الحرمان من النوم يسمح بتسلل الذكريات المزعجة إلى العقل
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
يعتقد الأطباء الآن أنهم يفهمون سبب عدم قدرة مرضى اضطراب ما بعد الصدمة، وغيرهم، على إبعاد الذكريات المزعجة، إذ يبدو أن الحرمان من النوم يتداخل مع القدرة على تقييد استرجاع الذكريات، التي يفضلون قمعها.
النوم الجيد يسمح بقمع الأفكار المتطفلة
وأظهرت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي للدماغ، أن الذين حصلوا على قسط كافٍ من الراحة لديهم سيطرة أكبر على مناطق الدماغ التي تدير الذكريات.
وبحسب "هيلث داي"، يتمتع الأشخاص الذين حصلوا على قسط كافٍ من الراحة بقدر أكبر من التحكم في مناطق الدماغ التي تدير الذكريات.
وقال سكوت كيرني، أستاذ علم النفس المساعد بجامعة يورك في إنجلترا،: "هذا مهم حقاً لفهمنا لقضايا الصحة العقلية، حيث ثبت جيداً أن الذين يعانون من القلق أو الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة، يعانون أيضاً من صعوبة في النوم".
وفي الدراسة، استخدم الباحثون التصوير بالرنين المغناطيسي لمراقبة نشاط الدماغ لدى 85 شخصاً سليماً، وحصل نصف المشاركين على ليلة نوم جيدة في مختبر النوم، بينما ظل النصف الآخر مستيقظاً طوال الليل.
الذكريات المتطفلةثم اختبر فريق البحث قدرة المشاركين على قمع الذكريات.
وقال كيرني: "أظهرنا سابقاً أن قدرة الدماغ على قمع مثل هذه الذكريات المتطفلة تعتمد على الحصول على نوم مريح".
"إن القمع هو وظيفة ذكية للغاية في الدماغ، لأنه يضعف جميع آثار الربط للذاكرة، وبالتالي يمنعنا من ربط جميع النقاط لاسترجاع الصورة الكاملة للتجربة عندما يتم تشغيلها بواسطة حافز خارجي".
وطُلب من المشاركين في الدراسة النظر إلى الوجوه التي رأوها سابقاً مقترنة بصور مشاهد. وكانت بعض المشاهد مزعجة، مثل صورة لحادث سيارة أو قتال.
وبالنسبة لكل وجه، طُلب منهم إما تذكر أو قمع المشهد المرتبط به.
ولاحظ الباحثون أن المشاركين الذين حصلوا على قسط جيد من الراحة وطُلب منهم قمع الذكرى كان لديهم نشاط أكبر في القشرة الجبهية الأمامية الظهرية اليمنى - وهي منطقة في الدماغ تتحكم في الأفكار والأفعال والعواطف - مقارنة بمن ظلوا مستيقظين طوال الليل.
وتظهر النتائج أن من حصلوا على نوم جيد كان لديهم أيضاً نشاط أقل في الحُصين، وهي منطقة تشارك في استرجاع الذاكرة، عندما طُلب منهم قمع ذكرى، وأن النوم الجيد يوفر للناس سيطرة أفضل على عمليات الدماغ التي تتحكم في استرجاع الذاكرة، ما يسمح بقمع الأفكار المتطفلة.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية الحرمان من النوم الصحة العقلية والنفسية حصلوا على
إقرأ أيضاً:
د. عبدالله الغذامي يكتب: هل العقل وطن
في الفلسفة يجري طرح فكرة الفيلسوف بوصفه المواطن العالمي، والفيلسوف من حيث هو الحاكم، أي أن العقل وطنٌ كوني شعبه مواطنون عالميون فلاسفة، وحاكمهم منهم، وهذه سردية ثقافية لها تبعاتها المفاهيمية والسلوكية.
والذي قال بحكم العقل هو أفلاطون وتغليب قدرات العقل على كل أنظمة السلوك، وهو ابتدأ أولاً من موقفه السلبي ضد الديمقراطية التي يرى أنها قتلت سقراط، وأنها تجعل الغوغاء يحكمون، وفي الوقت ذاته فهو ضد الدكتاتورية، ولهذا لجأ لفكرة حكم الفيلسوف، على أن هذه الأحقية المطلقة للفيلسوف لدى أفلاطون تأتي من نظرية أن العقل هو الأقدر على الحكم، وبما أن الفيلسوف يأتي على قمة الهرم العقلي، فهو إذن من يحكم، ومنه تأتي العدالة.
وكما العقل يحكم فراسل يقول بالمواطن العالمي، وقوام فكرته أن مفهوم المواطن العالمي يركز على الفرد، وهو هنا الفيلسوف الذي يجعل ذاتيته تتصل مع الذوات والكينونات الأُخر، وكلها عنده كائنات واقعية دنيوية تتعامل مع واقع دنيوي وحدُّها هو حدود هذا العالم، ولكن صفة هذا المواطن العالمية صفة مثالية رغم واقعيته، فهو يمثل صفات العقلانية والنظر الحر والمستقل.
ولكن الواقع لا يعزز نظرية أفلاطون ولا نظرية برتراند راسل سيحضر، ولعل سقراط أولى منهما في رؤية الواقع الإنساني، فهو ينظر بنظرة أكثر إنسانية، فيصف الفلاسفة بأنهم أنصاف أموات لأنهم يعون أن للحياة صورةً أخرى غير الصورة الجسدية، وهي صورة الروح حين تتحرر من سجن الجسد، والموت هو لحظة التحرير، وهذا ما يعيه الفلاسفة الحقيقيون، ولذا فحياتهم مرتبطةٌ بهذا المعنى، وسيكونون مثل البجع حين تغرد بهجة بميعادها مع الموت، والفيلسوف لا يخاف إذن من الموت. وهذه حال عاشق الحكمة الصادق في حبها والذي ترسخت فيه هذه القناعة القائلة بأنه لن يبلغ أبداً الحكمة الجديرة بأن تسمى حكمةً في أي مكان آخر ماعدا العالم الآخر. والفلسفة لهذا في خدمة الله كما يحدد سقراط، ويزيد بالقول إن واجبه الديني هو تحقيق معنى العدالة.
وهنا يسبق سقراط كل النظريات المغرورة حول الفليسوف حاكماً أو مواطنا عالمياً، ولن تكون أي من الفكرتين إلا حالة غرور وتعصب للتخصص والذات المتفلسفة، وهذا ضربٌ من المواطنة السردية التي تنقض نفسها كما نقضها سقراط قبل أن تتولد عبر تلميذه المباشر أفلاطون وتلميذه اللاحق متأخراً برتراند راسل. ولا بد هنا من الإشارة إلى معارضة ديفيد هيوم لأفلاطون، حيث يقول إن العاطفة هي التي تحكم وليس العقل.
وفي الثقافة العربية تسود فكرة (الحكيم) بوصفه عمدة المعاني وركيزة التدبير. وهذه الفكرة هي الأقرب للواقعية بما أن الحكيم هو الميزان الواقعي بسلوكه الذاتي أولاً وبسلوكه مع الظروف والبشر، والحكمة تعني قراءة الواقع بشروط الواقع دون تعالٍ على حقيقة ومجريات الحوادث، ولذا ففكرة الحكيم هي الأوثق ظرفياً وبشرياً.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض