يرى المحلل الأمريكي باتريك إل شميد، أن إدارة رئيس سورينام شاندريكابيرساد سانتوخي يمكن أن تمثل فرصة فريدة لسياسة الولايات المتحدة الإقليمية.

 وخاض سانتوخي حملته الانتخابية على أساس برنامج مكافحة الفساد، ومنذ توليه منصبه، سعي لإحياء مؤسسات إنفاذ القانون التي قوضها سلفه ديزي بوتيرس الذي تولى الرئاسة من عام 2010 إلى عام 2020، وكان ديكتاتوراً عسكرياً من عام 1980 حتى عام 1987، ومهرب مخدرات وقاتل مدان.



وتتضمن التهديدات الإجرامية التي تتعرض لها سورينام الفساد المستشرى على نطاق واسع وتهريب المخدات والأسلحة والبشر. وحتى قواتها الأمنية كانت مخترقة من جانب الجريمة المنظمة في إدارة بوتيرس. واتخذ سانتوخي خطوة خاطئة تمثلت في تعيين زوجته في شركة النفط الوطنية "ستاتسولي"، ولكنه ألغى ذلك القرار وقال "إننا نستجيب للنقد".

وقال باتريك شميد، مدرس السياسات المقارنة في كلية الشؤون العامة التابعة للجامعة الأمريكية ومستشار شركة ستيرن اند مورلي هيلز، والذي يعمل في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي منذ 25 عاماً، إن "الحكومة الأمريكية تشيد بقيادة سانتوخي بشأن مكافحة الفساد، وتعتبر سورينام شريكاً كبيراً في المنطقة".

وأضاف شميد في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، أن هدف وزارة الخارجية الأمريكية يتمثل في تعزيز سورينام الديمقراطية والمستقرة. وقدم المكتب الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون التابع للوزارة تدريباً ومساعدات فنية، ومعدات على نطاق محدود.

ولكن سورينام تحتاج إلى المزيد، فجيشها لديه فقط 3 مروحيات ذات مدى محدود، وخلال زيارته لواشنطن العام الماضي، طالب سانتوخي من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن دعماً لوجستياً وإعادة تأسيس مكتب اتصال إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية في سورينام. وهذا مطلب صغير نظراً لأن تهريب المخدرات هو التهديد الأكبر للشفافية والاستقرار في سورينام، وفقاً للأمم المتحدة.

Suriname is struggling to gain its economic footing under a new, more democratic government. https://t.co/DhxAaGRJzm

— National Interest (@TheNatlInterest) August 18, 2023 تحديات اقتصادية 

كما تلوح في الأفق التحديات الاقتصادية، فقد ورثت إدارة سانتوخي اقتصاداً كارثياً انكمش بنسبة 15% خلال عام 2020، وفقدت العملة 80% من قيمتها. وعجزت سورينام عن سداد دينها الخارجي 3 مرات منذ تفشي جائحة كوفيد -19، وزادت تكاليف الواردات وارتفع التضخم إلى 74% في عام 2021.

وطلبت سورينام المساعدة من صندوق النقد الدولي، ولكنه رفض. وتخلت إدارة بوتيرس عن حزمة إنقاذ لصندوق النقد الدولي في عام 2016 بعد تلقيها الدفعة الأولي بقيمة 81 مليون دولار، ثم لجأت إلى الصين وآخرين لاقتراض قرابة 1.5 مليار دولار، وهذا دين يخنق الاقتصاد الآن.

غير أن صندوق النقد الدولي أعد برنامجاً جديداً في عام 2021، يتطلب أن تقوم سورينام بخفض إنفاقها العام. وقد توقف صندوق النقد عن تقديم القرض في مارس (أذار) عام 2022، مشيراً إلى فشل سورينام في اتخاذ إجراءات معينة، ولكنه استأنف مؤخراً المدفوعات.

وفجرت إجراءات التقشف التي اتخذتها الحكومة بطلب من صندوق النقد الدولي أعمال شغب عنيفة في شهر فبراير(شباط) عام 2023 في العاصمة باراماريبو، بما في ذلك اقتحام البرلمان، وأعادت سورينام هيكلة بعض ديونها الخارجي الضخمة. وتوصلت إلى اتفاقيات مع الدائنين في نادي باريس والهند. غير أن الصين رفضت أن تحذو حذو الآخرين فيما يتعلق بالإعفاء من الديون.

وأقرضت مؤسسات الإقراض الصينية التابعة للدولة سورينام 545 مليون دولار، أي قرابة 17% من دين سورينام الخارجي العام.

التواجد الصيني 

وتملك شركات صينية مساحات كبيرة من الأرض المزروعة بالأشجار والعديد من مناجم الذهب. ووفرت شركة هواوي للاتصالات اللاسلكية كابل ألياف بصرية يربط سورينام بغويانا وترينيداد وتوباغو. وتزرع هواوي وشركات صينية أخرى كاميرات مراقبة مزودة بتقنية التعرف على الوجه في باراماريبو. وتعتقد الولايات المتحدة أن الدول التي تستخدم تكنولوجيا هواوي عرضة للتجسس السيبراني من جانب الصين.

وسورينام في مفترق طرق، حيث تفكر في إيرادات نفطية مستقبلية سوف تغير وضع البلاد، ولكنها تواجه اليوم تحديات شديدة لاقتصادها وديمقراطيتها. والسؤال هو ما الذي يجب على الولايات المتحدة أن تفعله للمساعدة؟ إنها تستطيع عمل الكثير ولكن ما هو بالضبط؟ يتعين على الولايات المتحدة أن تدعم بقوة إدارة سانتوخي في مكافحة تهريب المخدات، ولكن هناك قضية أوسع نطاقاً تتمثل في الانخراط والاستثمار الأمريكي.

