عربي21:
2025-01-15@14:37:21 GMT

الفساد والتنمية في سوريا

تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT

الفساد آفة العصر، وقد عرّفته الأمم المتحدة بأنه: "سوء استعمال السلطة العامة لتحقيق مكسب خاص"، وقد حارب الإسلام ونظامُه الاقتصادي الفسادَ على مدار الوقت، وجعله آفة ومعرة ومهلكا للأمم، فالفساد نقيض الإصلاح والتنمية، ومن خلاله تضيع الحقوق وتُنتهك المصالح وتقتل الروح المعنوية تقتيلا.

ويمثل الفساد في سوريا قضية ذات أهمية للحكومة الجديدة، فوفقا لمؤشر مدركات الفساد لعام 2023 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية، حصلت سوريا على درجة 13 من 100، مما يضعها في المرتبة 177 من أصل 180 دولة، حيث تشير الدرجة الأقل إلى مستوى أعلى من الفساد.

وهذا التصنيف يضع سوريا ضمن الدول الأكثر فسادا في العالم، مما يعكس ما تواجهه الحكومة الجديدة من تحديات لمكافحة الفساد الذي تعمق في دولاب الدولة بفعل إدارة الفساد المنظم للنظام المخلوع، سواء كان فسادا إداريا من انتشار المحسوبيات والرشاوى على مختلف المستويات الحكومية، أو فسادا اقتصاديا من خلال استغلال الموارد الوطنية وغياب الشفافية في إدارة الأموال العامة والمشاريع، أو فسادا قضائيا من خلال تأثير النفوذ السياسي والمالي على استقلالية القضاء، أو فسادا في الخدمات العامة من خلال ضعف جودة تلك الخدمات.

محاربة الفساد يجب أن تكون أولى الأولويات للحكومة السورية، فخنق موروث الفساد المنظم للنظام المخلوع يعني توفير موارد يمكن للدولة السورية البناء عليها لتحقيق أهدافها التنموية، ولا يمكن أن يتحقق إصلاح أو تنمية مع فساد
والفساد لا تقتصر مفاسده ومضاره على صاحبه بل تمتد إلى جنبات المجتمع، فهو يمثل سرقة لثروات الأمة، ويؤثر سلبا على الخدمات العامة من صحة وتعليم وبنية تحتية، كما يؤدي إلى إهدار سيادة القانون، والتشكيك في فعاليته وفي قيم الثقة والأمانة، ويعوق عمليات التنمية ويضعف النمو الاقتصادي؛ حيث يؤثر على استقرار وملاءة مناخ الاستثمار، ويزيد من تكلفة المشروعات ويهدد نقل التقنية، ويضعف الأثر الإيجابي لحوافز الاستثمار بالنسبة للمشروعات المحلية والأجنبية؛ ومن ثم تطفيش رأس المال سواء أكان محليا أم أجنبيا، ويؤثر على روح المبادرة والابتكار ويضعف الجهود لإقامة مشروعات استثمارية جديدة، فضلا عن تأثيره على كل من العدالة التوزيعية والفعالية الاقتصادية، ويحول دون التخصيص الأمثل للموارد، ويحد من قدرة الدولة على زيادة الإيرادات.

ومن هنا، فإن محاربة الفساد يجب أن تكون أولى الأولويات للحكومة السورية، فخنق موروث الفساد المنظم للنظام المخلوع يعني توفير موارد يمكن للدولة السورية البناء عليها لتحقيق أهدافها التنموية، ولا يمكن أن يتحقق إصلاح أو تنمية مع فساد، فهما نقيضان لا يجتمعان، وشاء الحق سبحانه أن يجعل أمة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم خير الأمم بشرط أن يأمروا بالمعروف، وينهوا عن المنكر: "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ" (آل عمران: 110).

ومن أهم أبواب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر قطع دابر الفساد وإعلان الحرب على المفسدين، لا سيما بقايا النظام المخلوع، من خلال تطبيق مبدأ من أين لك هذا؟ ومحاسبتهم، وعدم الاستهانة بترك مفسد من أنصار هذا النظام البائد في موقعه، مع إرساء مبادئ النزاهة والشفافية والإفصاح والحوكمة في جميع العمليات الحكومية، وإرساء مبدأ المساءلة قيدا على سلوك القائمين على شؤون السلطة، وإصلاح الجهاز الإداري وتحقيق الكفاية المعنوية والمادية له، ببناء كادر حكومي يتقاضى أجورا جيدة، مع الاعتماد في التعيين والترقي على الكفاءة لا الولاء، ووضع بنية تشريعية -كمّا وكيفا- لمكافحة الفساد وتفعيل تنفيذها.

