أصبح الفساد داخل المؤسسات الحكومية أحد العوامل الرئيسية التي طالما عرقلت أي جهود سواء في المعركة ضد المليشيات الحوثية أو جهود إحلال السلام وإنهاء الصراع وتخفيف معاناة المواطنين، ففي ظل هذه الأوضاع، يواصل الحوثيون توسيع نفوذهم، في مقابل توسع أرصدة وفساد المسؤولين في الشرعية على حساب مفاقمة معاناة المواطنين.

ويمثل الفساد في هياكل الحكومة الشرعية اليمنية أحد أهم العوامل التي تسهم في تدهور الأوضاع المعيشية، حيث تشير التقارير المحلية والدولية إلى أن الفساد في المؤسسات الحكومية بدأ يتفاقم بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، حيث أصبح المسؤولون يركزون على زيادة أرصدتهم البنكية الخاصة على حساب تقديم الخدمات للمواطنين.

ويتمثل الفساد في عدة صور، منها الاستحواذ على الأموال العامة، ونهب الموارد المالية التي من المفترض أن توجه لتحسين البنية التحتية، والتعليم، والصحة، ما أدى إلى زيادة معاناة المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر.

ويؤكد مراقبون أن تزايد الفساد داخل المؤسسات الحكومية ساهم في إطالة أمد الصراع بشكل غير مباشر، حيث يجد الحوثيون في هذا الفساد فرصة لتعزيز موقفهم في المناطق التي يسيطرون عليها.

وبحسب المراقبين فإن الفساد في الشرعية ساهم في فقدان الثقة بين المواطنين والحكومة، ما أسهم في استمرارية الصراع وتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن.

ويعاني المواطن اليمني بشكل كبير جراء هذا الفساد المستشري، فقد أدى عدم استقرار الأوضاع الاقتصادية، والنقص في الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم، إلى تدهور مستويات المعيشة، كما أن ارتفاع أسعار المواد الأساسية نتيجة للصراع يعمق من معاناة المواطنين بشكل أكبر.

ومن بين أبرز مظاهر الفساد، ذلك الذي نخر الجيش الوطني مع وجود أسماء وهمية في قوائم الجنود والضباط، بحيث يتم تسجيل أسماء هؤلاء الجنود في سجلات الجيش دون أن يكون لهم وجود فعلي على أرض الواقع.

وقد أدى ذلك إلى صرف رواتب لهم بشكل غير قانوني، تم الاستيلاء عليها من قبل قادة فاسدين، مما أدى إلى تقليص الإمكانيات المالية للجيش، وبالتالي انخفاض القدرة القتالية للجيش الوطني، ناهيك عن أغلب أولئك الجنود، لم يتلقوا أي تدريبات أو تجهيزات مناسبة، وبالتالي أصبحت القوات غير قادرة على الصمود أمام الهجمات الحوثية.

وأدى تفشي الفساد في أجهزة ومؤسسات الدولة إلى تدهور معنويات الجيش الوطني، كما أن الضباط الذين تم تعيينهم بناءً على اعتبارات سياسية أو شخصية، بدلاً من الجدارة والكفاءة العسكرية، لم يكن لديهم القدرة على القيادة الفعالة، كما أن وجود قادة فاسدين في مواقع حساسة أضعف التنسيق والاتصال بين الوحدات المختلفة، مما ساهم في انهيار الجبهات العسكرية أمام هجمات الحوثيين.

ويتعمد المسؤولون في الحكومة العمل في "الظلام"، ما سهل عمليات الفساد ونهب الأموال العامة، من خلال العمل بدون موازنة عامة للدولة أو إدارة شؤون الحكومة من الخارج عن بعد، وهو ما أسهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية وزيادة معاناة المواطنين.

ففي ظل غياب الشفافية والمحاسبة، تم تجاوز إعداد الموازنة العامة السنوية، مما ساهم في تحكم الفئات الفاسدة في الإيرادات والمصروفات بشكل غير قانوني و جعل من السهل على المسؤولين استغلال الأموال العامة وفقاً لمصالحهم الشخصية أو الحزبية، في ظل غياب المحاسبة والتدقيق.

كما أن غياب الموازنة العامة عزز من حالة الفوضى المالية، حيث أصبح من الصعب تحديد كيفية توزيع الإيرادات والإنفاق على المشاريع التنموية، مما جعل الدولة تعتمد على مساعدات خارجية دون وجود آلية واضحة لكيفية تخصيص هذه المساعدات في صالح الشعب.

ومن العوامل الأخرى التي أسهمت في تسهيل الفساد هو أن العديد من المسؤولين في الحكومة اليمنية، سواء في الأجهزة التنفيذية أو العسكرية، قاموا بإدارة شؤون الدولة من خارج البلاد، هذا الوضع أدى إلى ضعف التنسيق والإشراف الفعلي على الأمور داخل اليمن، مما فتح المجال أمام عمليات الفساد ونهب الأموال.

ومن الأمور التي تسهم في تسهيل عمليات الفساد بشكل مباشر هي غياب الرقابة الحقيقية على عمل الحكومة، في ظل غياب الموازنة العامة وتغييب البرلمان عن دوره الرقابي، أصبح من السهل على المسؤولين في الحكومة نهب الأموال العامة دون أي رادع قانوني أو أخلاقي. ونتيجة لذلك، أصبح الفساد هو القاعدة وليس الاستثناء في التعامل مع الأموال العامة.

