موقع 24:
2025-02-19@07:49:37 GMT

لبنان ما بعد «المقاومة»

تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT

لبنان ما بعد «المقاومة»

استولت مفردة «المقاومة» على الخطاب السياسي اللبناني لعقود طويلة، وزادت استفحالاً منذ انسحاب إسرائيل من لبنان عام 2000. وما غيابها اللافت عن خطاب القَسَم الذي أداه الرئيس المنتخب جوزيف عون، إلا إيذاناً بالتبدل العميق الطارئ على علاقات الهيمنة التي حكمت ميزان القوة في لبنان.
يعلن غياب هذه «المفردة - الطوطم» عن انتهاء حقبة تحكَّم فيها تغول الميليشيا على الدولة والمجتمع.

قبلها خبر اللبنانيون اندثار عبارة «وحدة المسار والمصير» من الخطاب السياسي، وهي الأخرى تميمة سياسية فرضها النظام السوري الساقط لتثبيت هيمنته غير الشرعية على لبنان.
فاللغة، في سياق العلاقات السياسية، أداة مركزية لصياغة السلطة وترسيخ الهيمنة، وهو ما تدركه، بوعي حاد، الآيديولوجياتُ المغلقة، التي تتحكم في المفردات والمفاهيم بغية التحكم في الواقع نفسه. عبر مفردات محددة أو عبارات مقتضبة في الغالب، تهيمن سلطة ما على القاموسَيْن السياسي والاجتماعي؛ لإعادة تشكيل الوعي الذي به يُفهم العالم وتُفهم علاقاته، أياً يكن زيف هذا الواقع المفروض.
مَن يسيطر على الكلمات يسيطر على السردية، مما يجعل من عملية تفكيك الشعارات والكلمات التي تستخدمها الآيديولوجيات المغلقة عمليةَ تحريرٍ للوعي، وتبديدٍ للهيمنة، وإعادةِ تشكيل لعلاقات القوة في لحظة سياسية ما. وبالتالي، ما كان لهذا المنحى السياسي، الذي انطوى عليه خطاب القَسَم الرئاسي، أن يصير واقعاً من دون التحولات الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ عملية «طوفان الأقصى» في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وما تلاها من حرب غير مسبوقة على غزة ولبنان، أدت إلى تحطيم «حماس» و«حزب الله»، ومهدت لسقوط نظام الأسد في سوريا وخروج إيران منها ومن عموم المشرق!
يدرك «حزب الله» أن الضربة التي تلقاها ليست مجرد هزيمة عسكرية أو سياسية، بل نقطة تحول في مسيرته أفقدته ما تبقى له من شرعية في الداخل اللبناني، وأعجزته عن تبرير وجوده المسلح.
فشلُ ما تسمى «المقاومة» في حماية لبنان لم يكن مفاجئاً لمن شككوا منذ البداية في هذا الادعاء، لكنه أصبح اليوم حقيقة مكشوفة حتى أمام بيئة «حزب الله» نفسها. هذه البيئة، التي تحملت أفدح الخسائر بسبب ارتباطات «الحزب» الإقليمية وحروبه بالوكالة، تجد نفسها الآن في مواجهة مباشرة مع الميليشيا التي زعمت حمايتها، بعد أن أدركت أن تكلفة الولاء لها تتجاوز المكاسب الموعودة، وأنها، في الواقع، أولى ضحايا المشروع الذي يدّعي تمثيلها.
أتاحت هذه الأحداث الإقليمية التاريخية واللبنانية غير المسبوقة الفرصة لخطاب لبناني شبه مكتوم، لطالما كان يمثل رغبة شعبية عميقة قمعتها الهيمنة السياسية والآيديولوجية لـ«حزب الله»، أن يتحول إلى خطاب عام ورسمي تحت قبة البرلمان. فما عبّر عنه الرئيس جوزيف عون، هو في جوهره صوت اللبنانيين الذين ضاقوا ذرعاً بالشعارات الزائفة وأعباء المقاومة المزعومة. هذا ما جعل من انتخابه أكثر من مجرد حدث سياسي، بل استجابة لحاجة لبنانية ملحّة إلى قيادة قادرة على إعادة بناء المؤسسات، واستعادة الثقة الداخلية والخارجية، وإخراج لبنان من أزمته الوجودية.
ثمة قناعة لبنانية عارمة بأن لبنان أمام فرصة حقيقية للتعافي؛ إنْ كان لجهة إعادة إعمار ما هدمته الحرب الأخيرة، أو استعادة كفاءة الإدارة والقضاء، أو خفض الاستقطاب المذهبي الذي غذّاه «حزب الله» بالتحالف مع «الحالة السياسية المرضية» التي مثلها التيار العوني، أو، وهذا الأهم، تطبيق القرارات الدولية المتعلقة بنزع سلاح الميليشيات واستعادة لبنان موقعه في المنطقة، بعيداً من التخندق الإقليمي.
بيد أن التحديات التي تواجه عهد جوزيف عون هائلة ومعقدة. أول هذه التحديات هو استكمال تفكيك البنية العسكرية لـ«حزب الله»، تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وحسم انتقال لبنان دون مواربة إلى عصر جديد هو عصر «الشرق الأوسط منزوع الميليشيات».
ثانياً: إعادة بناء الثقة الشعبية والإقليمية والدولية بمؤسسات الدولة التي تعرضت للتآكل نتيجة سنوات من الفساد والهيمنة الطائفية. يمهد هذا البند لتفكيك بنية العصابة التي نهبت البلاد، ويفتح الباب أمام المعالجات الجادة للأزمة الاقتصادية والمالية بدعم إقليمي ودولي، ويضمن استكمال الانسحاب الإسرائيلي التام من لبنان والاستعادة الكاملة لسيادته.
ثالثاً: إعادة ترتيب الواقع السياسي الداخلي في لبنان لإجراء انتخابات نيابية عام 2026، يؤمل أن تعكس التوازن السياسي الجديد في البلاد من دون أي إقصاء أو غلبة تمهد لإحياء التوترات الأهلية وتآكل سنوات الرئاسة.
مرة أخرى، أعلن انتخاب جوزيف عون رئيساً للبنان بشكل واضح عن دخول البلاد في مرحلة جديدة، وترجم داخل مؤسسات النظام السياسي، بقوة الضغط الإقليمي والدولي، رفضاً شعبياً وسياسياً لكل ما يمثله «حزب الله».
هي فرصة غير مسبوقة للتحرر من الإرث الذي أرهق لبنان لعقود، منذ «اتفاق القاهرة 1969» الذي شرع البلاد أمام سلاح منظمة التحرير الفلسطينية، وصولاً إلى حرب الإسناد التي أعلنها «حزب الله» منفرداً في 8 أكتوبر 2023. وهي بداية جديدة تُمهّد الطريق لإعادة بناء دولة سيادية ديمقراطية حديثة، تخرج من «شرق أوسط الدمار والحروب» إلى «شرق أوسط الاقتصاد والتنمية والتكامل والسلام».