من الأهمية بمكان الاقتداء بنموذج إسلامي عملي تمكن من تحقيق التنمية والرفاهية للبلاد بحربه على الفساد وهو الخليفة العادل عمر بن عبد العزير
وكذلك تكاتف قوى المجتمع المدني والقطاع الخاص والدولة في جهود مكافحة الفساد من خلال إنشاء الدولة هيئات مستقلة لمكافحة الفساد، وإتاحة الفرصة لوسائل الإعلام المسؤول والصوت الحر المسموع في مكافحة الفساد. وكذلك رفع الوعي وتفعيل القيم الإيمانية والخلقية وإرشاد وتربية الأفراد على حرمة المال العام، فذلك أقرب الوسائل لمنع الفساد، مع ترسيخ مفهوم الإدارة بالقدوة التي أرساها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وبيَّنها القرآن الكريم في قوله تعالى: "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرا"، وسار على نهجه خلفائه الراشدين من بعده حتى قال علي بن أبي طالب، لعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- قولته المشهورة: "عففت فعفوا ولو رتعت لرتعوا".

كما أنه من الأهمية بمكان الاقتداء بنموذج إسلامي عملي تمكن من تحقيق التنمية والرفاهية للبلاد بحربه على الفساد وهو الخليفة العادل عمر بن عبد العزير، حتى إنه في نحو ثلاثين شهرا فاض بيت مال المسلمين بالأموال، فأغنى الناس وعجز أن يجد من بين رعيته فقيرا محتاجا.

x.com/drdawaba

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفساد سوريا التنمية سوريا اسلام فساد تنمية مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من خلال

إقرأ أيضاً:

خطة لزراعة 5 ملايين فدان الفترة المقبلة.. وخبراء: زيادة الرقعة الزراعية خطوة نحو تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.. وهناك تحديات يجب تجاوزها

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تُعتبر الزراعة ركيزة أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتنمية الاقتصادية في أي دولة، خاصة في مصر التي تعتمد عليها كمصدر رئيسي لتلبية احتياجات سكانها المتزايدة، وفي ظل التحديات العالمية والمحلية، مثل نقص الموارد المائية وزيادة الطلب على الغذاء، تبذل الحكومة المصرية جهودًا كبيرة لتطوير القطاع الزراعي من خلال مشروعات قومية طموحة تهدف إلى زيادة الإنتاجية الزراعية وتعزيز الاستدامة. 

ويُعد هذا التوجه جزءًا من رؤية شاملة تهدف إلى تعزيز الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية، دعم المزارعين، وتنمية الصناعات المرتبطة بالزراعة، مما يعكس أهمية هذا القطاع في بناء مستقبل مستدام للدولة.

وتعمل الحكومة المصرية على تحقيق الأمن الغذائي من خلال تنفيذ مجموعة من المشروعات القومية الكبرى التي تهدف إلى زيادة الإنتاج الزراعي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية وقد شهدت السنوات الأخيرة استصلاح ما يقرب من 2 مليون فدان، ليصل إجمالي المساحة المزروعة في مصر إلى 10 ملايين فدان وفي إطار خطط التوسع، تستهدف الدولة استصلاح 5 ملايين فدان إضافية في السنوات المقبلة، بهدف زيادة الإنتاجية الزراعية وتعزيز قدرة البلاد على تلبية احتياجاتها الغذائية.

وتعتمد استراتيجية وزارة الزراعة على التوسع الأفقي من خلال زيادة مساحة الأراضي المستصلحة، بالإضافة إلى التوسع الرأسي الذي يهدف إلى تحقيق أقصى استفادة ممكنة من وحدة الأرض والمياه ويأتي ذلك في ظل التركيز على استخدام تقنيات زراعية حديثة وأساليب ري متطورة تساهم في تقليل استهلاك المياه وتحسين الإنتاجية.

وفي سياق تحقيق الأمن الغذائي، يعد المشروع القومي للصوامع أحد أهم المبادرات، حيث تم رفع طاقة تخزين القمح إلى 4 ملايين طن، مما ساعد في تقليل الهدر وتعزيز كفاءة إدارة المحاصيل الاستراتيجية كذلك، تم تعزيز منظومة الزراعة التعاقدية التي تتيح للدولة شراء المحاصيل الأساسية من المزارعين بأسعار مناسبة، مثل القمح والذرة وبنجر السكر والأرز والقطن، مما يساهم في دعم المزارعين وضمان استمرارية الإنتاج.

علاوة على ذلك، تسعى الدولة إلى تعزيز الصناعات القائمة على الزراعة، مثل الغزل والنسيج، وإنتاج السكر، والتصنيع الزراعي المباشر، مما يفتح آفاقًا جديدة لخلق فرص عمل للشباب ودعم الاقتصاد الوطني وبذلك، تؤكد الحكومة المصرية أن القطاع الزراعي يشكل حجر الزاوية لتحقيق التنمية المستدامة وضمان الأمن الغذائي للأجيال القادمة.

أهمية زيادة الرقعة الزراعية

وفي هذا السياق يقول الدكتور طارق محمود أستاذ بمركز البحوث الزراعية، تعد الزراعة أحد أعمدة الاقتصاد والتنمية المستدامة، حيث تسهم في تأمين الغذاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي ومع تزايد عدد السكان والطلب على المنتجات الزراعية، أصبحت زيادة الرقعة الزراعية ضرورة ملحة لضمان الأمن الغذائي والاستقرار البيئي.

وأضاف محمود، تتمثل أهمية زيادة الرقعة الزراعية في تعزيز الإنتاج الزراعي لمواجهة الطلب المتزايد على الغذاء كما تسهم في دعم الاقتصاد المحلي من خلال توفير فرص عمل وتحسين مستوى معيشة المجتمعات الريفية إضافة إلى ذلك، تساعد الزراعة على مكافحة التصحر والحفاظ على التوازن البيئي من خلال زراعة الأشجار والمحاصيل التي تقلل من تأثير التغير المناخي.

التحديات التي تواجه زيادة الرقعة الزراعية

وفي نفس السياق يقول الدكتور جمال صيام الخبير الزراعي، رغم أهمية توسيع الرقعة الزراعية، إلا أن هناك تحديات عديدة تواجه هذا الهدف تشمل هذه التحديات ندرة الأراضي الصالحة للزراعة، وشح المياه، وزيادة التلوث، والتوسع العمراني على حساب الأراضي الزراعية كما أن ضعف البنية التحتية في المناطق الريفية قد يعيق تنفيذ مشاريع زراعية جديدة.

وأضاف صيام، إلى جانب جهود الحكومات، يمكن للأفراد والمجتمعات المساهمة في زيادة الرقعة الزراعية من خلال دعم المشاريع الزراعية المحلية وتشجيع الزراعة المنزلية كما أن التوعية بأهمية الحفاظ على الموارد الطبيعية والمشاركة في حملات التشجير يمكن أن تسهم في تحقيق هذا الهدف.

وتابع صيام، أن زيادة الرقعة الزراعية ليست مجرد خيار، بل هي ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة وضمان الأمن الغذائي للأجيال القادمة من خلال تضافر الجهود بين الحكومات والأفراد، يمكن التغلب على التحديات وضمان مستقبل زراعي مزدهر ومستدام.

مقالات مشابهة

  • اليمن.. فساد الحكومة الشرعية يطيل بقاء مليشيا الحوثي ويفاقم معاناة المواطنين
  • سماء الإمارات تشهد مذنب لامع يمكن رؤيته بالعين المجردة
  • التخطيط والتنمية الاقتصادية تحث المؤسسات التمويلية لتلبية الطلبات المتزايدة
  • محافظ الدرعية يجتمع مع ممثلي وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية
  • خطة لزراعة 5 ملايين فدان الفترة المقبلة.. وخبراء: زيادة الرقعة الزراعية خطوة نحو تحقيق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.. وهناك تحديات يجب تجاوزها
  • جدل بشأن التعديلات على المناهج الدراسية في سوريا
  • بين مكافحة الفساد وقمع حرية التعبير.. السلطات القضائية في مأرب تحت المجهر
  • وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي تعقد لقاءً موسعًا مع الهيئة الوطنية للصحافة
  • الحكومة تبقي على منع الجمعيات وتقييد النيابة العامة في قضايا دعاوى الفساد المالي (مشروع المسطرة الجنائية)