هل تكون سورينام بديلاً للاستثمار الصيني في ظل التحرك الأمريكي؟
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
يرى المحلل الأمريكي باتريك إل شميد، أن إدارة رئيس سورينام شاندريكابيرساد سانتوخي يمكن أن تمثل فرصة فريدة لسياسة الولايات المتحدة الإقليمية.
وخاض سانتوخي حملته الانتخابية على أساس برنامج مكافحة الفساد، ومنذ توليه منصبه، سعي لإحياء مؤسسات إنفاذ القانون التي قوضها سلفه ديزي بوتيرس الذي تولى الرئاسة من عام 2010 إلى عام 2020، وكان ديكتاتوراً عسكرياً من عام 1980 حتى عام 1987، ومهرب مخدرات وقاتل مدان.
وتتضمن التهديدات الإجرامية التي تتعرض لها سورينام الفساد المستشرى على نطاق واسع وتهريب المخدات والأسلحة والبشر. وحتى قواتها الأمنية كانت مخترقة من جانب الجريمة المنظمة في إدارة بوتيرس. واتخذ سانتوخي خطوة خاطئة تمثلت في تعيين زوجته في شركة النفط الوطنية "ستاتسولي"، ولكنه ألغى ذلك القرار وقال "إننا نستجيب للنقد".
وقال باتريك شميد، مدرس السياسات المقارنة في كلية الشؤون العامة التابعة للجامعة الأمريكية ومستشار شركة ستيرن اند مورلي هيلز، والذي يعمل في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي منذ 25 عاماً، إن "الحكومة الأمريكية تشيد بقيادة سانتوخي بشأن مكافحة الفساد، وتعتبر سورينام شريكاً كبيراً في المنطقة".
وأضاف شميد في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست" الأمريكية، أن هدف وزارة الخارجية الأمريكية يتمثل في تعزيز سورينام الديمقراطية والمستقرة. وقدم المكتب الدولي لمكافحة المخدرات وإنفاذ القانون التابع للوزارة تدريباً ومساعدات فنية، ومعدات على نطاق محدود.
ولكن سورينام تحتاج إلى المزيد، فجيشها لديه فقط 3 مروحيات ذات مدى محدود، وخلال زيارته لواشنطن العام الماضي، طالب سانتوخي من وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن دعماً لوجستياً وإعادة تأسيس مكتب اتصال إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية في سورينام. وهذا مطلب صغير نظراً لأن تهريب المخدرات هو التهديد الأكبر للشفافية والاستقرار في سورينام، وفقاً للأمم المتحدة.
Suriname is struggling to gain its economic footing under a new, more democratic government. https://t.co/DhxAaGRJzm
— National Interest (@TheNatlInterest) August 18, 2023 تحديات اقتصاديةكما تلوح في الأفق التحديات الاقتصادية، فقد ورثت إدارة سانتوخي اقتصاداً كارثياً انكمش بنسبة 15% خلال عام 2020، وفقدت العملة 80% من قيمتها. وعجزت سورينام عن سداد دينها الخارجي 3 مرات منذ تفشي جائحة كوفيد -19، وزادت تكاليف الواردات وارتفع التضخم إلى 74% في عام 2021.
وطلبت سورينام المساعدة من صندوق النقد الدولي، ولكنه رفض. وتخلت إدارة بوتيرس عن حزمة إنقاذ لصندوق النقد الدولي في عام 2016 بعد تلقيها الدفعة الأولي بقيمة 81 مليون دولار، ثم لجأت إلى الصين وآخرين لاقتراض قرابة 1.5 مليار دولار، وهذا دين يخنق الاقتصاد الآن.
غير أن صندوق النقد الدولي أعد برنامجاً جديداً في عام 2021، يتطلب أن تقوم سورينام بخفض إنفاقها العام. وقد توقف صندوق النقد عن تقديم القرض في مارس (أذار) عام 2022، مشيراً إلى فشل سورينام في اتخاذ إجراءات معينة، ولكنه استأنف مؤخراً المدفوعات.
وفجرت إجراءات التقشف التي اتخذتها الحكومة بطلب من صندوق النقد الدولي أعمال شغب عنيفة في شهر فبراير(شباط) عام 2023 في العاصمة باراماريبو، بما في ذلك اقتحام البرلمان، وأعادت سورينام هيكلة بعض ديونها الخارجي الضخمة. وتوصلت إلى اتفاقيات مع الدائنين في نادي باريس والهند. غير أن الصين رفضت أن تحذو حذو الآخرين فيما يتعلق بالإعفاء من الديون.
وأقرضت مؤسسات الإقراض الصينية التابعة للدولة سورينام 545 مليون دولار، أي قرابة 17% من دين سورينام الخارجي العام.
التواجد الصينيوتملك شركات صينية مساحات كبيرة من الأرض المزروعة بالأشجار والعديد من مناجم الذهب. ووفرت شركة هواوي للاتصالات اللاسلكية كابل ألياف بصرية يربط سورينام بغويانا وترينيداد وتوباغو. وتزرع هواوي وشركات صينية أخرى كاميرات مراقبة مزودة بتقنية التعرف على الوجه في باراماريبو. وتعتقد الولايات المتحدة أن الدول التي تستخدم تكنولوجيا هواوي عرضة للتجسس السيبراني من جانب الصين.
