الأوفر" بباريس، تلك المسرحية التي أحدثت دويا كبيرا في الأوساط الفنية، لدرجة أن البعض وصفها بالبداية الجديدة للمسرح العالمي والانطلاقة المغايرة، مثل الشاعر الإنجليزي "ويليام بتلر ييتس" الذي وصفها بأنها "علامة أنهت مرحلة كاملة في الفن
ويؤكد عبد الحليم أن الرؤى التجريبية في المسرح العالمي ظلت في حالة تنامي، حتى وصلت ذروتها في النصف الثاني من القرن العشرين مع ظهور مدارس طليعية في المسرح، وتأسيس فرق مسرحية، كانت تعتمد على اختراق الحدود الشكلية والنمطية للمسرح، استحداث ظواهر مسرحية مثل مسرح المقهى ومسرح الغرفة، ومسرح الشارع، وغيرها، وكذلك تكثيف الاهتمام بفنون الأداء وعلى رأسها تدريب الممثل، والاعتماد على خصوصية المكان من خلال استلهام الطقوس الشعبية والعادات اليومية في محاولة للاقتراب من الجمهور، من خلال كسر حاجز الإيهام.
ومنذ ستينيات القرن الماضي ظهرت في المسرح العربي تجارب عملت على كسر النمطية المسرحية، خاصة بعد ظهور بيان "نحو مسرحي عربي جديد" ليوسف إدريس ومن بعده صدور كتاب "قالبنا المسرحي" لتوفيق الحكيم عام 1964، ومن بعدها ظهرت بيانات المسرح الاحتفالي في المغرب، ثم توالى ظهور رؤى تجريبية في التأليف عند سعدالله ونوس وميخائيل رومان وممدوح عدوان ومحمود دياب وألفريد فرج، ومحمد الماغوط، ويوسف العاني ومحمد النشمي وغيرهم، ومخرجين مثل كرم مطاوع وسعد أردش وقاسم محمد وعبدالكريم برشيد وعبدالقادر علولة والطيب صديقي وعبدالله السعداوي وروجيه عساف وغيرهم.
يذكر أن الكتاب تضمن عدة فصول منها "فلسفة المسرح التجريبي" و"ظواهر مسرحية" و"مسرح المؤلفين.. بدايات النهضة المسرحية" و"مسرح المخرجين" و"نقاد المسرح التجريبي".
ومن خلال هذه الفصول يؤكد عيد عبد الحليم على أن المسرح التجريبي هو المسرح الأكثر جذبا للجمهور، لأنه يقوم على عناصر مهمة منها الإدهاش، وكسر حاجز التوقع، والفعل الجماعي، من خلال التفاعلية المتنامية أثناء العرض، فكل عنصر من عناصر العمل المسرحي يحس بذاته وبأهميته وبأن له دورا فاعلا في العملية المسرحية.
صدر للمؤلف عدة مؤلفات سابقة منها: "ظل العائلة" و"حديقة الثعالب" و"شجر الأربعين" و"ضحايا حريق الفن.. الجيل المفقود في مسرح بني سويف" و"مرايا العقل النقدي" و"الشعر النسائي في مصر" و"مسرح الشارع في العالم العربي" وغيرها.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: عيد عبدالحليم بيت الحكمة البعد التجريبي المسرح العربى التجريب المسرحي فی المسرح من خلال
إقرأ أيضاً:
غداً .. ختام الدورة الـ 15 من مهرجان المسرح العربي
يسدل غدًا الستار على الدورة الخامسة عشرة من مهرجان المسرح العربي، التي تنافست فيها 15 مسرحية، قدمت خلاصة فكر مسرحي عربي من مختلف الدول المشاركة، لتكون رسائل تعكس القضايا الإنسانية المعاصرة، وعبرت عما بلغته المهارات الفنية المسرحية العربية من تطور في الفكرة والأداء والأدوات، والإعلان عن العرض المسرحي الفائز بجائزة صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.
وقدم مساء أمس العرض المسرحي المغربي "هُم" لفرقة أنفاس، تأليف عبدالله زريقة، وإخراج أسماء الهوري، واحتضن العرض مسرح البستان، حيث تناول العرض مفردات النص العجائبي الملطّف بمقتطفات سردية شعرية، يصف حالة العجز عن التعبير وعدم امتثال الجسد الفردي والجماعي لمتطلبات عالم يسير بنحو مضطرد نحو الامتلاء والاستعلاء والإقصاء، وعن إمكانية أو استحالة التصالح معه، وكيف يصبح الجسد ساحة لتعارك الأفكار والحالات النفسية التي يولدها هذا العالم، ونحو العودة لمسخ كافكا ووجوديته.