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: سقوط الأسد الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية إسرائيل وحزب الله جوزیف عون حزب الله

إقرأ أيضاً:

تعرف على محمد شاهين القائد القسامي الذي اغتالته إسرائيل في لبنان

محمد شاهين مسؤول عسكري في فرع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في لبنان، كان مسؤولا عن توجيه عمليات الضفة الغربية، حسب وسائل إعلام إسرائيلية، وعرف عنه قربه من القيادي في الحركة صالح العاروري، الذي كان نائب رئيس مكتبها السياسي منذ عام 2017، واغتالته إسرائيل بداية 2024.

وتقول وسائل إعلام إسرائيلية إن شاهين كان يدير عملية التنسيق والاتصال مع حزب الله اللبناني وإنه "كان جزءا من التخطيط لعمليات فدائية في الضفة الغربية مع العاروري وزكي شاهين".

وذكرت صحيفة يديعوت أحرنوت أنه كان يرأس "قسم عمليات حماس في لبنان"، الذي يخطط للهجمات ضد أهداف إسرائيلية في الخارج.

محمد شاهين (الثالث يسار) مع قيادات من حركة حماس (مواقع التواصل الاجتماعي)

ولد محمد شاهين -الملقب بأبو عماد- في مخيم البقعة في قطاع غزة لعائلة فلسطينية لجأت من قرية الفالوجة الفلسطينية المحتلة، وهو يحمل الجنسية الأردنية.

وأوردت شبكة القدس الإخبارية أن أخاه حمزة اغتيل قبله بسنوات في انفجار استهدف مخيم البرج الشمالي جنوبي لبنان.

الاغتيال

اغتيل شاهين بطائرة مسيرة إسرائيلية ظهر يوم الاثنين 17 فبراير/شباط 2025، في مدينة صيدا جنوب لبنان، وذلك عشية انتهاء المهلة المحددة لانسحاب القوات الإسرائيلية من الجنوب يوم 18 من الشهر نفسه.

إعلان

وذكرت هيئة البث الإسرائيلية أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خرج من جلسة محاكمته مدة عشرين دقيقة للمصادقة على عملية الاغتيال.

كما قالت رئاسة الوزراء إن نتنياهو أوقف شهادته في المحكمة بهدف عقد مشاورة أمنية عاجلة مع وزير الدفاع يسرائيل كاتس.

مقالات مشابهة

  • دعاء قضاء الحاجة الذي لا يُرد .. يقضي الأمور المستحيلة
  • شاهد | لبنان أمام اختبار الأمر الواقع.. العدو يعلن بقائه في 5 مواقع حاكمة
  • “حريات العمل الإسلامي” تطالب بوقف نهج الاعتقال السياسي وعلى خلفية قضايا دعم المقاومة
  • عون أكد أمام لازارو ادانته للاعتداء الذي تعرض له اليونيفيل: : الامن خط احمر
  • القوات: انتهى الزمن الذي كانت إيران تعتبر فيه بيروت إحدى العواصم التي تسيطر عليها
  • تعرف على محمد شاهين القائد القسامي الذي اغتالته إسرائيل في لبنان
  • المستعمر الأمريكي الذي خلع قناع الوساطة
  • تصريح البرير الذي لا يساوي طرف جلابيته
  • أمين حزب الله يهدد: المقاومة لن تتهاون مع مماطلة إسرائيل.. والرد قادم!
  • فيّاض: نرفض وندين السياسات المشبوهة التي ترضخ لإملاءات الخارج