وسورينام في مفترق طرق، حيث تفكر في إيرادات نفطية مستقبلية سوف تغير وضع البلاد، ولكنها تواجه اليوم تحديات شديدة لاقتصادها وديمقراطيتها. والسؤال هو ما الذي يجب على الولايات المتحدة أن تفعله للمساعدة؟ إنها تستطيع عمل الكثير ولكن ما هو بالضبط؟ يتعين على الولايات المتحدة أن تدعم بقوة إدارة سانتوخي في مكافحة تهريب المخدات، ولكن هناك قضية أوسع نطاقاً تتمثل في الانخراط والاستثمار الأمريكي.
ويتزايد تمدد الصين في جميع أنحاء المنطقة. ومنذ عام 2005، استثمرت الصين ما يُقدر بـ10 مليارات دولار في 6 دول كاريبية. ويتعين على أمريكا أن تتصدى لهذا التحدي، ولدى الولايات المتحدة مبادرات لمساعدة منطقة الكاريبي مثل شراكة الأمريكيتين للازدهار الاقتصادي و مبادرة حوض الكاريبي. وللولايات المتحدة وكالات ذات صلة أيضاً: الوكالة الأمريكية للتجارة والتنمية و المؤسسة الأمريكية لتمويل التنمية الدولية.
ورغم هذا العدد الكبير من الموارد، فشلت الولايات المتحدة في حشد رأس المال لتحقيق أهداف سياستها الخارجية بشكل سريع مثل الصين. وتستطيع الصين توفير التمويل بسرعة من مشاريعها المملوكة للدولة، وبنوك التصدير، والشركات الخاصة إلى مشاريع البنية التحتية الكبيرة التي تحقق النفوذ في الكاريبي على نحو يلحق ضرراً بالولايات المتحدة.
منافسة مع واشنطنويعتقد البعض في الكونغرس أنه إذا كانت الولايات المتحدة تأمل في المنافسة مع الصين في تمويل مشاريع البنية التحتية، عندئذ يتعين على المؤسسة الأمريكية لتمويل التنمية الدولية أن تتخذ الإجراءات الضرورية في هذه الصدد. وتقوم المؤسسة باستثمارات في الأسهم وتقدم قروضاً لمشاريع في دول نامية، ولكن منتقدين يدفعون بالقول إنها تتحرك ببطء ولا يقوم الأمن القومي بالدور الذي يتعين عليه القيام به.
ويدرك الكونغرس أن الصين هى المصدر الوحيد لتمويل البنية التحتية بالنسبة للكثير من الدول، ولمواجهة ذلك التأثير يتعين على الولايات المتحدة أن تقدم بديلاً فعالاً. وللقيام بذلك، يجب أن تحتل سياسة الأمن القومي أولوية أعلى بالنسبة للمؤسسة الأمريكية لتمويل التنمية الدولية.
والسؤال المطروح هل يمكن أن تزيد أمريكا نفوذها في سورينام والمنطقة بينما تردع نفوذ الصين؟ وربما يفعل الأمريكيون في نهاية المطاف الشيء الصحيح، ولكن سوف يكون ذلك متأخراً جداً؟.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أمريكا الصين الولایات المتحدة أن صندوق النقد الدولی یتعین على
إقرأ أيضاً:
ترمب يؤكد أنه تحدث مع الرئيس الصيني.. وبكين تعفي واردات أمريكية من الرسوم
المناطق_متابعات
أكد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، الجمعة، أنه تحدث مع نظيره الصيني شي جين بينج عدة مرات، لكنه لم يذكر متى تحدثا آخر مرة أو الموضوعات التي ناقشاها، فيما أعفت الصين بعض الواردات الأمريكية من رسومها الجمركية المرتفعة في إشارة إلى أن الحرب التجارية بين البلدين ربما تهدأ.
ورداً على سؤال عما إذا كان قد تحدث مع نظيره الصيني بعد إقرار خطته للرسوم الجمركية، قال ترمب للصحافيين: “لا أريد التعليق على ذلك، لكنني تحدثت إليه مرات عديدة”.
أخبار قد تهمك البيت الأبيض يكشف رسالة ترمب للكونغرس بخصوص الحملة العسكرية ضد الحوثيين 23 أبريل 2025 - 11:32 مساءً تقرير: عرض ترمب «النهائي» للسلام يتطلب من أوكرانيا قبول الاحتلال الروسي 23 أبريل 2025 - 7:44 مساءًوأدلى ترمب بهذه التعليقات بعد وقت قصير من نشر مجلة “تايم” مقابلة أجرتها معه، قائلاً إن الرئيس الصيني اتصل به، كما أشار إلى أن إدارته تجري محادثات مع بكين لإبرام اتفاق بشأن الرسوم الجمركية.