كما قدمت فرقة مسرح الشارقة الوطني العرض المسرحي "كيف نسامحنا؟"، وهو عرض احتشد نصه بسرديات شاعرية وحوارات ملحمية، يحكي قصة امرأة في ساحة الإعدام، يلتف حبل المشنقة حول عنقها، وتلقي كلماتها الأخيرة بحمولة من الرفض والإدانة، ويتدخل متنفذ ليعلن تأجيل الإعدام، بسبب وفاة رئيس المحكمة، رغم رغبة القوم بالتخلص السريع منها، لتدور الأسئلة حول من تلك المرأة؟ وما رمزيتها؟
واختتم عروض المسار الثاني للمهرجان بالعرض المسرحي "نساء لوركا" الذي جاء من العراق محملًا بقضايا تمس المرأة، وقدم على المسرح بطاقم نسائي متكامل، حيث استعرض طموحات نساء بممارسة حياتهن دون قيود من حديد وخوف، وتحدث الثورة حين يعلمن أن "يرما" مرتبطة برجل عقيم، خال من الحياة، ومحاولتهن التخلص من "برناردا" التي فرضت عليهن حياة لا يرغبن بعشيها، ولكن "يرما" تتحول إلى شخص مستبد دكتاتور، تمارس عليهن الظلم متجردة من إنسانيتها.
المسرح والذكاء الاصطناعي
واختتم مساء أمس المؤتمر الفكري الذي حمل عنوان "المسرح والذكاء الاصطناعي بين صراع السيطرة وثورة الإبداع الإنساني" حيث استعرض في جلسته الثالثة العلاقة بين الفن المسرحي والتكنولوجيا المتقدمة، من خلال إبراز الذكاء الاصطناعي كأداة مبتكرة لتطوير العروض المسرحية، مع الحفاظ على العنصر الإنساني والإبداعي الذي يجعل المسرح تجربة فريدة، كما تم استعراض التجربة الصينية في الابتكار وتطوير التكنولوجيا في فن المسرح.
وطرح الدكتور خليفة الهاجري في ورقته البحثية موضوع العلاقة المتبادلة بين التصميم المسرحي والذكاء الاصطناعي، مستكشفًا كيف يمكن لهذه التقنية الحديثة أن تثري العملية الإبداعية، وتناقش الورقة التحديات والفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في هذا المجال، مع التركيز على تعريف المفاهيم الأساسية، واستعراض التطبيقات العملية، وتحليل النماذج التي تنتجها هذه التقنية مقارنة بالتصاميم التقليدية، وتناولت الورقة الجوانب الإيجابية، مثل تعزيز الإنتاجية والابتكار، والجوانب السلبية، مثل فقدان اللمسة البشرية، وشمل النقاش القضايا الأخلاقية والقانونية المتعلقة بالملكية الفكرية والمسؤولية عن المحتوى، واختتم الهاجري حديثه بعرض تجربة تفاعلية تتيح للحضور استكشاف نماذج توليدية ومناقشة دور التكنولوجيا في مستقبل الفنون المسرحية، مع التأكيد على أن الذكاء الاصطناعي ليس بديلًا للمبدع البشري، بل أداة تعزز الإبداع والابتكار.
تكنولوجيا الإضاءة والذكاء الاصطناعي
وفي الجزء الثاني من الجلسة الثالثة استعرض المصمم الصيني "ما لوه" المتخصص في تصميم الإضاءة لأكثر من 20 عامًا أعماله الفنية التي تمزج بين الإبداع والتكنولوجيا، كما وجه دعوة للحضور لزيارة مدينة "أندرولي" في الصين، المدينة المتكاملة للإضاءة التي تمثل مركزًا عالميًا للتكنولوجيا والفن، كما عرض المصمم أمثلة من أعماله، بما في ذلك تصميم الإضاءة والديكور لعروض راقصة تعود إلى عام 2001، بالإضافة إلى مشروع فريد استخدم فيه 16 لوحة ضوئية تتحكم بالإضاءة على خشبة المسرح، وأكد على صعوبة ودقة هذه الأعمال التي تعتمد بشكل كامل على انعكاسات الإضاءة وتنسيقها، موضحًا أن أي خطأ بسيط قد يهدد العرض بأكمله، واستعرض المصمم الصيني "ما لوه" في الجلسة مشاهد مسرحية عميقة تتعلق بالموت والسجن، حيث استطاع باستخدام الإضاءة أن ينقل الجمهور إلى أعماق المشاعر المرتبطة بهذه التجارب، مشيرًا إلى اعتماده المتزايد على التحكم بالإضاءة وتحريكها بدقة متناهية، مع التطلع إلى أعمال مستقبلية أكثر تقدمًا باستخدام هذه التقنيات.
وأكد المصمم والإعلامي "شان جهاي" على أهمية التكنولوجيا المتنامية في المسرح، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي بدأ يسيطر على حياتنا منذ عام 2022، كما استعرض بعض الأعمال التي استعان فيها بالذكاء الاصطناعي في تصميم المشاهد، والإضاءة، والرسوم المتحركة، إلى جانب نماذج من تصورات طلبته المستقبلية بعنوان "نحن بعد 100 عام".
تجدر الإشارة إلى أن سلطنة عمان استضافت المهرجان خلال الفترة من 9 إلى 15 يناير الجاري متمثلة في وزارة الثقافة والرياضة والشباب وبالشراكة مع الهيئة العربية للمسرح والجمعية العمانية للمسرح.