هذه هي طبيعة الحرب، ولا ينبغي أن نتفاجأ بشناعة الانتهاكات التي وقعت في الجزيرة بعد دخولها من قبل الجيش والمستنفِرين وكتائب البراء والقوات المشتركة. فالحرب ليست مناسبة لتوزيع الزهور أو المثلجات، بل هي رصاص يتساقط، وأزيز طائرات تحوم ، و أصوات مدافع وقنابل تتساقط.
الحرب تحمل رائحة الموت التي تنتشر في كل مكان، وتترك خلفها جثثًا ملقاة على جوانب الطرق.

هي القتل بدافع الانتقام والتشفي، والاغتصاب، والنهب، والسلب، واستغلال الضعفاء والعزل.
لا أخلاق في الحرب، فالرصاصة التي تخرج من فوهة البندقية لا يمكن لأحد إيقافها أو توجيهها، ولا يعرف أحد إلى أي جسد ستستقر. الحرب فتنة، والفتنة نائمة، فليُلعن من يوقظها.
لقد أظهر الانتصار أن السودانيين يتشابهون في كل شيء، فلا يوجد فرق بين الدعم السريع والجيش، فكلاهما يمارس القتل ويبرر أفعاله بطريقته الخاصة. لكن الحقيقة التي لا يمكن إنكارها هي أن العديد من الأرواح تسقط في المعارك، وتُفقد الكثير من الأجساد.
عندما كنا نتحدث عن بشاعة هذه الحرب، وأنها وحش يجب عدم إيقاظه لأننا لن نستطيع السيطرة عليه إذا استيقظ، اعتقد الكثيرون أن موقفنا كان ناتجًا عن نكاية في الجيش.
كلا الطرفين بشر يخضعون لنفس القوانين الإنسانية من انتقام وأنانية ورغبة في القتل والإفراط فيه.
فالقتل يجرّ القتل،
والكراهية تثير الكراهية،
والتشفي يؤدي إلى المزيد من التشفي.
فقط الدين هو الوحيد القادر على كبح جماح النفس البشرية، وللأسف، لا يتمتع الطرفان بقدر كبير منه، كما يتضح من الانتهاكات التي ارتكبها أفراد الدعم السريع، وكذلك الانتهاكات التي قامت بها الكتائب المتحالفة مع الجيش. ويمكن أن نضيف شهادة عبدالحي يوسف إذا كانت تعني شيئًا لبعض الناس.
يجب أن ندرك أن وجود أي كيان خارج إطار مؤسسات الدولة الأمنية المنضبطة أو القوات المسلحة يمكن أن يكون له تأثير مدمر على الأمن القومي في السودان.ان ما قام به الدعم السريع في غرب السودان في السابق، تكرر أمام أعيننا في الجزيرة، حيث كنا نشاهد الأحداث . كما أن ما قامت به الكتائب المناصرة للجيش بعد دخول مدني لا يختلف عما فعله الدعم السريع، وما ستقوم به القوات المشتركة في دارفور ضد القبائل العربية في المستقبل لن يكون أقل من الأفعال السابقة لطرفي الحرب .
إنها حلقة متسارعة من الأحداث التي ستستمر في التفاقم ما لم نعمل على كسر هذه السلسلة وإيقاف النار المشتعلة من خلال فصل عناصر مثلث الحريق: الإسلاميين، المليشيات، والجيش عن بعضها البعض.
ما حدث في الجزيرة يثبت للجميع أن وجود أي مجموعات مسلحة خارج إطار القوات المسلحة المنضبطة، بغض النظر عن ولائها أو خلفيتها العقائدية، هو بمثابة مشروع للفوضى الأمنية والقتل خارج إطار القانون، ولا يمكن التنبؤ بتصرفاتها. لذا، عندما رفضنا تسليح الناس وتشكيل المقاومة الشعبية، كنا ندرك تمامًا المخاطر المرتبطة بتلك الخطوة، وكنا نستشرف بعقولنا ما قد تؤول إليه الأمور، وقد رأينا بعضًا من ذلك بعد تحرير مدني.
و لقد أسمعت اذ ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي.

yousufeissa79@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الدعم السریع

إقرأ أيضاً:

حميدتي أكد أن أهالي قتلى الدعم السريع يعانون من التجاهل والنسيان

حميدتي أكد أن أهالي قتلى الدعم السريع يعانون من التجاهل والنسيان، وأن خطابه ليس إلا محاولة لتصبيرهم بانتظار “كرتونة رمضان” وفتات من آل دقلو المنعّمين.
#السودان

حسبو البيلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • رائحة الموت تنبعث من أحد أحياء الخرطوم على وقْع المعارك بين الجيش و«الدعم السريع»
  • بالمنطق .. صلاح الدين عووضه..أيام الحرب!!…
  • غرفة طوارئ البراري: مقتل 18 مدنياً في أحياء «بري» برصاص الدعم السريع
  • حميدتي أكد أن أهالي قتلى الدعم السريع يعانون من التجاهل والنسيان
  • عون: لا يمكن أن تعود الحياة الطبيعية إلى المناطق المتضررة من الحرب دون تطبيق القرارات الدولية
  • فيما ورد خبر من هيئة البث الإسرائيلية ذو صلة بالانفجارات … هذه هي المناطق التي استهدفها الطيران في العاصمة صنعاء ” صور ” 
  • بالمنطق.. صلاح الدين عووضه : عجائب!!…
  • مقتل (30) عنصرا من مليشيا الدعم السريع بالمحور الشرقي لمدينة الفاشر
  • البلابسة- حماة الوطن من خلف الشاشات!
  • عقار.. التفاوض مع الدعم السريع صعب لأن قيادتها ليست موحدة بجانب الأعداد الكبيرة من “المرتزقة” التي تقاتل في صفوفها