ورداً على طلب توضيح هذا التعليق، ذكر ترمب أنه سيدلي بالمزيد من التفاصيل “في الوقت المناسب”، مضيفاً للصحافيين لدى مغادرته البيت الأبيض لحضور جنازة البابا فرنسيس، السبت، إن إدارته “قريبة جداً من إبرام اتفاق بشأن الرسوم الجمركية مع اليابان. وأن الاتفاقات التجارية تسير على ما يرام”.
ونفت الصين مجدداً، الجمعة، وجود أي محادثات تجارية مع الولايات المتحدة، فيما نقلت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية عن مصادر مطلعة على الوضع في واشنطن وبكين قولهم، إن “شي لم يتصل بترمب”.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، تحدث ترمب مراراً عن إجراء اتصالات مع الصين، كما ذكر في مارس الماضي، أن شي يخطط لزيارة الولايات المتحدة، لكن مصادر مطلعة قالت للصحيفة، إنه “لم تكن هناك محادثات بين واشنطن وبكين بشأن عقد قمة”.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، الجمعة، إنه “لا توجد أي مشاورات أو مفاوضات بين الصين والولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية”، داعياً واشنطن لـ”التوقف عن إثارة البلبلة”.
وأكد المسؤولون الصينيون على أن “أي مفاوضات تجارية مستقبلية يجب أن تُعقد على الصعيد العملي، وعلى البلدين التوصل إلى اتفاق مبدئي قبل أن توافق بكين على ترتيب مكالمة هاتفية أو اجتماع مع شي”، بحسب ما نقلته “فاينانشال تايمز”.
وبالتزامن مع هذا أعفت الصين بعض الواردات الأمريكية من رسومها الجمركية المرتفعة، الجمعة، في إشارة إلى أن الحرب التجارية بين البلدين ربما تهدأ.
وقالت تكتلات تجارية، إن الصين سمحت باستيراد بعض الأدوية المصنعة في الولايات المتحدة دون دفع الرسوم الجمركية البالغة 125% التي فرضتها بكين هذا الشهر رداً على الرسوم الأمريكية البالغة 145% على السلع القادمة من الدولة الآسيوية.
ويجري تداول قائمة تضم 131 فئة من المنتجات المؤهلة للإعفاءات بين بعض الشركات والتكتلات التجارية. ولم تتمكن “رويترز” من التحقق من القائمة التي تنوعت سلعها بين اللقاحات والمواد الكيميائية ومحركات الطائرات، كما لم تُصدر الصين بياناً حتى الآن بخصوص هذه الإعفاءات.
وأشارت إدارة ترمب في الأيام القليلة الماضية إلى أنها تتطلع إلى تهدئة التوتر بين أكبر اقتصادين في العالم. وإلى جانب الرسوم الجمركية المرتفعة على الصين، أعلن ترمب فرض رسوم على عشرات الدول الأخرى، والتي قرر بعد ذلك تعليق تطبيقها حتى التاسع من يوليو المقبل.
ودفع ذلك شركاء الولايات المتحدة التجاريين إلى الإسراع نحو إبرام صفقات تجارية مع واشنطن قبل الموعد النهائي، وهي مهمة شاقة نظراً لأن التفاوض على الصفقات التجارية في السابق كان عادة يستغرق سنوات.
وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض، إنه قريب للغاية من إبرام اتفاق مع اليابان. ويرى محللون أن ذلك يعد “اختباراً” لاتفاقيات تجارية ثنائية أخرى، لكن المحادثات قد تكون صعبة.
ويتوقع بعض المحللين، أن يُعلن رئيس الوزراء الياباني شيجيرو إيشيبا وترمب عن اتفاق خلال مشاركتهما في قمة مجموعة السبع بكندا خلال يونيو المقبل.
وذكر ترمب لمجلة “تايم”، أن 200 صفقة سيتم إنجازها في غضون 3 إلى 4 أسابيع دون تقديم تفاصيل، لافتاً إلى أن بقاء الرسوم الجمركية في نطاق بين 20% و50% بعد عام من الآن سيكون بمثابة “نصر تام”.
وأعلن مكتب الممثل التجاري الأمريكي، أنه عقد اجتماعاً مثمراً مع كوريا الجنوبية، في وقت سابق الجمعة.
ويقول الرئيس الأمريكي، إن الرسوم الجمركية التي فرضها ستُنعش قطاع الصناعات التحويلية في الولايات المتحدة والذي تأثر سلباً جراء المنافسة العالمية. ومع ذلك، يُحذر اقتصاديون على نطاق واسع من أنها ستؤدي لارتفاع الأسعار على المستهلكين الأمريكيين، وتزيد من خطر حدوث ركود.
وإلى جانب الرسوم الجمركية الخاصة بكل دولة على حده، فرض ترمب أيضاً رسوماً شاملة بواقع 10% على جميع الواردات الأخرى، ورسوماً أعلى على الصلب والألمنيوم والسيارات. وأعلن أيضاً فرض رسوم جمركية إضافية على الصناعات الدوائية وأشباه الموصلات.