يطوي اليمنيون عقد كامل من عمر الحرب في البلاد ويدخلون عام جديد في ظل مخاوف من استمرار تدهور الوضع الإنساني وسط تراجع المساعدات الدولية، وعدم وضوح خطط وبرامج الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، وفي ظل تحذيرات من زيادة أعداد المحتاجين، وتوقعات بتردي الواقع المعيشي وعدم جدوى خطط التمويل والإغاثة.

 

وبعد مرور قرابة أسبوعين من العام الجديد، لم تقدم الأمم المتحدة ووكالاتها خطتها للاستجابة الإنسانية في اليمن، واكتفت بعقد ورش تشاورية حول استراتيجية الخطة المتوقعة، مع الجهات الحكومية وقيادات المحافظات والوكالات الأممية والدولية والمجتمع المدني، لتقييم الاحتياجات في التعليم، والصحة، والزراعة، والثروة السمكية، والمياه والصرف الصحي، والنظافة، والأمن الغذائي، والمأوى، وأعداد المحتاجين، والمناطق الأكثر احتياجاً.

 

واستعرضت الورش، المشاورات الفنية على مستوى القطاعات والكتل الإنسانية، واستمع ممثلو الأمم المتحدة خلالها إلى الملاحظات والتعقيبات المطروحة من القطاعات الحكومية حول أولوية البرامج للاستجابة الإنسانية للعام الحالي، وناقشت أبرز ما جاء في مسودة خطة الاحتياجات والاستجابة الإنسانية، التي يعدها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.

 

وكشفت مصادر عن أن الأمم المتحدة تفتقر، حتى اللحظة، للمعلومات والبيانات الكافية حول تطورات الوضع الإنساني في اليمن، وتسعى من خلال هذه الأنشطة واللقاءات إلى الحصول على تقييم شامل، والخروج بتصور كافٍ لمواصلة العمل على مسودة خطة الاستجابة الإنسانية، التي يبدو أن ثمة مساعي لتكييف غالبية الدعم المنتظر عبرها لصالح إغاثة النازحين، بحسب المصادر.

 

ويواجه أكثر من 4 ملايين نازح يمني صعوبات كبيرة في توفير الغذاء الكافي، والحصول على المأوى المناسب، مع ندرة فرص عودة غالبيتهم إلى مواطنهم الأصلية، رغم توقف المعارك العسكرية.

 

خطوات غير مبشرة

 

ويبدو أن إجراءات وأنشطة الأمم المتحدة وطرق جمعها للمعلومات والبيانات ووكالاتها العاملة في اليمن لا تبشر بإمكانية إعداد خطة استجابة إنسانية قادرة وكافية للتعامل مع الوضع الإنساني المتفاقم، وتوفير الاحتياجات الزائدة لليمنيين في ظل التدهور المعيشي المستمر، وتراجع العملة المحلية.

 

ويرى جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن المبالغ التي يمكن أن توفرها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، لن تكفي لرفع المعاناة عن ملايين اليمنيين الذين يعيشون أوضاعاً معقدة، وذلك بسبب عدم تغير آلية العمل الإغاثي السابقة، التي لم تكن ذات جدوى، ولم تحقق أي تغيير في واقع المعاناة التي عاشها هؤلاء منذ بدء الحرب.

 

وقال بلفقيه «ما زالت المنظمات والوكالات الأممية تعمل وتدير أنشطتها من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وبنسبة تفوق 85 في المائة، في حين تعمل في مناطق سيطرة الحكومة في ظل نقص واضح في المعلومات والبيانات، ودون مرور الأموال التي تقدمها للمساعدة عبر البنك المركزي، ما يحدّ من إمكانية أن تسهم في تحسين الاقتصاد اليمني، والأوضاع المعيشية لكل السكان».

 

وطالب المسؤول الإغاثي  بتعديل وتغيير طرق ووسائل أنشطة الإغاثة في اليمن لتلبية احتياجات السكان والمتضررين من الأزمة الإنسانية، مشيراً إلى التناقض الكبير بين الأرقام والبيانات الأممية التي تكشف عن كم هائل من الاحتياجات الإنسانية، وما يجري تقديمه من مبالغ لا تفي بأغراض الإغاثة، وتوفير الأمن الغذائي والصحي، إلى جانب عدم جدوى كيفية توزيع وإيصال تلك المساعدات إلى المستحقين.

 

وكان «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا)» حذر أواخر العام الماضي، من تدهور زائد للوضع الإنساني في اليمن، مع استمرار الصراع المسلح، وعدم التوصل إلى تسوية سياسية.

 

في السياق نفسه، يشير الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار إلى أن الوضع المعيشي في اليمن يواجه كثيراً من التحديات خلال العام الحالي، ويرتبط بشكل مباشر بمؤشرات اقتصادية وإنسانية تعكس عمق الأزمتين السياسية والاقتصادية، حيث يعاني ميزان المدفوعات من عجز يقدر بـ 4.4 مليار دولار في العام الماضي مقارنة بـ2.3 مليار دولار في عام 2022، بحسب التقارير الرسمية، وهو ما يعني عجز الاقتصاد عن تغطية فاتورة الاستيراد.