لقد أدى الفساد المستشري في الحكومة اليمنية إلى تدهور الوضع الاقتصادي بشكل كبير. فمع استمرار عمليات نهب الموارد العامة وعدم تخصيص الأموال لدعم القطاعات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية، استمر الشعب اليمني في معاناته. أسهمت الممارسات الفاسدة في زيادة الدين العام، وتقلص الإيرادات الحكومية، وأدى ذلك إلى تضخم أزمة البطالة والفقر التي يعاني منها المواطنون.

استمرار الفساد في الحكومة الشرعية يشكل تهديداً كبيراً لآمال استعادة الأمن والسلام في اليمن، فبدون إصلاح حقيقي وفعال في مؤسسات الدولة، سيظل الحوثيون في وضع مريح يمكنهم من توسيع نفوذهم على حساب معاناة المواطنين.

المصدر: وكالة خبر للأنباء

كلمات دلالية: معاناة المواطنین الأموال العامة فی الحکومة الفساد فی ساهم فی کما أن

إقرأ أيضاً:

59 ضابطاً بالغارات الأمريكية.. مليشيا الحوثي تشيع خامس دفعة من قياداتها الميدانية تضم 14 ضابطاً (أسماء)

أعلنت مليشيا الحوثي، الثلاثاء، تشييع الدفعة الخامسة من قياداتها الميدانية، لليوم الخامس على التوالي، في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها، تضم 14 ضابطاً يحملون رتباً عسكرية متفاوتة.

وقالت المليشيا المدعومة إيرانياً، إن القيادات التي تم تشييعها لقيت مصرعها فيما أسمتها معركتي "النَّفَس الطويل" و"الفتح الموعود والجهاد المقدس"، في اعتراف ضمني بأن القتلى سقطوا في المواجهات مع القوات الحكومية والمشتركة من جهة، والغارات الأمريكية من جهة أخرى.

وتطلق المليشيا أسماء "الفتح الموعود والجهاد المقدس، والفتح المبين والجهاد المقدس" على قتلاها جراء الغارات الأمريكية.

وذكرت وكالة الأنباء اليمنية "سبأ" في نسختها الحوثية، اليوم، أن القتلى هم: العقيد أحمد جابر الرزامي، الرائد زيد حسن حميد الدين، الرائد حسن خالد الشريف، الرائد إبراهيم علي السراجي، الرائد يحيى علي النمس الشريف، الرائد عبدالله علي السراجي، النقيب صقر صالح الدهشاء، الملازم ثاني مصطفى إسماعيل الوظري، الملازم ثاني بشير علي الخبي، الملازم ثاني فؤاد أحمد مقبولي، الملازم ثاني مازن حامد الشميري، المساعد علي عبدالجبار السراجي، المساعد ناصر محمد الجبهة، والجندي سلمان أحمد القرقري.

ومنذ بدء العمليات الجوية الأمريكية في 15 مارس/آذار الجاري، أعلنت المليشيا الحوثية تشييع 59 ضابطاً، بينما بلغ إجمالي عدد القتلى من قياداتها منذ مطلع الشهر ذاته 67 ضابطاً، وسط تكتم شديد على أعداد عناصرها الميدانية، وهو النهج الذي دأبت عليه منذ اندلاع الحرب في عام 2015.

ووفقاً لمصادر رصد، فقد بلغ عدد القيادات التي شُيّعت خلال شهر فبراير الماضي 37 ضابطاً، فيما شيّعت 60 ضابطاً خلال يناير، ليرتفع إجمالي القيادات الصريعة منذ بداية العام إلى 164 ضابطاً.

يأتي ذلك في ظل تشييع مليشيا الحوثي دفعات يومية من قياداتها الميدانية في صنعاء وبقية المناطق الخاضعة لسيطرتها، في استنزاف كبير لمقاتليها بمن فيهم الجنود الذين تقول مصادر عسكرية إن عددهم يقدر بالمئات شهرياً.

مقالات مشابهة

  • بعد دفعة في صنعاء.. مليشيا الحوثي تشيّع دفعة من قياداتها الميدانية في حجة
  • 59 ضابطاً بالغارات الأمريكية.. مليشيا الحوثي تشيع خامس دفعة من قياداتها الميدانية تضم 14 ضابطاً (أسماء)
  • سفارة واشنطن في اليمن تكشف الهدف الرئيسي للضربات الأمريكية على مليشيا الحوثي
  • إيقاف 82 شخصًا في قضايا فساد
  • عاجل ..البارجات الأمريكية تدك بأسلحة مدمرة تحصيات ومخازن أسلحة مليشيا الحوثي بمحافظة صعدة
  • مليشيا الحوثي تستنفر عناصرها بإب تزامناً مع جبايات وتلزم المعوزين بدفع الزكاة
  • 150 ضابطًا منذ بداية العام.. مليشيا الحوثي تشيع دفعة جديدة تضم 7 قيادات ميدانية (أسماء)
  • ضبط كيان تعليمى وهمى ينصب على المواطنين بالقاهرة
  • وزير الخارجية: يجب التركيز على الحلول التي تضمن بقاء السودان موحدا ومستقرا
  • مقتل شاب من قبائل الأشراف برصاص مسلحي مليشيا الحوثي في الجوف