ويتزايد تمدد الصين في جميع أنحاء المنطقة. ومنذ عام 2005، استثمرت الصين ما يُقدر بـ10 مليارات دولار في 6 دول كاريبية. ويتعين على أمريكا أن تتصدى لهذا التحدي، ولدى الولايات المتحدة مبادرات لمساعدة منطقة الكاريبي مثل شراكة الأمريكيتين للازدهار الاقتصادي و مبادرة حوض الكاريبي. وللولايات المتحدة وكالات ذات صلة أيضاً: الوكالة الأمريكية للتجارة والتنمية و المؤسسة الأمريكية لتمويل التنمية الدولية.

ورغم هذا العدد الكبير من الموارد، فشلت الولايات المتحدة في حشد رأس المال لتحقيق أهداف سياستها الخارجية بشكل سريع مثل الصين. وتستطيع الصين توفير التمويل بسرعة من مشاريعها المملوكة للدولة، وبنوك التصدير، والشركات الخاصة إلى مشاريع البنية التحتية الكبيرة التي تحقق النفوذ في الكاريبي على نحو يلحق ضرراً بالولايات المتحدة.

منافسة مع واشنطن

ويعتقد البعض في الكونغرس أنه إذا كانت الولايات المتحدة تأمل في المنافسة مع الصين في تمويل مشاريع البنية التحتية، عندئذ يتعين على المؤسسة الأمريكية لتمويل التنمية الدولية أن تتخذ الإجراءات الضرورية في هذه الصدد. وتقوم المؤسسة باستثمارات في الأسهم وتقدم قروضاً لمشاريع في دول نامية، ولكن منتقدين يدفعون بالقول إنها تتحرك ببطء ولا يقوم الأمن القومي بالدور الذي يتعين عليه القيام به.

ويدرك الكونغرس أن الصين هى المصدر الوحيد لتمويل البنية التحتية بالنسبة للكثير من الدول، ولمواجهة ذلك التأثير يتعين على الولايات المتحدة أن تقدم بديلاً فعالاً. وللقيام بذلك، يجب أن تحتل سياسة الأمن القومي أولوية أعلى بالنسبة للمؤسسة الأمريكية لتمويل التنمية الدولية.

والسؤال المطروح هل يمكن أن تزيد أمريكا نفوذها في سورينام والمنطقة بينما تردع نفوذ الصين؟ وربما يفعل الأمريكيون في نهاية المطاف الشيء الصحيح، ولكن سوف يكون ذلك متأخراً جداً؟.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أمريكا الصين الولایات المتحدة أن صندوق النقد الدولی یتعین على

إقرأ أيضاً:

محافظ بورسعيد يترأس مجلس إدارة المنطقة الحرة للإستثمار

ترأس اللواء أركان حرب محب حبشي محافظ بورسعيد، اجتماع مجلس إدارة المنطقة الحرة للإستثمار، وذلك لمتابعة عدد من الموضوعات والمشروعات الصناعية، المتعلقة بسير العمل داخل المنطقة العامة للاستثمار، بحضور المهندس خالد دياب رئيس الإدارة المركزية للمنطقة العامة للإستثمار، المهندس حسام جبر رئيس جمعية مستثمرى المنطقة الحرة العامة ببورسعيد، وعدد من أعضاء المجلس، وذلك بمقر الهيئة العامة للاستثمار.

واستعرض محافظ بورسعيد مع مجلس الإدارة مستجدات سير العمل في عدد من المشروعات الصناعية داخل المنطقة الاستثمارية، لتحقيق النهضة الشاملة في المجال الصناعي، مؤكدا تقديم كافة الدعم والتيسيرات اللازمة لتحقيق أفضل معدلات من الإنتاج والتصدير، داخل المنطقة الحرة للاستثمار التي تساهم في رفع معدلات التصدير مما يساهم في دعم الاقتصاد.

ووجه محافظ بورسعيد بتوفير كافة سبل الراحة للمستثمرين وللعاملين داخل المنشآت الصناعية، والاستمرار في دفع عجلة الإنتاج، وذلك تماشيا مع ما تشهده المحافظة من خطة للتوسع في المجال الصناعي لتصبح بورسعيد مدينة صناعية من الطراز الأول.

مقالات مشابهة

  • مساعدة وزير الخارجية الأمريكية الأمريكي تؤكد دعم واشنطن لمغربية الصحراء
  • الصين:مستعدون للحوار مع الولايات المتحدة لدفع التجارة الثنائية للإمام
  • دبلوماسي أمريكي..الاختراق الصيني لشبكات الاتصالات الأمريكية هو الأسوأ في التاريخ
  • انطلاق معرض "قرار للاستثمار" العقاري في أبو ظبي.. غدا
  • الولايات المتحدة: نهاية الحرب في لبنان قد تكون قريبة
  • المبعوث الأمريكي للسودان: الولايات المتحدة تؤيد إنهاء الحرب والجرائم التي ترتكب في حق الشعب السوداني
  • مندوب الصين بمجلس الأمن: الولايات المتحدة تواصل إمداد إسرائيل بالأسلحة
  • “هدية” يبحث مع المسؤول الاقتصادي بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية تعزيز التعاون بين البلدين
  • الولايات المتحدة تسجب جزرا عضويا من الأسواق.. «تسبب في انتشار بكتيريا قاتلة»
  • محافظ بورسعيد يترأس مجلس إدارة المنطقة الحرة للإستثمار