 

توقع أوضاع مزرية

 

وتتحدث الأمم المتحدة عن نحو 18 مليون شخص، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، مع توقعات بارتفاع هذا العدد إلى 19 مليون شخص خلال العام الحالي، ومزيد من التدهور في البنية التحتية المدنية والإنسانية.

 

وبحسب حديث النجار، تسبب العجز في ميزان المدفوعات في تدهور متسارع للعملة اليمنية (الريال) أمام العملات الأجنبية، ووصولها إلى أرقام غير مسبوقة، لافتاً إلى أن استمرار توقف صادرات النفط بسبب الممارسات الحوثية حرمت البلد مما يعادل ملياراً و600 مليون دولار سنوياً، إلى جانب انخفاض الإيرادات الجمركية والضريبية.

 

ولا يتوقع النجار حدوث تحسن اقتصادي خلال العام الحالي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها وغطرستها، ودون دعم دولي قوي لمساندة اليمن في تجاوز هذا الوضع، بالترافق مع سياسات داخلية أفضل تركز على استغلال الموارد المحلية، وتحسن من كفاءة تحصيل الإيرادات، وتنمي الإيرادات غير النفطية، خصوصاً في قطاعات الزراعة وصيد الأسماك التي تشكل قرابة 30 في المائة من القوى العاملة في البلاد.

 

وكان المكتب الأممي لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن (أوتشا) لفت سابقاً إلى أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025، ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي وكذلك الاقتصادي.

 

ويحتل اليمن المرتبة الثانية عالمياً من حيث عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، والمرتبة الثانية من حيث عدد الأشخاص غير القادرين على الوصول إلى الخدمات الصحية، والمرتبة الثالثة من حيث عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي. كما ذكرت منظمة الصحة العالمية، من جهتها، أن اليمن سجل 35 في المائة من حالات الكوليرا عالمياً، و18 في المائة من الوفيات المبلغ عنها بسبب الوباء على مستوى العالم.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن حرب الازمة اليمنية اقتصاد الوضع الإنسانی الأمم المتحدة فی المائة فی الیمن

إقرأ أيضاً:

فرنسا تشدد على ضرورة انسحاب إسرائيل بشكل كامل من جنوب لبنان

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

شددت فرنسا على ضرورة انسحاب الجيش الإسرائيلي بشكل كامل من جنوب لبنان في أقرب وقت ممكن، وفقا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه بين لبنان وإسرائيل.

وذكر المتحدث باسم الخارجية الفرنسية - في بيان نشر مساء الثلاثاء - أن فرنسا أحاطت علما باستمرار انسحاب قوات الدفاع الإسرائيلية من جنوب لبنان، معتبرة هذه الخطوة مهمة في تنفيذ الالتزامات التي تم التعهد بها في إطار اتفاق وقف الأعمال العدائية المبرم في 26 نوفمبر 2024 بين لبنان وإسرائيل.

وأفاد المتحدث بأن فرنسا أحاطت علما بأن جيش الدفاع الإسرائيلي ما زال موجودا في خمسة مواقع على الأراضي اللبنانية، لافتا إلى أن فرنسا تذكر بضرورة الانسحاب الكامل للجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية، في أقرب وقت ممكن، وفقا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار.

ووفقا للبيان دعت فرنسا جميع الأطراف إلى تبني اقتراحها وهو انتشار جنود من قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، بمن فيهم جنود فرنسيون، في هذه المواقع الخمسة في المنطقة المجاورة مباشرة للخط الأزرق لتحل محل القوات المسلحة الإسرائيلية وضمان أمن السكان هناك.

وإلى جانب الولايات المتحدة في إطار آلية مراقبة وقف إطلاق النار، ستواصل فرنسا الاضطلاع بجميع المهام المحددة في الاتفاق المبرم في 26 نوفمبر 2024.

كما ترحب فرنسا بإعادة انتشار القوات المسلحة اللبنانية، بالتنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) وآلية مراقبة وقف إطلاق النار، بالمواقع التي تركها الجيش الإسرائيلي.

مقالات مشابهة

  • فرنسا تشدد على ضرورة انسحاب إسرائيل بشكل كامل من جنوب لبنان
  • الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: المباني في جباليا وبيت حنون مدمرة بالكامل
  • الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية: النازحون العائدون إلى شمال غزة شهدوا ركام منازلهم وعاشوا فى صدمة
  • متحدثة الأمم المتحدة للشئون الإنسانية: الوضع في غزة كارثي
  • الأمم المتحدة وشركاؤها يواصلون تقديم المساعدات الإنسانية الحيوية في غزة والضفة الغربية
  • نائب المتحدث باسم الأمين العام للمنظمة لـ «الاتحاد»: الأمم المتحدة قلقة من تصاعد العنف بالضفة الغربية
  • وزيرة التضامن تلتقي وفد الأمم المتحدة لبحث الأوضاع الإنسانية في غزة والسودان
  • السلطة المحلية بصعدة تدين تسييس الأمم المتحدة للعمل الإنساني وتجميد المساعدات
  • الحوثيون يتهمون الأمم المتحدة بـ”تسييس” العمل الإنساني
  • السلطة المحلية بصعدة: تعليق المساعدات الإنسانية بمثابة عقاب جماعي للشعب اليمني